حاوره أ. علي الحمد
عرف العالم في الآونة الأخيرة تطورات مذهلة في مجال التقنية والحاسب الآلي والإتصالات بمختلف أنواعها، ويجمع الكثير من المختصين على أن هذا العصر عصر التكنولوجيا بلا منازع؛ من امتلكها وتمكن منها علما وعملا وواقعا فقد حاز أبجديات التقدم بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ونظرا لما يكتسبه هذا المجال من أهمية تسعى الدول إلى اعتماد التكنولوجيا في كافة مجالات الحياة من تعليم وتكوين وصحة وغيرها. ولعل الدول العربية والإسلامية أشد حاجة لهذه التكنولوجيا لما يعرفه الوضع العام فيها من نقص وتخلف.
وقد حملت الكثير من المشاريع على عاتقها أولوية تدارك التخلف الحاصل في بلدانها في هذا المجال، وتعمل ما في وسعها لبعث نهضة من جديد من خلال إتاحة الفرصة لرواد تمكنوا من زمام التكنولوجيا واتقنوا أبجدياتها بنهل العلم من موطنه الأصلي، ويعد مشروع عمران لنهضة الأمة واحدا من المشاريع التي تسعى جاهدة لتكوين أرضية صلبة تكون قاعدة لانطلاقة جديدة.
من خلال برنامج لقاء الرواد الذي يستضيف بين فترة وأخرى واحدا من أعمدة الفكر في مجال ما.
ومن نافذة المؤشر لعمران التي هي أداة لرصد واقع الدول الإسلامية ووضع الرؤى والحلول لها بالمقاييس والأرقام اعتمادا على المعايير التنافسية العالمية 12، خلال كل ثلاثة أشهر يتناول واحدة من المعايير التنافسية؛ والمعايير التي نتناولها في هذه الفترة هي الجاهزية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات خاصة في ظل هذه الظروف التي تشهد سباقا كبيرا في عالم التكنولوجيا.
والهدف هو مناقشة واقع دولنا في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكيف يمكننا النهوض بهذا الواقع لذلك استضاف برنامج لقاء الرواد يوم الخميس 14 جوان 2020 أحد رواد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وهو الدكتور رياض البغدادي دكتور وباحث في علم الحاسب والتكنولوجيا مقيم في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، متخصص في لغات البرمجة والذكاء الاصطناعي حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون بباريس، وشهادة مهندس من المعهد الوطني للإعلام الآلي في الجزائر.
موضوع اللقاء كان حول الذكاء الاصطناعي الذي يعرف بأنه الذكاء الذي تبديه الآلات والبرامج بما يحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة، كما أنه إسم تخصص أكاديمي يعنى بكيفية صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكي.
بات مصطلح "الذكاء الاصطناعي" كثير الاستخدام هذه الأيام، لدرجة أن البعض أصبح يتخوف من أنه قد يعني سيطرة الآلات واضمحلال دور البشر، رغم أن الواقع ما يزال بعيدا جدا عن الاقتراب من هذا التصور، فما الذكاء الاصطناعي؟ وما أبرز مظاهره؟ وإلى أين وصل تطوره؟ هذا ما تم تناوله في اللقاء.
بعد الترحيب بالضيف مباشرة انطلق علي الحمد في بدء الحوار وطرح الأسئلة على الضيف.
لا يخفى علينا التقدم الحاصل في التكنولوجيا وأنا أتصفح وجدت أن المملكة العربية السعودية قد أحدثت هيئة للذكاء الاصطناعي، والإمارات العربية قامت بإنشاء وزارة خاصة في الذكاء الاصطناعي وعلوم التكنولوجيا والتواصل.
لماذا كان لكم اهتمام بالبحث والتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي؟ وما هي العوامل التي ساعدتكم لتبدعوا فيه؟ وما هي أبرز نشاطاتكم في هذا المجال؟
الذكاء الاصطناعي كتعريف بسيط للعامة حتى تفهم معناه والهدف منه هو تمكين أجهزة الكمبيوتر من القيام بالوظائف التي يقوم بها الإنسان، بمعنى أن يكون للآلة ذكاء مشابه لذكاء الإنسان هذا بشكل عام؛ الجميل في هذا المجال أنه مجال جديد وتطوير الأنظمة والإبداع فيه يكون أسهل على عكس المجالات القديمة التي يكون فيها الإبداع صعب، من ناحية أخرى قضية فضول بالنسبة لي، حيث تكتشف كيف يعمل الدماغ وكيف يمكن تصنيع أجهزة وأنظمة تعمل مثله، أفهم كيف نفكر، إذا رأيت صورة كيف أفهم محتواها، من ناحية العوامل بشكل عام ممكن لأنه مجال جديد الإبداع فيه أسهل وأفضل من المجالات الأخرى ولأنه مجال هندسي فالفكرة الأساسية في الهندسة أننا نقوم بتطوير أنظمة جديدة تحل المشاكل اليومية للإنسان وتسهل حياته.
أما بالنسبة لعملي فهو يتركز في التقاطع ما بين الذكاء الاصطناعي ولغات البرمجة وهنا أعطي للمتابعين أمثلة للمشاريع حتى تتضح لهم الفكرة.
وأحد المشاريع التي عملنا عليها هو نظام برمجة تستعمله شركة Google وهي لغة برمجة جديدة إسمها hilay قمنا بتطويرها وتبنتها كل من شركة Google وFacebook وAdobe، هذه اللغة مستعملة في كتابة كل برامج معالجة الفيديو على YouTube بمعنى كل متابعينا الآن الذين يستخدمون YouTube يستعملون لغة البرمجة هذه بشكل غير مباشر، وأيضا الهواتف الذكية تستعمل هذه التقنية في معالجة الصور التي يلتقطها الهاتف، عندما يأخذ الإنسان صورة يتم معالجتها أتوماتيكيا ببرنامج مكتوب ب hilay مثلا، والكل يستخدمون هذه التقنيات بشكل يومي وغير مباشر.
هناك احصائية تقول أن 75 مليون فرصة عمل ستنتهي بعد سنوات قليلة يعني 75 مليون شخص سيكونون عاطلين عن العمل وهو أمر لا يتحمل الانتظار، ما هي التحديات التي قد يواجهها أي باحث شاب عربي في مجال الذكاء الاصطناعي حسب تجربتكم؟
التحدي الأول: إذا كان الشاب في العالم العربي يعاني من مشكل التكوين لأن الباحث لا يعمل بمفرده بل يعمل مع طلبة وباحثين ومهندسين آخرين.
التحدي الثاني: في مجال الذكاء الاصطناعي بالذات يحتاج الشاب إلى بعض الأجهزة ليقوم بالتدريب، وسعر هذه الأجهزة شيئا ما مرتفع، أو يحتاج إلى بيانات، فهي إذن تحديات تقنية لكن الإنسان قادر على تجاوزها، في أغلب الحالات من خلال جهاز الكمبيوتر فقط تكون للشاب المقدرة على متابعة والوصول للدروس على الإنترنت وكما قلت طلبتنا هنا أحيانا وجودهم في الجامعة ليس بالضرورة لمتابعة دروسهم، بل يدرسون على الإنترنت مباشرة، فنفس الدروس موجودة والإنسان بجهاز الكمبيوتر فقط قادر على أن يطور أنظمة جديدة، فرغم هذه التحديات أظن أنه توجد فرصة كبيرة للإبداع في هذا المجال.
من يتحمل مسؤولية تمكين الشباب، هل يقع العاتق على المؤسسات أم الحكومات، أم هي مسؤولية مشتركة؟
هي مسؤولية مشتركة تقع على جميع الأطراف، الحكومة، الجامعات والطرف الأخير الأفراد في حد ذاتهم، أحيانا الشخص مثلا قادر على أن يتعلم بشكل فردي، لكن التعلم الذاتي يبقى محدود لأنه سيتعلم أشياء وأشياء أخرى لايمكنه تعلمها وفهمها إلا بتواجده داخل الجامعة، ولكي تقوم هذه الأخيرة بدورها على أكمل وجه تحتاج إلى تمويل جيد من الحكومة يغطي احتياجاتها، إذن هي شبكة متكونة من عدة أطراف والمسؤولية تقع على الجميع.
كل فرد يحاول أن يقوم بما يستطيع، يعني أنا كفرد أحسن ظروفي وأحاول أن أؤثر على محيطي بما أستطيع، فمثلا إذا كنت في الجامعة أحاول أن أطور من جامعتي، وإن كنت فردا في الحكومة أطور من حكومتي.
المسؤولية الآن على الشباب، ما الذي يجعل دول مثل أمريكا، فرنسا، ودول اسلامية مثل إندونيسيا وسنغافورة أو ماليزيا على سبيل المثال متقدمة في هذا المجال؟ ولماذا هي جاذبة لكم وللمهتمين والباحثين؟ ما الذي قدمته لكم تلك الدول أو الجامعات أو مراكز الأبحاث ولم تقدمه لكم بلدانكم على سبيل المثال؟
أجيب على هذا السؤال بربطه بالسؤال السابق في جزئين:
الجزء الأول: نحتاج إلى ثلاثة أشياء وهذه الدول وفرت لنا هذه الأشياء.
1) الجامعات: مستواها عالي جدا وعندما نتكلم عن الجامعات، نتحدث عن الأساتذة العاملين بها، إدارتها، وسائلها، الطلبة، البحوث داخل هذه الجامعة، فالجامعة في هذه البلدان التي ذكرت متميزة جدا.
2) الحكومات: الحكومة في هذه البلدان تعطي تمويل كبير جدا للجامعات وتعطي أيضا تمويل للأفراد الذين يسعون لإنشاء شركات.
3) توفر الشركات الكبرى: في هذه الدول من السهل على الفرد إنشاء شركة، وعدد كبير من الشركات الكبرى موجودة في هذه الدول، إذا تخرج الفرد من السهل عليه أن يجد عمل بالشركات أو يقوم بأبحاث معها. فهذه الأطراف الثلاثة والتفاعل فيما بينها، هي العوامل الأساسية التي تجعل من البحث العلمي والتكنولوجيا متطورين في هذه البلدان المتقدمة.
وإذا ركزنا على العناصر المتواجدة في هذه المنظومة أو البيئة Écosystème فسنجد:
أولا العامل البشري: الأفراد في حد ذاتهم مؤهلاتهم عالية سواء كانوا في الحكومات، الجامعات، أو الشركات، وهذا يجعل طريقتهم في إدارة المشاريع أفضل، إدارتهم للمشاكل أفضل، طموحاتهم ومهاراتهم أعلى.
ثانيا العامل المادي: مثلا اذا أراد الشخص أن يقوم ببحث علمي، الحكومات والخواص يقومون بالتمويل للمشاريع والبحوث، فالمال مهم جدا والباحث في البلدان المتقدمة من السهل عليه نسبيا أن يحصل على تمويل لإنشاء شركة. مثلا زميلي في الجامعة قبل بضعة أشهر أنشأ شركة وحصل بالبحث العلمي الذي عمل عليه على تمويل بقيمة 22 مليون دولار للشركة الخاصة به، وهذا تمويل ضخم كافي لتمويل شركته ومن ثم بيع منتجه في السوق.
ثالثا العامل القانوني: القوانين المعمول بها في هذه الدول تشجع البحث العلمي والاستثمار فيه وأعطيك مثال على هذا: الحكومة الأمريكية تشجع القطاع الحكومي على أن يشتري من الشركات المحلية وتمنعهم من الشراء من الشركات الأجنبية ومثال على هذا القانون فشركة Hwawi الصينية ممنوع عليها بيع منتجاتها للقطاع الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية ( مطارات…. الخ) وهذا قرار حكومي واحد يغير معادلة السوق كليا.
في موضوع الشباب، كثير منهم يخيل له إذا ما أعطي المال سينجح، هذا ليس تقليل من أهمية الشباب لكن هل المال وحده فقط عامل للنجاح بالنسبة لهذه المشاريع؟
العامل الأول هو الإنسان في حد ذاته، هو من يأتي بالفكرة المميزة، هو من يقود المشروع، هو من يشكل الفريق، الإنسان هو العامل الأساسي، المال عامل مساعد فقط، هو ضروري لكن ليس بالأساسي، الإنسان قادر على أن يأتي بالمال لكن العكس ليس صحيح.
المال لا يمكن أن يبني لك إنسان، يمكن استعماله على مدى سنوات طويلة، تبني به أجيال قادمة لكن الإنسان هو الأساس، اليد العاملة المؤهلة، الأشخاص في حد ذاتهم هم الأساس.
أمامي أحد التقارير عن موضوع التكنولوجيا يقول: أن مدير مستودع لديه 40 روبوت يساهم في إدارة المستودع من حيث النقل والترتيب، حتى أنه يمكن له أن يساهم في عملية الشحن، مديرة المستودع قالت إن عمل هذا الروبوت يعادل 500 عامل، هل أنت متخيل حجم الكم الهائل من الموارد البشرية التي تم التخلي عنها، يعني لن يكون هناك عزاء للذين لم يتقدموا في هذا المجال، حتى أنه سئل ما هي كمية الكيلوغرامات التي يستطيع حملها؟ فكانت الإجابة 600 كيلوغرام والعامل الواحد ليست له المقدرة على حمل هذا الوزن، فطاقة البديل أقوى وأكبر بكثير من طاقة الإنسان العادي.
عدد كبير من الناس يتخوفون من الذكاء الاصطناعي لأنه بنظرهم سيأخذ وظائفهم، صحيح أن هذه الأنظمة أو الروبوتات ستعوض بعض الوظائف والتي عادة الناس أنفسهم لا يحبونها.
فيما يخص البنى التحتية، السعودية صار لديها startup، في الجامعات هناك شيئ إسمه بيت الخبرة وهو ضمن الجامعة، فهي دائما تشجع الشركات على التعامل مع بيوت الخبرة، أيضا حاضنات الأعمال كلها تساعد وتساهم وتسوق للمشاريع التي هي بالأساس تكون محتضنة عندها حتى يكون لها سوق، ما الذي تحتاجه البلدان الإسلامية، حتى تكون مفتقرة إلى هذه الدرجة لموضوع التكنولوجيا والاتصالات؟ ما الذي جعلها متأخرة برأيك؟
هو نقص في كل العوامل السابقة، نحن هنا ليس لدينا نقص في عامل واحد إذا عالجناه عالجنا كل العوامل، للأسف لدينا نقص وضعف في كل العوامل، ضعف في التمويل، ضعف في الجامعات، ضعف في الإدارة الحكومية وقراراتها وتمويلها، ضعف في الشركات، ضعف في التأهيل العلمي.
وإذا ركزنا على أهم المشاكل فمشكلة التأهيل العلمي ومشكلة الفقر أو بمعنى آخر نقص المال، لأنه وللأسف عائق كبير أمام الجامعات والشركات والدولة في بناء البنى التحتية، والمؤشر الذي نتحدث عنه اليوم أغلب نقاطه تتعلق مثلا بشبكة الهاتف النقال، شبكة الإنترنت، هذه كلها تابعة للبنى التحتية وهي كلها تحتاج إلى المال فنحن للأسف لدينا نقص في كل مكونات Écosystème، في كل أجزائه لدينا مشاكل.
لكن دعني أقول لك شيء من الطرفة دائما نحن في مجتمعات الشرق الأوسط عندما تكون الفتاة جميلة يقولون إبن عمها أولى بها، فلا يجب أن تتزوج من شخص خارج عائلتها، أنا أردت بهذه الطرفة أن أضرب مثلا أنه كثير من الشباب المبدعين أنتجوا مشاريع رائعة أو أسسوا شركات مميزة لكن بالنهاية تأتي شركات عالمية تستحوذ عليها، وبالتالي إبنة عمك صارت خارج المنطقة المتواجد فيها، من برأيك الذي باستطاعته أن يحدث فرقا لنهضة بلداننا في هذه المجالات وتوعية المستثمرين على أن يتبنوا تلك المشاريع؟
سؤال جيد جدا، من أهم الأشياء التي يمكن أن تحدث فرقا هي مبادرات الشباب لإنشاء شركات خاصة، لأنه إذا الشباب أنشأ شركات خاصة في بعض الحالات وليس كلها هذا شيئ ممكن ولا يعتمد على الدولة، ولا على المحيط رغم وجود مشاكل في هذا المحيط،، الإنسان له أن ينشأ شركة خاصة ويبيع منتجات، والسوق في العالم العربي سوق كبيرة جدا وتحتاج إلى الكثير من المنتجات.
من خلال هذه المبادرات الذاتية من الشباب، الدولة ستلاحظ أن هذا الأمر يحرك من اقتصادها ويجلب العملة الصعبة، وينمي الاقتصاد من جهة ومن جهة أخرى الدولة نفسها ستثق في الشباب واليد العاملة، المستثمرين أيضا سيلاحظون أن هذا يجلب الأموال مما سيدفعهم للاستثمار فيه؛ الدولة وأصحاب رؤوس الأموال تصبح لديهم قناعة أن هذا شيء مهم ومن ثم تستثمر فيه.
مثال لتوضيح الصورة؛ في الحرب العالمية الثانية جامعة AMIT وهي الجامعة التي أتواجد بها في بوسطن، تأسست في العام 1865 آنذاك كانت جامعة بسيطة جدا وكانت معها جامعات أخرى أحسن منها بمئات المرات، ما الذي أحدث الفارق لتصبح هذه الجامعة من بين أولى الجامعات في العالم في مجال العلوم وخصوصا مجال التكنولوجيا؟ ماهو الشيء الذي أحدث فعلا فارقا لهذه الجامعة؟
في الحرب العالمية الثانية هذه الجامعة تمكنت من تطوير أنظمة الرادارات التي استعملت في الحرب العالمية الثانية لرصد الطائرات، والتي كانت سلاحا شكل فرقا كبيرا في الحرب، فالحكومة الأمريكية رأت أن الجامعة استطاعت أن تنتج سلاحا أحدث فرقا عظيما في الحرب وجعلها تتفوق فيها، وقد مولتها بشكل كبير، إذن هنا الجامعة بينت على قدراتها، بادرت وأنتجت شيئا لم يتوقعه محيطها الذي هو الحكومات والشركات الخاصة، فنال المنتج إعجابهم واستثمروا فيه أموالهم، وهنا بدأت العجلة تدور
من خلال الاستثمار تطورت الجامعة آنذاك، وهو ما سمح لها اليوم بالعمل على ابتكار اكتشافات جديدة تفيد القطاع الخاص والدولة في آن واحد، وهكذا تبقى الدائرة تدور.
في العالم العربي في Écosystème هذه المكونات الثلاثة (الجامعة، الحكومة، القطاع الخاص ) أي تحسن يطرأ على أحد هذه المكونات سيكون جيد جدا، ولكن الأمر الذي بأيدينا ومتاح لأغلب الشباب هو إنشاء الشركات على عكس القطاع الحكومي الذي يكون الأمر فيه صعب نوعا ما، إنشاء الشركات سيجعل عجلة الاقتصاد تدور، ستلاحظ الحكومة ويتبين لها أنه أمر مهم جدا، ويبين للقطاع الخاص أنه مدر للأموال وبهذا تدور عجلة الاقتصاد أو عجلة التنمية التكنولوجية والعلمية.
يعني لا زالت لدينا الفرصة لمواكبة التقدم الحاصل في الدول المتقدمة، وكأنك أشرت في حديثك أن العاتق الأكبر يقع على الشباب، خاصة إذا كان لديه دافع وهدف مميز في مجال وظائف المستقبل، لكن عندما تكون البنى التحتية ضعيفة، مثلا في بعض البلدان العربية سرعة الانترنت لا تساعد، كيف يمكن لي أن أبدع في مثل هذه البيئة؟ ما هي الحلول؟
لا أضع المشكل كله على عاتق الشباب وحده بالعكس، المسؤولية مشتركة فجزء كبير منها يقع على الحكومة، البنى التحتية تحتاج إلى أموال ضخمة، حتى القطاع الخاص يجب عليه أن يستثمر في البنى التحتية، ولكن أنا ركزت في كلامي على ما يمكنني فعله كشاب والقضية في نسبة المتابعين الذين في أغلبهم شباب ليسوا في القطاع الحكومي أو في الشركات الكبرى، فقط لرفع اللبس أنا ركزت على هذه الفئة من الشباب وما يمكنهم فعله.
ولكن طبعا من ناحية البنى التحتية فالحكومة والقطاع الخاص هما من تقع عليهما المسؤولية.
قضية الإنسان وتكوينه فهذه مسؤولية تقع على الجامعات، وتطوير الجامعات إن كانت تابعة للدولة فالمسؤولية تقع على هذه الأخيرة، ولكن إذا كانت الجامعة خاصة فهي مسؤولية الأفراد المكونة لهذه الجامعة أو المؤسسة المسؤولة عنها، مثلا هنا في الولايات المتحدة الأمريكية أفضل الجامعات هي جامعات خاصة، جامعة AMIT هي جامعة خاصة ولكنها غير ربحية، جامعة هارفرد هي جامعة خاصة، الجامعات الخاصة يديرها أفراد وهي منفصلة عن الحكومة، تحصل على تمويل من الحكومة والقانون يحدد لها كيف تسير لكن الباقي كله تسيير أفراد.
فنحن كأفراد لدينا مساحة كبيرة وإمكانيات ضخمة في كثير من الأحيان لا نستغلها بشكل جيد، وقادرين على استغلالها طبعا مع العمل على الأشياء الأخرى، ولكن على الأقل نحاول إنشاء جامعات خاصة، مدارس خاصة، والمؤسسات الخاصة أفضل من العمومية.
نأخذ مشاركة من التقرير الذي ظهر في الشهر الماضي مايو آيار من الجامعة العربية، وقد وضع ارتفاع القيمة العامة لموضوع التكنولوجيا في خمس مراحل:
المرحلة 1 : مرحلة الظهور الإلكتروني.
المرحلة 2 : تحسين التواجد الإلكتروني.
المرحلة 3 : التواجد الإلكتروني التفاعلي.
المرحلة 4 : تمكين المعاملات.
المرحلة 5 : خدمات متسلسلة ومتكاملة.
هل هذا الأمر يتناغم مع مستوى التطور الحاصل في العالم؟ لنفترض أنك كنت مسؤول في حكومة ما، ما هي الخطوة الأولى التي ستتخذها لتساهم في تحسين بلادك تقنيا؟
لمعرفة الأمور التي يجب أن نركز عليها علينا أن نعود دائما للعناصر الأساسية المتمثلة في العنصر البشري المؤهل فإذا كان عندي الإختيار في أمر واحد وكانت عندي إمكانية الاستثمار على المدى البعيد استثماري سيكون في تكوين العنصر البشري، المشكل هنا أن النتائج لا تكون بعد سنتين او ثلاث وإنما بعد 20 سنة، وعندما أتحدث عن التكوين فهنا أقصد التعليم من المدرسة حتى الجامعة، والتكوين يجب أن يكون على مستوى عالي جدا، لأن الفرد الذي يتكون تكوينا عاليا سيكون أحد الأطر الفاعلة في الجامعة، والحكومة، والشركة، وهذا سيؤثر بشكل إيجابي على المجتمع ككل، والإشكالية أن التغيير هنا على المدى البعيد، يعني يحتاج إلى استثمارات لسنوات وسنوات حتى نصل لهذه النتيجة.
الأمر الآخر لو كنت أعمل في نظام حكومي ويحتاج الى تغيير سريع سأحاول أن أعالج كل مشاكل العناصر التي تكون في Écosystème ولو بنسبة 10%، لأنه من الصعب إصلاح كل شيء في وقت واحد، بل يحتاج إلى عمل تدريجي.
وذلك بالرفع من قيمة التمويل في الأبحاث العلمية بنسبة 10 %، تخفيف العراقيل أمام إنشاء الشركات فكل واحدة من هذه النقاط نُصْلِحْ فيها بنسبة 10 الى 20 بالمائة بحيث في الإجمال يكون الإصلاح بنسبة 20 بالمائة. لأنه لا يمكن التقدم في هذا المجال إذا ركزنا في الإصلاح على عنصر واحد وتغاضينا على باقي العناصر، فهي كلها أجزاء مرتبطة ببعضها البعض.
مثلا إذا قمنا بإصلاحات على مستوى الجامعة وحدها بمعزل عن تسهيل البيئة لإنشاء الشركات، فهنا عمل الجامعة سيصبح بلا قيمة، الأبحاث التي ستقدمها ستبقى نظرية لا تخرج لحيز التطبيق، وبالتالي لا يستفيد منها المحيط، مع مرور الوقت ستضطر الدولة إلى الحفاظ على قيمة تمويلها لهذه الجامعة، برأيي الإصلاح يجب أن يكون بشكل جزئي لكن يجب أن يشمل جميع عناصر ÉCOSYSTÈME.
علال أبو أنس يوجه لكم سؤال يقول: ما هو العائق الذي يقف في وجه العلماء والباحثين المسلمين والعرب من أجل العودة إلى أوطانهم، أو بعبارة أخرى لما يصل الباحث العربي لمرحلة معينة من الكفاءة العلمية كيف يمكن لبلاده أن تستفيد منه؟
هذه الأمور كثيرا ما نناقشها هنا وتعتبر حديث واهتمام جميع المقيمين في البلدان الغربية، وفي هذا أقول أنه بإمكان أي باحث نال كفاءته العلمية أن يفيد بها بلاده إما بشكل مباشر من خلال العودة إلى البلد وهذا هو الأفضل، لأنه يعطي نتائج مباشرة على الأرض، وما يجب الإشارة إليه أن أمر العودة صعب بحكم طبيعة القوانين الموجودة في البلد الذي تَكَوَنَ ودرس فيه، والظروف التي تمنحها هذه البيئة للباحث هي غير متوفرة في الوطن الأم، وهذا يحتاج إلى تضحية كبيرة وفي هذه الحالة يمكن أن يفيد بلاده عن بعد من خلال المساعدة في تكوين الشباب في العالم العربي.
وكمثال بسيط أطروحات الدكتوراه في الجامعات العربية أحيانا المواضيع التي تعالج هي مواضيع قديمة وليست حديثة تحتاجها الشركات، الشخص المتواجد في البلدان المتقدمة والذي يتعامل مع شركات مثل Google ،Facebook ونحن مجالنا في علوم الكمبيوتر نعرف ما هي مشاكل الساعة في هذا المجال، فالأشخاص المتواجدون في البلاد المتقدمة يمكنهم مساعدة شباب العالم العربي بوضعهم في الصورة، وتدريبهم بشكل مباشر عليها وإشراك العالم العربي فيها، انا عندي في كل سنة برنامج مع الطلبة في المعهد الوطني للإعلام الآلي في الجزائر يتم خلالها تدريب 5 طلبة يعملون معنا لمدة سنة كاملة على مشروع نهاية التخرج، وكلها مع شركات عالمية مثل، Facebook ،Google AMIT Harvard والنتائج المحصل عليها في نهاية السنة تكون جيدة جدا.
هذه السنة مثلا أرسلنا أبحاث لواحد من أفضل المؤتمرات، والعمل الذي قام به الطلبة في الجزائر أفضل بكثير إذا ما قارناه مع عمل الطلبة هنا في الولايات المتحدة الأمريكية، نحن في عالمنا العربي والإسلامي لدينا شباب يتوفرون على طاقات وقدرات كبيرة وهمزة الوصل بينهم وبين أستاذ كفئ يعطيهم مشاكل في البحث العلمي مرتبطة بمشاكل الساعة لدى الشركات الكبرى، وهذا يحفزهم على العمل والإبداع المتواصل، هذا مثال بسيط على كيفية المساعدة.
نحن ندعوكم من هذا المنبر أن ترفعوا من عدد المستفيدين من 5 الى 10 اشخاص، حتى لا نأخذ مقاعد شباب الجزائر أضيفوا إليهم 5 آخرين ويكونوا من مشاريع عمران التقنية وتكون من حصتنا وهناك احتمال أن يكونوا جزائريين.
الأخ رمزي يسأل: هل ترى أن الأولوية في الدول العربية هي بناء القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي كصناعة أم الأفضل حاليا يكمن في الاستخدام الأمثل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الموجودة بالفعل لتحسين الجودة والكفاءة وتقليل الكلفة؟
الفكرة هو أن يحاول الشخص الوصول الى منتج يمكن بيعه، عندما يصبح بين يديك منتج تستطيع بيعه فهذا جيد، أن يكون المنتج موجه للسوق المحلية أو السوق الأجنبية أو العالمية القضية ليست مهمة،
المهم هو أن تصل أو تخلق منتج يلبي احتياجات الناس، هنا تكمن الصعوبة، لأنه أصعب شيئ في إنشاء الشركات هو أن تخلق شيئا الناس مستعدة أن تعطيك المال لأجله، إذا كانت لديك الإمكانيات لتوجه هذا المنتج للخارج هذا أفضل لأن السوق أكبر، نتحدث هنا عن السوق العالمية مثل شركة watsup بيعت ب 19 مليار دولار وهي شركة في بداياتها كانت شركة بسيطة وليس بشيء معقد.
هل دخلنا في الثورة الصناعية الرابعة؟
نعم الثورة الصناعية الرابعة سائرة في طريقها والمصانع الآن فيها عملية تحول كبرى في إطار الثورة الصناعية الرابعة، والهدف منها هو أنه أنت كمستعمل تطلب جهاز او شيئ من هذا القبيل، تتم صناعته بناء على المواصفات التي تحددها أنت بالضبط (لون معين، شكل معين ...إلخ) فيتم صناعة جهاز خاص بك أنت طبقا للمواصفات التي طلبتها، ويتم استعمال طرق من خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات.
الثورة الصناعية الأولى بدأت في القرن 18 وكان موضوعها النسيج والبخار، والآن الثورة الصناعية الخامسة على الأبواب.
زينب الفلوجي القائمة رفقة فريقها على خدمة مؤشر تسأل: هل يجب أن تكون دراستي للذكاء الاصطناعي وعلم البيانات أكاديمية أم يمكنني الدراسة والمتابعة من خلال الكتب والمواد المتوفرة على شبكة الإنترنت؟
على حسب الهدف، لكن عادة الإنسان عليه أن يزاوج بين الجزء النظري والعلمي مع التحكم في الجزء العملي تحكم كبير لأنه حتى ينجح في المشاريع يجب أن يتحكم في الجزء العملي، الجزء النظري أفضل مصدر له هو الكتب، وتوجد كتب رائعة ومحاضرات على الخط المباشر، ولكن التركيز على الكتب أفضل بالإضافة إلى الجانب العلمي والمحاضرات اون لاين، كما قلت يحاول الإنسان قدر المستطاع أن يزاوج بين هذين الجزئين.
نعود لدور الشركات الناشئة التي يطلقها الشباب في ظل النهضة التكنولوجية في بلداننا، نحن تكلمنا عن دور الحكومة، لكن ما هي العوامل التي تساعد هذه الشركات على النجاح في مجال التكنولوجيا وهنا موضوع watsup، نحن نلاحظ دائما أن المشاريع الناجحة في أيدي شباب الغرب، يعني نادرا ما نسمع عن شاب عربي مثلا قام باختراع تطبيق وتم الاستحواذ عليه وأخذ المال والتمويل الذي كان يحلم به ويحفزه أن يعلي من سقف طموحه أكثر، او ربما الإعلام لم يعطيه حقه من ناحية التغطية الإعلامية.
هذا صحيح عندنا نماذج ناجحة لشركات ناشئة لكن ليس بالعدد الكافي كبقية الدول، العدد بسيط للأسف، بالنسبة لي هي قضية احصائية، بمعنى، في الولايات المتحدة الأمريكية عدد ضخم جدا من startup، عدد ضخم جدا من الشركات الناشئة أو في دول مثل الصين أو دول في أوروبا، دائما نسبة النجاح في الشركات الناشئة هي بسيطة، 1 في المائة ينجح وللأسف هذه إحصائيات عالمية ومعروفة، وبالتالي نسبة بسيطة فقط هي من تنجح.
في بلداننا العربية والإسلامية العدد ضعيف بسبب المشاكل التي عرضناها سابقا مثل ضعف التمويل، زد على دلك الثقافة السائدة أعني ثقافة الشركات الناشئة غير موجودة.
أحد الشباب في دولة عربية عرض على والديه فكرة إنشاء شركة ناشئة، وكان هدفه أن يساعدوه في الأمر، لكن للأسف نصحوه بترك الفكرة والتوجه للبحث عن وظيفة في القطاع الحكومي، هذه ثقافة مترسخة في بلداننا العربية على عكس ما هو موجود في الجامعة التي أشتغل فيها، كل من فيها من الطلبة هدفهم الأول هو تأسيس شركة ناشئة، ويعبرون عن ذلك صراحة وهم طلبة يدرسون في الجامعة، هدفهم تأسيس شركة ناشئة، لا تهمهم المخاطر أو النتائج وإذا لم يوفقوا هذه السنة سيعيدون الكرة السنة المقبلة ويعيدون الأمر أكثر من مرة، وترافقهم الفكرة حتى بعد تخرًجهم والواحد منهم يقول لك سأحاول عدة مرات انشاءها حتى وإن فشلت، فالقضية هنا أن Écosystème كله يدعم ثقافة إنشاء الشركات الناشئة، وهذا ما يفسر وجود هذا الكم الهائل من الشركات الناشئة والتي تظهر في كل سنة، نسبة كبيرة منها تنجح ونسبة بسيطة تصل الى هذه الأرقام التي تحدثنا عنها مثلا شركة watsup التي وصلت إلى 19 مليار، هي حالات نادرة لكن موجودة، فإذن هي قضية إحصاء، نحن في وطننا العربي والإسلامي مادام عندنا العدد ضئيل فيما يتعلق بالشركات الناشئة، وقليل من الشركات التي تنجح، أيضا نسبة الشركات التي ستصل إلى هذه الأرقام شبه منعدمة.
الحل في هذه الحالة أن يعالج Écosystème والشباب يجرب ويعيد، بمعنى يبادر ويعيد المحاولة عدة مرات ولا ييأس، وهذه هي ثقافة إنشاء الشركات الناشئة، وأن تكون وتيرة العمل سريعة بمعنى يحاول الشباب تأسيس شركة في شهر أو شهرين يجرب الفكرة يحاول أن يجد حل حقيقي لمشكل حقيقي على أن تضمن أن الناس مستعدة أن تدفع المال مقابل هذا الحل، لأنه هذا هو الأساس، وإذا لم توفق في ظرف المدة التي ذكرنا توقف الفكرة، وتجرب مرة أخرى وهكذا.
توصية من الدكتور رياض بغدادي المتخصص في علم التكنولوجيا والاتصالات، أي صاحب مشروع عنده فكرة يتوجه إلى حاضنات الأعمال ويقوم بتأسيس شركة ناشئة فهذا هو ما سيضعه على أول أبواب النجاح، بهذه المناسبة دكتور عمران توفر منصة حاضنة للأعمال الإلكترونية بإمكان أي شاب التوجه لهذه المنصة وأن يستفيد من خدماتها، كما أتمنى من الإخوة وضع رابط هذه المنصة ليتعرف عليها الشباب. منصة المشاريع
هل الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات مرتبط بالرياضيات والاحصاء؟ وكذلك هنا أحد الشباب يطلب منك نصيحة، هو يدرس إعلام آلي ويريد أن يحضر دكتوراه. ماهي النصائح التي يقدمها الدكتور رياض؟
الذكاء الاصطناعي فرع تابع للرياضيات والإحصاء، والإنسان حتى يكون متمكن من هذا المجال يجب أن يكون على مستوى جيد في الرياضيات وعلم الإحصاء وأيضا الاحتمالات هذا من جهة، ولكن على حسب رغبة الشخص هنا، اذا كان يريد استخدامه في أشياء لا تحتاج التعمق في تطوير تقنيات جديدة فهنا لا يطلب منه أن يكون ملم بكل علوم الإحصاء والإحتمالات، له أن يركز على التطبيقات، خصوصا أن قضية الذكاء الإصطناعي، الشخص له أن يطور تقنيات جديدة فيه، هذا جزء من العمل، لكن هناك جزء ثاني، مثل المزاوجة بين هذا المجال ومجال آخر، مثلا المزاوجة بين الطب والذكاء الاصطناعي، بين الصيدلة والذكاء الاصطناعي بين البيولوجيا والذكاء الاصطناعي، المحاماة والذكاء الاصطناعي الهندسة والذكاء الاصطناعي، في هذه الحالة الشخص دارس للطب أو الصيدلة أو بيولوجيا أو محاماة مثلا عليه أن يدرس أساسيات علوم الحاسب ويدرس أساسيات الذكاء الاصطناعي ومن خلال معرفته بالمجالين يمكن أن يخلق مجال جديد، في هذه الحالة ليس بالضرورة أن يكون ملم بكل علوم الرياضيات والجانب الإحصائي فيها، له أن يتعامل مع أشخاص متخصصين ضمن فريق، فهو تكون لديه فكرة شاملة ويتعاون مع أناس من ذوي الاختصاص في هذا المجال مثلا تعاون بين مختصين في البرمجة ومختصين في الذكاء الاصطناعي وهذا أمر ممكن.
في علم التكنولوجيا يتردد مصطلح الحوسبة السحابية التي تمثل أهم الموضوعات الساخنة في عالم التكنولوجيا اليوم، ترمز الى منصات رقمية وتوفر مساحات تخزين وقدرات معالجة يمكن الوصول إليها عن طريق الشبكات الالكترونية كالانترنت أو الشبكات الخاصة المشفرة، حدثنا عن هذا المصطلح.
فيما مضى كل شخص كان عنده نظام خاص به يستعمله في جهاز الحاسوب، مثلا في الصيدلية لدينا نظام خاص بإدارة الصيدلية موجود في الحاسوب الخاص، الآن فكرة الحوسبة السحابية تتمثل في أنه إلى جانب الجزء الموجود في الحاسوب الخاص بالصيدلية يوجد جزء ثاني في كلاود لحفظ البيانات بشكل احتياطي، بمعنى كل البيانات تكون محفوظة بشكل احتياطي في كلاود الذي هو مجموعة من serveurs وهي أجهزة كمبيوتر في الشركات المتخصصة التي يتم حفظ البيانات فيها بشكل احتياطي، في حالة ما إذا وقع مشكل ما أو خلل بجهاز الكمبيوتر الخاص بك، تبقى بياناتك محفوظة عند الشركة الأم، وهذا يمكنك في حالة ما إذا غيرت جهازك أو تعرض هذا الآخير للعطب بسبب أي مشكل من استرجاع البيانات من الشركة الأم.
مثلا شركة أمازون الآن لديها أكبر كلاود plate-forme في العالم وهي مستعملة بشكل كبير حتى المواقع التي يدخلها الملايين من المستعملين.
منصة التعليم اون لاين بالفيديو، هذه الفيديوهات تضعها في clawd serveuse حتى تتمكن الشركة من الاستجابة لملايين الطلبات التي تأتي دفعة واحدة في نفس الوقت، الأنظمة السحابية هذه أثبتت نجاحا كبيرا لمزاياها المتعددة والشركات حاليا تعمل على تطوير أنظمة جديدة في هذا المجال وهي مهمة جدا.
فاي شخص ينشئ شركة خاصة أو ناشئة في هذا المجال من السهولة عليه أن يحصل على دعم، خاصة إذا زاوج بين ... والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى الأمن المعلوماتي.
الأخ محمد الحمزاوي يسألك يقول: بعيدا عن الشركات وخصوصا الذكاء الاصطناعي، مرة كنت في جلسة بين مختصين في علوم التكنولوجيا وتحديثها، فسألوا عن إشكالية السيارات ذاتية القيادة التي شاهدناها منتشرة في السعودية وقطر ودول الخليج، والتي هي متقدمة على كثير من بلدان الشرق الأوسط في هذا المجال، طبعا مع وجود الحساسات لن يكون هناك لهذه السيارت حادثة سير لكن لو افترضنا أنها تسير وأمامها 5 أشخاص وشخص واحد على زاوية أخرى من الطريق فكيف سيكون سلوك هذه السيارة في هذه الحالة؟ ماهي الضوابط الأخلاقية للذكاء الاصطناعي؟
تخصصه يسمح له بالاجابة على هذا السؤال وحتى طريقته في الشرح وإيصال الفكرة جيدة ومميزة، والإجابة على هذا السؤال صعبة وهم ابتكروا طريقة إبداعية للإجابة على هذا السؤال، وضعوا نظام على الانترنت وطرحوا هذا السؤال على الملايين من مستخدمي الإنترنت ما الذي تختارونه في هذه الحالة؟
مثلا اذا سيارة تسير في الطريق أمامها 5 اشخاص وعلى يمينها شخص واحد فهل تكمل طريقها ويموت الخمسة أم تغير منحاها نحو اليمين ويموت الفرد الواحد، ثم درسوا ردود المتفاعلين مع السؤال بشكل إحصائي حيث اتبعوا طريقة إحصائية وخلصوا إلى أنه هذه هي الأخلاق التي يجب أن تتبعها الآلة، أي ما أجمع عليه أغلب المتفاعلين، وهذه فكرة جديدة لحل مثل هذه المشكل.
ما الذي سنخسره إن نحن بقينا متخلفين تكنولوجيا عن العالم في المستقبل القريب، ولن أقول البعيد لأنه عندما ذكرنا الثورة الصناعية الرابعة والخامسة صارت على الأبواب.
تكون أحوالنا صعبة بكل تأكيد إذا لم نواكب ونركب الموجة خصوصا أنه الآن توجد ثورة في العالم، إذا ألقيت نظرة على الشباب في الجامعات الأمريكية ستلاحظ أنه توجد ثورة في هذه الجامعات، وكيف هؤلاء الشباب يتوصلون إلى ابتكار تقنيات جديدة، مثال 40 بالمائة من مداخيل الولايات المتحدة الآن مبنية على الاكتشافات والابتكارات التي تمت في 40 سنة الماضية، مثلا الإنترنت لم تكن موجودة ولكن الآن صارت أسواق ضخمة مبنية عليها، شركات ضخمة مثل Google ،Facebook كلها مبنية على الانترنت.
الهواتف النقالة والذكية لم يكن لها وجود قبل 40 سنة وهي إبتكارات جديدة، فإذا كانت 40 بالمائة هي مداخيل واحدة من أكبر الدول في العالم مبنية على الابتكارات العلمية فنحن ماذا ننتظر.
أقول سنخسر الكثير، الاقتصاد القادم والتفوق في المستقبل كله مبني على التكنولوجيا، المشاكل التي تعاني منها الدول في العالم العربي والإسلامي جزء كبير منها سببه الضعف الكبير في التكنولوجيا، لأننا تخلفنا عن قطار التكنولوجيا، زد على هذا انخفاض أسعار البترول والذي لم يعد مصدر للثروة وهنا تصبح التنمية صعبة، تشييد البنى التحتية يصبح صعبا، فيصبح مع هذا الوضع كل شيئ معقد.
فحتى نضمن استمرار التنمية يلزمنا مصدر دخل كبير، والمصدر الوحيد المتاح الآن هو اقتصاد المعرفة هو التكنولوجيا، فهذا يخلصنا من التبعية للدول الأجنبية، يبني لنا اقتصاد مرتكز على المعرفة اقتصاد متنوع يضعنا في الريادة مجددا.
المهمة الآن في أيدي الشباب، نعلم أن ÉCOSYSTÈME كله فيه مشاكل ولكن على الأقل الإنسان يحاول قدر استطاعته، لأننا نملك فرص كبيرة في مجالات البيوتكنولوجي، الذكاء الاصطناعي، مجال الروبوتات، هذه كلها مجالات جديدة والأشخاص الذين يتقنون استعمالها والابتكار فيها ستسيطر على المستقبل بإذن الله.
الدول في أوروبا الشرقية فيها نقلة نوعية كل startup أصبح اون لاين الدولة كلها قائمة على اون لاين.
صحيح ودول مثل الصين استثمرت أموال ضخمة لتدعيم الذكاء الاصطناعي أصبحت الآن في موقع الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، أفضل الشركات، وأكثر وأفضل تمويل في العالم للذكاء الاصطناعي هو في الصين، والتمويل موجه من الدولة والخواص، وهذا معناه أن الصين إذا استمرت على هذه الوتيرة في هذا المجال خلال سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات القادمة فسوف تسيطر على الاقتصاد في العشرين أو الثلاثين سنة القادمة.
التكنولوجيا بشكل أو بآخر ساعدت الدول الضخمة بعدد سكانها واقتصادها على السيطرة على الأزمة الصحية التي مرت بها.
صحيح.
وهذا الأمر لا يمكن لأحد إنكاره.دعني أبشر الشباب، كنا قد قلنا أن 75 مليون فرصة عمل ستصبح في خبر كان، وستغيب عن هذا العالم، وستتغير بوجود التكنولوجيا وعالم الإتصالات الحديثة، لكن الإحصائية نفسها تتحدث عن 130 مليون فرصة عمل جديدة ستكون موجودة بحلول العام 2025، وهذه بشرى سارة.
ما هي طرق تسريع لغة البرمجة؟
هذا واحد من المشاريع التي نعمل عليها، وهي لغة البرمجة هيلاي، ولغات برمجة أخرى إسمها teramiso عدد كبير من الأنظمة والأجهزة مثل الهواتف النقالة أحببنا أن ندمج الذكاء الاصطناعي معها، الآن أنظمة الذكاء الاصطناعي تستهلك طاقة كبيرة وتحتاج قدرات حسابية فائقة لا يمكن وضعها في جهاز الهاتف النقال، فحتى نتمكن من استعمالها في الهواتف النقالة يجب تسريعها، فعوض أن تتم معالجة الصورة في 5 أجزاء من الثانية، فتصير في جزء واحد منها فقط، فنحن نعمل الآن على تطوير لغات برمجة خاصة، وهنا اقول هي لغات برمجة خاصة وليست عامة، المختصين في الذكاء الاصطناعي والمختصين في معالجة الصور يستعملون لغات البرمجة، لأن البرامج المنتجة بلغات البرمجة هذه تكون أسرع، مثلا البرامج المكتوبة بلغة الهيلاي أسرع مائة مرة من البرامج المكتوبة بلغات تقليدية مثل MATLA، فالمائة مرة هذه تحدث فرق كبير عندما نستعملها في الهاتف النقال أو كلاود أو في أجهزة أخرى.
ماهي القصة التي ألهمتك حتى اخترت هذا المجال؟ من هو الشخص الذي تتخذه قدوة والذي حفزك لتبدع أكثر في عالم التكنولوجيا؟
كل مرحلة في حياتي قابلت فيها شخص حفزني، في البداية كان أخي الذي علمني علوم الحاسوب أحييه سفيان البغدادي، وبعدها أستاذي ثم باحثين وأصحاب شركات، ففي كل مرة أرى نموذج أحاول أن أقتدي به وهكذا.
تحية لك دكتور ولأخيك ولكل الباحثين والأساتذة الذين علموك وجعلوا منك شخص متميز إن شاء الله تفيدنا مما تعلمته أنت وكل الشباب في الغرب الذين تلقوا تعليم أكاديمي عالي المستوى، وبهذه المناسبة أوجه دعوة لكل الشباب المتواجدين في الغربة بأن يساعدوا أبناء بلدهم فنحن بحاجة اليهم في هذه المرحلة، لنحطم الهوة القائمة والموجودة بيننا وبينهم في المجال التكنولوجي.
هناك مشاريع جيدة ونفتخر بها لكن مازال الأمر يحتاج الى جهود مضاعفة حتى نصل إلى باب المنافسة، وهو ما تقوم به الآن عمران حيث تجعل من نفسها بوصلة ومؤشر للعلوم التي نحن بالأساس متاخرين فيها بحيث تدفع الشباب ونوجه جهودهم للتقدم الحضاري الذي نريد أن نحتفل به في الأعوام القريبة القادمة.نصيحة للشباب الذي يريد بدأ شركة ناشئة، أنا أنقل عن الدكتور رياض بغدادي، أي شاب عنده فكرة مشروع تكنولوجي يقوم ب startup إن لم يكن هذه السنة فالسنة المقبلة إن شاء الله.
نعم طبعا إن شاء الله.
كل من يسأل عن علم البيانات أقول له النفط القادم هو اقتصاد المعرفة، اقتصاد التكنولوجيا. دكتور كلمة أخيرة توجهها للجمهور نختم بها هذه الجلسة المفيدة والناجحة.
بارك الله فيكم وفي عمران وكما قلت هذه المشاريع هي البوصلة التي تُكَوِنْ للناس فكرة عن ما يجب القيام به، بالإضافة إلى الشباب الذين لديهم قدرات كبيرة يجب استغلالها وكما قلت لك، الشباب العربي لديه إمكانيات ضخمة تفوق في كثير من الأحيان ماهو موجود في البلدان المتقدمة، الفرص موجودة فقط على الإنسان في العالم العربي والإسلامي أن يثق في نفسه ولا ينقص من قيمتها ويحاول أن يقدم أحسن ما عنده والأساس في كل هذا هو العلم والعمل، أن يتمكن من مجال ويتميز فيه مع كثرة العمل هذا هو المفتاح الأساس.