تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الحرية في دولة الإسلام القادمة

الحرية في دولة الإسلام القادمة..

مواصلةً مع السلسلة الفكريّة الماتعة (مستقبل الإسلام) الصادرة عن دار الإبداع الفكري للنشر والتوزيع، نستعرض الكتاب الثالث بعنوان (الحريّة في دولة الإسلام القادمة)، من تأليف الدكتور طارق السويدان، جاء الكتاب في مائة وأربع وثلاثين صفحة، مقسمة على ثلاثة أبواب، يُفصّل فيها مفهوم الحرية التي يحلمُ بها، تطبيقاتها في واقعنا، صورها وصفاتها، مُصحِّحًا المفاهيم المغلوطة الرائجة حولها.

  في المقدمة تأكيدٌ على ضرورة الفهم العميق للحريّة، وتحديدٌ للوضع الراهن الذي تمرّ به، في تمظهرٍ خادعٍ يدّعي اتصافًا بالديمقراطيّة، وهو في الحقيقة قيود مُكبلة للحريّة، تجعل من الشعوب تحت ربقة العبوديّة المقيتة.

"مفاهيمٌ ومنطلقاتٌ" أوّل بابٍ تناول فيه الكاتب "مفهوم الحريّة"، إذ تأمّل في تعريفاتٍ كثيرةٍ منها الفلسفي الجامد، والفضفاض غير المنضبط، وبعد دقّة النظر فيها، قدّم تعريفًا سويدانيًّا حصريًا دُون إطلاقه على عواهنه، إذ قيّده بشرطين أساسيين كضوابط ضروريّة لاستيفاء مفهوم الحريّة ومدلوله.

للإجابة عن السؤال " من يُحدِّد الأدب؟" يرافقنا الدكتور في جولة ممتعة في عقول العلماء والفلاسفة والمفكرين، ليخلُص نهايةً إلى المفاصلة بين المقبول واللا مقبول، وتحديد المنطقة الرماديّة بين الحسن والقبيح في ثلاثة قواعدٍ فاصلَة مُساعدة.

ثمّ يُمتّع القارئ مُجددًا في جولةٍ أخرى "على شاطئ الحريّة"، موضحًا موقعها في النهوض الحضاري وضوابطها، والمهالكُ الضاربة عند غيابها، لينتقل إلى تصوير الحرية الشاملة في كلّ المجالات، تصويرًا دقيقًا ونادرًا، موضحًا دور القادة في كسبها كأبطالٍ ورُوّاد للتغيير.

أجاب نهايةً على أسئلة "طريق الحريّة الشائك"، دُون أن ينسى تعداد أضرار الثورات وأسبابها، وفي اجتهادٍ هو الأوّل في سياقه، يُقدّم الدكتور جملةً من التوجيهات الهامّة عن كيفية الانتقال من الخريف إلى الربيع، من الثورة إلى مرحلة الدولة، واصفًا ما بينهما من تغوّل فلول الاستبداد وعدم الاستقرار.  

أما الباب الثاني "مبادئ الحريّة"، استنبط أربع حالاتٍ تنمو فيها الحريّة في منهجٍ علمي، وبعرضٍ تفصيلي حيث أفاض في شرح كلّ حالة مع تقديم  تعريفات سويدانيّة خاصّة. وأجاد في وصف "القيود على الحريّة" مُجيبًا على العديد من الأسئلة الفكريّة الشاغلة من قبيل: أيُهما أوْلى الحريّة أم تطبيق الشريعة؟

صاغ الكاتب "الشعار الأعلى للحريّة" واستدّل  بالقصص القرآني في أسلوب جماليّ جاذب للانتباه والأفهام، ثمّ انتقد الفهم المنقوص والكلام المعكوس عن الأصل والاستثناء في حريّة الإنسان.

بعد التعرّف على المفاهيم والمبادئ، يأتي الباب الثالث لتقديم الحريّة في "الصور المنشودة"، انطلق من خمس صورٍ في "الحريّات العامة"، واستدّل بالكثير من القصص الثريّة في تاريخنا المجيد، مُدعّمًا إياها بالإحصاءات والشواهد التي تجعل القارئ يقف موقف الذهول ممّا هو عليه واقع الحريّات العامّة اليوم.

أضاف خمس صورٍ منشودةٍ في "الحريات الشخصيّة"، أقرّها استنادًا على البيان القرآني، مُوجهًا القارئ إلى عدّة وصايا ذهبيّة من بينها العلوم التي يجدر تعلّمها وإتقانها، وفي استفاقةٍ واعيةٍ التمس الكاتب من علماء الفقه إعادة النظر في الكثير من القضايا لأنّنا "لسنا حديثي عهدٍ بجاهليةٍ أو شرك"!

أخيرًا خمس صور في "الحريات الاجتماعيّة والاقتصاديّة"، قدّمها في جملة من التوجيهات العمليّة المباشرة مع إضاءات قيمةٍ، واستدلالات عميقة من السيرة النبوية الشريفة.


 

الكتاب يقودك لمعرفة المعنى السامي للحريّة، تقرأ السطور برويّةٍ، ثمّ تستخلص بنفسك الحقيقة التي لا تتناقض وعقلكَ الحكيم، ولا تتعارض وشرعتك!

معرفةٌ نافعة للحريّة، فهي تقودك إلى المساهمة في بناء صرح حضارتنا الإسلاميّة القادمة من خلال تمثّلك لها وتطبيقها عمليًا في حياتك..