من أكثر القطاعات تضررا بسبب جائحة الكورونا، قطاع التعليم، فتجربة التعليم الهجين بداية ومن ثم الانتقال إلى التعلّم عن بعد تماما طوال فترة الجائحة كان له أثر سلبي وإيجابي على الطلبة والآباء والمدرسين. فالتجربة الإلكترونية في التعليم في عالمنا العربي جديدة كون مناهجنا غير مصممة لتلائم خصوصية التعلّم عن بعد والمنصات الإلكترونية المستخدمة سواء أكانت رسمية أو غير رسمية، فمعظم المنصات أغفلت الجانب التفاعلي مما حوّل التعلم عن بعد لمُشاهد فيلما تربويا مملا.
من المتضرر الأول؟ وكيف سيكون شكل التعليم بعد الجائحة؟ ما المناهج التي يحتاجها طلابنا؟ ما الجوانب التي يجب التركيز عليها من قبل التربويين؟ هل سنستمر بالتعليم الهجين أم التعليم الوجاهي سيكون كافيا في الفترة القادمة؟
أسئلة كثيرة تدور في بال التربويين ونحن نقترب من العام الدراسي الجديد وأزمة كورونا على وشك الانتهاء، خصوصا بعد أن تم أخذ اللقاح من قبل عدد كبير من المعلمين والطلبة.
تركّز جميع سيناريوهات الفاقد التعليمي على المنهاج والمادة التي تم إعطاؤها عن بعد أو لم تعط وتم تجاهل نواحي أخرى مهمة كالبعد النفسي والاجتماعي وكيفية تأهيل الطلبة للعودة إلى المدارس. لم يفكر القائمون على المناهج والعملية التربوية سواء في القطاع العام أو الخاص على الجانب المعنوي للطلبة، فالطلبة بحاجة للشعور بالأمان والطمأنينة، ليندمجوا وينخرطوا مرة أخرى في جو المدرسة والصف. هل فكّر التربويون بطلبة المرحلة الإبتدائية وما قبل ذلك؟
لقد اعتمدوا كليا على أهلهم في مساعدتهم في دروسهم وحل الواجبات. كيف لهم العودة إلى المدرسة؟ كيف لنا تهيئة طلابنا الآن؟ ماذا نحتاج من البرامج التأهيلية قبل عودتهم إلى المدارس؟
يجب على القطاعين العام والخاص إعداد استبانات ومسح لتُوزع على الطلبة والأهل والمعلمين ضمن معايير معينة لقياس احتياجاتهم والعمل عليها. يجب عليهم أيضا التفكير بإعداد نشاطات غير منهجية لبناء علاقات اجتماعية إيجابية بين الطلبة فيما بينهم من جهة ومعلمينهم من جهة أخرى. إضافة لعدم إهمال دور الأهل المهم الآن في العملية التربوية، كونهم أحد الأعمدة الثابت الآن.
يمثل المقال عصف ذهني لكل تربوي وباحث، ولي أمر وطالب للوقوف أمام احتياجاته في المرحلة القادمة لتحديد متطلبات التعلم في المرحلة القادمة، فهناك أمور كثيرة يجب تركها أو إعادة صياغتها في أساليب تدريسنا.
لقد وسعت الجائحة تجربتنا في نطاق التعليم وأخرجتنا من الدوائر التقليدية المغلقة. فالطالب الآن هو شريك في العملية التربوية بحيث يحدد ما يحتاجه ويساعد في التحضير والبحث مع المدرس.
لنتوقف قليلا ونفكر قبل أن نعد مناهج واستراتيجيات وخطط تطبيق الفاقد التعليمي ليكون هناك هدف ومعنى ولا تكون مجرد نظريات لا تطبق. يجب علينا إعادة التفكير بمفهوم التعليم من جديد ليتناسب مع المرحلة القادمة ويكون عبارة عن تحد للطلبة وليس مادة للحفظ فقط.