بين بزوغ فجر بداية الموسم الدراسي وأفول شمسه، تطالعنا مسألة توقيع محاضر الدخول أو الخروج، وما تخلفه من ردود فعل تكاد تجمع على شكلية هذا الإجراء.

ورغم ذلك، فالأطر الإدارية والتربوية مطالبة بهذا التوقيع حضوريا يدويا في مقرات العمل، في التاريخ المحدد وفق المقرر الوزاري كل سنة دخولا وخروجا.

غير أن هذا الإجراء وإن بدا للبعض بسيطا، لأن مقر سكنه يأخذ بناصية مقر عمله قربا، فإن فئة أخرى تحتاج إلى الزاد والراحلة كي تحج إلى مقر العمل لتخط توقيعا لا يجد له المتتبع أهمية.

مع العلم أن ثلة من الأساتذة ينفق مالا وزادا غير يسيرين، بل وقته الثمين، كي ينتقل إلى مقر عمله ليوقع هذا المحضر، وإن كان بعضه يستساغ على مضض في ظل حالة السواء، وأقصد بها ما قبل الكورونا. 

أما حالة الوباء التي يعيشها العالم، فكانت تستدعي إجراءات استثنائية، من قبيل إلغاء هذا الإجراء أو على الأقل التفكير في وسائل تحقيقه دون المساس بصحة أفراد هذه الهيئة التربوية، مثل التوقيع عن بعد، على غرار التعليم عن بعد، رغم ما قد يشوب هذه العملية الإلكترونية من مخاطر وأخطار وتحايلات، أهمها قضية إثبات الهوية الفعلية للموقع.

وهكذا، فهذا النوع من التوقيع، بغض النظر عن كونه شكليا، سيحل مشاكل متعددة؛ منها: تقليل نفقات هذه الفئة من الموظفين وعدم إضاعة وقتهم فيما ليس فيه نفع لا لهم ولا لغيرهم، فماذا يستفيد شخص سيقطع مئات وآلاف الكيلومترات؟ ينفق فيها مالا وصحة وتأخذ من عمره ساعات طوالا إن لم تكن أياما. فلا صحة سليمة أبقى، ولا مالا ادخر، ولا وقتا استغل.

والذي لا يجد له المتتبع تفسيرا هو كيف لهذه الهيئة التربوية والإدارية أن تعرض نفسها للإصابة بوباء كورونا من أجل "خربشة" لا تكاد تفيد؟ كيف لهم أن يركبوا وسائل نقل تحتمل نقل العدوى؟ إضافة إلى تعريفة مضاعفة فعوض 100 درهم تؤدي 200 وهكذا.

لماذا لا تفكر الدولة في حل وسط يرضيها ويرضي الموظفين؟ ويحفظ صحة وأمن المواطنين، وهو شعار ما فتئ يطرق آذاننا صباحا ومساء في الخطابات الرسمية.

إن مثل هذه القرارات الصادرة عن الوزارة لتبين بجلاء تناقضا كبيرا، فالدولة من جهة تبذل قصارى جهدها لوضع أساليب وقاية الصحة والمحافظة عليها وهذا أمر محمود، ومن جهة ثانية تصدر هذا القرار الذي يفرض على هذه الشغيلة الانتقال عبر بقاع المملكة المترامية الأطراف وهو أمر يبدو سلبيا تماما.

مع العلم أن الوثيقة لم تشر إلى طريقة توقيع محضر الدخول، لا من بعيد ولا من قريب، وهو ما يترك الباب مفتوحا للتأويلات، في ظل أزمة كورونا وباستحضار توقيع محضر الخروج للموسم الفارط، مع أن فقهاء النص، يذهبون بناء على الظاهر، إلى احتمال بقاء الأصل على أصله؛ أي التوقيع حضوريا ما لم ينسخه ناسخ، وهذا الناسخ لا تكاد تجد له ذكرا ولا تشم له ريح قميص يوسف، ونحن على أبواب الدخول المدرسي لموسم 2021_2022.

وعلى كل حال، فالشغيلة التعليمية بمختلف تلاوينها تطمح إلى إجراء يخفف عنها شبح هذا التوقيع هذه السنة خصوصا في ظل ويلات كورونا، الوباء العالمي الذي يستدعي الانخراط الجدي والتخطيط العقلاني للمحافظة على المكتسبات وتصحيح التدابير المجحفة. فكم مسألة إيجابية اعتمدتها الدول استفادة من كورونا. فلا مناص إذن من حل يرضي الجميع.

وفي الختام، أقول لقد ولى عهد بعض التشريعات والممارسات نظرا لانصرام زمنها، وحل زمن المرونة والوسائل التقنية التي تيسر كثيرا من الأعمال وتقدمها عن بعد، حفاظا على عز وشموخ هذا القطاع وأهله، وضمانا لسير المرفق العمومي وما يتطلبه من إجراءات قانونية لابد منها.