يقول Chanda Kochhar: ((أهدف للوصول إلى السماء، ولكن بخطوات صغيرة، هذه الخطوات الصغيرة تجعل الرحلة تكتمل.))
لا شك أنّ كل شخص منا بحاجة إلى تعلم أسرار هذا العلم، وهو علم واسع سأقتصر هنا التكلم عن طريقة التدرج في الطلب (foot in the door)، من الطرق السيئة التي يستعملها الناس وهي طلب ما يريدونه فوراً، وهذا خطأ، بل الصواب أن تطلب منهم طلبا أنت متأكد بأنهم سيوافقون عليه ثم بعد ذلك تطلب المطلب الرئيس منهم، والعكس صحيح أيضاً؛ أي تطلب منهم شيئا صعب الموافقة ثم تطلب منهم ما تريده.
أشار "Robert cialdini" في كتابه "pre suasion" إلى تجربة حول التدرج في الطلب، فسألوا الناس في الشارع عن إعطائهم عنوان بريدهم الإلكتروني ليرسلوا لهم معلومات عن أحد منتجاتهم، نسبة الذين وافقوا 30%، هذه النسبة لا بأس بها، ولكنهم سألوهم بطريقة مختلفة، في الأول قالوا لهم هل تعتقد بأنك شخص مغامر؟ أجاب 98% منهم بنعم -نعم أنا شخص مغامر- ثم طلبوا منهم أن يعطوهم عنوان بريدهم الإلكتروني في هذه المرة وافق 75.6 %، المهم هنا أن تنتظر إجابتهم بنعم ثم تسأل عن حاجتك.
وفي تجربة قام بها عالمان فرنسيان هما: "Kega" و"Fisher Iucu" والتجربة هي عن كيفية جمع الأموال من الناس في الشارع، وقد سألوا 3284 شخصاً، حيث سألوا مجموعة عن إعطائهم بعض المال من دون استخدام التدرج في الطلب (foot in the door )، أما المجموعة الأخرى في البداية سألوهم عن الوقت؟ ثم طلبوا منهم المال، المجموعة الأولى تبرعت بنسبة 28%، أما المجموعة الثانية فتبرعت بنسبة 43%.
تخيل معي أنه بالسؤال عن الوقت فقط زادت النسبة تقريباً إلى الضعف، فعندما يوافق الناس أو يقدموا لك معروفا -حتى ولو كان بسيطاً- يجعل رغبتهم في مساعدتك في المستقبل القريب تزيد.
مشكلة الناس عندما يطلبون شيئا ما من أحدهم لا يطلبون مطلبا ثانِ بل يكتفون به ويشعرون بالخجل، وكذلك عندما يرفضون ما يريده هذا يجعله لا يطلب شيئا ثانِ منه وهذا ما يرفضه علم الإقناع.
وليس شرطا أن يكون الطلب الذي طلبته طلبا صغيرا ثم تطلب طلبا أكبر، بل في حال طلبت منهم شيئا تصعب الموافقة عليه ثم تسألهم عن الشيء الذي تريده بالفعل سيزيد من نسبة الموافقة، حيث طلب من الذين مثلوا شركة في كاليفورنيا أن يقضوا ساعتين في الإجابة على بعض الأسئلة الإحصائية المطلوبة منهم، ثم بعد ذلك قالوا فقط المطلوب منكم قضاء 15 دقيقة في ملء الاستمارة الخاصة بالإحصائية وليست ساعتين فوافق 44% منهم، وسألوا مجموعة أخرى منهم أن يخصصوا 15 دقيقة في إحصائية مطلوبة منهم، دون التدرج في الطلب، عدد الذين وافقوا 25% فقط.
وكذلك طلبوا من طلاب في الجامعة أن يتبرعوا بالدم كل شهرين ولمدة ثلاث سنوات، في اليوم التالي أخبروهم بأنهم ألغوا هذا الطلب، والمطلوب منهم فقط التبرع لمرة واحدة فقط، نسبة الذين وافقوا 49%، سألوا المجموعة الثانية منهم فقط الطلب الثاني، التبرع بالدم لمرة واحدة فقط، نسبة الذين وافقوا 31%، الدراسة استمرت فطلبوا من المجموعتين أن يعطوهم أرقام هواتفهم، نسبة الذين وافقوا في أول مجموعة 84%، أما نسبة الذين وافقوا في المجموعة الثانية 43% فقط.
فعندما يرفض الناس لك طلبا يجعلهم هذا يشعرون بالذنب وفي حال كان المطلب الذي تريده بعد ذلك معقولا ستزيد النسبة للموافقة، قد تقول كيف في حال الموافقة على طلبك البسيط أو رفض طلبك الكبير يجعل نسبة الإقناع تزيد؟ أي لا يوجد فرق بين كليهما، والناس إما سيرفضون أو يقبلون؟
نعم هذا صحيح ولكن مشكلة الناس عندما يطلبون شيئا ما من أحدهم لا يطلبون مطلبا ثانِ بل يكتفون به ويشعرون بالخجل، وكذلك عندما يرفضون ما يريده هذا يجعله لا يطلب شيئا ثانِ منه وهذا ما يرفضه علم الإقناع.