بماذا يتميّز المسلمون اليوم؟ وما الذي يفرقهم عن غيرهم؟ بغض النظر عن أماكن تواجدهم وسكناهم؟ قبل الإجابة على السؤال ينبغي التذكير بأن الهوية جزءان، ثابت ومتغير.

الجزء الثابت نحافظ عليه ونعمّقه ونؤصّله، وهو العناصر مثل:الدين، واللغة، والوطن، والحضارة، والتاريخ، والقيم والفكر والثقافة، والقضايا المشتركة...

الجزء المتغير الأصل أن تكون العناصر ثابتة والمظاهر متغيرة، ومن المظاهر المتغيرة: اللباس، والطعام، والمصطلحات، والعادات، والأدب.

سنتناول أبرز ملامح الهوية الإسلامية المعاصرة، وفق خمسة عشر معيارًا.

الدين عميق

هو العنصر الأساس المكوّن للهوية، وعليه تقوم كافة التشريعات والمعاملات والقوانين، هو متأصل عميق في النفوس، لكن ربما يقتصر حاليًا على عادات وطقوس.

الشرف غالٍ

الحفاظ عليه حفاظ على الهوية وعلى الكرامة. عمومًا، هو محفوظ ملتَزم به.

التاريخ مجيد

تاريخنا مصدر فخر واعتزاز، ومحفّز للعمل والإنجاز، كانوا يعلّمونه أبناءهم، يقول علي بن الحسين رضي الله عنه: "كنا نُعلَّم مغازي النبي كما نعلم السورة من القرآن".

العاطفة ملتهبة

العاطفة لدى الغالبية العظمى من المسلمين تتجه باتجاه الدين، المتمثل بحب الله وحب رسوله، فكل ما يمسهم كان كفيلًا بتأجيج العواطف الملتهبة دائمًا، والانفعالات تتحكم بها العاطفة لا التفكير.

الوحدة أمل

ساعدت الوحدة على تشكيل هُويّة المسلمين، وفي هذه الأيام هي أمل صعب التحقيق، وحلم يحمل الحلول.

اللغة اعتزاز

اعتزاز العرب والمسلمين باللغة العربية ليس له مثيل، وقد أطلقت العرب اسم "أعجم" على من لا يتكلم لغتها، أو لا يُفْصِحُ قوله، أي لا يبيّن كلامه وإن كان عربيًا.

لا توجد أمة تهتم بلغتها كالأمة العربية والإسلامية، هل سمعتم بأمة تخصص قناة فضائية للشعر إلا الأمة العربية؟ وهل سمعتم بأمة تعقد المسابقات العالمية لمحور اللغة العربية وترصد لها جوائز قيّمة إلا الأمة العربيّة؟ كل ذلك يظهر مدى الاعتزاز الشديد والاهتمام بعنصر اللغة.

العلماء محترمون

احترام العلماء ظاهرة إيجابية متأصّلة في المجتمع. ومهما اختلف الناس مع العلماء، إلا أنهم يكنّون لهم الاحترام والتقدير، حتى لو لم يكن الشخص متدينًا، تجده غالبًا يحترم العلماء.

الوقت لا قيمة له

أقسم الله تعالى بالوقت؛ لأهميته، فتارة يقسم بـ "الفجر"، وتارة بـ "العصر"، وتارة بـ "الليل"، وتارة بـ "النهار"، وأوضح النبيّ أن الله سيسأل العبد عن وقته، من خلال سؤاله: ((عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ)) الترمذي.

ومع ذلك، لا أحد ينكر ظاهرة عدم الاهتمام بالوقت في هُويّتنا الحالية. بخاصّة المواعيد، فلا حرمة لها، ولا احترام لأوقات أصحابها. وغالبًا ما يمضي الوقت بلا ثمن.

النظام ثانويّ

 لم يكن سلوك الفوضى وعدم النظام ظاهرًا بشكل واضح كسلوك اجتماعي جماعي، في أيام حضارتنا المجيدة. أما اليوم، وبسبب التسارع والازدحام الموجودين حاليًّا، فقد أضحى "عدم احترام النظام" ظاهرة سلبية موجودة ومؤلمة، ومنتشرة في مجتمعاتنا. بالرغم من ذلك، هناك محاولات جادّة لوأدها.

الأسرة ممتدّة

لطالما ميّزتنا فكرة "الأسرة الممتدة"، حيث يعيش الزوج والزوجة والأجداد والجدات والأبناء والأحفاد، في بيت واحد. وهي أسرة مترابطة، تتأثر بالعاطفة والدين، ولِوَصْلها أجر عظيم؛ فصلة الرحم من أجلّ القربات إلى الله، وقد حُرّمت قطيعة الرحم وجُعلت من الكبائر التي تُدخل صاحبها النار، بل وصل الأمر إلى أنَّ من وصل رحمه وصله الله ومن قطع رحمه قطعه الله.

حبّ الخير أصيل

وهو من الصفات الأصيلة في الهوية الإسلامية، وتجسّدت مظاهره في خلق الإيثار، والفداء والعطاء. وقصص المهاجرين والأنصار خير شاهد على ذلك. ومن خلال الاطلاع السريع على أرقام التبرعات الحكومية والأهلية، يظهر لنا جليًّا أن حب الخير ومساعدة الناس أمر متجذّر فينا، ومنتشر بكثرة، وبعيد كل البعد عن حسابات الربح والخسارة الدنيوية.

الحرية غير عميقة

تعدّ هذه الظاهرة من عيوب هويتنا، فنفقدها في أكثر شرائح مجتمعاتنا، بخاصّة تلك التي تربّت على أيدي الاستعمار، وآمنت بالتبعيّة والذلّ. ولذلك نجد من يضع على رأسه البيّادة ــ حذاء العسكر ــ وهو يظن أنه يفتخر بجيش بلده في مثل هذه التصرفات.

الحجاب هُويّة ومقاومة

التزام المرأة والفتاة المسلمة بالحجاب دينٌ وطاعة وانتساب لهذه الأمة العظيمة، وهو واجب شرعًا وعقلًا، لسببين:

الأول: إنه يشكل هُويّة للمرأة المسلمة، فما إن تبصر عينيك امرأة محجبة حتى تحكم عليها سريعًا بأنها مسلمة.

الثاني: إنه مقاومة أمام الهجمة الغربية على العالم الإسلامي، ومحاولات تغريب مجتمعاتنا، وتغريب هويتنا العربية والإسلامية.

المرأة مُهمّشة

ذاقت المرأة في الجاهلية الأولى، أصناف القهر والظلم والإقصاء، وجاء الإسلام ورفع مكانتها، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنّساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله.

في واقعنا المعاصر - للأسف – أصبحت المرأة مهمّشة، بخاصّة في المجتمعات التي تتصف بالذكوريّة، والتي بات فيها وجود المرأة قليلاً في السياسة أو الاقتصاد، وحتى في معظم الحركات الإسلامية، نجد دور المرأة ضعيفًا.

ثقافة الاستهلاك

بشكل عامّ، تنقسم المجتمعات – بما يغلب عليها – إلى مجتمعات منتجة، ومجتمعات مستهلكة. ولا نبالغ إن قلنا: إنّ غالبية مجتمعاتنا هي – للأسف – مستهلكة لا منتجة، بل الكثير تسيطر عليه الفكرة التي تقول: اشترِ ما صُنع في الخارج لأنه الأفضل من حيثُ الجودة.