إنّنا ما إن نسمع لفظ "الجمال" حتّى تتّجه عقولنا وأذهانُنا إلى صورة المرأة، فباتت عنوانًا لمعنى الجمال، في حين أن للجمال في المنظور الإسلامي مفهومًا أشمل بكثير وأعمق من مجرّد حصر الرؤية الجماليّة في شيءٍ مُحدّد. فكل ما حولنا جميل إذا ما رغبنا أن نراه فعلاً بأعين جميلة وفكرٍ نقي وسويّ. فهو لم يرتبط بشيء ملموس محدد، لم يرتبط بوجه المرأة أو جسدها أو شعرها أو لون بشرتها وقامتها، أو حتى بوسامة الرجل.
لكن وبالرغم من هذا القصور لدى العقل الإنساني عن وضع تعريفٍ محدد له، إلاّ أنه يقرّ بأنّه حقيقة واقعة في هذا العالم لا يمكن إنكارها، كحقيقة الوجود التي يقرّ بها العقل أيضًا رغم قصوره عن وضع تعريف محدد لها، ثمّ إن لكل إنسان رؤية وردود فعل حول الجمال كمفهوم، والجمال كانطباع، تجاه أشياءٍ ماديّة وروحيّة مختلفة يتذوق جمالها عقلياً، تترك في نفسه إحساسًا بالبهجة والارتباك والنشوة والدهشة.
يُمكنُ القول بأنّ موازين الجمالِ في التصور الإسلامي مبنيّة على ثلاثة أساساتٍ: قصدٌ تعبدي، وحكمة شرعيّة، ومتعةٌ نفسية. وهذه الموازين تُشكّل تفسيرًا لكل مظاهر الجمال ولكل ممارسة جماليّة، من جمال التعامل وجمال التصرُّف، وجمال الموقف، وجمال الخطاب، وجمال السلوك، وجمال العمل، وجمال النظام... فممّا لا شكّ فيه أنّ هُناك ارتباطًا وثيقًا بين الأخلاق والجمال، فهو يوجد في القلب والقالب، في الظاهر والباطن، في الخِلقة والخُلق وفي الأفعال. وهذا ما يتفق مع المفهوم الإسلامي للجمال.
وقد وردت لفظة (جميل) و(جمال) في عدّة آيات في القرآن، والتي انبثقت من وجدان الإنسان نفسه ورؤيته وبصره وبصيرته، أي أن هذا الكائن، الذي خلقه المولى، جعله يتحسس الجمال، حتى أصبح يشكله ويراه أينما أراد فعلا رؤيته.
 ومن الآيات التي ورد الجمال فيها، وأحالت على ذلك، قوله سبحانه وتعالى: "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ" [يوسف: 18]، "فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ" [الحجر: 85]، "فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا" [الأحزاب: 28]، "وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا" [المزمل: 10].
والفرق في الجمالية من مفهومَيْها الغربي والإسلامي كالفرق بين الطبيعة والتمثال، أو بين الحقيقة والخيال، إذ لم تكن الصورة التي يبدعها المسلم ثابتة قارة في متحف (اللوفر)، بل حيةً يشكلها بإبداعه اليومي بين ركوع وسجود، وطواف وسعي، أو بين صوم وتبتل، وانقطاع يصله كليًّا بالملأ الأعلى... وإذا ما نقصَ شيئًا منها، عاد المرء خطواتٍ إلى الوراء بعدما كان يهرول باحثًا عن الكمال، وتشوّهت معالمُ الجمال فيه. 
فجمال كل شيء وحسنه هو أن يحضر كماله اللائق به، الممكن له، فإذا كانت جميع كمالاته الممكنة حاضرة فهو في غاية الجمال، وإن كان الحاضر بعضها فله من الحسن والجمال بقدر ما حضر، ويُسمى كون الشيء على خلاف هذا الوصف بالسوء والمساءة والقبح على اختلاف الاعتبارات الملحوظة. 
هذه الرؤية العميقة لمفهوم الجمال في الفكر الإسلامي، تحثنا على الانعتاق من قيود اجتماعية سائدة تحصر الجمال في رؤية ضيقة، وأفكار سلبية متوارثة مفادها أن الجمال يقتصر على الشكل الظاهر، في حين أن الجمال هو حسي، يرتبط بوجدان المرء، الذي من شأنه أن يميز بين الخبيث والطيب.
فالجمال ليس إحساسًا باللذة الحسيّة الأرضيّة فحسب، وإنّما هو إحساس صاعد نحو الأعلى، وإنّ توقف هذه الحركة الارتقائية والاقتصار في المفهوم الجمالي على اللذة الحسية، يؤدي إلى انعدام التوازن والانسجام وينتهي إلى الخطيئة والقبح، وما دامَ العالم مفتقرًا في وجوده لذلك الوجود المطلق، فهو مفتقر -كذلك- في جماله لذلك الجمال المطلق ولا يمكن الفصل بين الوجود والجمال في صدورهما عن المطلق، بل هما حقيقة واحدة، تجلت فيها صفات الخالق من الحق والخير والجمال. وليس الجمال في التصور الإسلامي منفصلاً عن المنفعة، بل هناك ارتباط وثيق بين جمال الأشياء ووظائفها المحققة للانتفاع بها فلا ينفصل الجمال عن المنفعة في حال من الأحوال وهذه هي واقعية الإسلام المعهودة في جميع تصوراته عن الكون والإنسان والحياة.