استضافت أكاديمية عمران في برنامج فنجان بزنس بتاريخ 2022/03/21 الدكتور طارق السويدان في جلسة نصائح لرواد الأعمال تحت عنوان "نصائح السويدان لرواد الأعمال" في حوار أدارته الأستاذة ديمة رجب؛ نلخص لكم فيما هو آت أهم ما ورد في هذه الجلسة.

ديمة رجب: اليوم يمكننا اعتبار هذه الحلقة حلقة استثمارية متميزة جدا بحضور الدكتور طارق السويدان، دكتوراه في هندسة البترول ورئيس مجلس إدارة الإبداع الفكري ومؤسس عدة مراكز لإعداد القادة وضع أكثر من سبعين خطة إستراتيجية حكومية ولجهات خيرية وأسس أكثر من ثمانين شركة ومنظمة ومركز قيادي.

الدكتور طارق السويدان: أكبر مشروع أفتخر به هو مشروع عمران وهو مشروع مميز ومشروع المشاريع باعتباره ينتج عدة مشاريع يحتوي طاقات بشرية مميزة حفظهم الله جميعا وعلى رأسهم المدير التنفيذي إبراهيم هواري.

ديمة رجب: نفتتح الجلسة بإشكالية إقبال الشباب على الشهادة الجامعية ثم الاتجاه مباشرة إلى العمل الحكومي رغبة في تأمين معاش دوري والاستفادة من التقاعد وإن كان قليلا ويعتبرون هذا العمل فيه استقرارا لهم، ولكن مؤخرا نشهد التوجه والإقبال على القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة بشكل أكبر؛ فهل يمكننا اعتبار هذا رجوع وعودة إلى القطاع الرأسمالي وبداية تركز رؤوس الأموال بغض النظر عن حجمها في أيدي الأفراد؟

الدكتور طارق السويدان: في الحقيقة، الرأسمالية هي ليست المشاريع وأنشطة الأعمال الحرة. الرأسمالية هي نظام يقوم على الربا ونظام اقتصادي وراءه فلسفة خاصة وهي الإنسان كفرد هو محور الكون كله وليس حتى المجتمع، الرأسمالية في المجتمع الغربي تقوم على ميدانين أساسيين وهما:

1- المادية

2- الفردية

خلال دراستي لمادة الاقتصاد كانوا يدرسونا الرأسمالية ودائما توجد مشاكل بهذا الخصوص، إحدى المرات سألت الأستاذ: ما رأيه إذا تم إلغاء الربا وتركوا نسبة من ملكية الناس وليس من الربا مثل النظام الإسلامي فرد الأستاذ أن هذا سيحل كل شيء فقلت له ذلك ممكن في النظام الإسلامي. 

فهل هو عودة للنظام الرأسمالي؟ لا. الأنشطة الحرة والمشاريع موجودة في النظام الإسلامي ويشجع عليها وكل الأئمة الأربعة كانوا من المشاريع الصغيرة ومنهم الإمام أبو حنيفة كان يبيع القماش للسيدات فلا يمكننا اعتبار هذا عودة إلى النظام الرأسمالي بل يمكن اعتباره عودة للأصل.

الإشكال اليوم هي حتى المناصب الحكومية فيها بطالة مقنعة وتمرير للوقت دون إنتاجية، فإذن الأمر هو عودة إلى الإنتاجية والعطاء وأن يصبح للإنسان ملكية على عكس الوظيفة الحكومية ليس له ملكية. وأنبه لشيء باعتباري مشجع للعمل الحر، يجب على الإنسان الانتقال إلى العمل الحر بالتخطيط لدخوله وليس أن يرمي بنفسه في المجال من دون تخطيط ودراسة.

وأمر ثاني أيضا أشير إليه هو أن الدخول إلى مجال العمل الحر يحتاج فترة للتخطيط والتنفيذ والتي تأخذ عادة من ثلاث إلى خمس سنوات بالعمل على إنتاج فكرة وخطة وأن يتعلم دراسة جدوى ويتابع المشاريع ثم ينطلق في العمل على مشروعه ولما يرى أن مشروعه قائم وثابت يمكنه التخلي عن وظيفته الحكومية. أما ترك الوظيفة مباشرة فهذا يورطهم وأهلهم أيضا، فالوظيفة لا شك أن فيها جانب إيجابي منها الدخل المستمر والمضمون على عكس المشاريع الخاصة في أول ثلاث سنوات لأن نسبة فشل المشاريع قبل هذه الثلاث سنوات بين 80 و92 بالمائة وهي نسبة عالية وعليه لا أشجع على العمل الحر إلا من يصلح ويخطط ويرتب نفسه للعمل الحر مع وجود فترة انتقالية إلى العمل الحر.

ديمة رجب: باعتبار الدكتور من المشجعين للإقامة المشاريع وإشرافه على التكوين في إقامة هذه المشاريع ومنها مشروع عمران ومشروع مبادرون لتأسيس المشاريع فما السبب الذي جعل الدكتور يشجع على الدخول في هذا المجال؟

الدكتور طارق السويدان: نعم، فعلا الوظيفة الحكومية لها فائدة ولها دخل مضمون ومستمر وأذكر قصة طريفة لي مع أحد علماء الأمة الدكتور عبد الفتاح أبو غدة جمعتني به إحدى الجولات وكنت شابا طالبا في سن صغيرة. قال لي الدكتور عبد الفتاح: يا طارق هل تعلم أن الوظيفة تنافي العقيدة؟ فاستغربت ذلك القول بأن يأتي أحد أكبر العلماء وبذلك الوزن ليقول هذا، ولما سألته لماذا؟

قال: هل تعرف موظفا لما يخرج صباحا من بيته يقول يارب ارزقني؟ ربما لا يقول هذا لأن ربما الرزق مضمون من الحكومة أو من الشركة أو من أي جهة فلا يطلب الرزاق، فالذي يطلب الرزاق ذلك الذي يعمل في العمل الحر ويقوم بمشاريع وربما يخسر ويربح ومن الأدعية التي تربينا عليها من كبارنا في الكويت وهم يخرجون للعمل صباحا دعاء (اللهم ارزقني وارزق مني) ربما بعض المشاريع لا نكسب منها ولا نخسر منها لكنها ربما تكون مصدر رزق لغيري فيكفيني أن تكون لي أجرا عن الله تعالى والوظيفة لا تحتوي هذا المعنى الأول معنى (الله يرزقنا ويرزق منا).

المعنى الثاني: هو أن الإنسان يملك وأقدم مثال إدارتي لقناة الرسالة وكان دخلي فيها عاليا جدا والحمد لله لكن كنت لا أملك فيها شيئا فبمجرد الاختلاف مع سمو الأمير تركتها، أنا لا أملك شيئا وهنا أيضا معنى كبير هو قضية الملكية. أيضا من المعاني والفوائد الكبيرة للعمل الحر أنه يعطينا الحرية وأن تكون أنت صاحب القرار في العمل على عكس الوظيفة.

فالعمل الحر ليس فقط مشروعا فيه دخل بل يحقق لنا أشياء كثيرة جدا وأهم شيء في العمل الحر وهو أهم من الدخل أن العمل الحر يمكنك من تطبيق أفكارك وإبداعك على عكس الوظيفة التي تجد فيها قيودا كثيرة لتطبيق هذه الأفكار، فالناجحون في هذه الحياة من استطاعوا تطبيق أفكارهم. العيب في العمل الحر أن الدخل فيه غير مضمون يمكن أن يتقلب مع الاقتصاد مثل ماحدث في أزمة كورونا. 

الإشكال الثاني في العمل الحر أيضا أنه يحتاج إلى فترة تأسيس وإلى مال وصبر والتي تكون فترته عادة من ثلاث إلى خمس سنوات على عكس الوظيفة. هذا الأمر الذي شجع الناس على الوظيفة لأنها مضمونة أكثر ولا يحتاج للتعب عليها ومريحة من حيث الوقت على عكس العمل الحر الذي لا تجد فيه هذا فهو عمل جاد، وعليه فإن الإنتاجية الحقيقة هي في العمل الحر. الآن في أمريكا 70 بالمئة من الدخل القومي هو ليس من الحكومة ولا من الضرائب ولا من الشركات الكبيرة بل هو من المشاريع الصغيرة والمتوسطة. فإذن الإنتاجية الحقيقة والنهضة الحقيقية التي هي هدفنا وهدف عمران وهدف الجميع لا تأتي بطالة مقنعة بل تأتي بمثل هذا.

والعمل الحر لا يهم فيه المكان الذي تتواجد فيه إلا ممكن من الجانب الاجتماعي أو ربما مشاركة سياسية غير ذلك يمكن إقامة وإدارة المشاريع من أي مكان أنت متواجد فيه وليس بالضرورة التواجد في البلد والمعيار هنا:

  • مدى الحرية عند الإنسان
  • مدى ارتباطاته الاجتماعية
  • هل له هدف المشاركة السياسية وتغيير البلد أم لا؟

فإذا كان الهدف هو العمل للأمة وهدفه مالي وليس سياسيا يمكنه العمل من أي مكان.

ديمة رجب: في كتابك مستقبل الأزمات ذكرت خمس أزمات واقعية نعاني منها والتي تشمل أزمة السلوك والتخلف والفعالية والقيادة والفكر والتي جاء مشروع عمران للعمل على بعض جوانبها فكيف يمكن الاستدلال على علاج هذه الأزمات؟

الدكتور طارق السويدان: اليوم أصبحت الدنيا تحول كل شيء إلى قياس وتقييم ما تم ذكره يكون بالقياس فمثلا نقيس التخلف بالتراجع مقارنة بالمنافسين، نقيس ذلك بالمؤشرات ومن بين المشاريع الرائعة في عمران الذي بدأه الشباب مشروع المؤشر الذي فيه متابعة للتنافس العالمي وهو أهم مؤشر إلى اليوم فهكذا نقيس، ولا نقيس ذلك بالانطباعات وهذا أمر مهم. ولكن قبل التوجه إلى المقاييس لابد أن نحدد سؤالا مهما:

فإذا سألنا كيف يقيس صاحب المشروع مشروعه؟ نقول أنه يقيسه بناء على هدفه، فرضا أن له مشروع تقني تكنولوجي فمن الدول الممتازة للعمل معها بهذا المشروع اليوم هي الهند، فمثلا أنا أعمل مع الهند في تحويل كتبي من ورقية إلى إلكترونية لأن الجودة عالية والسعر أقل فلا أعمل هذا مع أمريكا ولا حتى مع أى دول عربية لأن أقل دولة عربية في السعر هي ضعف أضعاف الهند. فإذا الأمر يعتمد على ما يريد الإنسان وعلى وقت المشروع فإذا تم سؤالي ما هي أفضل المشاريع الصغيرة أقول متى؟ قبل كورونا أو بعد كورونا؟ فالدنيا تغيرت فعلا بعد كورونا الآن المطلوب من الشاب والشابة أصحاب المشاريع أن يحددوا أن مشروعهم عن بعد أو حضوري وأنا دائما أسأل الشباب أقول له: لماذا تريد فتح محل لماذا تفتح شركة؟ هذا السؤال حتى ربما أعمق من هذا السؤال لما تريد الوظيفة؟

الإداري الناجح ليس الذي يتعلم شيئا ويثبت عليه بل الذي يتغير ويغير متى تغيرت الدنيا ويتابع ما الذي يجري في الدنيا وبناء عليها يغير إذن عليه أن:

  • يحدد ما هو المشروع
  • هل يحتاج إلى توظيف؟
  • هل يحتاج العمل عن بعد؟
  • هل يحتاج موقعا أو يكتفي بالموقع الإلكتروني؟

والآن الدنيا تغيرت فأقول نعم تعمل عن بعد ولا تحتاج موقعا حقيقيا في بعض الأحيان ولا تحتاج أن توظف إلا عددا قليل جدا جدا فيا شباب فكروا بهذه العقلية:

لماذا مكان؟ لماذا موظفين؟ لماذا الإيجار؟ ولاحظوا كيف تغيرت الدنيا وتغيروا معها أنتم.

ديمة رجب: إذا كان مثلا أحد الشباب صاحب مشروع فكري فهل يحتاج إلى مثل هذه المؤشرات؟

الدكتور طارق السويدان: مثل هذه المشاريع قائمة على أن تكون أونلاين وهناك مؤشرات معينة لأصحاب الفكر وحتى الفكر ليس نوعا واحدا، هناك الفكر الإداري والسياسي الحضاري الفلسفي فأولا لابد من تحديد نوعية الفكر وبناء على ذلك يمكن تحديد المؤشرات. ولكن لا تكفي فقط المؤشرات لابد من وجود خطة إستراتيجية، وخطة تشغيلية، وخطة تسويقية وغيرها فهو نظام كامل لتأسيس وإدارة المشاريع. وأبشركم بشيء لا تنظروا إلى دولنا الإسلامية أنها متخلفة، مشكلتنا هي في السياسة فقط فمثلا دولة قطر اليوم هي في المرتبة الرابعة في التعليم على العالم كله، السعودية تطورت كثيرا في التعليم وتتفوق على الكيان الصهيوني في ذلك؛ فلابد ونحن اليوم ننتقد لابد أن تقيم بإنصاف فنقول أن النظام متفوق في هذا المجال ولديه مشكلة في هذا الجانب ومثلا الكيان الصهيوني اليوم متفوق في جانب التقني وبالضبط في تقنيات التجسس، جزء من العقل أن ينظر الإنسان إلى منافسيه باحترام وهذه العقلية التي نريد أن نرسخها في شبابنا وبناتنا.

ديمة رجب: انتقالا إلى محور آخر دكتور، في ظل ارتفاع الأسعار والمستوى المعيشي في تكاليف الحياة أصبحنا نرى ترويج الاستثمار بأنواع مختلفة فيها ما يصح وما لا يصح فكيف يحمي الإنسان نفسه من الرغبة في الانزلاق نحو الاستزادة من المال وربما الانجراف نحو الشراهة المالية؟

الدكتور طارق السويدان: قضية الشراهة نحو المال موجودة منذ القدم وستجدها دوما فالمشكلة ليست في الشراهة بل في القيم، الإشكال ليس في حجم المال فستة من المبشرين بالجنة أصحاب مال فلا حرج في الاستزادة من المال لكن هناك قيم لابد من الالتزام بها كعدم التعامل بالحرام والربا وأهم ثلاث قيم في هذه المسألة هي :

  • الرحمة بالمحتاج
  • عدم التعامل بالحرام
  • دفع الزكاة

وهذه هي القيم الكبرى وتوجد أخرى تفصيلية مثلا في التسويق كمثال بسيط لذلك التسويق ما ثبت ضرره وأنا أشجع الشباب على معرفة هذه القيم للالتزام بها.

ديمة رجب: بالعودة إلى الشباب وريادة الأعمال كان سؤال من أحد طلبة الطب الذي أحب دراسة الطب كمهنة إنسانية لكن في نفس الوقت يحب أن يملك مشروعه الخاص ويتساءل إذا يوجد تناقض بين الأمرين.

الدكتور طارق السويدان: ما نفضله دائما أن تتوافق عند الإنسان أربعة أمور، أن يكون شغفه هو نفسه تخصصه هو نفسه وظيفته هو نفسه تطوعه حيث يكون فيه توظيف أقوى لطاقات الشباب وكل واحدة تخدم وتحرك وتدعم الأخرى. أستثني من هذا التخصصات الصحية لأنها فعلا تأخذ جهدا ووقتا لأنه طبيب وفي نفس الوقت طالب فهو يواصل باستمرار التعلم ويقوم باختبارات جديدة فلابد أن يكون طالبا محترفا وهنا أصحاب التخصصات الطبية يصعب عليهم القيام بأعمال أخرى. وأنا أنصحهم بتقسيم وقتهم بين الليل والنهار مثل الدكتور نجيب الكيلاني والدكتور عبدالرحمن السميط رحمه الله ولكن حتى نكون جادين هؤلاء ما استطاعوا التميز لا في الدعوة ولا في الأدب إلا عندما تركوا الطب وأصبح المشروع الثاني الغالب في حياتهم. وبالتالي نصيحتي لهذا الشاب ولغيره، حاول القيام بمشروع في مجالك وشيء يقرب مجالك هذه نصيحتي لهم، لأن الابتعاد عن مجالك ليس هو الطريقة الأمثل في استثمار ما تعلمت.

ديمة رجب: السؤال التالي يقول هل كل من يفتح مشروع يمكن اعتباره رائد أعمال؟

الدكتور طارق السويدان: في التعريفات لهذا الموضوع يوجد تعريف علمي وتعريف عرفي، في التعريف العرفي صاحب أي مشروع فيه ربح نسميه رائد أعمال فمثلا مشروع عمران لا يمكن اعتبار صاحبه رائد أعمال لأنه مشروع خيري. لكن في التعريف العلمي وهنا أطرح سؤال للجميع ما هو الفرق بين القيادة والريادة؟ ونفس الشيء ما هو الفرق بين الريادة وصاحب مشروع؟

الرائد يختلف عن القائد، القائد هو الذي يحرك الناس نحو الهدف لكن الرائد هو الذي يدخل في مجال جديد يكون هو أول من يدخله وهنا أذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم (إن الرائد لا يكذب أهله) معنى ذلك أن هذا الرائد الذي سيدخل الناس على هذا الطريق الذي لا يعرفه أحد إلا هو. الرائد هو قائد لكن في مجال لم يخضه أحد.

فكذلك ريادة الأعمال في حقيقتها أنها تختلف عن عمل المشاريع ففتح محل غذائي هذا مشروع لكن ريادة الأعمال هي عمل مشروع في مجال لم يعمله أحد، هذه حقيقة ريادة المشاريع وهذا تعريف عملي لا التزام به اليوم فيطلق الاسم على أي صاحب مشروع.

ديمة رجب: اليوم ربما يوجد العديد من الشباب لهم أفكار ريادية وإدارة المشاريع بشكل عام لكن لا يملكون رؤوس أموال ماهي نصائحك لمثل هؤلاء الشباب لإقناع المستثمر؟

الدكتور طارق السويدان: تقريبا أنا إلى اليوم أشرفت على مئة مشروع ثمانين منها أسستها وأنا بدون راتب عدم وجود رأس المال ليس عائق للمشاريع ولا في أي مجال ولا في أي بلد وهذا ليس عائق بالنسبة للمشاريع وهو وهم عند الكثير من الشباب.

وبعض الشباب له وهم آخر أن يأخذ وظيفة ويوفر منها بعض المال يستطيع به أن يقوم بمشروع ممكن يقوم بمشروع ولكن سيكون لا وزن له هذه أيضا ليست فعالة في القيام بمشاريع. ولذلك في كتابي رأس المال يختلف عن كتابي الثاني الذي اسمه إدارة المال، في إدارة المال لما يكون عندنا أموال كيف نديرها وكيف نقوم بميزانية وحساب أرباح وخسائر...

لكن كيف نحصل على رأس المال إذا لم يكن عندنا رأس مال فهناك طرق رئيسية لهذا:

الطريق الرئيسي الأقل هو أن نجد من يعيننا مثل مشروع رزق جميل وهو أحد المشاريع التي تعمل كحاضنة أعمال وتقوم بتمويل الشباب بعد تكوينهم برأس مال وليكن في العلم لا توجد أي جهة في العالم حتى الجهات الحكومية وحتى رزق جميل سيقدمون لكم دعما بناء على فكرة لابد من تحويل الفكرة إلى دراسة جدوى تتوفر على كل التفاصيل التي تثبت أن هذا المشروع سينجح وما هو المنتج أو الخدمة التي ستقدمها؟ بما تتميز عن المنافسين؟ كم تكلف؟ كم ستبيعها؟ وما هي سياستكم في التسعير والتسويق؟ وما هي سياستكم في التوظيف؟ وهل لديكم ملكية فكرية أو براءة اختراع أو غيرها؟ ومن الذي سيدير؟ وأهم شيء في الدراسة: ما هي الدراسة المالية؟ بكل جوانبها مصاريفها وإيراداتها ومتى ستحقق نقطة تعادل بين المصاريف والإيرادات؟ ومتى تبدأ بالربح؟ وكم؟ هذه هي دراسة الجدوى إذا كنت لا تعرف هذا انس أن يمولك أحد.

وألخصها كالتالي أكيد تحتاج رأس مال، يمكن أن تدعمك حاضنة أو الاستعانة بأنظمة مثل التمويل الجماعي وإن كانت في العالم العربي إلى الآن غير فعالة، يمكن أيضا إدخال شركاء وهذا من أسهل الطرق وأكثرها فاعلية فلا تتجنبوا الشركات لأنكم ستحتاجونها في ثلاث حالات:

  1. حاجة للمال ولا تستطيعون الحصول على المال والشريك يستطيع الحصول على ذلك.
  2. إذا كان الشريك له خبرة فنية يحتاجها المشروع ليست عندكم ولا يمكنكم توظيفها.
  3. إذا كان المشروع يحتاج علاقات للحصول على موارد وزبائن لا تستطيعون الحصول عليها وتوفيرها، وظفوا من يمكنه الحصول عليها كشريك. 

فالشراكة هي جزء من المعادلة الرئيسية التي يمكن الإقبال عليها. كل هذه مصادر لرأس المال لكن هناك ثلاث أشياء رئيسية عليك توفيرها لتحصيل رأس المال:

  1. فكرة متميزة تختلف عن الموجود في السوق.
  2. لديك دراسة جدوى.
  3. علاقات مع تجار كبار أو مع شركات استثمارية.

فلا تأخذ مجموعة أوراق وتدخل على شركة أو بنك، لن يتم قبولك بصراحة لابد أن يكون هناك شخص يأخذك ويزكيك ويصف جودة مشروعك فبدون العلاقات لا تستطيع الحصول على الموافقة بعد هذا فكّر في الحصول على رأس المال.

ديمة رجب: طيب دكتور إذا عدنا إلى الحديث ميدانيا وكما ذكرتم أن ثمانين بالمئة من المشاريع تفشل ونسبة قليلة تنجح، كيف تنجح مشاريع وكيف تفشل أخرى؟

الدكتور طارق السويدان: في كتابي عن تأسيس المشاريع الذي يحتوي ثمانية أجزاء، في الجزء الأخير اسمه الانطلاق الذي يتكلم عن كيفية إطلاق المشاريع وكيف نقوم بحفل لإطلاق مشروع والجزء الأخير يتكلم عن هذا بالضبط: أسباب فشل المشاريع وتم تحديد أهم 20 سبب لانهيار المشاريع ومن بين أهم الأسباب:

  • الفكرة غير متميزة، الفكرة الرئيسية في المشروع هي أربعة أنواع من الأفكار المقبولة:
  1. التقليد لشيء قائم لكن حاول التميز بشئ آخر عن المشروع المقلد.
  2. الوكالة Franchise.
  3. الإبداع وهي أن نعمل شيئا مثل الموجود في السوق لكن نختلف بما لا يقل عن 15%.
  4. التفرد الذي نسميه في الإدارة: المحيط الأزرق.

بالمختصر المشاريع نوعان: المحيط الأحمر والمحيط الأزرق، الأول هو المحيط الذي كله دم بسبب كثرة التنافس الذي فيه وكل الموجودين بمثابة أسماك قرش تنهش بعضها البعض والنجاح فيه صعب جدا جدا. والثاني هو أن الإنسان يقوم بمشروع في مجال لم يسبقه إليه أحد.

  • الخلاف بين الشركاء وبين الفريق الذي سيدير المشروع فأي خلاف رئيسي في الفريق يُفشل المشروع.
  • التسعير الخاطئ: هناك أربع طرق رئيسية وشرحتها في كتاب "التسويق" ضمن سلسلة تأسيس وإدارة المشاريع.
  • عدم إدارة التدفق النقدي والذي تكلمت عليه في كتاب "إدارة المال" والتدفق النقدي أول سنتين أو ثلاث سنوات سيكون سالبا ولابد أن يكون لي رأس مال يكفي لتغطية هذه الخسارة. بعض العلماء يعتبره السبب رقم واحد في انهيار المشاريع في الثلاث سنوات الأولى.

ديمة رجب: ما رأيكم دكتور في توكيل جهات أخرى للقيام بدراسة جدوى للمشاريع؟

الدكتور طارق السويدان: هو المبدأ مقبول إن كنت أنا لا أستطيع القيام بدراسة جدوى أكلف بها من هو مختص لكن أنصح الشباب بتعلمها وذلك سهل أن تتعلم الميزانية وحساب الأرباح والخسائر والتدفق النقدي وتحليلها في ساعة ونصف. معنى ذلك يمكن الاستعانة بأشخاص متخصصين لكن لابد أن تكون لديكم القدرة على القراءة والفهم وتمييز الصحيح من الخطأ، فإن لم يكن لديكم هذا فقدرتكم على إدارة المشاريع ضعيفة جدا. لا بد من تعلم أساسيات المحاسبة

لا يوجد مشروع بدون مال ولا يوجد مال بدون مراقبة ومحاسبة للمال، فإذا لم يكن لديكم القدرة على هذا، فمشروعكم معرض للانهيار بشدة حتى لو استعنتم بخبراء.

ديمة رجب: ومن هنا أن هدفنا في فنجان بزنس وفي أكاديمية عمران ككل هو تقديم المعرفة أولية على المجال قبل أن يكون متخصصا على الأقل يتجنب بعض الأخطاء الرائجة في المجال.

الدكتور طارق السويدان: فعلا الآن الشباب بأكاديمية عمران وبهذا البرنامج فنجان بزنس يقدمون لكم المعرفة ولكن لابد من الممارسة حتى نحول هذا العلم إلى تطبيق.

ديمة رجب: دكتور باعتبارك رائدا في إدارة المشاريع، ما مدى أهمية الإدارة في نجاح المشاريع؟

الدكتور طارق السويدان: من الأمور التي جعلتني أدرس الإدارة إضافة إلى تخصصي هو أن الإدارة تدخل في كل شيء، ولما تأملت وجدت أن أسباب النهضة الغربية هو الإدارة الفعالة وليس فقط الفكر القوي والقيادة الفعالة والآن مشكلنا في الجيوش والصحة والتعليم هو الإدارة، ولكن لا يمكن القول إن الإدارة هي الأساس أقول لا ولكنها أحد الجوانب الرئيسية إلى جانب العلاقات والأخلاقيات التي يتعامل بها صاحب المشروع، أيضا القدرة على التسويق الفعال والقدرة على الجانب المالي والمحاسبي لأن هذا علميا لا يدخل ضمن علم الإدارة بل ضمن الاقتصاد والمال. لا ينبغي تقديس الإدارة، فهي أحد المهارات الرئيسية لكنها ليست المهارة الوحيدة.

ديمة رجب: ما هي أهم نصائح السويدان لرواد الأعمال في نقاط أساسية؟

الدكتور طارق السويدان: هناك أمور يجب التركيز عليها وهناك علوم ومهارات يجب إتقانها يمكن عدم الإلمام بالجميع لكن إذا حصلها الإنسان جميعا سينجح أكثر وهي:

  1. الفكرة وتميزها واختلافها عن الآخرين؛
  2. التخطيط لابد أن تكون لك خطة على الأقل لخمس سنوات وهي خطة إستراتيجية إضافة إلى توفر خطة تشغيلية لمدة سنة ولابد من خطة عمل؛
  3. القيادة: القائد الفعال جدا هو الذي يعرف ماذا لا يعرف أي باختصار "لا يتفلسف"؛
  4. قللوا عدد العاملين والموظفين في المشروع، وظفوا فقط في تخصصكم واستعينوا بالتعاقد الخارجي (يوفر 34 من المصاريف سنويا)؛
  5. لابد من وجود لوائح ونظم، الذي يستطيع إدارة المشروع بقوة وفاعلية هو الذي يستطيع قيادة المشروع خلال ثلاث سنوات ولا ينهار المشروع ولو غاب عليه لمدة سنة؛
  6. وجود نظام للتدريب، تدريب أنفسكم وتدريب كل عامل معكم من أقل موظف إلى المدير العام، الكل يتدرب والنصيحة هنا كل شخص يحصل على 45 ساعة تدريب سنويا ويخصص للتدريب 3% من ميزانية التشغيل؛
  7. التسويق لابد من تعلمه وإتقانه ولابد من التفريق بين الإعلان والتسويق وأيضا لا تجعل ميزانية التسويق في أول ثلاث سنوات أقل من 20% من ميزانية التشغيل وبعدها يمكنك تخفضها إلى 10% لكن لا يجب أن تقل عن هذه النسبة حتى لو عمر المشروع مئة سنة؛
  8. الحرص على الخدمة المميزة، فاليوم تتميز الخدمة المتميزة فائدتها أكثر من الجودة ومن السعر قدموا خدمة قبل البيع وأثناء البيع وبعد البيع؛
  9. الحرص على الجودة وهي التي تجعل الناس تعود إليكم باستمرار؛
  10. الحرص على الإدارة بنظام تقني وهي ثلاث أنواع: تقنية الإدارة الداخلية، تقنية التواصل مع الجماهير، التقنية في العمل والنشاط نفسه.
  11. الحرص على المقر والسؤال الأول: هل فعلا أحتاج مقرا حضوريا أو أكتفي بمقر إلكتروني؟
  12. إدارة المال وفق ثلاث أنظمة: نظام الإيرادات وكيف ننميها، كيفية ضبط وإدارة المصاريف، أن يكون لي نظام محاسبة.