خدعوك فقالوا أن مجرد وضع خطة لحياتك سيجعلك ناجحًا، أو أن كتابة الأهداف والأعمال وحدها سيجبرك على تنفيذها، الحبر والورق ورسم الجداول لا يؤدون إلى النجاح؛ إنما النجاح إرادة وعزيمة تساعدها وتدعمها الخطة، لكن في الأصل قرار النجاح هو صانعه.
وهنا تتكشف حقيقة من يشتكي أنه يكتب ولا ينفذ، وأن التخطيط لا يجدي نفعًا، إنه حقًا على صواب؛ فالخطة لا تجدي نفعًا مع المتكاسل مرتخي العزيمة، وهي ليست عصا سحرية لمن يهدر وقته ولا يحقق إنجازًا، بل هي عامل مساعد للنجاح وتوضيحٌ لمعالم الطريق الذي يسير به الفرد بالفعل.
نعم الخطة لا تصنع النجاح، ولكن هذا ليس معناه أن نترك الخطة ونترك النجاح، بداية كل شيءٍ قرار وبداية القرار عزيمة وجدِّية، فالقرار هو اختيار بين بدائل لتحقيق هدف معين، والنجاح أو التميز هو بديل مطروح وسط بدائل كثيرة؛ منها الفشل والكسل وتضييع الأوقات أو أن يكون الإنسان عاديًا غير مؤثر، وقد يقول قائل ومن منا لا يريد النجاح! نعم كلنا نريده ولكن ليس جميعنا قررناه.
في خطوة اتخاذ القرار يسأل الفرد نفسه سؤالًا، لماذا اختار التعب والنجاح ولا أختار الراحة والفشل! هنا يأتي الهدف من النجاح.. لماذا انجح؟ لماذا أتفوق؟ لماذا أتميز في مجالي؟ وهذا يحتمل إجابات عديدة خاصة بكل فرد سيلقي بها ما يدفعه لتحقيق نجاحه.
قرار النجاح ذاك سيتطلب أمورًا كثيرة وصعبة على الفرد القيام بها، بالتأكيد قد فكر بهذه الأشياء عند اتخاذ قراره، فكل منا له نقاط ضعف إذا استسلم لها ستبوء به إلى الفشل، وأول ما يُقام به هو مقاومة هذه الرغبات وبذل الجهد والإنجاز لتحقيق المراد.
إذًا، القرار جادٌ وراصدٌ للطموحات والواقع؛ فلا هو خيالي يناقض الواقع ولا هو ركيك لا يجلب النجاح، فالقرارات لا تؤخذ عفوية أو في لحظات الصفاء والحماس إنما هي تفكير وتدقيق ورصد.
باتخاذ القرار المدروس تقف على طريق النجاح، والمصباح الذي ينير الطريق هو الخطة، وبرسم الخطة تتكشف معالم الطريق وثغراته وعقباته ونسبة النجاح ومواطن القصور والخلل.
أساسيات وضع الخطة
من الجدير بالذكر أن دخول الخطة في حياة الفرد ترفع من نسبة نجاحها على عكس إذا كانت بدونها، وتتنوع خطط الأهداف والمشاريع حسب مدتها؛ بداية من خطة الحياة مرورًا بخطة الخمس سنوات وأخيرًا خطة السنة، وبناءً عليه سنوضح هنا في إيجاز طريقة وضع خطة ثلاث, شهور؛ كنموذج على أساسه توضع خطة السنة.
أولًا: سنحدد الجوانب التي هي محل اهتمامنا ونريد التطور فيها، مثلًا: الجانب الإيماني، الجانب المهني، الجانب الصحي، الجانب الثقافي، الجانب الاجتماعي، وهكذا.
ثانيًا: كل جانب من هذه الجوانب سيندرج تحته عدة أهداف، على سبيل المثال: الجانب الثقافي سنضع هدفًا له كقراءة كتاب، الجانب الصحي نضع هدف فقد الوزن خمسة كيلوجرام في ثلاثة شهور، فيتم التحديد على أساس اهتماماتك وأولوياتك، مثلًا: الجانب الاجتماعي سنضع الانتظام في التواصل مع الأقارب والأهل، الجانب الإيماني يمكن أن نضع الانتظام في صلاة الفجر وحفظ جزء من القرآن في مدة الخطة.
هذه مجرد أمثلة، الآن ضع أهدافك الخاصة المُناسبة لأولوياتك ووقتك، كل مجال نضع تحته هدفين أو ثلاث في المتوسط، لننتقل إلى الخطوة التالية.
ثالثًا: تأتي الخطوة الأدق وهي تحديد الوسائل، فكل هدف من الذي وضعناه سيندرج تحته وسائل تحقيقه، تتميز الوسائل أنها محددة جدًا لأنها البنود التنفيذية للخطة.
فمثلًا: هدف قراءة كتاب تكون وسيلته قراءة صفحتين من الكتاب يوميًا، وهدف نقص الوزن 5 كيلو تكون وسيلته الحفاظ على الطعام الصحي وممارسة الرياضة ساعة أسبوعيًا، وهكذا نضع الوسائل حسب قدرتنا، فيمكن أن يكون التنفيذ يوميا أو أسبوعيا أو حتى شهريا ولكن ضع تحديدًا لآلية التنفيذ.
بعد كتابة الوسائل المناسبة لكل هدف؛ سنضع معيار التكرار لكل وسيلة، فمنها ما يُمارَس يوميا أو أسبوعيًا أو نصف أسبوعي أو شهري أو نصف شهري، المهم أن يكون معدل التكرار على مدار الثلاث شهور سيوصلك إلى الهدف الكبير، فمثلًا: هدف حفظ جزء من القرآن يجب أن يكون يومي أو نصف أسبوعي لتحقيق الجزء في ثلاثة شهور.
كن مرنًا في وضع الخطة وفي التنفيذ؛ فما لم تحققه اليوم وسقط منك ستحققه غدًا، لو شعرت بضغط عند التنفيذ وكثرت الأعمال عليك ابدأ بالتعديل فورًا إما بتقليل الوسائل أو زيادة مدة التكرار
الخطة التشغيلية
هذه الخطة التي وضعناها لثلاثة شهور سنرسم منها الخطة التشغيلية، فنرسم كل شهر على حدة بوسائله، فالخطة التشغيلية بها الوسائل فقط لأنها الجزء التنفيذي من الخطة، فنضع جدولًا به خانة للوسائل والأنشطة وأربع خانات للأربعة أسابيع؛ لنقيس مدي التقدم ونضع العلامات على ما تم إنجازه وما لم يتم، لمعرفة أين نحن من الخطة.
الآن نحن أمام خطة الشهر الخاصة بك، محددة بالأعمال اليومية والأسبوعية والنصف أسبوعية والشهرية، ما عليك هو أن تقتبس خطتك اليومية من خطة الشهر، كل يوم نفتح دفتر الخطة ونكتب منها الأعمال المطلوبة.
هكذا أنت على بداية طريق النجاح، رسمت الطريق وبيدك الخريطة، فمن أين يأتي الضلال!
لا تنس الاستعانة بالله في تحقيق أهدافك، أهدافك الإيمانية على رأس قائمتك دائمًا، لا يمر يوم دون أن تفتح خطتك وتنظر فيها، رسم الجداول أفضل بكثير من الكتابة العشوائية، كن مرنًا في وضع الخطة وفي التنفيذ؛ فما لم تحققه اليوم وسقط منك ستحققه غدًا، لو شعرت بضغط عند التنفيذ وكثرت الأعمال عليك ابدأ بالتعديل فورًا إما بتقليل الوسائل أو زيادة مدة التكرار فما هو يومي نجعله أسبوعي، فكلما كنت واقعيًا كلما نفذت أفضل.