في تعريف اعتبار المآل

  من التعريفات التي عرف بها أصل اعتبار المآل أنه "هو اعتبار ما يصير إليه الفعل أثناء تنزيل الأحكام الشرعية على محالها، سواء أكان ذلك خيرا أم شرا، وسواء أكان بقصد الفاعل أم بغير قصده". (1) وقد فصل صاحب التعريف في المقصود من تعريفه، شارحا مفرداته حتى يتمكن القارئ من فهم التعريف على حقيقته فهما تاما، وليس غرضنا الوقوف على ذلك في هذا السياق.

من الأدلة الشرعية لاعتبار المآل 

وفي التأصيل الشرعي لاعتبار المآل يسوق صاحب كتاب "أصل اعتبار المآل بين النظرية والتطبيق" مجموعة من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة النبوية، نقتصر منها في هذا المقام على واحد من تلك الأدلة، وهو قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام "قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" (2)

وفي تعليقه على هذه الآية يقول صاحب الكتاب "من خلال هذه الآية الكريمة ينهى سيدنا يعقوب ابنه عليهما السلام عن إخبار إخوته بالرؤيا التي هي نعمة من ربه سبحانه، يمكنه التحدث بها، اعتبارا للمآل المتمثل في الخوف من أن يؤدي إطلاع إخوته عليها إلى نصب حبائل الكيد له بسبب الغيرة والحسد." (3)

فمن خلال التأمل فيما سبق ذكره يتأكد لنا  ـ ولو بشكل أولي ـ أن اعتبار المآل ورد به الشرع في القرآن الكريم ليدل على هذا ما سقناه من الآية السالفة الذكر وما تلاها من تعقيب الباحث عمر جدية. 

حول علاقة اعتبار المآل بالممارسة التربوية

وفي مناسبة علمية كان موضوعها حديث عن أصل اعتبار المآل، طُرِحَ سؤال حول علاقة اعتبار المآل بالحقل التربوي التعليمي. فكان جواب أحد الباحثين المتخصصين في المجال: أنه يرى وجود علاقة ترابط متين بين هذا الأصل الشرعي ـ على حد تعبيره ـ وبين العمل التربوي، وفي معرض جوابه على السؤال السالف الذكر قدّم مثالا توضيحيا على ما ذهب إليه، حيث قال: نأخذ على سبيل المثال مسألة التقويم التي تعد من الأركان الأساسية في العمل التربوي، والتي يقدر فيها الأستاذ أو المدرس نقطا جزائية عند كل تقويم تربوي، فيقع أن يحصل متعلم ما على نقطة عددية ناقصة جدا، وحينما يضع المدرس الملاحظة يكتب عليها ضعيف جدا، فلا شك أن المدرس في ذلك ـ يسترسل الباحث ـ بملاحظته تلك قد يترك أثرا سلبيا في نفسية المتعلم الذي قد يكون له ذكاء آخر ينجح فيه من دون شك، كما هو معلوم عند أهل التربية فيما يسمى ب" الذكاءات المتعددة". 

إن تقدير المدرس قد يؤول إلى نتائج سيئة على مستقبل المتعلم، مثل أن يغادر الدراسة بالكامل ... وغيرها من التداعيات الأخرى مما يختلف من شخص إلى آخر. 

يواصل الباحث ـ في معنى كلامه ـ وهو يؤكد على ضرورة اعتبار المآل في الممارسة التعليمية التعلمية، وجعلها أساسا يقوم عليه نجاحها. فهو يقدر أنه متى كان اعتبار المآل حاضرا في الممارسة الصفية يساعد على تحقيق مستوى معتبر من النجاح وتنشيط الحياة المدرسية بشكل أفضل، ومتى غاب هذا الأصل حصل المكروه في الحقل التربوي.

لقد حاولت نقل محتوى كلام الباحث ورأيه حول علاقة اعتبار المآل بالعمل التربوي بصياغة خاصة تضمنت معنى ـ لا لفظ ـ كلامه وجوابه عن السؤال المطروح.

خلاصة القول، وانطلاقا من كل ما سبق ذكره نستنتج اننا ـ في الممارسة التربوية ـ مدعوون إلى تجديد استحضار هذا الأصل الشرعي ضمانا لجودة التدريس وتحقيق النجاح في العملية التربوية بصفة عامة.