قيادة النفس
النجاح فطرة معطلة، وسبب تعطيلها عدم مقدرة أغلبنا على تحدي وتجاوز الصعوبات والتحديات والعقبات والمشاكل، جميعنا نعرف طريق الخير وطريق الشر ولكن في بعض الأحيان قد نسلك طريق الشر مع أننا نعرف عواقبه، على اعتقاد أننا نستطيع تفادي العواقب نتيجة غرورنا بقدراتنا وإمكانياتنا وذكائنا، بل من شدة الغرور (الغباء الأحمق) نعتقد أننا أشد ذكاء من الله فنغير الحقائق والمعطيات والقوانين والمبادئ والقيم نتيجة أمراضنا الصدرية أو شهواتنا الشيطانية أو عللنا العقلية، وكل ذلك يجعل النجاح فطرة معطلة.
النجاح يحتاج مهارات يجب أن نتقنها ونمارسها، مثل عدم خلق وابتكار الأعذار والمبررات للنفس عند ارتكاب الأخطاء، والتقليل من النقد والتذمر من الحياة ومن الآخرين، وأن نتعلم ونمارس مهارة (أنا مستقبلي والمسؤول عما يحدث لي) (أنا مسؤول عن مستقبلي وعما يحدث لي)، وعدم بناء نجاحي على مبدأ العمل على افشال الآخرين بل على العكس تماما بالمساعدة على نجاح الآخرين، وهناك مهارات كثيرة للنجاح يجب أن نتقنها، أما أهم المهارات قيادة النفس.
قال عليه الصلاة وأزكى السلام (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) وقال أيضا (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، هنا إشارات صريحة للصلاح والقوة تكمن في قيادة النفس وهي أهم مهارات النجاح، إذا أخفقنا في قيادة أنفسنا وأخفقنا في الالتزام بمنهاج النجاح من المعرفة والجد والجهد والمثابرة حتما لن نصل إلى نتائج متميزة، وسنبقى نلف حول الإخفاقات والنتائج المتدنية لنحتاج التلميع والمزيد من المطبلين الذين سيبدعون في إنتاج إيقاعات جديدة تطرب آذان النائمين.
قيادة النفس.. المفتاح السحري لكل نجاح نطلبه، لأنها مصدر تقديم التضحيات
حيث لا يوجد نجاح بدون تضحيات، قيادة النفس نحو الوسطية تعطينا الالتزام بالهدف وفي نفس الوقت الحلول السحرية لجميع العقبات والتحديات من أجل الخروج بأفضل الحلول للتحرك والتقدم نحو الأمام، الأشخاص الناجحون وأصحاب التميز فقط هم من يعرفون الفرق الكبير في الاتجاه والنتائج بين أن نقود ونسيطر على أنفسنا نحو أهدافنا وبين أن تسيطر علينا أنفسنا وتقودنا نحو أهدافها وميولها وشهواتها وسوئها، إذا أردنا التميز والنجاح علينا أن نستمتع بمهارة القيادة والسيطرة على أنفسنا نحو أهدافنا النبيلة لكي نستمتع بالرضى الداخلي ثم الإنجاز.
البعد الإضافي
الحقيقة التي نود الاتفاق عليها أن النجاح فطرة ولكن نحتاج إلى أن نتقن بعض المهارات التي تعزز فرص الفوز والتميز، نعم خلقنا للنجاح ولكن النجاح مشروط بالأخذ بالأسباب، ومن أهم مهارات النجاح قيادة النفس لأنها مصدر التحكم والسيطرة، وإذا لم ننجح في قيادة أنفسنا لن ننجح بتميز في أي شيء آخر، ولكن هناك مهارات أخرى أيضا يجب أن نتقنها مثل مهارة أنا مسؤول عن نفسي ومهارة التقليل من عادة التذمر والانتقاد وتبديلها بالحمد والشكر وخلق وصناعة الفرص للنجاح، واليوم سنحاول أن نغوص في مهارة جديدة لا تقل أهمية عن باقي المهارات.
مهارة استخدام الحواس بالطريقة الصحيحة، أو إيجاد بعد إضافي للحواس من أجل استثمار القدرات والامكانيات التي وهبنا إياها المولى بطريقة مثلى، وإذا تفكرنا في قوله تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّيُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) ١٧٩ سورة الأعراف ، سنعي أن للإبصار والسمع والعقول أبعاد إضافية وليس فقط الوظيفة الاعتيادية، وهو أن أسمع أو أرى وعلى سبيل المثال لفترة طويلة كنت أستخدم وظيفة السمع لكي أقوم بالرد على المتحدث ، فقبل أن ينهي كلامه يكون ردي جاهزا ، حتى اكتشفت أن البعد الاضافي للسمع هو الفهم وليس الرد، بعدها وجدت أن هناك فرقا كبيرا في الحياة وفِي ردات فعلي التي أصبحت أسيطر عليها بشكل أفضل.
إيجاد بعد إضافي للحواس هو ما يولد الحواس الإضافية لذلك نسمع عن الحاسة السادسة أو الحاسة السابعة أو سرعة البديهة.
الأبعاد الإضافية للحواس عبارة عن مهارات يمكن التدريب عليها وتطويرها، وأهم عنصر لتطويرها أن نجعلها مصادرا للتحليل والتفسير المنطقي للوصول إلى الحقائق المجردة، أما أهم عنصر لتدميرها هو إهمالها أو توظيفها كناقل لما نرى ونسمع كالببغاء والمصيبة الأعظم أن يوظف حواسنا أحد غيرنا لمصلحته.
إذا أوجدنا بعدا إضافيا لحواسنا سنكتشف أن فن الحديث وفن الاستماع لدينا تطور بشكل كبير، وسنجد أننا سوف نبتعد عن المجادلات العقيمة وسننزه أنفسنا عن الرد على بعض الأشخاص وسنرتقي بأنفسنا عن بعض الترهات والتفاهات ، وسنلجأ إلى اُسلوب طرح أكثر رقيا، وستكون نظرتنا للأمور المهمة أكثر عمقا، وسنعي أن سرعة البديهة ليست في سرعة الرد بالكلام فقط وإنما بحسن التصرف في المواقف الصعبة، سنكون أكثر اتزانا وأكثر بعدا في النظر وهو ما نحتاجه بشدة لِغَد أفضل وأكثر إشراقا، ومن أجل ذلك نحتاج أن نكون أذنا واعية، ولا مانع أن تقرأ هذا المقال أكثر من مرة لأنه للتعمق أكثر منه للقراءة.