إجابة عن هذا التساؤل في إطار نموذج (الفاعليات السياسية عند خلدون النقيب)

يطرح خلدون النقيب في دراسته الموسومة بــــ (في البدء كان صراع: جدل الدين والإثنية، الامة والطبقة، عند العرب) عن دار الساقي، السؤال التالي: كيف لمجتمعا هشاً من الناحية السياسية، يمكن أن يكون متماسكاً ومتجانساً، من ناحية الاجتماعية؟ 

على غرار النموذجان الغربين عن بنية المجتمع العربي والآسيوي بالعموم التي سوف نتطرق لهما بالتفصيل، يطرح خلدون النقيب ما أسمه بنموذج الفاعليات السياسية -الحضارية أو نموذج (فاسح)، نموذج يعتمد في تفسيره على العمليات الدينامية، التي تصب في ضوابط ومنظمات ومحفزات للتغير البنائي في المجتمع العربي. ولمعرفة هذا النموذج الجديد عند النقيب، يشترط أولا معرفة وبدقة الافتراضات والادعاءات السياسية والحضارية، التي بني عليها هذان النموذجان الغربيان، لأنه يفترض وعلى الرغم من أن النموذجان الغربيان عند وضعهما جنبا على جنب يدرسان المجتمعات نفسها، في الفترات التاريخية نفسها (في الفترة من منتصف القرن الثامن عشر حتى إلى منتصف القرن العشرين)، ولكنهما ينتهيان إلى نتائج متعارضة متناقضة كليا، وعلى الرغم من ذلك حسب قوله، ان الكثير من الكتاب العرب، استلهموا المفاهيم والادعاءات التي بني عليها هذان النموذجان، مع وضوح قصورهما النظري والاخطاء الموضوعية في المعلومات. 

يرى خلدون أن النموذجان لم يصمما في الأصل لتحليل المجتمع العربي ودراسته، بقدر ما كانا قد وضعا لتفسير جمود المجتمع العربي والمجتمعات الشرقية عموماً، مقابل دينامية المجتمعات الغربية وفاعليتها. وبحسب تعبير ترنر، فهما نموذجان يمثلان المرآة التي يرى فيها هؤلاء الكتاب تطور المجتمع الغربي. 

النموذج الأول

 وهو الذي يصور المجتمعات العربية على أنها تجسيد للجمود الآسيوي ويطلق النقيب عليه نموذج (جاس)، يرى خلدون النقيب أنه يجد أصوله في كتابات عصر التنوير (خاصة مونتسكيو) وأصحاب نظرية المنفعة (خاصة مل الأب والابن) وقد وجد ادق وأكمل تعبير له عند ماركس وأنغلز، فيما يسمى بنمط الإنتاج الآسيوي، مع الأخذ بالتعديلات اللاحقة التي قال بها فيتفوجل. في النمط الآسيوي حسب وصف هذه النظرية، أن الزراعة تعتمد على مياه الأنهار، وليس على الأمطار كما هو الحال في أوروبا، الأمر الذي جعل مشاريع الري والتحكم في مياهه من مهام الدولة لا من مهام الأفراد، وهذا يتطلب وجود حكومة مركزية قوية تقوم بتوزيع الماء، ومن هنا ظهر ما نجده في المدونة الغربية النموذج الشرقي في البيئات النهرية في مصر وبابل، وفارس، وصين الخ. وهي النظرية التي طورها فيتفوجل Kari Wittfogel في كتابه الشهير الذي أصدره عام 1955 عن "الاستبداد الشرقي".

أما النموذج الثاني: 

وهو النموذج الذي يرى أن المجتمع العربي موزعا بحسب التنظيم المفصلي للسلطة ويطلق عليه نموذج (تام)، وأصدق تعبير له حسب النقيب نجده في كتابات الأنثروبولوجيين ولا سيما الوظيفيين منهم (كالينوفسكي وإيفانز) تحت تأثير سبنسر ودوركهايم. وقد وجد أصحاب هذا الاعتقاد أن المجتمع العربي هو مجتمع مفصلي (رعوي)، ووجدوا كثيراً من الدعم في أفكار ابن خلدون وآرائه. وقد ساهم ماكس فيبر كثيرا في تطوير هذا النموذج، وخاصة بمفهوم الاستبداد الأبوي (القريب جدا من نمط الإنتاج الآسيوي). يلخص خلدون النقيب مسارات تفسير هذا النموذج التنظيم المفصلي، بأن السوق (المدينة) والحصن (الجند، والميلشيا القبلية) والمسجد (المؤسسة الدينية) هي المكونات الثلاثة الرئيسية للنظام السياسي. وإن التمازج بين التكيف مع البيئة (الرعي) والتنظيم الاجتماعي (القبيلة) والإيديولوجيا التوحيدية (الدين، العقيدة الكتاب المقدس) يعطي للمجتمع العربي طابعه المميز وخصوصيته الحضارية، وفي الوقت نفسه يعطيه عنصر الثبات والدوام. وهو حسب وصفه ما يفسر اللغز الكبير في كيف أن مجتمعا هشاً من الناحية السياسية، يمكن أن يكون متماسكاً ومتجانساً، من ناحية الاجتماعية.

من وجهة نظر التركيبة القبلية المبنية على (التوزيع المفصلي للسلطة) التي تمنع بطبيعتها ظهور الطبقات الاجتماعية العمودية، فالعلاقات الأفقية تقطعها الروابط القرابية. هناك ثلاث فئات مكونة لهذا التنظيم، وهي إما فاعلة وإما خاضعة وإما مستسلمة. الفاعلة (النخب الحاكمة) والقبائل الغير الخاضعة (لسلطة الدولة المركزية) ومن الجمعات المستسلمة سكان الحضر وسكان الريف شبه القبليين. يرى شابي أن هذا الوصف لا ينطبق من منتصف القرن السابع على الدولة العثمانية ولا ينطبق بدرجة أقل على الدولة المملوكية. فهاتين الدولتان تمثلان استثناء لنموذج (تام) والمشكلة أن الاستثناء يمثل نصف رقعة الوطن العربي، وأكثر من ثلثي سكانه في بعض الأحيان. 

ويمكن أن يقال الشيء نفسه بالنسبة لنموذج (جاس) فهو لا يصلح للمناطق الصحراوية في الجزيرتين السورية والعربية، ولا لمعظم بلدان المغرب العربي، عدا تونس. وإذا أخذنا تقسيم نيكي كدي (Nikki Keddie) للمجتمعات: القبيلة، والمهيمن عليها قبليا، والزراعة، فإنه لا ينطبق إلا على المجتمعات الزراعية الخالصة، وهي غير موجودة بشكلها الخالص في البلاد العربية، إلا في مصر كما يحلو لجمال حمدان وأحمد صادق سعد وسمير أمين حسب رأي خلدون النقيب. ففي حالة الدولة العثمانية، هي دولة مستقلة عن المصدرين الاجتماعيين التقليديين للدولة الإسلامية: الجيوش القبلية والعلماء والحضر، فكيف تستقيم إذا تقسيمات التنظيم المفصلي للسلطة؟

يقول خلدون أن مساهمة فيبر جاءت لاستدراك الموقف وإخراج نموذج (تام) من هذا المأزق الذي وضع نفسه فيه. ومصدر اهتمام ماكس فيبر بالمجتمع العربي والحضارة الإسلامية، وهو محاولته إثبات أنه لا يمكن هناك إمكانية لقيام رأسمالية عقلانية خارج أوروبا. الإسلام لم يولد تصنيعاً رأسمالياً بسبب هيمنة البيروقراطية الاستبدادية الابوية للجند المماليك، إذ أن البناء الأبوي الاقتصادي في المجتمعات العربية كان يفتقر إلى ثلاثة أمور اعتبارها فيبر شرط الضرورية لظهور الرأسمالية: افتقد الإسلام روح الرأسمالية باحتقار القبائل للحرف والمهن، سيطرة الفكرة الآخروية (الانسحاب من الحية الدنيوية)، وافتقار الإسلام للقانون العقلاني، وهو لا يعني قانون القاضي، الذي يتغير بتغير الأحوال، وإنما القانون المبني على المبادئ العقلانية العامة.

يتساءل النقيب، كيف يتغير المجتمع العربي إذا كانت هذه كلها عوامل ثبات واستقرار؟ كيف يصوران هذان النموذجان التغيير الاجتماعي في بناء المجتمع العربي ومؤسساته؟

إن جواب هذه التساؤلات هو أن المجتمع العربي من منظور هذين النموذجين، لا يتغير أو هو غير قابل للتغير. فإذا اعتبرنا ان هناك مدرستين رئيستين في تفسير التغير الاجتماعي من زاوية علم الاجتماع، نطلق عليهما اختزالاً المدرسة الماركسية ولمدرسة السبنسرية، مدرسة الصراع والتغير الثوري ومدرسة التوزان والتغير التطوري، فإن تغير المجتمع العربي لا يتبع أياً من هاتين المدرستين، وحركة التاريخ فيه دائرية تتبع نموذجاً قابلاً للارتداد. ويتفق في هذا كلا من نموذج (جاس) و(تام).

إذاً ما هي القوة التي في مقدورها كسر طوق هذه الدائرة الخبيئة، وتخليص المجتمعات العربية من الاستبداد الأبدي؟

 بما أن جميع هذه التفسيرات للتغير الاجتماعي في المجتمع العربي تجعله غير قادراً ذاتياً من وجهة المدونة الغربية، وبتركيبته المؤسساتية الخاصة، على كسر هذا الطوق الاستبدادي. يرى النقيب أن أصبح الوحيد لإمكانية التغير الاجتماعي متعلقا بعامل خارج المجتمع نفسه، سواء بالغزو الخارجي أم بالاستعمار والإمبريالية. وهو سبب اعتقد ماركس بأن الدولة الاستعمارية والرأسمالية العالمية، يمكن أن تؤدي دورا تقدميا في المجتمعات الشرقية، بإدخالها الملكية الخاصة والقوانين العقلانية والصناعة التي ستكسر طوق العبودية.

النموذج البديل

 يرى المؤلف في نموذجه الفاعليات السياسية - الحضارية أو ما يطلق عليه نموذج (فاسح) أن الجماعات الرئيسية أو القوى الاجتماعية الفاعلة في المجتمع العربي هي: البادية والقرية والمدينة، يرى أن التفاعلات مستمرة بين هذه الجماعات الرئيسية وليس منفصلة وجامدة كما هي في نموذج (تام) فالامتصاص الديمغرافي والاستيعاب والتداخل الحضاري والهجرات ضلت مستمرة من البادية إلى الريف والمدينة ومن المدينة أيضا إلى القرى والأرياف في تفاعل مستمر، وقد حفزت هذه الحركات السكانية بين الحضر والريف والبادية عدة عوامل تتصل بـــــ (الكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية، والأزمات السياسية وعوامل الجذب كالازدهار وأخرى طرد كالهرب من الضرائب). 

ولا بد من أن تكون هذه الحركات السكانية قد أدت إلى امتزاج واستيعاب حضاريين لفئات مختلفة متباينة (دينياً، إثنياً، قبلياً) في المجتمع العربي، وصهرها في نسيج حضاري واحد ذي امتداد تاريخي بعيد المدى وبناء اجتماعي متكامل. أما العلاقات القرابية كما هي في نموذج (تام) نموذج التنظيم المفصلي التي ترى أن القبيلة تعني معنا واحدا (صلة القرابة والدم والزواج) فهي في نموذج (فاسح) التفاعلات السياسية تتضمن ثلاثة معان محدودة وهي: كون القبيلة مصدر أساسي من مصادر تماسك الجماعة، ما هو إلا معنى واحد من معاني القبيلة، وهو الشائع. لا بوصف القبيلة عبارة عن النسب البيولوجي أو قرابة دم وزواج، وإنما الانتساب إلى القبيلة عن طريق الاتحاد والتحالف والسكنى، إضافة الى الدم والزواج والقرابة. 

المعنى الثاني: كون الجماعة مبدأ تنظيمياً يحدد الأطر العامة للعضوية في الجماعة، انتظام الجماعات في وحدات اجتماعية (قبائل، عشائر، عائلات، حرف أو أصناف، طوائف، ملل، مهن ... إلخ) تكون أساساً لتوزيع المسؤوليات أو الحقوق والواجبات، وتحديد الحصص والفوائد والمنافع، في حالة السلم والحرب. المعنى الثالث: بوصفها رابطة موحدة الغرض، جميع العلاقات الاجتماعية محكومة بشرعة تحدد من الذي يبقى في المجموعة ومن الذي يغادرها، بالمعنى السياسي الدقيق، على مختلف المستويات.

وهو يخلص من خلال هذه الثلاثة المعاني إلى أن القبيلة السياسية تمثل العلاقات العامة للمجتمع العربي الإسلامي، وهي بهذا لا تتناقض مع الدين الإسلامي، بل أن الدين الإسلامي يوفر الصياغة الأيديولوجية الواضحة والموحدة لهذا التنظيم، بمختلف مستوياته من الريف إلى الحضر، في نظام أخلاقي واحد. 

ووفق هذا النموذج فإن المجتمع العربي كان مجتمعا متجانسا حضاريا، متكامل البناء، خدمته القلية بمعانيها الثلاثة كعامل الدين للتوحد والتجانس، وبرأي النقيب أنه رغم التحولات التي طرأت على المجتمع العربي بظهور الحكم السلالي، وبدأ التجزؤ الإقليمي منذ القرن التاسع الميلادي، إلا أنه كان بالمعنى السياسي فقط، إما التجانس فقد ضل في استمرارية واضحة حتى بداية العصر الحديث، عندما بدأت التجزئة تنخر في نسيجه تحت وطأة الضغط الاستعماري الغربي.

 إلا أنه حسب هذا النموذج عند النقيب، فهناك عامل آخر مهم جدا من عوامل التوحيد والتجانس، لا بد من لفت النظر إليه: هذا العامل هو الأساس الثاني للبناء الاجتماعي في المجتمع العربي وهو (دور التجارة كقطاع دينامي في المجتمع العربي) يرى النقيب أن التجارة أدت دوراً مهما، في وقت مبكر جدا، في الدعوة الدينية، وبقيت كذلك منذ الفتح، بل برأيي الشخصي في هذا السياق، أنها كانت كذلك حتى ما قبل مجيء الإسلام، كما نجدها في الحضارات اليمنية القديمة (سبأ ومعين وقتبان وأوسان) ثم لاحقا في قريش والطائف وخط القوافل الذي كان يربط بين الموانئ اليمنية في حضرموت وشبوة وعدن مرورا بمكة وغزة وسواحل البحر الأبيض المتوسط، وحضارة مصر القديمة ومملكة أكسوم في أفريقيا ونحو الشرق باتجاه الدولة الساسانية. 

يرى النقيب وفق هذا النموذج، هو أن مما يعزز التركيز على دور التجارة، كقطاع دينامي في المجتمع العربي، حصر ملكية الأراضي الزراعية في الدولة، ما حد من إمكانية دخول فئات واسعة من السكان في هذا النشاط الاقتصادي كمالكين بمعنى الملكية الخاصة، وإنما دخوله كحائزين للأرض للاستعمال والمنفعة، وإذا كان قرار عدم توزيع الأراضي كمغانم في الفتح، قد ترتب على هذا الاستبداد البيروقراطي، بدءاً من معاوية وحكم الأمويين، فإن هذا القرار قد ترتب عليه في النهاية تحول الدولة إلى بؤرة للصراع الاجتماعي والاقتصادي. فما سنه معاوية، ودرج عليه من جاؤوا من بعده، كان يمثل مصدرا من مصادر الصراع السياسي والاقتصادي. فهيمنة الدولة على الخراج (الفائض) واستبدادها بالأموال العامة، لا يمكن تبريره بالرجوع إلى الدين، وهو المصدر التقليدي للشرعية في الدولة الإسلامية. ولذلك اكتسبت أغلب الصراعات السياسية والاقتصادية طابعاً دينياً مذهبياً.

من وجهة نظر خلدون النقيب، هذه إذاً هي ملامح العلميات الدينامية في المجتمع العربي، فهي هذا المزيج المتميز من الحركات السكانية الكبرى، وما يتصل بها من تكيفات ضرورية، ومن القبلية السياسية في مواجهة الدولة المركزية بجهازها البيروقراطي. وهو يؤكد أن لهذا النموذج حسب وصفه قوة تفسيرية أقوى من غيره. فهو يعطينا المقاييس الموضوعية، التي نستطيع بواسطتها معرفة التحولات والتغيرات التي طرأت على المجتمع العربي، برجوع إلى منظم أو ضابط بنائي، وليس إلى سلطان أو سلالة، ويمكن حسب قوله اختصار تلك المقاييس إلى ثلاثة هي: (الأول: نظام ملكية الأراضي. الثاني: بناء وتركيب الطبقة الحاكمة. المقياس الأخير: الحراك البنائي وتركيب القوى العاملة).

وبالعودة إلى مسألة حصر ملكية الأراضي الزراعية في الدولة والتي بدورها حدت من إمكانية دخول فئات واسعة من السكان في هذا النشاط الاقتصادي والتي برأيه بدأت مع الدولة الأموية، فإنه ومع ظهور الدولة السلطانية وتحديد مع الدولة الأيوبية فقد أعاد طرح قضية ملكية الأراضي، بإرجاع جميع الأراضي إلى السلطان، وأصبحت الإمارة طريق إلى الملكية والتجارة، مما أدى إلى انحسار التجارة بيد السلطة، مع أن الانحسار التجاري قد بدأ منذ بعض الوقت، مع الجند المماليك والبويهيون والسلاجقة، وما حكم الأيوبيين إلا تمهيد لظهور الدولة السلطانية في ظل المماليك والدولة العثمانية. ومع نهاية الدولة السلطانية مع سقوط الدولة العثمانية، بدأت عملية الانتقال من الدولة السلطانية إلى الدولة التجارية التابعة في ظل دولة الاستعمار. 

ويخلص النقيب إلى أن هناك ثلاث مجموعات من العمليات الدينامية، المجموعة الأولى تتصل بالتحول من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة التي تحميها القوانين، ومن البيروقراطية التقليدية إلى البيروقراطية العقلانية، وبالتالي تحول الصراع من العسكر – الرعية إلى الصراع بين تحالف ملاك الأراضي والتجار من الأعيان وبين فئات من الشعب التي اتخذت صفة المواطنة والجماهير. والمجموعة الثانية تتصل بالتغلغل الاستعماري الإمبريالي، عن طريق نظام التنازل والسيطرة على النظام المصرفي المحال والتجارة الخارجية والديون الخارجية، مما أدى في النهاية إلى انهيار الصناعات الوطنية المتمثلة في احتكار الدولة والحرف المحلية والصناعات التقليدية، وتحول البلدات العربية إلى مصادر للمواد الأولية. أما المجموعة الثالثة فهي مرتبطة بانهيار الملل، وخاصة تحت تأثير التيار القومي، وظهور مشروع الدولة القومية، كبديل عن الدولة اللاقومية العثمانية. وقد أدى الأعيان بجانحيهم: ملاك الأراضي والتجار، دوراً كبيرا في الانهيار، وفي قيادة الحركة الوطنية، إذ أنه ما أن جاء العام 19920 حتى كان هؤلاء قد وصلوا إلى الحكم، في ظل الانتداب في كل من مصر والعراق وسوريا ولبنان.