تعول البلدان العربية على النهوض بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق عدد من الأهداف التنموية بما يشمل تعزيز فرص النمو الاقتصادي، وخفض معدلات البطالة، إضافة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وزيادة التنويع الاقتصادي والتنافسية الدولية.
يعتمد الدور الاقتصادي والتنموي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى حد كبير على وجود مطلبين رئيسين يتمثلان في:
- توفر بيئة الأعمال الداعمة.
- فرص النفاذ مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية ما بين 90 و99% من إجمالي التمويل، حيث تسهم بنسب متفاوتة من الناتج المحلي الإجمالي تتراوح ما بين 22
و80%، كما تسهم بنحو 10 إلى 49% من فرص التشغيل في القطاع الرسمي في الدول العربية، وهي نسبة تقل عن متوسط البلدان النامية البالغ 60 % مما يبرز التحديات التي تواجه القطاع.
تحتل المشاريع الصغيرة والمتوسطة أهمية بالغة في اقتصاديات المجتمعات كافة، بغض النظر عن درجة تطورها واخْتلاف أنظمتها ومفاهيمها الاقتصادية، وتباين مراحل تحولاتها الاجتماعية، حيث أنها تلعب دوراً مهماً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في معظم دول العالم، وذلك لدورها الفعال في تشغيل العمالة، حيث توفر المشاريع الصغيرة والمتوسطة فرص عمل واسعة جدا نظراً لقلة رأس المال المستثمر للعامل، ومن ثم المساهمة بفعالية في حل مشكلة البطالة وتعظيم الناتج، وكذلك إسهامها في ولادة مشاريع جديدة تدعم النمو الاقتصادي.
وعادة ما تناط مسؤولية إقامة المشاريع الكبيرة بالحكومات نظراً لحجم الاحتياجات المالية والبشرية الكبيرة، إضافة إلى المستلزمات والمتطلبات الأخرى، والتي يصعب على المستثمر الفرد تأمينها، تاركة للقطاع الخاص مهمة إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وانطلاقاً من الدور المهم الذي يمكن لهذه المشاريع أن تلعبه في المساهمة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لتلك الدول، فقد قامت العديد من الدول المتقدمة بدعم وتشجيع هذا النوع من المشاريع وهذا ما ساعد في تحقيق طفرة نوعية مهمة وكبيرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في هذه الدول.
وتؤدي المشاريع الصغيرة دورا مهما في تحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في معظم دول العالم، حيث تشكل نسبة كبيرة من المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية وفي مجالات متنوعة، وبالتالي فهي تسهم في امتصاص أعدادا كبيرة من الأيدي العاملة والتخفيف من مشكلة البطالة، كما تؤدي دورا مهما في اكتساب المهارات الفنية والتقنية، وهي كذلك صاحبة الدور الأكبر في تلبية احتياجات السكان من السلع والخدمات.
فالمَشاريع الصغيرة والمتوسطة تعد الأكثر عددا والأكثر اعتمادا على الخدمات والكفاءات المحلية، والأكثر استخداما للتقنية المتوفرة محليا كذلك، وبالنظر لهذا الدور وهذه الأهمية حظيت المشاريع الصغيرة والمتوسطة باهتمام ملموس في معظم الدول الصناعية وبعض الدول النامية، وعلى صعيد البلاد العربية فقد أدت المشاريع الصغيرة (خاصة في القطاع الصناعي) دورا لا يستهان به في تحقيق بعض مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها مازالت تعاني من العديد من المشاكل والمعوقات.
أهمية إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة:
لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة أهمية كبيرة وبالأخص في مجال التنمية، ويمكن تحديد أهمية إقامة مثل هذه المشاريع في الآتي :
- تشكل نواة للمشروعات الكبيرة.
- توفر فرص عمل متنوعة وبتِكاليف مالية منخفضة.
- عامل مهم لتنمية المناطق الريفية، وتقليل الهجرة من الأرياف إلى المدن، بل قد تساهم في تحقيق الهجرة العكسية.
- تستخدم الموارد المحلية بدرجة كبيرة.
- تتميز بالمرونة في مواجهة التقلبات الاقتصادية.
- دعم سياسات الاكتفاء الذاتي على الأقل في بعض السلع والخدمات، والتقليل من الاستيراد وتحسين الصادرات والمساهمة الفعلية في دعم الناتج الوطني والقومي.
دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية:
أصبحت للمشروعات الصغيرة والمتوسطة دور فعال في اقتصاديات الدول المتطورة سواء من حيث عددها أو مساهمتها في التشغيل، وبالتالي المساهمة في حل مشكل البطالة، أو من حيث مساهمتها في الناتج المحلي الخام، ومن أهم الأدوار نذكر:
1. تعظيم فرص العمالة والناتج الإجمالي:
تلعب المشروعات الصغيرة والمتوسطة دور إيجابي في توفير فرص العمالة المنتجة في هذا المجال، حيث انخفاض التكلفة الاستثمارية في المتوسط من شأنه خلق فرص عمل وهو ما يتوقف على معامل رأس المال، ومن ثم معامل رأس المال فكلما كان معامل رأس المال ومن ثم رأس المال المستثمر للعمل مرتفعا كان الناتج والعمالة المحققة من استثمار مبلغ معين من رأس المال أقل، وذلك بالمقارنة بحالة ما إذا كان معامل رأس المال المستثمر منخفضا، وأن الزيادة الإضافية في رأس المال المستثمر للعامل في المشاريع الكبيرة لا تتناسب مع الزيادة المحققة في إنتاجية العامل، مما يجعل المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي الأقدر على تحقيق فرص العمالة والناتج الصناعي المتحقق من استثمار مبلغ معين من رأس المال، وذلك بالمقارنة مع المشاريع الكبيرة الحجم.
2. رفع الكفاءة الإنتاجية وتعظيم الفائض الاقتصادي:
تبدو المشروعات الكبيرة هي الأقدر على رفع الكفاءة الإنتاجية وتعظيم الفائض الاقتصادي، نظرا إلى ارتفاع إنتاجية العامل فيها بالمقارنة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلا أن مثل هذا الاعتقاد غير صحيح، وذلك لأنه يتجاهل أمرا مهما وهو العلاقة بين رأس المال المستثمر للعامل والفائض الاقتصادي الذي يحققه، ومن ثم الفائض الاقتصادي الذي يتحقق للمجتمع ككل باستثمار مبلغ معين من رأس المال، ومع التسليم بأن الفائض الاقتصادي الذي يحققه العامل يتزايد مع كبر حجم المؤسسة، إلا أنه إذا تم الربط بين رأس المال المستثمر والفائض الاقتصادي الذي يحققه بحسب أحجام المؤسسات المختلفة، ومن ثم ما يتحقق للمجتمع من فائض اقتصادي على أساس استثمار مبلغ معين من رأس المال.
يتضح لنا أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي الأقدر على تعظيم الفائض الاقتصادي للمجتمع ومن ناحية أخرى، فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة قادرة على تحقيق الكفاءة الانتاجية، بمعنى أنه من خلال ما تحققه من وفرة عنصر رأس المال، وهو العنصر النادر في معظم الدول النامية، فهي بذلك قادرة على استخدام الموارد النادرة بكفاءة أكبر، أو هي القادرة على استخدام الفن الإنتاجي المناسب الذي يحقق الاستخدام الأمثل لعناصر الإنتاج.
3. تنمية الصادرات:
إن تنمية الصادرات تعتبر بمثابة قضية لمعظم الدول النامية التي تعاني عجزا كبيرا ومُتزايدا في موازين مدفوعاتها، وبصفة خاصة في الميزان التجاري، فقد ظل التصدير حكرا لوقت طويل على المؤسسات الكبيرة، فالاسْتثمارات التي كانت تقضي بإنشاء شبكات تجارية معقدة مرتبطة بأحجام كبيرة جدا من الأسواق العالمية، لم تكن تسمح حينها عمليا إلا بوجود مؤسسات كبيرة الحجم، إلا أنه في الواقع الحجم الصغير والمتوسط للمؤسسات يمتلك مزايا نوعية تساعد على التصدير كالقدرة على التكيف، التخصص والتجدد.
4. جذب المدخرات:
إن المشاريع الصغيرة والمتوسطة قادرة على تعبئة المدخرات المحدودة لدى صغار المدخرين الذين لا يستخدمون النظام المصرفي، لأنهم على استعداد لاستثمارها في مؤسساتهم الخاصة، حيث من المعروف أن طلب المشاريع الصغيرة والمتوسطة على رأس المال هو طلب محدود، ومن ثم فإن المدخرات القليلة لدى أفراد الاسرة قد تكون كافية لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بدلا من ترك هذه الأموال عاطلة وعرضه الانفاق الترفي أو حتى إيداعها في البنوك، وهكذا فإن انخفاض حجم رأس المال اللازم لإنشاء وتشغيل هذه المشاريع يجعلها أكثر جاذبية لصغار المدخرين، الذين لا يميلون لأنماط التوظيف التي تحرمهم من الإشراف المباشر على استثماراتهم.