تطالعون فيما يلي التفريغ النصي لمحاضرة الدكتور طارق السويدان بداية السنة الجديدة حول اتجاهات المستقبل بعد كوفيد.. الأعمال إلى أين في 2022؟

 

أذكر عندما بدأت الجائحة في الربع الأول من 2020 في شهر مارس تقريباً كنت قد كتبت مقالاً حول (أفيقوا عباد الله) وذكرت بأنها ستكون جائحة طويلة وأنها ستغير الدنيا وأن تأثيراتها لن تكون صحية فقط وإنما أيضاً اقتصادية هائلة، وأذكُر أن هنالك شخص أرسل لي وقال لي يا دكتور تفاءل وتفاءلوا بالخير تجدوه، ما هذا الطرح؟ أولاً (تفاءلوا بالخير تجدوه ) هذا ليس بحديث، ثم نحن عندما نخطط فلا نفكر فقط في التفاؤل فلو بُنيّ التخطيط فقط على التفاؤل فهذه مصيبة فالتخطيط سيصبح خاطئا، لذلك التخطيط يحسب التفاؤل والتشاؤم، والتخطيط الحقيقي هو الذي يبنى على تحليل واقعي بدون عواطف، وبعد التحليل ورؤية النتائج يمكن أن نتفاءل، فنحلل ونخطط ونحسب حسابنا ثم نتفاءل، فالتفاؤل شئ جميل ولسنا ضده لكن لا يمنع التخطيط السليم. وعندنا فلسفة وهي أننا نتفائل بالأحسن والأجمل دوماً ولكن نخطط للأسوأ دوماً، وهكذا يكون الإنسان العاقل بين الخوف والرجاء كما يقولون. 

فهذه محاضرة أقرب إلى دورة منها للمحاضرة لأنها لا تحتوي فقط على شرائح وإلقاء وإنما سأضيف لها بعض الأفلام التي ترجمتها لكم حول اتجاهات المستقبل بعد كوفيد، وبالإضافة لهذا استخدمت بعض الأشياء التي طرحت من خلال مجلة ماكنزي بالعربي في عددها الذي صدر في أبريل 2021.

ماكنزي هي أفضل شركة استشارات وتدريب في العالم والحقيقة لها دور كبير في المواقع والشركات وتطويرها وحتى الدول، ولها مجلتها العلمية التي تصدرها وفيها التحليلات العلمية التي يستخدمها الخبراء وهذا أحد المراجع وليس المرجع الوحيد لكنها من أهمها. وبناءً على هذه المراجع وأيضاً تقديراتي الشخصية حددت سبعة أسئلة سنجيب عليها في هذه المحاضرة.

1-السؤال الأول: متى ستنتهي جائحة كوفيد 19 ؟

هذا سؤال في علم الغيب والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب لكن لا مانع أن يستشرف الإنسان ويقدّر بناءً على تقديرات العلماء الطبية حسب ماذا يفعل اللقاح عادةً وكيف تتطور هذه الأمراض ونستفيد من التجارب التاريخية ونتوقع، وتمت هذه التوقعات وسأعطيكم توقعات العلماء في هذا.

2-السؤال الثاني: ما هي أهم التوجهات المتوقعة في 2022 وما بعدها؟ 

ما هي التغيرات والتوجهات التي ستحدث في هذا المستقبل؟

3-السؤال الثالث: ما هي التوجهات لمستقبل العمل بعد الوباء؟ 

هناك توجهات عامة وهنا مستقبل عالم الأعمال بعد هذا الوباء.

4-السؤال الرابع: أي الوظائف ستتأثر أكثر؟ 

الوظائف التي ستتأثر أكثر من غيرها بسبب الوباء كنتيجة؟ 

5-السؤال الخامس: ما هي المجالات التي ستظل متأثرة بعد الوباء؟ (التعافي تدريجيا) 

التعافي سيكون متدرجاً لكن هناك مجالات ستنهض بسرعة وأخرى ستأخذ من خمس إلى ست سنوات حتى ترجع لصحتها الكاملة، ما هي هذه المجالات؟

6-السؤال السادس: كيف نقيس النجاح في العصر الرقمي (بعد الوباء)؟ 

هذا الوباء علم الدنيا كيفية استعمال التقنيات وأدوات التواصل الجديدة، وحتى المطاعم غيّرت إلى قوائم رقمية QR menu وتغيرت الدنيا، تحولنا إلى العصر الرقمي، فكيف لو كنتم منظمة أو شركة بغض النظر لو شركة رقمية أو غير رقمية، في هذا العصر الذي استجد الآن، كيف تقيسون نجاحكم؟ 

7-السؤال السابع: ونختم ببعض النصائح، ما هي أهم النصائح لصانعي القرار؟ 

نبدأ بإتجاهات المستقبل بعد كوفيد، وسؤالنا الأول متى ستنتهي جائحة كوفيد؟ الحقيقية الإجابة على هذا السؤال يعتمد على التقدير الرسمي الذي يخبر أن الربع الثالث أو الرابع من 2022 هو التقدير الرسمي الذي طرحته ماكنزي وغيرها، لكن مع المتحور المستجد الجديد أوميكرون الذي إن قاوم اللقاحات فعلاً وتمكن من إصابة الملقحين فستأخذ وقتا أكثر وربما تأخذ كل 2022 ولن يكون التعافي إلا في 2023. إذاً سنراقب أوميكرون وماذا يفعل ولكن حالياً أستطيع القول أن التعافي أقرب للربع الرابع ل2022 منه للثالث وربما ندخل في 2023. 

دعونا نشاهد فيلم قصير مدته دقيقتين عن ماذا سيحدث للوباء؟ وعادةً في التاريخ كيف يتم الانتهاء من الوباءات وما هي التوقعات وبالنسبة لكوفيد ما هو التوقع؟ نستطيع التعرف على الإجابة في دقيقتين:

من هنا 

إذاً هذه هي الإجابة على السؤال الأول: متى سينتهي هذا الوباء؟

نذهب للسؤال الثاني، ما هي أهم التوجهات المتوقعة في 2022 وما بعدها؟

أهم هذه التوجهات قسمتها لثلاثة أنواع من التوجهات: 

أولا: الاقتصاد العالمي: توجهات لها علاقة بالاقتصاد العالمي ككل. في الاقتصاد العالمي يُتوَقع تسارع الثورة الصناعية الرابعة (العمليات الافتراضية)، مرت الثورة الصناعية بعدة مراحل وبدون أن أدخل معكم في الأكاديمية التاريخية نحن الآن في الثورة الصناعية الرابعة حيث صار العالم الافتراضي من استعمال الكومبيوتر والأونلاين وحتى الاجتماعات والقرارات وسيأتينا أكثر من ذلك -وأنا رأيت هذا- أن التكنولوجيا متجهة نحو أنني يمكني من الكويت أن أجتمع بشخص في أمريكا ويظهر أمامي ونتبادل الحديث بأبعاد ثلاثية وكأنه جالس أمامي لدرجة أنه يمكننا أن نلعب لعبة ضد بعضنا ونحن في نفس المكان كلعبة سيوف ورأينا أمثال هذا.. الدنيا متجهة نحو تسارع كبير في هذا الأمر وبسبب كورونا سيصبح الأمر أسرع لأن الناس تعودت وصار التحول نحو العالم الافتراضي أكثر.

أيضاً السفر السياحي: يتوقع أن يستعيد السفر السياحي عافيته تدريجياً، فهو استعادها لكن ليس بشكل كامل، سيستعيد لكن بشكل أسرع من غيره ويتوقع أن يكون أسرع مما يتوقع كثير من الناس. 

يتوقعون موجة ابتكارات جديدة تنتشر في الدنيا، ليس فقط في العالم الافتراضي وإنما في كل المجالات، عالم الإبداع والاختراعات سينفجر وسيكون هذا زمن الشباب والفتيات الذين لديهم إبداعات واختراعات، ستعود الثقة للأسواق حتى الملابس وغيرها ويسمونها التسوق الانتقامي، فالناس سينتقمون من فترات الحظر وفترات الحجر التي أصابتهم وخاصةً أن بعض الناس قاموا بتجميع رواتبهم في هذه الفترة وأصبح لديهم ثورة صغيرة. والآن عند عودة الأسواق ستعود عملية الشراء بقوة أكثر مما يتوقع الناس. هذه لم تتم 100% لكن يُتوقع أنها تنفجر في الفترة القادمة وهذا خبر جيد بالنسبة للأسواق. 

ثانياً: قطاع الأعمال: توجهات لها تأثير على قطاع الأعمال على الشركات والمنظمات.

في هذا القطاع يتوقعون استمرار نمو التسوق عبر الإنترنت، فتعرفون جميعاً أن التسوق عبر الإنترنت انفجر خلال الجائحة فأصبح الناس يشترون من المطاعم والملابس وكل شئ والتجارة الإلكترونية شئ خيالي عن طريق الطلب الإلكتروني. ويتوقع استمرارها حتى بعد انتهاء الجائحة.

أيضاً يوجد توقع بأن الشركات العالمية ستنقل مصانعها لبلادها، بسبب انقطاع خطوط الإمداد قلة الكونتينرات التي تنقل البضائع وانقطاع النقل من الصين وغيرها. فهل هذا سيحدث؟ 

يتوقع الخبراء أن هذا لن يحدث! لن تنقل الشركات العالمية إنتاجها ومصانعها إلى بلادها الأصلية لأنه من الصحيح أن كل هذا أثّر عليها لكن الرواتب والإجراءات والقوانين أشد بكثير في بلادها فستكون خسائرها كبيرة لا تحتمل فسيبقى في البلاد الرخيصة.

يتوقع أن تقوم ثورة في قطاع الأدوية وبالذات اللقاحات والأدوية الحيوية والمضادات، بعض الذين ضد اللقاح يشككون في اللقاح بسبب أنه تم في فترة قصيرة! هم لا يفقهون أن العالم تطور وأن الدنيا والعلم فيها تطور كبير ويقيسون على الماضي، اللقاحات الماضية أخذت عدة سنين فكيف تمت هذه في تسعة أشهر؟ تمت لأن التكنولوجيا والعلم تطورا بشكل كبير والإنفاق من الحكومات على هذا الوباء كان ببلايين لم تحدث من قبل، بالإضافة إلى أن جهات الرقابة التي كانت تعطي التصاريح خففت الإجراءات وسمحت باعتماد اللقاحات بشكل أسرع، فأزيلت كل هذه العوائق التي كانت أمام اللقاحات وستستمر إزالتها مما سيؤدي إلى ثورة في صناعة الأدوية الحيوية واللقاح. 

في قطاع الأعمال كذلك هناك توقع أن كل المحافظ المالية الكبرى في العالم سيُعاد هيكلتها وستبدأ بعض الاتجاهات الحديثة التي زادت بسبب هذه الجائحة وبالذات سيكون هناك توجه نحو العملات الإلكترونية.

اليوم العالم متحفظ قليلاً ومتررد فبض الناس يوافقون وبعض الدول تمنعها وهكذا لكن في تقديري أنها ستنجح وتستمر وتكتسح حتى، وأعتقد أن كثير من المحافظ المالية ستتغير في اتجاهها، حتى الذين لم يتجهوا نحو العملات الرقمية أيضاً ستتغير محافظهم المالية بتقديري وسيعيدون هيكلتها حسب التوجهات الحديثة.

فمثلاً ستزداد المحافظ المالية في قطاعات الأدوية واللقاحات وستزداد أرباح شركات اللقاحات والأدوية بشكل خرافي، فإن كانت الأرباح 20 أو 20% سنوياً هنا تصل إلى 1000% هكذا القفزة! ومثال واحد على شئ غير صحي؛ شركة زووم في سنة واحدة 2020 قفزت أرباحها 3000% في سنة واحدة وطبعاً عيون المستثمرين على أمثال هذه الشركات وبالتأكيد ستؤثر على تغيير الهياكل للمحافظ المالية. 

سيكون هناك المزيد من القوانين لحماية البيئة، بدأ العالم اليوم يهتم بجد بحماية البيئة وإن كانت الجدية للآن ليست كاملة ولكن بالتأكيد أحسن من السابق وبسبب الجائحة ازدادت وتضاعفت ورأى الناس أشياء واضحة جداً لها علاقة بحماية البيئة بسبب الكارثة (جائحة كورونا)؛ لأنه لما صار الحظر لمدة شهر أو أكثر في بعض البلاد وخاصة الصناعية فجأة تحسنت البيئة والجو وقلّ التلوث والأخطر من هذا ظاهرة لم ينتبه لها الكثير من الناس وأنا تابعتها بنفسي أن في ثقب الأوزون الخطير الذي يمكن أن يدمر البشرية والذي تنفذ منه الأشعة الضارة للأرض، حالياً هو فقط باتجاه القطب ويتسع، لما حدث الحجر توقف الاتساع وتراجع! إذاً واضح جداً أننا نستطيع أن نغلق هذا الثقب قبل أن يدمر الكوكب وبدأ العالم ينتبه لهذا واجتماعات حول المسألة وأيضاً فرق رئيسي أن الحكومة الأمريكية الحالية مهتمة بهذه المسألة أكثر من أيام ترامب، أيضاُ سيزداد العمل عن بُعد، سيزداد عدد الموظفين الذين يعملون من منازلهم -سأتحدث عن هذا بعد قليل- وهناك دراسات واضحة جداً أثبت أن العمل عن بعد لمعظم الموظفين تزيد به الإنتاجية ولا تقل.

فالبعض خاف من أن لا يعمل الفرد من المنزل لعدم وجود رقابة، لكن تم علمياً وبالأرقام إثبات أن الإنتاجية تزداد وأن هناك تحسن في عالم الأعمال بسبب الإنتاجية عن بعد، ولدي موظفين بالشركة بها عمال يعملون عن بعد ما شاء الله إنتاجيتهم أفضل من السابق، ليس هذا فقط وخفضت إيجار المكان إلى النصف لأنني لا أحتاج لمكاتبهم فهم يشتغلون من بيوتهم، وهذه الظاهرة ستزداد وتستمر. 

ثالثاً: المجتمع: تأثيرات الجائحة على المجتمع وما فيها الحكومات. 

يُتوقع إعادة تنظيم أنظمة الرعاية الصحية، بحيث أنه خلال الجائحة صار لكل المستشفيات والحكومات أنظمة جديدة لم تكن موجودة قبل الجائحة. يكفي أنهم عملوا مراكز للتلقيح بسرعة وبكميات هائلة من البشر، لم يكن هذا موجودا سابقاً، ففي المستشفيات أنظمة الحماية من الوباء وهي المكان الرئيسي لنقل الوباء، فاليوم زادت الأنظمة وسيعاد تقييم هذه الأنظمة بإستمرار لمزيد من الحماية من الأوبئة. 

ظهرت للحكومات مشكلة وهي أنها اضطرت للتخلي عن الكثير من الاستثمارات وتدعم شعوبها -واختلفت الدول في دعمها- فالحكومات ستواجه مشكلة تزايد ديونها. والذي يتابع حجم الدين الذي يتراكم على الحكومات؛ فلنأخذ كمثال الحكومة الأمريكية في الجائحة فقط صرفت أكثر من 6 تريليون دولار في أقل من سنتين لمواجهة تأثيرات هذه الجائحة. بينما ديونها قبل ذلك كله كانت حوالي 2 تريليون، كل التاريخ مقابل 6 تريليون في سنتين فقط. فستزداد الديون والحكومات ستواجه المزيد من المشاكل لكيفية حل هذه الديون. 

يُتوقع أن الشركات ستكون لها مساهمات أكثر في خدمة المجتمع، دعم المحتاجين ودعم التعليم ودعم الصحة -أي ما يسمى المسؤولية المجتمعية- يتوقعون ازديادها في الفترة القادمة ولعل هذا خبر جيد بالنسبة للمنظمات الخيرية والمدنية المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية.

نذهب للسؤال الثالث وهو: ما هي التوجهات لمستقبل العمل بعد الوباء؟ 

أشرت لبعض الأشياء لكن سأفصل الآن، أول تغيير يتوقعونه هو العمل الهجين، العمل الهجين أي المختلط hybrid بين حضوري وعن بعد، أي يداوم الفرد عن بعد ويحضر فقط لأجل الاجتماعات، أو يحضر أيام وأيام يداوم من بيته، يتوقعون أن هذا سيقفز وفي السابق لم يكن موجوداً إلا بنسبة قليلة جداً. هذا العمل سيزداد في الدول النامية بنسبة 10% وفي الدول المتقدمة بنسبة 20% وهذا هو أحد التغيرات.

يتوقعون تراجع في الطلب على النقل الجماعي والمطاعم وتجارة التجزئة سيكون فيها تراجع مؤقت لسنتين أو ثلاث ثم سيعود. فالعاملين بهذه القطاعات يجب عليهم أخذ ذلك بالحسبان وتخفيف المصاريف وإعادة هيكلة عملهم .

يتوقع زيادة ضخمة في التجارة الإلكترونية واقتصاد التوصيل، لاحظتم حجم الانفجار الذي حصل في الموتر سايكلس لتوصيل الأشياء والأطعمة وغيرها في شوارعنا وفي كل مكان! انفجار لم يكن موجوداً بهذا الحجم، هذا يتوقع أن يستمر. وتعود الناس على هذا لن يرجع للسابق كما كان وإنما تعود الناس عليه وسيستمر والتجارة الإلكترونية يتوقع أنها حالياً بثورة وانفجار وستزداد وهذا خبر جيد للعاملين بهذا المجال.

من المتوقع الزيادة في الأتمتة والذكاء الصناعي، والأتمتة تعني الأوتوميشن automation وهو استعمال الآلات بدل الإنسان، والذكاء الاصطناعي AI والذي يحلل من خلاله الكمبيوتر ويتعامل مع الشراء وما أشاهد وما أسمع ويعطي كل زبون حسب طلباته. بناء على ذلك سيزداد التعامل مع الروبوتات في الصناعة والمستودعات بل حتى التفاعل مع الزبائن، فكثير من المطاعم الآن بدأت تستعمل الروبوت لجلب الطعام وليس البشر. وطبعاً في الصناعة والمستودعات حدثت قفزات كتخفيف الاستعمال البشري.

يتوقعون زيادة في اكتشاف الخدمة الذاتية، وكثير من الناس ما زال لا يعرفها ولا يستخدمها لكن في معظم الدول خاصة المتقدمة أو النامية عندما تدخل محلا لشراء فواكه أو سوبر ماركت وعندما تنتهي وتذهب للدفع تذهب للمحاسب وهو يحسبها لكن كما انتبهت هناك آلات للخدمة الذاتية كأن يذهب الفرد و يزن بنفسه ويحسب بنفسه ويدفع بنفسه وهي تسمى خدمة ذاتية بدون تعامل مع البشر. 

يتوقع أن تستعملها مزيد من الشركات وتحدث فيها قفزات لأنها تخفف الرواتب بالنسبة للشركات وتخفف الطابور بالنسبة للزبائن بدلاً من الانتظار، فنصيحة خاصة للذين يملكون محلات كبيرة بأن يبدأوا باكتشافها واستعمالها. 

سؤالنا الرابع، أي الوظائف ستتأثر أكثر؟ 

المتوقع تناقص في فرص العمل بوظائف منخفضة الأجور في المتاجر والمطاعم مثل العمال والذين يقدمون خدمة مباشرة، الذي يبحث عن فرص في هذا المجال سيكون صعبا بالنسبة لهم وأنا أصلاً أنصح الشباب بأن يكون طموحهم أعلى من ذلك.

من المتوقع طبعاً أن تستمر الزعزعة التي حدثت في مجال وظائف السفر والترفيه، سيتعافى هذا المجال لكن تدريجياً وليس فوراً وبالتالي كثير من الناس الذين فقدوا وظائفهم في هذا المجال لن يعودوا بنفس السرعة وإنما سيأخذ وقتا، فالذي يعمل منكم في هذا المجال سواء كملاك أو كموظفين عليهم أن يحسبوا حسابهم لهذا الأمر.

متوقع زيادة فرص العمل في مراكز التوزيع وفي مراكز توصيل السلع. في هذا النوع من العمل يتوقع أن يزداد ويزداد بشدة، وحتى الاستثمار من أجل تحقيق أرباح في توصيل السلع من المجالات الممتازة في الفترة الحالية. 

ملايين الناس سيضطرون لتغيير وظائفهم، والنسبة المتوقعة بين 12% إلى 25% من الناس، فمثلاً لو كان عدد البشر الذين يعملون في وظائف قبل الوباء 2 بليون من 7 بليون، من المتوقع أن 500 مليون سيضطر إلى تغيير وظيفته وهذا عدد ضخم، وأقل شئ 200-250 مليون! أعداد ضخمة جداً سيضطرون لذلك. وبعض منكم اضطر لذلك خلال هذا الوباء، وهذا قد يكون خبرا جيدا لأن الكثير من الناس كان فعلاً يحتاج لتغيير وظيفته لكنه متردد والآن جاءه الإجبار وهنا فكروا في الطموحات وركزوا على زيادة التعلم وزيادة مهاراتكم التي تفتح لكم مهارات ومجالات جديدة. أكثر ناس سيتعرضون لتأثر وظائفهم هم الفئات التالية: النساء والأقليات العرقية في أمريكا مثلاً التي معظمها بيض، كذلك العمال ذوي التعليم البسيط سيكونون أكثر الجهات المعرضة لتأثر الوظائف.

متوقع أن تتوسع المهن ذات الأجور المرتفعة في الصحة والتقنية والهندسة والرياضيات، هذه المجالات الأربعة أجورها عالية متوقع أن الحاجة لمزيد من الموظفين والعلماء فيها ستزداد. إذاً توجد وظائف ستخسر وتوجد وظائف تحتاج للناس لكن لا يوجد شخص مؤهل، لذلك كل من لديه فرصه ليزيد تعلمه ومهاراته في هذا المجال ليركز عليه لأن من متوقع أن يتوسع بشكل كبير جداً جداً في المستقبل. 

الآن نأخذ فيلم آخر وهو The future of workwork after COVID-19 (مستقبل العمل بعد الوباء) 

                       تجدون الفيديو مترجما بالعربية من هنا

السؤال الخامس: ما هي المجالات التي ستظل متأثرة بعد الوباء؟ 

هذه ستتعافى تدريجيا لكن إذا كانت معظم الأعمال تتعافى خلال سنتين بعد الوباء هذه ستأخذ خمس سنين أو ست سنين هذا المقصود بالتدريج.

أولا: هي التي فيها تقارب جسدي عالي.. هذه هي أكثر الجهات التي ستتأثر وحّددها العلماء بالأمور التالية: العمل الذي فيه إنتاج وصيانة خارجية، عمال يشتغلون مع بعض وأمثال هذا فهذا متوقع أن يستمر التأثر. نقل البضائع هذه من المجالات التي ستظل تتأثر وتتعافى تدريجيا.

التدريب والتدريس سيظل متأثرا لفترة، كثير من الدول تساهلت في الأسواق لكنها لم تتساهل مع رجوع الأطفال للمدارس خاصة أن حتى الآن كثير من الدول لم تُطعم الأطفال. وإذا كان هذا الوباء فعلا ممكن ينقل عن طريق الأطفال، فإن دوام الأطفال في المدارس سيزيد من انتشار الوباء، لأنها ظاهرة غير معروفة وغير متأكدين منها. حتى الذين يصيبهم أكثرهم يصيبهم إصابة خفيفة هذا متأكدين منه. لكن هل الأطفال ينقلون المرض بدون أن نحس خاصة أنه لا يمرض ولا تظهر عليه الأعراض أو تظهر عليه أعراض تشبه البرد مثلا فنظن أنه برد والحقيقة أنه ينقل المرض. إذا كان كذلك سيظل التدريس خطيرا. فلأن الناس لا تعرف هذا الأمر صار التشدد تجاه المدارس. أنا لا أعرف هل هذا التشدد صح أو غلط لست خبيرا في ذلك لكن أعرف أنه سيستمر وأن تعافي التدريب والتدريس سيظل فترة. ولذلك نحن كشركة إبداع نحن شركة تدريب خلال الأزمة تحولنا إلى مئة بالمئة تدريس عن بعد. ونحن من شركات التدريب القليلة التي ضلت صامدة بفضل الله تعالى بسبب أننا انتقلنا إلى التعليم عن بعد بسرعة. مع تغير الظروف الآن رجعنا إلى التدريس حضوري ومعظم شغلنا عن بعد إلى أن نرى توجهات المستقبل، نحن نعرف أن مجالنا سيتأثر وبالتالي لابد أن نعيد بناء عملنا بما يتناسب مع هذا التأثر. فكذلك هذه نصيحة لشركات التدريب والتدريس.

العمل المكتبي الذي فيه احتكاك بين أعداد كبيرة من الموظفين أو جهة حكومية أو غيرها سيقللون هذا خاصة في فترات انتشار الوباء، سيستمر هذا ويظل تأثر التعافي تدريجيا.

أيضا الإنتاج والتخزين الداخلي. هذا من الشغل داخل الجدران ليس في بيئة مفتوحة هذا سيظل متأثرا لأن الأجواء المفتوحة لا ينتشر الوباء كثيرا في الأجواء المغلقة ينتشر فهذا سيظل. الترفيه والسفر سيتعافى لكنه سيأخذ وقتا حتى يتعافى. فهذا من القطاعات التي سيستمر تأثرها.

تفاعل الزبائن داخل الموقع سيظل متأثرا بمعنى أنه سيميل كثير من الزبائن للشراء أونلاين طبعا هناك أناس يفضلون الشراء الفعلي لكن أقل بكثير مما كان قبل الجائحة فهذا متوقع أن يستمر.

السؤال السادس: كيف نقيس النجاح في العصر الرقمي بعد الوباء؟

وأذكركم بمقصود السؤال نحن الآن دخلنا في العصر الرقمي، الناس تعودت على التكنولوجيا. فملايين البشر بدأت تستعملها ولذلك يعتبرون أن بسبب هذا الوباء جعلنا نقفز قفزة كبيرة في العصر الرقمي.

كيف تقيسون نجاح الشركة في العصر الرقمي؟ هذا له مؤشرات، يقول العلماء يجب مراقبة خمسة مؤشرات: أولا قيسوا عائد الاستثمارات الرقمية. نضرب مثالا بشركتنا الإبداع، عندنا ثلاثة أنواع رئيسية من الدورات: دورات حضورية، دورات إلكترونية، بث مباشر حي، ودورات إلكترونية مسجلة. لو كنت أريد مراقبة نجاح الإبداع في هذا العصر الرقمي أرى العائدات من المصدرين الثاني والثالث هي مصادر رقمية وأقارنها بما قبل الجائحة وأقارنها بالعائدات غير الرقمية فنراقب الآن هذا الرقم من الاستثمارات الرقمية. أيضا نسبة الإنفاق على المبادرات الرقمية، عندنا في الإبداع مجموعة من المبادرات الرقمية، دورات إلكترونية جديدة، هذه مبادرة رقمية. عندنا مشروع سميناه مبادرون هذا لتشجيع الشباب على العمل الحر وسندربهم ونعطيهم دورة المشروعات ونفتح لهم أبواب الشراكات بسعر رخيص وخدمات كثيرة جدا كلها ستقدم أونلاين هذه اسمها مبادرة رقمية طبعا كلفتنا وغيرها من المبادرات الرقمية التي لا أريد أن أعمل لها دعاية هدفي هو أن تفهموا الموضوع فعندنا سبع مبادرات. الآن نحسب هذه الست أو سبع مبادرات رقمية كم كلفتنا؟ ونحسب نسبتها من الإنفاق ونراقب هذا الرقم هل هو في ازدياد أولا هذا لازم مع الأيام يزداد.

أيضا يجب أن نراقب الزمن المطلوب للوصول إلى التطبيقات الرقمية لإيصال التطبيق إلى السوق طبعا يعتمد على حجم التطبيق لكن الوضع الطبيعي من اعتماد فكرته إذا انطلقنا وتعاقدنا مع شركة تصميمه يعني انطلاقة في السوق فهذا من التعاقد مع الشركة التي ستعمل التطبيق إلى الانطلاقة لازم أن يأخذ بين شهرين إلى 6 شهور. إذا أخذ أكثر من ذلك معناه إما أنتم تغييراتكم كثيرة أو هم بطيئون فيجب أن تراقبوا هذا الزمن لتعرفوا نجاحكم في العصر الرقمي.

أيضا نسبة الحوافز المرتبطة بالإنتاج الرقمي، فالذين يشتغلون في العمل الرقمي لابد أن نكافئهم أكثر ونحمس موظفينا نحو التفكير في العمل الرقمي أكثر فيمكن أن نعطيهم نسبة من الأرباح أو نعطيهم مكافأة خاصة من أجل زيادة الحماس للعمل الرقمي. 

والمؤشر الخامس وهو من أهم المؤشرات مدى استقطاب الكفاءات التقنية الممتازة. طبعا استقطاب الكفاءات التقنية الممتازة يمكن أن يتم بطريقتين. الطريقة الأولى هو توظيف شخص ذي الكفاءة عالية جدا، هذا إذا كانت إمكانياتكي تسمح. الطريقة الثانية والتي أنا شخصيا أنصح بها لا تفعلوا النوع الأول وإنما اذهبوا للنوع الثاني وهو ابحثوا عن شركة تقنية ممتازة وتعاقدوا معها، إذا استمر أدائها بشكل ممتاز اكملوا. إذا لم يستمر غيروها وهذا هو التعاقد الخارجي هذا أفضل لكم.

وصلنا إلى السؤال السابع والأخير ما هي أهم النصائح لصانعي القرار؟ بناء على هذا كله هذه بعض النصائح: 

النصيحة الأولى هي إعادة تصور كيفية ومكان إنجاز العمل وتقليل التراتبية الإدارية هنا نصيحتان في نصيحة واحدة. فكروا هل يمكن أن نكلف مجموعة من الموظفين بالعمل من بيوتهم وتقليل المكان وتقليل الإيجار وتقليل الكمبيوترات التي في المكاتب وأيضا لا تنسوا أن ثلاثين بالمئة من أوقات الموظفين تذهب بالحديث بينهم في أمور ليس لها علاقة بالوظيفة. هذا كله يمكن أن تستغنوا عنه بالعمل من البيت إذا رأيتم أن هذا الموظف جاد وممكن يعمل من بيته بشرط أن لا يكون تشويش في بيته يعني بيته فيه مكان يمكن أن يشتغل فيه أما البيت الذي فيه أطفال وليس فيه غرفة خاصة لا يصلح وتقليل التراتبية الإدارية تعني إذا كان هيكلكم الإداري كل واحد مسؤول عن ثلاثة، أربعة، خمسة، فغيروه يعني معظم الأعمال كل واحد مسؤول على ثلاثة أو أربعة أو خمسة غيروا هذا إلى كل شخص مسؤول عن تسعة إلى اثني عشر هذا هو العدد الجيد. فأعيدوا تصور كيفية العمل وقللوا التراتيب الإدارية هذه نصيحة.

نصيحة أخرى رئيسية التفكير في مجالات عمل وأنشطة مهنية تتناسب مع كوفيد 19. لقد ذكرت لكم ما هي الوظائف التي ستقفز وما هي الوظائف التي ستتأثر وستظل متأثرة بعد الأزمة؟ فكروا خاصة إذا كان عملكم من النوع الثاني في كيف تعملون بطريقة مختلفة وكيف تفتحوا آفاقا جديدة لم تكن من قبل. 

ذكرت لكم أن التدريب هو من المجالات الرئيسية التي ستتأثر. من أكثر من سنة ونحن نرتب لمشروع مبادرون لتشجيع الشباب على المبادرات. فالآن نحن نغير نشاطنا المهني فإذا من البداية نحن فكرنا كيف ننتقل إلى عمل ونشاط مختلف. إذا أنا قمت بالنصيحة الأولى وهو أن بعض موظفين يشتغلون من البيت، ألغيت نصف المكان، غيرت الهيكل الإداري أخذت أيضا بالنصيحة الثانية وهي النصيحة المتعلقة بأننا دخلنا مجالات لم نكن نعمل فيها. ابحثوا عن المجالات الناجحة لا تظلوا في نفس عملكم إذا عملكم من وظائف التي ستظل متأثرة.

النصيحة الثالثة التوظيف بناء على المهارات والخبرة وليس الشهادات. أنا هذه نصيحة أعمل بها ولا أنظر للشهادة لا تهمني الشهادة، الشهادة زيادة خير. لكن الأصل عندي هو مهارة هذا الذي أمامي وخبرته ومهمته وسرعته هذا الذي يهمني. أكدوا على هذا المفهوم. بعض الناس توظف على الشهادات. الدراسات تشير إلى التالي أن معظم التوظيف الذي يتم على الشهادات معظم الفصل يتم بسبب السلوك السيء. فإذا انتبهوا أن نسبة الفصل بسبب السلوك خمسة وثمانين بالمئة من الفصل وليس بسبب الكفاءة.

فإذا لا تنظروا فقط إلى الشهادة انظروا إلى المهارات والخبرة والسلوك. أعيدوا بناء البنية التحتية الرقمية، استعملوا شبكة مختلفة، استعملوا أنظمة تقنية جديدة . 

نحن عندنا الشباب في الإبداع مبادرة منهم بارك الله فيهم قرروا مثلا في أكاديميتنا الإلكترونية التي من خلالها يتم التدريب الإلكتروني تغيير كل الموقع واستبداله بموقع جديد متطور أكثر ومتميز أكثر هذا كان قرارهم وأنا أدعمهم في قراراتهم رغم أنها مكلفة لكنها ستطور العمل تطويرا كبيرا فأنا أفكر على المدى البعيد ليس على المدى القريب. فهذا سيخدم زبائننا بشكل أفضل وهذه قيمة مضافة فشجعتهم على هذا الأمر وسنطلقها قريبا باذن الله تعالى. يمكن بعد هذه المحاضرة أن يكون انطلق هذا الموقع الجديد. فهذا إعادة للبنية التحتية الرقمية التي نشتغل عليها. وغيرها ومبادراتنا الحمد لله كثيرة في البنية التحتية. غيروا موقعكم غيروا شبكتكم، غيروا التكنولوجيا التي تشتغلون فيها إذا كانت قديمة، غيروا القانون العام كل ثلاث سنوات لابد أن يكون عندكم تجديد لعملكم الرقمي.

قانون آخر أو نصيحة أخرى توفير فرص أكثر للعمالة المستقلة التي نسميها التعاقدات الخارجية. كان عندنا مجموعة من الأخوة يشتغلون مخرجين مصممين لعملنا وعملهم ممتاز جدا لكن مع الأزمة حولناهم من الوظائف إلى تعاقد بالمشاريع. يمكن إن شاء الله مع الأيام مشاريعنا تكون أكثر حتى مما كانت أيام الوظيفة وإنتاجيتهم ستكون أكثر حسب همتهم. فهذا نسميه تعاقد خارجي وليس موظفا. لكن أنا متعاقد معه على مشروع حين ينتهي يأخذ مكافأته وحسب سرعته وجودته سأعطيه مشاريع. ففكروا أكثر بهذا الاتجاه. 

بالتأكيد طوروا الموقع الالكتروني، طوروا المنصة، أضيفوا بيانات زيدوا فيها تفاعل جددوها باستمرار. يحتاج الموقع تجديدا مستمرا تكنولوجيا ومن حيث المحتوى. ففكروا في الإتنين هذا التطوير التكنولوجي وإضافة محتويات جديدة باستمرار. 

من النصائح تسريع عملية اتخاذ القرارات. في بعض الشركات بعض المنظمات القرارات تأخذ عندهم المتوسط حوالي بين تسع شهور إلى سنتين. القرارات لابد أن تأخذ بحدود شهرين إلى ثلاثة أشهر فقط هنا نتكلم عن القرارات الكبرى القرارات الرئيسية أما القرارات السريعة في يومها يجب أن تنتهي. سرّعوا القرارات لا تجعلوا القرارات بطيئة.. اليوم العصر الرقمي لا يتحمل هذا البطء فتذكروا ذلك. 

والنصيحة الأخيرة إداريا هي مزيد من الإدارة الرشيقة والمرنة. هذه هي التوجهات الحديثة التي تستعمل اليوم في الصناعة وفي التطوير. هذه نشرحها أكثر في دورة أخرى اسمها مدخل إلى الإدارة الرشيقة إذا أنتم مهتمين تعرفوها يمكن أن تأخذوا الدورة هي دورة قصيرة تشرح لكم الإدارة الرشيقة والمرنة وسميتها مدخل إلى الإدارة الرشيقة المرنة. للأسف كثير من الناس لا يعرفونها رغم أن العالم يعرف هذه المصطلحات من الخمسينات ومن التسعينات. من ذاك الوقت واليوم الدنيا تطورت والناس كلها بدأت تشتغل فيها ونحن حتى الآن الكثير من شبابنا لم يسمعوا بها. اليوم من النصائح للجميع أن يستعملوا الإدارة المرنة والإدارة الرشيقة.

هذه هي اتجاهات المستقبل بعد كوفيد، هذه هي النصائح الإدارية أضيف لها نصائح إيمانية وهي الاستعانة بالله سبحانه وتعالى دوما قبل كل عمل وأثناء كل عمل وبعد كل عمل بالدعاء بالتخطيط بالتوكل الحقيقي على الله سبحانه وتعالى.

التوكل ما معناه؟ أننا نخطط ونبذل الأسباب ونستعمل أحدث الأساليب وأحدث التكنولوجيا. لكن بعد ما ننتهي لا نتوكل على كل شغلنا. نقول يا رب هذا الجهد وعليك التكلان. يعني نحن أنجزنا ما علينا وما نقدر عليه و النجاح والفشل هذا تقدير إلهي ونضيف لها معنى مهم وهو الرضا.

الرضا بالنتائج مهما كانت أحيانا تكون النتيجة مزيدا من الفشل ومزيدا من الابتلاء فنرضى. وأيضا من المهم جدا أن الإنسان لا يستسلم.

أختم بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المسجد النبوي يوما في وقت لم يكن وقت صلاة فالناس في أعمالها إلا واحدا فقط موجود داخل المسجد هو سيدنا أبو أمامة رضي الله عنه جالس مستند على عمود فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم ورآه مهموما وحزينا فقال له ما لك يا أبا امامة؟ قال يا رسول الله هموم اقلقتني وديون ركبتني أو غلبتني. قال عندي هم وعلي ديون، طبعا الجائحة كثير من الناس سببت لهم الهموم وسببت لهم كوارث مالية. فمثل أبو أمامة فالنبي صلى الله عليه وسلم رآه جالسا. قال يا أبا أمامة ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن رفع الله عنك همك وقضى عنك دينك. قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت قل الدعاء التالي. 

لكن فكروا في الدعاء وانا سأربطه بالجائحة. قال قل: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن. دعونا نفكر قليلا. الهم يتعلق بالمستقبل، القلق من المستقبل. والحزن هو الألم على ما حدث في الماضي. هو الرسول صلى الله عليه وسلم يقول له هنا يا أبو أمامة لماذا أنت جالس أصلا؟ قم اشتغل. لماذا جالس؟ بماذا مشغول؟ مشغول بالهم مشغول بالحزن؟ أعوذ بالله من الهم والحزن. 

الحل ما هو؟ هو العمل، اعمل لا تجلس مكانك. لنكمل الحديث وأعوذ بك من العجز والكسل العجز هو عدم العمل بسبب عدم المقدرة. والكسل هو عدم العمل مع وجود المقدرة. فأعوذ بالله من العجز أن تكون عندي عاهة أو شيء يمنعني من العمل. وأعوذ بالله من كسل أني قادر أعمل ومع ذلك جالس. هو النبي صلى الله عليه وسلم يقول له يا أبا أمامة لماذا أنت جالس؟ أنت ليس فيك عجز وتستطيع أن تمنع الكسل بقرار فقط أن تشتغل. فهو صحيح دعاء لكن في داخله نصائح. وأعوذ بك من الجبن والبخل. الجبن يكون في الجسد والبخل يكون في المال. إنسان خائف على جسده صحيا مثلا وخائف على ماله. كثير من الناس بسبب الجائحة لم يعد يحتك بالناس وبدأ يقلل عمله خوفا مما يصيبه وكثير من الناس لم يعد يستثمر وينفق ويعمل مشاريع يقول دعني احتفظ بها لليوم الأسود.

أعوذ بالله من الجبن والبخل يعني اشتغل وتحرك احتك بالناس لا مانع.. خذ الاحتياطات.. خذ التلقيح.. احمي نفسك واستعن بالله سبحانه وتعالى واحتك وفي نفس الوقت استثمر لا تترك أموالك جامدة بحجة اليوم الأسود.. لا هذا قد يكون بخلا وقد يكون جبنا حتى. والعمل يحتاج إلى شيئين: جهود عقلية واستثمار مالي كلاهما تحتاج أن تشتغل فيه وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. بعد كل هذا تستعين بالله سبحانه وتعالى أن يغلبك الدين وأعوذ بالله من قهر الرجال وهم الطغاة الذين دمروا البلاد والعباد وقطعوا الأرزاق وأدخلوا الناس في السجون فأعوذ بالله أن يصيبني بلاؤهم. فتستعيذ بالله وتستعين بالله لكن بعد ما تعمل ما عليك وليس وأنت جالس. فهذه هي نصائح التوجهات إداريا وإيمانيا. فنسأل الله لنا ولكم التوفيق في الدنيا والآخرة والشكر لشركة الإبداع على تبنيها لنشر هذا الموضوع للجميع. لا تنسونا من صالح دعائكم.