الطبيعة التراحمية التكافلية المتحدية شيمة نفسية وسلوكية واجتماعية متأصلة في نفسية الشعوب العربية الإسلامية، أخذت عبيرها من المعين الصافي الإسلام، وراكمتها الظروف الصعبة التي عاشتها، فأنتجت لنا نفرية إنجاز عظيمة لكن كردات فعل ساخنة نتاج تحديات وجودية تتعدد مثيراتها الاحتلالية العسكرية أو الثقافية الاستفزازية من استشاع الظلم والاحتقار والشعور بسعي الآخر إلى الإفناء.
كما قلنا نفرية الإنجاز العجيبة الطارئة عند توفر المثيرات والتحديات، تختص بميزة استجماع شروط النفير الأربع من:
- الاستشعار لأهمية الأمر الذي يكون لأجله النفير.
- تعبئة الطاقات والجهود في القيام والنفير.
- الحشد الجماعي
- القوة والحزم والاستحثاث.
غير أن هذه النفرية غير دائمة مراكمة مستمرة موجهة لمقاصد عليا، فهي شديدة الانبعاث شديدة الإنبثاث عند أول صدمة، أو فشل مرحلي، وسريعة الملل وعدم الصبر - على الأقل في عموم الجماهير- عند تأخر بلوغ المبتغى أو فقدان الأمل في وصوله نتاج تتالي الخسارات.
لعلّ هذه الظاهرة النفسية الإجتماعية ليست قاصرة على شعوب المنطقة، غير أنها أحد أهم شروط وأسباب انتصاراتها وفي نفس الوقت تبقى شرطا نفسيا للنهضة لم يبلغ درجة النضج الكامل وأداة تمكين غير كاملة الاستثمار.
إذا أحسنت الأمة تحقيق شروط النفير الأربع المحققة لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ الذي كان سببا مركزيا في عودة الكرة لبني إسرائيل على هذه الأمة الخالدة وأحسنت معها فهم مقاربة ﴿عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ سيكون أمامها نموذج رجال الطوفان في غزة ورجالها في سوريا الذين راكموا الإعداد وأحسنوا تحقيق نفرية الإنجاز شديدة الإنبعاث، ثابتة الإنبثاث ﴿فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ﴾