سيظل فيروس كورونا يعطي الدروس والعبر في كل جوانب الحياة، ففي ظل هذا الوباء القاسي نحتاج تطبيق المنهجية العلمية لإدارة الأزمات.
وحيث أن هدف الإدارة بصفة عامة هو الاستفادة من جميع الإمكانيات لتحقيق الهدف المطلوب من خلال التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة؛ فإن إدارة الأزمات تسير على نفس النهج ولكن بشكل آخر للخروج من الأزمة، حيث أن النقطة الحرجة في إدارة الأزمات هي التوقيت المناسب في التنبؤ ببدء الأزمة ومراحلها، التوقيت المناسب في التنبؤ بنتائج الأزمة، التوقيت المناسب في اتخاذ القرارات المفصلية للحد من الأزمة، وهو ما يعبر عنه العالم الأمريكي "آمن ايو" بالإنذار المبكر ورد الفعل الذكي.
ومما يميز إدارة الأزمات سرعة إصدار القرارات، وسرعة التنفيذ من خلال نظام اللامركزية مع الأخذ بالتفويض وسرعة التنسيق.
ومن الأخطاء الشائعة في إدارة الأزمات؛ الهرولة والتسرع في تنفيذ الإجراءات ووسائل حل الأزمة بدون تخطيط مسبق، بدعوى أن الأزمة تحتاج إلى سرعة تنفيذ ولا يوجد وقت للتخطيط، ولكن بالرجوع إلى التجارب الناجحة في إدارة أزمة فيروس كورونا، مثل بعض الدول، التي تنبأت بظهور الفيروس وخطورة نتائجه المتوقعة، وبدأت مرحلة التخطيط بناء علي المعلومات التي وصلت من مراكز التحليل والدراسات، وورش العمل المتعددة التي استلمت تلك التنبؤات وحولتها إلى معلومات ووضعت السيناريوهات المتوقعة، ومن هنا بدأت عملية التنظيم وهيكلة فرق العمل التي تعمل في ضوء استراتيجيات وسياسات محددة.
وكأني اطلع الآن على مهارات إدارة الأزمة لدولة نجحت في إدارة أزمة فيروس الكورونا، فهذه هي الإدارة العليا التي اطلعت على خطورة الأمر من خلال مراكز الأبحاث العلمية المعملية، والمعلومات الواردة لها من مراكز المعلومات واتخاذ القرار، فقامت بتشكيل فرق العمل والتي تعمل على التوازي كلٌ في مهمته، وتتحمل مسئولية القضاء على الفيروس بهمة عالية وتحدي مستمر مرتبطين بالولاء لشعبهم وليس للنظام وحكومته.
- فهذا فريق العمل الطبي لاستقبال المرضى واكتشاف الحالات والإسعافات اللازمة..
وهذا فريق المسعفين بسيارات الإسعاف لنقل المرضى وعمل الإسعافات الأولية اللازمة.
- علاوة على فريق البحث العلمي العاكف في معمله ومختبراته لمعرفة سلوك الفيروس وكيفية مواجهته بالوقاية والاحتياطات اللازمة، ومحاولات اكتشاف العلاج الذي يقضي عليه.
- أما فريق الإعلام الذي يخاطب الجمهور بالضوابط والتعليمات اللازمة التي تقرها الإدارة وعرض جميع بيانات الحدث بكل شفافية، مع بث روح الأمل والطمأنينة.
- وهذا فريق عمال النظافة الذي لا يقل أهمية عن باقي الفرق، حيث العمل الدءوب والنظافة المستمرة والتطهير اللازم لجميع أماكن التجمعات.
- وفريق متخصصي تكنولوجيا الروبوتات والكاميرات، وما توصلوا إليه من إرسال احتياجات المريض من دواء وطعام، عن طريق اجهزة الروبوت لمنع الاقتراب من المرضى، وغيرها من الأفكار والإجراءات التي تسهل ضبط ومراقبة الطرق مثل تكنولوجيا الكاميرات.
- وفريق نظم المعلومات المسئول عن شبكات التواصل والبرامج التي تسهل تقديم الخدمات للشعب والعاملين بإدارة الأزمة، حتى وصلوا لإعداد باركود لكل فرد من الشعب لدقة متابعته.
- فريق الإنشاءات الذي يتولى التشييد والتعمير والصيانة من مستشفيات ميدانية لاستقبال المرضى وعنابر للحجز الصحي وغيرها.
- فريق الإمداد من مشتريات وتخزين الأدوات والمستلزمات الوقائية، بل وضمان الإمداد لاحتياجات معيشة أفراد الشعب من سلع وغيرها
- فريق المعلمين والقائمين على العملية التعليمية، الذين يحملون مهمة استمرار العملية التعليمية بكل الوسائل حتى لا يسقط جيل بعينه من الحصول على حصته التعليمية.
- فريق الدعم المعنوي الذي يحمل مهمة بث التفاؤل بين أفراد الشعب ويطمئِن التجمعات.
- فريق رجال دين المسؤلين عن توجيه الأفراد إلى مسبب الأسباب والتذكير بالله واللجوء إليه.
- فريق علماء الاقتصاد، الذي يتولى دراسة الآثار السلبية الاقتصادية والمالية المترتبة على الأزمة.
- فريق الضبط والحوكمة الذي يتولى ضبط الشارع، ومتابعة تنفيذ قرارات الإدارة ومساندة فرق أخرى
هذه الفرق قد تقل أو تزيد، أو تكون بأسماء مغايرة، وقد تتمثل في وزارات أو منظمات أو غيرها، المهم تكون قادرة على تغطية انجاز مهام إدارة أزمة الفيروس، وبتحديد تلك الفرق يتم إعداد وصف مهام أوضح مما اشرنا إليه ويتم تحديد العلاقات وطرق التواصل بين تلك الفرق.
هذه هي مهارة إدارة الأزمات وتطبيقها على أخطر وأصعب أزمة يمر بها العالم، ليتني أضع هذه المقالة بين يدي متخذي القرار في الدول العربية والإسلامية، وبين إدارات المؤسسات والمنظمات الكبرى حتى نتعلم كيفية السير للقضاء على الفيروس، بطريقة منهجية علمية فعالة دون الحركة بشكل عشوائي والاهتمام بالكاميرا الإعلامية لإلهاء وتخدير الشعوب فقط.