أطلقت ثورة الياسمين في تونس عام 2011 مسارا لعملية التحول الديمقراطي وتفكيك الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي، وبقيت تونس التجربة الوحيدة الناجحة في العالم العربي بعد فشل نظيراتها في مصر وسوريا وليبيا واليمن.
لكن بعد مرور 10 سنوات من الثورة التي لم تترسخ فيها قيم الديمقراطية بالكامل، تصاعد التوتر وتراكمت الخلافات السياسية في البلاد، أدخلها حالة اضطراب وفوضى انعكست على السير العادي لمؤسسات الدولة، وفاقمها التدهور الاقتصادي الذي انعكس على مستوى المعيشة في تونس، اغتنم قيس سعيّد رئيس الجمهورية التونسية وصول الأزمة التي تعيشها بلاده إلى ذروتها كي يقدم نفسه كقائد منقذ ونموذجا للنزاهة، باعتباره من خارج النظام السياسي ولم يمارس السياسة من قبل.
بعد أن تصاعدت الأزمة السياسية الدستورية في تونس وأرفقتها الاحتجاجات الشعبية، اتخذ الرئيس قيس سعيد الذي تولى رئاسة البلاد إثر الفوز في انتخابات الرئاسة بأكثر من 70% سنة 2019، حزمة الإجراءات والتدابير الاستثنائية، سوف نبحث من خلال هذه الدراسة عن ما إذا كانت تصحيحا لمسار الثورة وبداية الحل للدفع باتجاه نظام حكم جديد؟ أم تقضي على مكتسبات ثورة الياسمين في تونس وترجع بها إلى حكم الفرد المطلق وإلى الدكتاتورية التي عرفتها إبان بن علي؟ وما مدى دستورية ذلك؟