هناك الكثير من الشباب العاطل عن العمل، ولا يتقن صنعة ليكسب منها رزقه، وينتظر الوظيفة فلا يحصل عليها، مما يصيبه بالإحباط، وقد تفرض عليه بعض الضغوط أن يَزِلّ عن الطريق، أو يُبْتلى بمرض نفسي.
يظن البعض أن الزكاة تتعلق بالمال فقط، بينما الأدلة الشرعية بيّنت أنّ لكل أمرٍ زكاة،  فزكاة العلم التعليم، زكاة الفكرة نشرها، زكاة المهنة التدريب، زكاة وفرة المواد التصدق بالزائد منها، وزكاة المال إخراج حق الفقراء منه.

ما هي الفكرة؟

تتمثل فكرة "الزكاة بشكلٍ مختلف" في  أن تتشارك عدة جهات بتأهيل بعض الشباب في مهن يحتاجها المجتمع من جهة، ويتكسب منها هؤلاء الشباب وأسرهم من جهة أخرى، حتى لا يكونون عالة على غيرهم، ولا يكتفون بالسخط واشتكاء حظهم، يحقق هذا حركةَ الأعمال فتتحرك عجلة الإقتصاد وتزدهر الزراعة والتجارة والصناعة.

من نحتاج؟

لتجسيد هذه الفكرة نحتاج إلى:

1- أصحاب مهن ومهارات متقنون، ومستعدون لفعل الخير لوجه الله، يعملون في الحدادة، النجارة، الحلاقة، عمل المعجنات، أعمال الألمنيوم، فنون الخط والرسم والإعلانات، عمل الديكور الداخلي أو الخارجي، برامج التصميم على الكمبيوتر،صيانة الحواسيب أو الهواتف الذكيّة، الأعمال اليدوية والحرفية، وكل ما يخدم المجتمع.

 2- أصحاب زكاة مستعدون للمساهمة في مشروع "تأهيل وتدريب وتشغيل الشباب"، فبدلا من دفع الشباب إلى انتظار نصيبهم من الزكوات في كل عام، يكتفون بأعمال تدر عليهم مالا من كسب أيديهم، وسيكتب الأجر المستمر والثواب الدائم لكل من ساهم في تحويل الشباب من عاطلين إلى عاملين يكسبون وينفقون على أنفسهم وأهليهم، ومن سن سنة حسنة فله أجرها إلى يوم القيامة.

يساهم المزكون من خلال إعلانهم نية التبرع بمبلغ من المال (دفعة واحدة أو دفعة شهرية أو ربع أو نصف سنوية...)، ولكن لا يدفعون المبلغ لأحد بل يحتفظون به، وعندما يصبح أحد الشباب مؤهلا للعمل يدفع ذاك المبلغ في إيجار المحل للأشهر الثلاثة الأولى مثلا مع توفير ديكور بسيط، وكذلك شراء ما يتطلبه العمل من عُدّة وأدوات.

3- المختصون في الإدارة والمحاسبة والتسويق أو الترويج للأعمال، يدربون الشباب الجديد على مبادئ الإدارة، المحاسبة الدفترية البسيطة والتسويق، ويكون في ذلك زكاة علمهم.

4- أشخاص يملكون أو يبيعون العِدَد والأدوات اللازمة لتلك الأعمال، لديهم الاستعداد لتقديم بعضها مجانًا أو بسعر التكلفة، مع تيسير الدفع إن أمكن..

5- أصحاب أملاك ودكاكين ورِئَاب، لديهم الاستعداد لتقديم موقع عمل بسعر أقل من الأسعار السائدة.

6- متطوعون للتنسيق والمتابعة في المدن والأحياء والمناطق، حيث يشكلون شبكة للتواصل بين كل الجهات التي ذكرت أعلاه.

بهذا التصور تكتمل عندنا دائرة النجاح، ويتوسع مفهوم الزكاة ودورها في التنمية والقضاء على البطالة وتحريك قطاع الأعمال والمال والاقتصاد.
الفئة الأولى تتكفل بالتدريب ولو لشخص واحد خلال مدة تكفي لإتقان الشباب الصنعة أو المهارة بما يؤهل العمل فيها باستقلالية، ويمكن أن يشترط المدرب أن لا يزاولها المتدرب في نفس المكان أو قريبا منه.
الفئة الثانية تُقدّم المال اللازم من زكاة أموالها لمن يجتاز فترة التدريب بنجاح حتى يبدأ العمل، شرط أن يشهد له المدرب بنسبة لا تقل عن 75% من درجة الإتقان، ويكون من مستحقي الزكاة.
الفئة الثالثة تتولى التدريب الإداري والمحاسبي، أما الفئة الرابعة تتكفل بتسهيل شروط امتلاك العِدَد والأدوات، والفئة الخامسة تهيئ المكان المناسب لمن يحتاج، حيث يتم التواصل عبر قنوات التنسيق -أي الفئة السادسة - مع المتبرعين برؤوس الأموال.

إنّا نستطيع فعل الكثير وإحداث التغيير والفارق، متى ما عرفنا كيف نقوم بالتشبيك بين ما لدينا من إمكانيات، مهما كانت بسيطة، فكل المشاريع التطوعية الكبيرة بدأت بدايات صغيرة ثم توسعت بمرور الوقت، والأجر العظيم لمن بدؤوا المشوار مع خطواته الأولى.

إشارات..
  • يلتزم كل شخص مستفيد من هذا البرنامج بتدريب ثلاثة أشخاص على الأقل من نفس المهنة التي تعلمها وأتقنها بعد مدة من فتح مشروعه الخاص (سنة إلى سنتين) لتستمر الفكرة وتتسع أكثر.
  • من الجيد لو تتعاون بعض الجمعيات والمنظمات، وتنسق عملها لإنجاح الفكرة.
  • بعض الأعمال قد لا تحتاج إلى إقامة مشروع خاص بل إلى تأهيل الشخص لصنعة أو مهنة أو مهارة تؤهله للعمل لدى الآخرين بأجر شهري أو مقطوع أو بنسبة من العمل.
  • الفكرة متاحة للتنفيذ في أي مجتمع يرى جدوى ذلك، مع الحفاظ على  حقوق الملكية الفكرية لصاحب الفكرة.
  • يُشْترط أن تُطبَق الفكرة في عمل تطوعي أو تعاوني غير ربحي، ومن يخالف ذلك فقد يعرض نفسه للمساءلة في الدنيا والآخرة.