تهتم الكثير من المنظمات العالمية والمحلية اليوم بقطاع التعليم وتحرص على تطويره وتجويده من أجل إنماء المجتمعات، والتعليم كما نعلم مهم جدًا ولا يمكن أن يتجادل اثنين على أثره الإيجابي في تنمية الأفراد وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وبالرغم من التوسع الظاهر للإلتحاق بالمدارس، إلّا أن الكثير من الدول العربية والإسلاميّة لم تُحقق بعد التحسينات المرجوة في التعليم وكذا في الرفاهية الإقتصادية، فأين يكمُنُ الخلل؟ 

إنّ من أسباب ذلك، اغفال المهارات المعرفية المكتسبة، وقد أظهرت اختبارات التحصيل الدولية مستويات معتدلة من المعرفة للعديد من البلدان التي تحسنت في الوصول إلى المدارس، "لأنّ طبيعة وجَودة المحتوى المقدم، كما سرعة استيعاب المُتلقِي، تعتبر من العوامل المهمة التي يجب الإنتباه لها وقياسها، إنّ المهارات المكتسبة من التعليم هي التي تساهم في زيادة النمو الاقتصادي، لا التعليم نفسه!" [1]

لا يُمكن قياس المهارات إلّا في سوق العمل! 

تنقسم المهارات الأساسية بشكل عام إلى مهارات معرفية ومهارات غير معرفية، تشمل المهارات المعرفية الأساسية القراءة والكتابة والحساب، وفي عصرنا الحالي أصبح التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من العناصر المهمة التي يجب تعلمها وتحصيلها من خلال التعليم عموما، فالتمتع بقدر عالي من هذه المهارات يضاعف فرص الحصول على أعمال تتوافق وقدرة الفرد. 

 أما بالنسبة للمهارات غير المعرفية فهي "لا تتطلب عمليات معرفية معمقة لكنها تحظى بتقديرٍ عالٍ في أماكن العمل، مثل المهارات الأساسية صعبة المنال المتجسدة في عملية الإبداع والتفكير النقدي والتعاون".[2] ويُعتبر قياسها أمرا ليس بالسهل، لذا فإن التقرير العالمي لرصد التعليم يوصي بتجنب القياس في نطاق واسع، كما يدعو للاهتمام بالبحوث التي تحصي تأثير هذه المهارات على سوق العمل.

إنّ المهارات الأساسية هدف تنموي تُركز عليه المنظمات والحكومات وتحرص على توفيره خاصة للفئة الشبابيّة، وقد شمل هذا الهدف الذي يشجع التنمية الشاملة بشكل مباشر على عنصرين هما: إلتحاق الشباب بالمدارس الثانوية، وإنجازاتهم التي توفر أساسا للمشاركة الإقتصادية والإجتماعية. 

ما دور المهارات الأساسية في التطوير؟

أدت تنمية المهارات الأساسية على المستوى العالمي إلى إبراز قدرات هائلة كوسيلة لمعالجة قضايا الفقر، والرعاية الصحية المحدودة، وتعزيز التكنولوجيات الجديدة اللازمة لاستدامة النمو. 

تتيح تلك المهارات للكثيرين ممن لم يتلقوا تعليما من قبل فرصةَ العمل في سوق العمل بشكل منتج، وتحسن رأس المال المعرفي للأمة مرهون بدخول الشباب المتلقي لتعليم أفضل إلى القوى العاملة، "فمهارة القوى العاملة تؤدي إلى زيادة النمو الاقتصادي وتحسين الأوضاع الاجتماعية، ويتم حساب القيمة الاقتصادية لتغيير سياسة التعليم على أنّها الفرق بين الناتج المحلي الإجمالي المتوقع مع القوى العاملة الحالية، والناتج المحلي الإجمالي المتوقع مع القوى المحسنة."[3] 

بناءً على ذلك، فإنّ المهارات الأساسية هدف تنموي تُركز عليه المنظمات والحكومات وتحرص على توفيره خاصة للفئة الشبابيّة، وقد شمل هذا الهدف الذي يشجع التنمية الشاملة بشكل مباشر على عنصرين هما: إلتحاق الشباب بالمدارس الثانوية، وإنجازاتهم التي توفر أساسا للمشاركة الإقتصادية والإجتماعية. 

ويتم الحصول على مهارات التعليم بتنقيح وتطوير المناهج التعليمية، ومراعاة تدريب المهارات للمتعلمين، من أجل ضمان فاعليتهم وكفاءة أدائهم في المستقبل.

المهارات الأساسية وتأثيرها الاقتصادي

يشمل تحليل المهارات التركيز على الفوائد الاقتصادية لمجموعة واسعة من البلدان التي تسعى لتحقيق أهداف بديلة في سياق تطوير المهارات[4]. 

ونظرًا لأن الأبحاث السابقة قد أظهرت العلاقة السببية بين المهارات الكلية للبلدان ومعدل نموها على المدى الطويل، فمن الممكن تقدير كيفية تأثير سياسات التعليم على الأداء الاقتصادي المتوقع لكل دولة. 

كما يمكن تقييم التغييرات المطلوبة للوصول إلى التحصيل العالمي للمهارات الأساسية لكل بلد من البلدان الـ 76 التي لديها حاليًا بيانات عن التسجيل في المدارس والتحصيل. كما يمكن بعد ذلك تقدير التأثير على الناتج المحلي الإجمالي مع سعي البلدان نحو المهارات الأساسية الشاملة مباشرةً. 

إنّ عملية التحليل تتضمن ديناميكيات سياسة الإصلاح التعليمي وتأثيرها على مهارات القوى العاملة في كل بلد. وتعتمد التغييرات في المهارات على تحقيق الأساسية الشاملة منها استجابةً للأداء المتغيّر لمدارس كل بلد بمرور الوقت.

ختامًا نخلُص إلى أن من أهم أسباب عدم تطور البلدان النامية إهمال تلك المهارات، فمن أجل تحقيق التطوير لابد من مراعاة المهارات الأساسية وشحذ الهمم لدى المُدرسين لأجل إيصال تلك الأهداف كما أن مهارة تطبيق ما يتم تعلمُهُ في المدارس على أرض الواقع يُعتبر مهمًا، فقد نجد أشخاصًا كرسوا حياتهم للعلم ولكن حصيلتهم المعرفية والمهارية قليلة جدًا، الأمر الذي يقودنا لنقطة مهمة تتمحور في إتخاذ العلم منهجًا حقيقيًا بتلقين المهارات. فالسياسات المُتبعَة في البلدان المتعلمة ذات الاقتصاد المتدني لم تُقدِر بما فيه الكفاية أهمية نتائج التعليم والمهارات الأساسية بل ركزت فقط على الوصول للمدارس والذي لا يعتبر هدفًا مكتملًا وفعالًا للتنمية، وبالطبع التحسينات الأكثر طموحًا تحقق مكاسبا كبيرة.

 

المصادر

  • [1]Why universal basic skills should be the primary development goal .May 2015 ,Eric Hanushek ,Senior Fellow, Stanford University
  • [2] التقرير العالمي لرصد التعليم
  • [3] Hanushek, EA, and L Woessmann (2015a), The knowledge capital of nations: Education and the economics of growth, Cambridge, MA: MIT Press.
  • [4] Filmer, D, A Hasan, and L Pritchett (2006), “A Millennium Learning Goal: Measuring real progress in education”, Working Paper Number 97, Washington DC: Center for Global Development, August.