لقد وصلت بالفعل الثورة الصناعية الرابعة، وستشعل موجة غير مسبوقة من الابتكار في الشرق الأوسط وأفريقيا.

تدمج الثورة الصناعية الرابعة بين تقنيات التشغيل والمعلومات والاتصالات والأنظمة الفيزيائية السيبرانية، التي يتم تمكينها من خلال الاتصالات اللاسلكية المتقدمة وخدمات إنترنت الأشياء الصناعية، سيتم تشغيل هذا التحول الرقمي واللاسلكي بواسطة شبكات الجيل الخامس (5G)، التي لديها القدرة على دفع النمو الاقتصادي في المنطقة مثلما لم يفعل أي جيل سابق من تكنولوجيا الهاتف المحمول.

على سبيل المثال، فإن الأمان والسرعات العالية وفترة الاستجابة المنخفضة والعدد الهائل من الاتصالات في شبكات الجيل الخامس ستدعم التحول نحو المدينة الذكية والزراعة الذكية في عديد من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، سيؤدي ذلك إلى تمكين تدفقات الإيرادات الجديدة من إنترنت الأشياء والتطبيقات الصناعية، وتسريع الرقمنة.

ستغير الزراعة من خلال الثورة الصناعية الرابعة بشكل خاص كل من جانب الطلب وجانب سلسلة القيمة أو العرض من معادلة ندرة الغذاء، وذلك باستخدام التكنولوجيا لتلبية الاحتياجات الحقيقية للمستهلكين.

تستخدم دولة الإمارات العربية المتحدة بالفعل نظام "SCADA"، الذي يجمع بين أحدث البيانات في الوقت الحقيقي من محطات الطقس مع بيانات من رطوبة التربة وحساسات الملوحة، واستثمرت (IKEA) وديفيد تشانغ وحاكم دبي (40) مليون دولار في الزراعة العمودية. كما تحول الدول العربية الأخرى تركيزها لتوسيع زراعتها عموديا، وإجراء تجارب مع عدد من التقنيات الجديدة.

كما تعد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا أكبر مركز في العالم لتعدين المعادن (الألماس والفوسفات والذهب) وعمليات النفط والغاز، سيكون اختيار مجال اتصال إنترنت الأشياء لهذه الصناعات هو إنترنت الجيل الخامس.

 

دراسة حالة مثيرة للاهتمام في هذا المجال هو منجم (Boliden Aiti) في السويد، يقلل تطبيق الأتمتة التي تدعم تقنية الجيل الخامس من التكاليف بنسبة 1٪، مع كون الاتصالات هي العامل الأساسي بالنسبة لمنجم (Aitik) وحده، فإن إجراء الحفر والتفجير باستخدام الأتمتة يُظهر توفيرًا سنويًا يبلغ (2.5) مليون يورو، يوضح هذا إمكانية عمليات مماثلة في الشرق الأوسط وأفريقيا ومناطق أخرى.

تشغيل إنترنت الجيل الخامس في الشرق الأوسط

في عام 2019، بدأت "إريكسون" الطرح التجاري لشبكة الجيل الخامس مع المشغلين في الأسواق المتقدمة مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، بأحجام مرورية كبيرة بحلول عام 2021، وقد اختارت شركة "بتلكو" مؤخرًا شركة "إريكسون" لنشر الجيل الخامس تجاريًا عبر البحرين، وأعلنوا إطلاق الجيل الخامس التجاري مع (اتصالات) و(STC) و(Ooredoo) في المؤتمر العالمي للجوال 2019. في الواقع، يتحرك جميع مقدمي الخدمات الرئيسيين في المنطقة بقوة لإطلاق الجيل الخامس تجاريًا، وفقًا لتقرير(Ericsson Mobility Report (MEA.

علاوة على ذلك، نحن نعمل مع شركاء في عديد من الصناعات، بالإضافة إلى شركاء أكاديميين في مشاريع البحث والتطوير، هذا له تداعيات إقليمية واسعة؛ حيث أن هناك فوائد اقتصادية كبيرة في الاستفادة من التكنولوجيا اللاسلكية الجديدة أولاً، والتي أبرزتها الطفرة في اقتصاد التطبيقات في المنطقة بعد اعتماد إنترنت الجيل الرابع، حققت عديد من الشركات الناشئة الإقليمية بما في ذلك (Fetchr!) و(Souq) و(Careem) و(ReserveOut) نجاحًا كبيرًا، وكان لعديد من الشركات الأخرى تأثير قوي في السوق.

تشمل الدوافع الرئيسية للنشر الفوري لشبكة الجيل الخامس زيادة سعة الشبكة وانخفاض التكلفة لكل غيغابايت ومتطلبات حالة استخدام جديدة، ومن المتوقع أن تأتي غالبية اشتراكات الجيل الخامس في الشرق الأوسط وأفريقيا من أسواق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتقدمة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، بينما في إفريقيا يتزايد الزخم الكبير في جنوب إفريقيا.

يتميز سوق الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بزيادة استيعاب نقل البيانات لاسلكيا بسرعة كبيرة. ستقود المنطقة العالم مع توقع نمو حركة بيانات الجوال (X9) بمعدل (1.8 إلى 17 اكسابايت / شهريًا من 2018 إلى 2024) وستشهد مضاعفة اشتراكات النطاق العريض للأجهزة المحمولة (850 إلى 1،630 مليون من 2018 إلى 2024)، وفقًا لـ (Ericsson Mobility) تقرير(MEA).

الدور المتسارع للتكنولوجيا في العمل المناخي

إلى جانب تحسين الكفاءة وخفض التكلفة، فإن الرقمنة وإنترنت الأشياء لها آثار إنسانية واسعة؛ من المنازل الذكية وشبكات الطاقة إلى أنظمة النقل المتصلة، فإن إنترنت الأشياء تجعل بالفعل حياتنا الشخصية أكثر أمانًا وصحة وخضرة.

يمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى جانب استراتيجية الاستدامة المتكاملة للشركات أن تساعد في معالجة مجموعة من التحديات العالمية، في حين أن القطاع الرقمي يسير على الطريق الصحيح لخفض انبعاثاته، ويمثل (1.4٪) فقط من الإجمالي العالمي، فهو أيضًا في وضع فريد للتأثير على القطاعات الأخرى.

تتزايد الابتكارات الاجتماعية والتكنولوجية بالفعل، فعلى سبيل المثال، يمكن للأساطيل المشتركة -حسب الطلب- وللمركبات الكهربائية الموفرة للطاقة أن تقلل من الطلب العالمي على طاقة النقل بأكثر من (50٪) بحلول عام (2050)، مع تقليل عدد المركبات التي على الطريق، على سبيل المثال، تتمثل الرؤية التي تبنتها دبي لعام (2030) في أن تكون (30٪) من وسائل النقل العام ذاتية القيادة، كما كشفت دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى عن خطط لخفض الانبعاثات وتحسين التخفيف من حدة المناخ.

ينطوي اعتماد نهج اقتصاد إعادة التدوير على إمكانية تقليل الانبعاثات العالمية من الصناعة بنسبة (45٪) بحلول عام (2050)، وعلى الصعيد العالمي يمكن للصناعات الثقيلة مثل إنتاج الصلب والألمنيوم والإسمنت والبلاستيك تقليل الانبعاثات بنسبة (50٪) باستخدام التقنيات والكفاءات الحالية.

الجيل الخامس هو العمود الفقري الذي يمكن أن يجعل كل شيء يعمل، في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا وكذلك في جميع أنحاء العالم، مما يدفع القيمة الاقتصادية من النطاق العريض المتنقل المحسن إلى الصناعة الرقمية إلى مكافحة تغير المناخ، وهذا بدوره يتطلب نظامًا بيئيًا من التكنولوجيا والتنظيم والأمن وشركاء الصناعة لتوفير الإمكانات.