لا يمر يوم واحد إلا ونشاهد أو نسمع عن مستجدات في الميدان التكنولوجي على مختلف الأصعدة سواء كانت اقتصادية، اجتماعية، طبية وصناعية وغيرها، فلقد أضحى الإبداع التكنولوجي الركيزة الأساسية لنمو الاقتصاديات وازدهارها، وتطوّر المؤسسات واستمرارها، ورغم أن العنصر البشري بعقله المتحدي للصعوبات، وبمعارفه العلمية والتكنولوجية، هو الذي يتوقف عليه سرعة التقدم التكنولوجي، إلا أن وجود ذلك العنصر لوحده غير كاف، فأينما تواجد هذا العنصر البشري فلا بد له من تسيير ومناخ ملائمين وإمكانيات مادية ومحفزات معنوية  تشجعه على العطاء والإبداع.    
 فالابتكار أو الإبداع التكنولوجي يعد من العوامل الرئيسية التي تحسن من القدرات التنافسية للدول فضلا عن كونه يشكل قاعدة الانطلاق لجهود التوليد الذاتي والمستدام للثروة، وتعمد الدول إلى توفير البيئة المواتية لتحفيز الابتكار من خلال الاستثمار في التعليم وتشجيع البحث العلمي، وإقامة مؤسسات الأبحاث ودعمها ماديا، وتشجيع الشركات على الاستثمار في مجالات الأبحاث  والتطوير والابتكار، وايجاد علاقات وطيدة بين المجتمع الأكاديمي ومجتمع الأعمال، وتطبيق أنظمة حقوق الملكية الفكرية بشكل صارم مع منح الجوائز للابتكارات وترويجها تجاريا، كما تقوم العديد من الدول المستضيفة لرؤوس الأموال الأجنبية بوضع الضوابط الضامنة لنقل التقنيات المتطورة وتوظيفها عبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

عن الجاهزية التكنولوجية:[1

في الاقتصاد المعولم اليوم، يتعاظم دور التكنولوجيا في الشركات، حتى تتمكن من المنافسة والازدهار. ويتضمن عمود الجاهزية التكنولوجية قياس سرعة اعتماد اقتصاد ما الوسائل التكنولوجية المتاحة لتعزيز الإنتاجية في الصناعة، مع تشديد خاص على قدرة هذا الاقتصاد على الاستفادة التامة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (Information and Communication Technologies ICT) في النشاط اليومي وخطوط الإنتاج، لتحسين الجدوى والقدرة على التجديد من أجل التنافسية.    
لقد تطوّرت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لتصبح “تكنولوجيا لكل الأغراض” في زمننا هذا، نظراً إلى امتداد فوائدها إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى، ودورها بصفتها بنية تحتية لتوسيع آفاق الصناعة. لذا فإن اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واستخدامها، يشكلان مفتاحاً أساسياً لبلوغ البلدان الجاهزية التكنولوجية الشاملة.
وسواء كانت هذه التكنولوجيا المستخدمة، من نتاج وطني أم أجنبي، فلا فرق في قدرتها على تعزيز الإنتاجية، والنقطة المركزية هي أن الشركات العاملة في بلاد ما، تحتاج إلى اعتماد منتجات أو تصاميم متطورة، وإلى القدرة على استيعابها واستخدامها. ومن المصادر الرئيسة للتكنولوجيا الأجنبية، يلعب الاستثمار الأجنبي المباشر عادة دوراً مركزياً، لا سيما في البلدان الأقل تقدماً في التطوّر التكنولوجي. ولا بد من الإشارة في هذا السياق، إلى أن التكنولوجيا المتاحة للشركات في بلد ما، تحتاج إلى أن تكون متقدمة على مستوى قدرة هذا البلد على الأبحاث العديمة التطور، وأن تطور تكنولوجيا متقدمة للتجديد الذي يوسّع آفاق المعرفة، لهذا نفصل بين الجاهزية التكنولوجية والتجديد.

ممّا لا شك فيه أن البلدان العربية ما زالت تحثّ الخطى (منذ بداية الألفية الجديدة) باتجاه ترسيخ أسس متينة ترتكز عليها البيئة المعلوماتية والاتصالية لمجتمعاتها.

بيد أن وجود فجوات معلوماتية مقيمة في كثير منها، مع محدودية الحضور الرقمي في فضاء الإنترنت، مازال يشكّل عقبة أمام بلوغ شطر منها مستويات جاهزية إلكترونية رصينة، وفق المعايير المعتمدة في الوقت الراهن، غير أن هذا الأمر لا يمكن أن يلغي حقيقة وجود قفزات نوعية على مستوى البنية التحتية والتطبيقات خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهي قفزات أثمرت تقدّما نوعيًّا لدى بلدان عدّة أخذت تتبوأ مكانة ذات مستوى مرموق عالمياً.
أما بالنسبة إلى حضور لغتنا الأم على مواقع الإنترنت، فإنه بدأ يتوسع بإتجاه مواقع متقدمة بحيث تتقدّم على حضور لغات عالمية، مثل الفرنسية والروسية والكورية، وحصّل نموا كبيرا في حجم الخطاب اللغوي العربي على الإنترنت بنسبة تفوق 25.1  بالمئة خلال الأعوام 2000-2010.

مدى الجاهزية التكنولوجية:

   ويتم قياسه بتسعة مؤشرات (منها مؤشرين مكررين من البنية التحتية)، وتشمل مدى توفر التكنولوجيا الحديثة بالسوق، ومدى استخدام الشركات للتكنولوجيا، والاستثمار الأجنبي الخارجي وعلاقته بالنقل التكنولوجي، ونسبة استخدام النت، وعدد المشتركين بخدمات النت، سرعة النت، وعدد المشتركين في خدمات المحمول، وعدد الخطوط الثابتة؛ وكلها معايير شاملة وموضوعية لقياس جاهزية الاقتصاد التكنولوجية.
 

الترتيب العالمي للدول 10 الأولى وفق معيار الجاهزية التكنولوجية:[2]

ترتيب الدول  العربية عربيا  وعالميا وفق معيار الجاهزية التكنولوجية:

أسماء الدول الامارات قطر السعودية البحرين الكويت عُمان الأردن المغرب الجزائر تونس مصر لبنان موريتانيا اليمن
ترتيبها عربيا 1 2 4 3 8 5 7 9 12 10 11 6 13 14
ترتيبها عالميا 25 34 44 31 68 59 67 82 98 85 94 64 132 136

 

 البحرين أنموذجا : 
منهجية إعداد إستراتيجية الحكومة البحرينية الإلكترونية: 

    اتبعت مملكة البحرين في وضع استراتيجيتها للحكومة الإلكترونية 2016 منهجية مكونة من ستّ مراحل رئيسية، وذلك بالإستناد إلى رؤية الحكومة الإلكترونية الجديدة. وتم التأكد من تضمين جميع الأبعاد والعوامل المتعلقة ببرنامج الحكومة الإلكترونية من خلال تطبيق إطار عمل متكامل، وقد تم تحديد أهداف طموحة وتصميم نموذج الحكومة الإلكترونية المستهدف ونموذج العمل التشغيلي لتنفيذ المشاريع الرئيسية وتحديد ما تتطلبه من تمويل وإمكانيات.

 

الامتيازات والنتائج المتحصل عليها : 

كشفت نتائج تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2016، عن ترتيب البحرين المتقدم وحفاظها على الصدارة للمرة الرابعة على التوالي منذ عام 2010، حيث حصلت على المركز الأول عربياً في جاهزية الحكومة الإلكترونية وتُصنف - للمرة الثانية على التوالي - ضمن الدول المتقدمة جداً في العالم في هذا المجال، وهو تصنيف تحصل عليه الدول التي حقّقت نسبة أعلى من 75 بالمائة من إجمالي مؤشرات التقرير التي تتجاوز 400 معيار، حيث حصلت على هذه النسبة 29 دولة فقط من إجمالي 193 دولة يغطيها التقرير.
وبيّن التقرير أن البحرين حصلت على الترتيب 24 في جاهزية الحكومة الإلكترونية على مستوى دول العالم، وحافظت على المركز الأول على مستوى المنطقة، تليها الإمارات العربية المتحدة (29)، ودولة الكويت (40)، والمملكة العربية السعودية   (44)، ودولة قطر (48) وسلطنة عمان (66)، علماً بأنه قد تم رفع مستوى المعايير في تقرير هذا العام، مما نتج عنه تأثر بعض الدول في ترتيبها العام.

في الختام :

يعتبر معيار الجاهزية التقنية من بين أهم المعايير التنافسية التي تحتاج أي دولة أن تلتزم بها للنجاح واحتلال مراكز متقدمة عالمية، كذلك الاستفادة من التحديثات الخاصة بها في مختلف المجالات ومنه تطوير نسق الأعمال ليواكب ويجاري تغيرات العصر..