إن نظام الأوفشور أو ما شاعت تسميته بالتسهيلات المصرفية لا يخلو عن كونه عبارة عن مراكز مالية مبتكرة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وهي منتشرة في أنحاء العالم.
وحتى نتمكن من إعطاء مفهوم شامل لنظام الأوفشور سوف نتطرق لتعريف وتطور نظام الأوفشور.وأهداف نظام الأوفشور وأهم أسواقه. إيجابيات وسلبيات نظام الأوفشور.

1-  تعريف نظام الأوفشور وتطوره :
أ-  تعريف نظام الأوفشور:
 

الأوفشور (Off shore) هو مصطلح يتعلق بمجال الضرائب. ما سمي بمناطق الأوفشور هي مناطق أو دول تتراكم فيها رؤوس الأموال الأجنبية نظرا لإعفاءات وشروط ضريبية خاصة في تلك المناطق.
وتعني عبارة «أوف شور» لغوياً «عبر الشاطئ»، أو «من الداخل إلى الخارج». وهي تشير إلى تمركز الشركة في بلد معين، في حين أنها تنفذ أعمالاً في بلد آخر يخضع لسيادة دولة أخرى. من الناحية القانونية، يُقصد بشركة الـ«أوف شور»، أو الشركة المحصور نشاطها خارج الحدود، الشركة التي تنفذ أعمالاً في بلد معين، ويكون مركزها الرئيسي في بلد آخر وخاضعاً لسيادة دولة أخرى، بحيث يتمحور المركز الرئيسي بشكل شركة أم تتولى التفاوض وابرام العقود وإجراء الدراسات وإعطاء التوجيهات اللازمة لشركة تابعة لها، تتولى في البلد الآخر تطبيق وتنفيذ تلك الدراسات والتوجيهات.
ويعرف قاموس اكسفورد للتمويل والبنوك، بنوك الأوفشور بأنها ممارسة تقديم الخدمات المالية في مواقع تجذب الزبائن غير المقيمين إليها نتيجة انخفاض الضرائب، هذا يعني أن الفرق الأساسي بين البنوك التقليدية وبنوك الأوفشور هو أن خدمات الأخيرة هي عادة لا تكون لمواطني البلد الذي تعمل فيه.
ب- تطور نظام الأوفشور:
إن نظام الأوفشور أو ما شاعت تسميته بالتسهيلات المصرفية الدولية هو ابتكار أمريكي محض، سمح بموجبه للمصارف الأمريكية في الداخل أو الخارج بإنشاء مناطق مالية حرة للتعامل في نطاقها.ودخلت هذه الفكرة حيز التنفيذ في بداية العقد الثامن من القرن العشرين. وتهدف بالدرجة الأولى إلى استعادة جزء من الدولارات الأمريكية المسربة إلى الخارج، وإعادة توطينها في أمريكا عن طريق إعفاء البعض منها من الضرائب والقيود في حالة بقائها ضمن المناطق المالية الحرة.
وإثر الإعلان عن التشريعات المالية المصرفية الصارمة خلال فترة الستينات والسبعينات مثل متطلبات الاحتياطي القانوني وتحديد معدلات الفائدة وفرض قيود على التعامل ببعض المنتجات المالية، والرقابة على رأس المال، وإجراءات الإفصاح المالي الجديد قامت المصارف الأمريكية والمؤسسات المالية التابعة لها بإقامة مثل هذه المناطق الحرة (أسواق العملات) في أنحاء مختلفة من العالم، وخاصة في أوروبا وفي الشرقين الأوسط والأقصى ولعل أكثر هذه المراكز نشاطا هي تلك التي أنشأت في جزر الكاريبي والبحرين.
وأشارت التقديرات إلى أن حجم عملياتها يبلغ نحو 1500 مليار دولار سنويا والجدير بالملاحظة أن أهم مصادر تمويل نظام الأوفشور هي أسواق العملات الدولية، و بالدرجة الأولى سوق اليورو دولار وخصوصا بعد زيادة العائدات النفطية عام 1974-1975 وعام 1979 ونشوء ما سمي بالدولارات النفطية(البترو دولار) والتي تمثل هي الأخرى نوعا آخرا من الدولارات التي تقع خارج دائرة التأثير الفعلي للولايات المتحدة الأمريكية.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد عام 1996 حصلت هناك زيادة كبيرة في التعامل بالحسابات المصرفية بغير الدولار، مما شجع على التوسع في إنشاء بنوك الأوفشور.
أما في ما يتعلق بظهور بنوك الأوفشور في قارة آسيا فقد بدأت نشاطاتها بعد عام 1968، عندما انطلقت في سنغافورة سوق الدولار الآسيوي, وإصدار الوحدات النقدية الآسيوية، وقد تم إنشاء سوق الدولار الآسيوي ليكون بديلا لسوق لندن لليورو دولار للاستثمار في الفائض النفطي في كل من اندونيسيا وماليزيا.
أما في أوروبا فكانت البداية من خلال جذب المستثمرين إلى لوكسمبورغ من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا في بداية السبعينات في القرن الماضي نتيجة انخفاض الضرائب على الدخول، والعمل بقاعدة السرية المصرفية, ونتيجة لذلك ارتفعت قيمة الأصول لهؤلاء المستثمرين بمعدل 8% سنويا للفترة من 1987-1997، أما في الشرق الأوسط فكانت البداية في دولة البحرين لتلعب دور مركز التحصيل للفائض للمنطقة خلال منتصف السبعينات بعد إصدار التشريعات المصرفية المناسبة وتقديم التسهيلات الضريبة التي قادت إلى إنشاء بنوك الأوفشور، وفي الوقت الحاضر هناك ما يزيد على 500 بنك أوفشور منتشرة في مختلف أنحاء العالم.(1)

2- أهداف نظام الأوفشور وأهم أسواقه :
أ- أهداف نظام الأوفشور:

تهدف بالدرجة الأولى إلى استعادة جزء من الدولارات الأمريكية المتسربة إلى الخارج وإعادة توطينها داخل الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق إعفاء البعض منها من الضرائب والقيود في حالة بقائها ضمن المناطق المالية الحرة، لكن الهدف الخفي من وراء هذه الخطوة أو النظام الجديد هو إحكام الهيمنة الأمريكية على النظام النقدي العالمي، عن طريق إخضاع الدولارات التي تجوب أنحاء العالم إلى سيطرتها وتوجيهها وفقا للسياسات التي تؤمن المصالح الأمريكية، وربما أحيانا إشاعة حالات الارتباك والفوضى في الأسواق المالية والعالمية، وتهديد الأنظمة الأوروبية الحليفة.

ب- أهم أسواق الأوفشور:

ب-1- سوق اليورودولار: يعتبر جزءا هاما من أسواق الأوفشور والتي تعتبر مراكز مالية عالمية توجد في أماكن عديدة لا تخضع لقوانين أي بلد وليست مجبرة للخضوع لأية قوانين حكومية.
ب-2- جزر البهاما: أصدرت السلطات النقدية نوعين من التراخيص يدعى الأول العمل المباشر وهذا النوع يتطلب تواجد فعلي للوحدات.
والثاني يدعى العمل غير المباشر وهو لا يتطلب تواجد فعلي للوحدة في جزر البهاما، ولكن تم التسجيل فقط لدى الشركات النقدية بموجب بعض السندات.
هذا بالإضافة إلى المراكز المالية الموجودة في سنغافورة والبحرين بالإضافة إلى أسواق أخرى توجد بكل من لوكسمبورغ، قبرص، كيمان ...إلخ.

وهنا صورة توضح أهم مناطق شركات الأوفشور

المناطق الجغرافية لشركات الأوفشور.gif

3- ايجابيات وسلبيات نظام الأوفشور :
أ- الإيجابيات:

بشكل عام يمكن القول أن من المبررات الأساسية التي تدفع الدول إلى الموافقة على إنشاء بنوك الأوفشور هو حرية الدخول إلى أسواق رأس المال الدولية.
- جذب المهارات والخبرات الأجنبية المطلوبة.
- إدخال عنصر المنافسة الجديدة إلى النظام المالي المحلي ولو انها تساعد في نفس الوقت على توفير الحماية للمؤسسات المحلية.
- بعض الدول تطمح إلى تحقيق الاستفادة من الأنشطة المربحة التي يتم تمويلها من قبل بنوك الأوفشور وخلق فرص عمل جديدة لأبناء البلد.
 وتشترك جميع بنوك الأوفشور بوجود العناصر التالية:
1.     انخفاض الضرائب أو عدم وجودها.
2.     الخدمات المقدمة هي بشكل أساسي للزبائن من غير المقيمين.
3.     هناك شرط توفر وسائل الاتصال المتقدمة والخدمات المصرفية المتطورة.
4.     نظام قانوني يدعم المحافظة على السرية المصرفية.
5.     درجة عالية من الاستقرار السياسي، فلا يوجد هناك مستثمر يرغب بالاستثمار في عملة بلد لا يستطيع توفير الحماية والأمان لعملته بما يضمن حقوق المستثمرين.
6.     التركز في بلدان صغيرة ذات موارد طبيعية محدودة.

ب- السلبيات:

بالإضافة إلى وجود ايجابيات لبنوك الأوفشور توجد هناك سلبيات لها وتتمثل في:
1.     إن بنوك الأوفشور تعمل على تزويد الأفراد والشركات بوسائل يمكن من خلالها تجنب دفع الضرائب بشكل متعمد، ومن المعروف أن دفع الضرائب يمثل التزام قانوني تجاه الدولة، وبالطبع فإن تقليص حجم الضرائب المدفوعة إلى الدولة سوف يؤدي إلى إضعاف قدرتها على تقديم المزيد من الخدمات.
2.     إن خاصية سرية العمل المصرفي ومرونة القوانين والأنظمة التي تعمل بموجبها بنوك الأوفشور سوف تسمح بجذب المزيد من الأموال المتأتية من ممارسة نشاطات عالمية محرمة, فعلى سبيل المثال هناك تزايد ملحوظ في عدد هذا النوع من البنوك في انتجو وبربود (هي مراكز مالية للأوفشور) التي تشتهر بغسيل الأموال حسب ما ورد في أحد تقارير الحكومة الأمريكية في عام 1997، وقد ثبت ارتباط العديد من هذه البنوك مع بنوك أوفشور في روسيا وبلدان أخرى.
3.     إن صفة الالتفاف على القوانين والأنظمة التي تعمل بموجبها بنوك الأوفشور جعلت من نشاطات وسمعة هذه البنوك موضع شك وتساؤل مستمر مما يقود البعض إلى الاعتقاد أنه لن تكون هناك عملية انتشار وقبول واسع لهذه البنوك، كما هو الحال بالنسبة للبنوك الاعتيادية.
وفي دراسة لصندوق النقد الدولي عام 1999 قام بها كل من أريكو ومواسالي أشارت إلى تراجع دور بنوك الأوفشور بانخفاض قيمة الأصول بين الحدود، ورغم هذه النظرة التشاؤمية حول مستقبل بنوك الأوفشور هناك من يدافع عن بعض هذه البنوك باعتبارها أصبحت معروفة وتدار بشكل جيد مثل تلك الموجودة في سويسرا، لوكسمبورغ، البهاماس، سنغافورة، هونغ كونغ.(2)
ومن أكبر فضائح بنوك الأوفشور تحقيقات أستراليا ونيوزيلندا في التهرب من الضرائب أو ما يعرف "أوراق بنما" سنة 2016.

فما هي وثائق بنما:
 

 نشرت الوثائق بتاريخ 3 أبريل 2016 حيث تحتوي على 11.5 مليون وثيقة أعطيت من قبل مصدر مجهول إلى الصحيفة الألمانية زود دويتشي تسايتونج، والتي شاركتها مع الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين. وزعت الوثائق على 107 مؤسسة صحفية في 78 دولة وحللت من قبلها.

IMG_20190421_205646.jpg
       وهي وثائق سرية لشركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية في بنما التي تملك منظومة مصرفية تجعلها ملاذاً ضريبياً مغرياً، كشف تسرب تلك الوثائق وعبر عمل صحفي إستقصائي أن الشركة تقدم خدمات تتعلق بالحسابات الخارجية لرؤوس الدول وشخصيات عامة وسياسية أخرى، بالإضافة إلى أشخاص بارزين في الأعمال والشؤون المالية والرياضية. يُزعم أن مكتب موساك فونسيكا ساعد رؤساء دول وشخصيات بارزة أخرى في التهرب الضريبي بإنشاء ملاجئ ضريبية غير قانونية في الأغلب.هو تحقيق واسع في تعاملات مالية خارجية لعدد من الأثرياء والمشاهير والشخصيات النافذة حول العالم، أزاح الستار عن وثائق سرية حصلت عليها صحيفة زود دويتشي تسايتونج الألمانية من مصدر مجهول، وتعود لشركة موساك فونيسكا، الرائدة في مجال الخدمات القانونية على مستوى العالم، ومقرّها في بنما.
التحقيق أشرف عليه اتحاد دولي يضم أكثر من 100 مؤسسة صحفية، بعد أن حصل على الوثائق من الصحيفة الألمانية.حيث تم توزيع الوثائق على 370 صحفياً من أكثر من 70 بلداً، من أجل التحقيق فيها، في عمل استمر نحو عام كامل. تاريخها يرجع إلى ما يقرُب من 40 عامًا. تتضمّن معلومات حول أكثر من 214 ألف شركة خارجية. كما أن الوثائق لها صلة بأشخاص في أكثر من 200 بلدًا وإقليمًا وضمت 33 من الشخصيات والشركات الذين تضعهم أمريكا في اللائحة السوداء.
  كما كشفت عن تورط 143 سياسيا بأعمال غير قانونية مثل التهرب الضريبي، وتبييض أموال عبر شركات عابرة للحدود، بينهم 12 من قادة العالم الحاليين والسابقين، و تضم مستندات توثّق تحويلات بنكيّة سرية مع شركات وهمية بقيمة 2 مليار دولار. الوثائق 

4- الرقابة على أعمال بنوك الأوفشور:

إن الحرية المتاحة لبنوك الأوفشور لا تعني أنها تعمل بحرية مطلقة دون رقابة على نشاطاتها, ففي عام 1975 كانت هناك أول محاولة للتفتيش والرقابة على عمل الأنشطة الدولية للبنوك بموجب اتفاقية بازل، وفي عام 1992 تم إصدار ما يسمى بالحد الأدنى للمعايير للرقابة على المجموعات المصرفية الدولية ومؤسسات عبر الحدود (الأوفشور) التابعة لها من قبل لجنة بازل، وفي عام 1996 صدر تقرير أطلق عليه تقرير 1996 حول الرقابة على الأنشطة المصرفية عبر الحدود تمت المصادقة عليه من قبل مراقبي البنوك من140 دولة، حيث تم تشكيل مجموعة عمل تضمنت أعضاء لجنة بازل ومجموعة مراقبي البنوك حيث قاموا بإعداد التقرير المذكور والذي تضمن 29 توصية تعالج العديد من المشاكل العلمية المرتبطة بتنظيم عمل بنوك الأوفشور, وتم تقسيم التقرير إلى قسمين:
القسم الأول: ركز على الوسائل التي يتمكن من خلالها مشرفو البلد المعين الحصول على المعلومات التي يحتاجونها للقيام بالرقابة الفعالة على نشاطات بنوك الأوفشور.
القسم الثاني: ركز على الحاجة إلى القيام بالرقابة الفعالة على جميع العمليات المصرفية لبنوك الأوفشور.


لكن رغم هذا هناك خسائر باهضة بسبب مناطق الأوفشور :
قدرت شبكة العدالة الضريبية حجم الثروات النازحة إلى 80 منطقة أوفشور بنحو 32 ترليون دولار، فيما قدر تقرير مؤتمر التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة (أونتكاد) لعام 2014، أن ما يتراوح بين 8 و15% من صافي الثروات المالية للدول النامية، يتم الاحتفاظ به في دول الملاذ الضريبي . وجراء تلك الأساليب الخفية، تخسر البلدان النامية 160 مليار دولار سنوياً. 
وحسب التقرير الصادر لعام 2013 عن مؤشر "فايننشال سيكرسي إندكس"، فإن الثروات الخاصة المودعة في مراكز "أوفشور"، ولا تخضع لضرائب أو تُجبى منها ضرائب ضئيلة، تتراوح بين 21 إلى 23 مليار دولار. ووفقاً لتقرير نشرته "فايننشال سيكرسي إندكس"، فإن الأموال غير الشرعية التي تتكون من أموال الجريمة والمخدرات والعصابات والساسة الفاسدين، التي تتحرك بين الدول سنوياً، تقدر بنحو 1.5 ترليون دولار. 

مطالب بالتصدي :

يقترح مختصون، من بينهم مدير مركز موسكو للدراسات الصناعية، فلاديسيف إنيزوميتسيف، إلغاء مراكز "الأوفشور" وإنشاء وكالة تقييم دولية للفساد في دول العالم المختلفة، وحرمان مواطني الدول الفاسدة من فتح حسابات في المصارف الغربية، حتى يتمكن العالم بكفاءة من محاربة أموال الرشوة والفساد وسرقة أموال شعوب العالم النامي. 
ويقول إنيزوميتسيف إن إلغاء مراكز "الأوفشور" سيحرم رجال السياسة وكبار المديرين في الدول النامية من تحويلات أموال الرشوة والتسهيلات والعقود التجارية، إلى حسابات لا يتم تدقيقها أو رقابتها في مصارف هذه المراكز.

دبي تسمح بتأسيس شركات الأوفشور:
 

أعلنت حكومة دبي يوم الأربعاء 14 ماي2003 عن السماح للمستثمرين الدوليين بتأسيس شركات خارجية «اوفشور» في المنطقة الحرة لجبل علي في مجالات الخدمات والتجارة واستثناء النشاطات المصرفية والتأمينية أو النشاطات التي تحظرها السلطات الاماراتية من حين لآخر. وكشف سلطان أحمد بن سليم الرئيس التنفيذي لمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة، النقاب عن إصدار سلطة المنطقة الحرة للوائح شركات الأوفشور على ضوء معيار دولي حديث للنظام القانوني للشركات تقوم السلطة بموجبه بتسجيل شركات الأوفشور على غرار المراكز التقليدية مثل جيرسي والجزر العذراء البريطانية. وبموجب اللوائح المذكورة، يسمح لشخص أو أكثر بتأسيس شركة أوفشور ذات مسؤولية محدودة على ألا تمارس نشاطها ضمن دولة الإمارات العربية المتحدة إلا إذا حصلت على ترخيص لهذا الغرض من السلطات المختصة، ولا يحق لها كذلك ممارسة الأعمال المصرفية أو التأمين أو ممارسة أي نوع من العمل قد تحظره السلطات المختصة من آن لآخر.
وأوضح ابن سليم في تصريحات للصحافيين بأن اللوائح تتطلب بأن يكون لكل شركة مديرون على الأقل وفئة واحدة من الأسهم (متساوية القيمة). وعلى كل شركة أن تعقد اجتماعاً واحداً في العام على الأقل وأن تصدر بيانا ماليا يدقق من قبل مدقق حسابات معتمد ويودع لدى مسجل الشركات. إضافة لذلك يجب على كل شركة أن تحتفظ بمكتب مسجل في المنطقة الحرة بجبل علي أو عبر وكيل قانوني يتم الموافقة عليه من قبل سلطة المنطقة الحرة لجبل علي.
وأكد ابن سليم أن الهدف من السماح بتأسيس شركات الأفشور في المنطقة الحرة بجبل علي هو توفير مزيدا من التسهيلات للمستثمرين المحليين والأجانب في إطار تقديم خدمات متكاملة تتيح لهم تنفيذ أعمالهم الخارجية. وأضاف أن هناك العديد من الشركات الكبرى والمتوسطة ترغب في الدخول في مشاريع خارجية ولكن في مجالات محددة لفروع أعمالها ولا ترغب في أن تعمل من مقرات شركتها الرئيسية حيث ستتيح شركات الأوفشور الجديدة تنفيذ مثل هذه المشاريع مشيرا في هذا الصدد إلى الفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة في العراق. وقال إن تراخيص شركات الأوفشور ستغطي الأعمال التجارية والخدمية التقليدية ولن تشمل الأعمال المصرفية او المالية أو التأمينية التي تتطلب موافقة السلطات المالية في دولة الإمارات.

5- الفرق بين نظام الأوفشور والمناطق الحرة:

أولا علينا تعريف المناطق الحرة ومن خلاله نستطيع فهم الاختلاف بين المناطق الحرة ونظام الأوفشور. 

تعريف المناطق الحرة:

إن المناطق الحرة ليست بالجديدة ففي عام 1189 تم إنشاء أحد أهم أقدم الموانيء الحرة و ذلك في مدينة هامبورج الذي أعفي فيه التجار من الرسوم الجمركية و الضرائب ، و تطورت الفكرة بعد ذلك في القرون الوسطى عندما قامت بعض الدول الأوروبية بمنح بعض الإمتيازات و التسهيلات التجارية بهدف تنشيط التجار في بعض الموانئ الساحلية ، كما تطورت فكرة ميناء الحر في مدينة هامبروغ عام 1888 لتواكب توسع الحركة التجارية في تلك الفترة، و تمتعت موانئ أخرى بنفس المزايا في نابولي، فينسيا، مرسيليا، تريشا، كوبنهاجن... 
و قد انتقلت بعد ذلك هذه الفكرة في فترات لاحقة من الدول الأوروبية الاستعمارية إلى المستعمرات التي كانت تحتلها،حيث أقيمت العديد من المناطق الحرة في المناطق الحرة في مناطق مختلفة من دول العالم، كجبل طارق عام 1704 و سنغافورة سنة 1819 وهونج كونج سنة 1842، وقد حققت هذه المناطق نجاحات لم تحققها حتى المناطق الحرة التي كانت موجودة في الدول الاستعمارية نفسها. 
 وفي القرن العشرين و بفقدان الدول الاستعمارية معظم مصالحها باستقلال الدول التي كانت تحت احتلالها و التي كانت تشكل مصادر رئيسية لها من المواد الخام الأولية و في نفس الوقت كانت تمثل اسواقا رائجة لمنتجاتها المختلفة، و نظرا لدخول عدد من الدول المستقلة في نزاعات و اتجاهات أيديولوجية سياسية و اقتصادية كان لها انعكاسات سلبية على مجتمعاتها و اقتصادتها يضاف لذلك افتقاد معظم هذه الدول لقاعدة صناعية و تكنولوجية متطورة . كل هذا دفع بالدول المتقدمة و النامية على السواء للسعي لجذب رؤوس أموال أجنبية للاسثمار في مجالات متعددة تتحقق معها أهداف مختلفة تسهم في دعم اقتصادتها و الدفع بعجل التنمية فيها. و من هنا تطورت فكرة المناطق الحرة إلى مناطق حرة تهدف إلى تصدير منتجات يتم تخزينها أو تصييعها فيها، و تمركزت تلك المواقع الرئيسية لخطوط التجارة الدولية و قد عزز من هذا التوجه توافق مصالح الدول المتقدمة و النامية للإستفادة من مزايا الإقتصادية المترتبة على هذه المناطق . 

و لذا كانت المنطقة الحرة بشانون " Shannon " المتواجدة في غرب إيرلندا هي أول منطقة حرة لتجهيز الصادرات و التي أنشئت عام 1959 تلاها في فترات زمنية متلاحقة إقامة مناطق حرة في بورتويكو عام 1962 و في الهند عام 1965 وتايوان و الفلبين و الدومينك و المكسيك و بنما و البرازيل..الخ 
أ-المفهوم القانوني للمنطقة الحرة 
برجوعنا إلى غالبية التشريعات المنظمة للمناطق الحرة وبالخصوص في الدول العربية منها، نجد أنها لم تول اهتماما بالغا لتعريف هذه المناطق، وتبقى أهم التعاريف القانونية للمناطق الحرة تلك المنصوص عليها في قانون مؤسسة المناطق الحرة الأردني رقم 32 الصادر سنة 1984 والذي جاء فيه ما يلي: "المناطق الحرة هي جزء من أراضي المملكة محددة ومسورة بحاجز فاصل توضع فيه البضائع لغايات التخزين والتصنيع مع تعليق استيفاء جميع الضرائب والرسوم المترتبة عليها، وتعتبر هذه البضائع وكأنها خارج المملكة" .
وكذا قانون رقم 10 لسنة 1997 المتعلق بالمدن الصناعية والمناطق الصناعية الحرة والصادر عن السلطة الفسلطينية الذي عرف المناطق الحرة بأنها: 
"منطقة محددة جغرافيا تنشأ بموجب هذا القانون وتخصص لخدمة مستفيد واحد أو أكثر وذلك لتنفيذ نشاطات تصديرية ويكون لها أحكام خاصة للجمارك والضرائب يكلفها هذا القانون" .
وبعد استعراضنا للتعاريف التي وردت في التشريعات ننتقل إلى جهة أخرى فنجد أن الاتفاقيات الدولية هي الأخرى تطرقت إلى تعريف المناطق الحرة خاصة اتفاقية كيوتو المنعقدة برعاية منظمة الجمارك العالمية، حيث عرفت هذه المناطق بأنها: "جزء من الإقليم أو الدولة تعتبر السلع المنتجة فيه أو المقدمة، خارج المنطقة الجمركية وغير خاضعة للرسوم والضوابط الجمركية وهي على نوعين مناطق حرة تجارية تخزن فيها البضائع بصورة رئيسية دون أن يتم تصنيفها أو معالجتها قبل تصديرها، والنوع الثاني مناطق حرة صناعية حيث يجري فيها تصنيع السلع لأغراض التصدير .
وتأسيسا على ما تم تسطيره أعلاه يظهر جليا بأن جل التشريعات بل حتى الاتفاقيات الدولية تسير في نفس المنحى فيما يخص مفهوم المناطق الحرة، حيث يوجد شبه إجماع على اعتبارها مساحة جغرافية من إقليم الدولة المضيفة وتخضع لسيادتها الكاملة، وهي غالبا ما يتم تحديدها على المنافذ البرية أو البحرية أو الجوية للدولة أو بجوارها، وتخضع الأنشطة الاستثمارية فيها لقواعد قانونية واقتصادية وإجرائية خاصة، تكون الغاية منها جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية وخلق فرص الشغل وكذا تشجيع الصادرات.
بينما شركة الأوفشور هي شركة مسجلة في بلد لا يكون المالك مقيما فيه. لكن وبخلاف فروع المؤسسات الدولية، فإن شركات الاوفشور لا تمارس أي نشاط اقتصادي في البلد الذي تتخذه مقرا لها. ومن أجل تأسيس شركة أوفشور، فإن "الأمر يمكن أن يكون بسيطا جدا، كما يمكن أن يكون معقدا جدا"، بحسب ما أوضح لوكالة فرانس برس ايريك فيرنييه الباحث في معهد العلاقات الدولية (ايريس) ومؤلف كتاب "التهرب الضريبي والملاذات الضريبية". ويمكن أن يتم ذلك من خلال مكاتب محاماة متخصصة بعضها له شهرة عالمية واسعة، ولكن أيضا من خلال شبكة الإنترنت عبر نقرات قليلة وبضع عملات، بينما المناطق الحرة هي مناطق قانونية خاضعة لسلطة الدولة التي في أراضيها.