قدّر الله لي أن أشتغل عدة مناصب ووظائف في شركات ومؤسسات مالية عملاقة، ومنها عالمية، ولله الفضل دائما كنت موظف متميّز بشهادة الإدارة والزملاء والعملاء، وهنا أحاول أن ألخص لكم تجربتي المتواضعة حول التميّز والترقية في العمل.

أولا: إتق الله!

   لا أنسى أبدًا  ذات مرة عندما إتصلت بوالدي لكي أخبره بأنه تم قبولي لوظيفة في أحد البنوك المعتبرة، وعلى الفور وقبل أن يبارك الأمر قاطعني بالحديث ناصحًا قائلاً تاليًا:  تذكّر يا ولدي قوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [سورة البقرة الآية 181]. (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [سورة الزمر الآية 13]. هذه الآيات كانت قد سطرت وقوّمت ما بعدها وأنقلها لكم حتى تراقبوا الله في عملكم في كل مكان وحتى في أبسط الأمور.

ثانيًا: الانطباع الأول دائما ‏( First impression last’s )

والحقيقة أن هذه المقولة مهمة ويجهلها الكثير، كنت أهتم جيدًا بأن أبعث إنطباع ممتاز عني وعن عملي، وخصوصا في أيامي الأولى حيث كنت أهتم بأن أتقن العمل، أعمل لساعات إضافية ومتأخرة أحيانًا إذا إحتاج الأمر، أجتهد أكثر، لباس لائق وغيرها  من الأمور التي يغفل عنها الكثير من الموظفين. حينها توّهموا أني عملت 100 ساعة في اليوم، أمّا في الوقت الحالي سواء وصلت متأخرا أو تغيبت، لا أحد يستطيع أن يناقشني أو يشكك في قدراتي ومهنيتي، وأن أنجز ما يتوجب علي بالوقت المحدد.

ثالثا: الوقت

 لا أريد أن أصدع رؤوسكم بالإقتباسات حول أهمية الوقت ولكن في نظري الإنسان الذي يحترم مواعيده ولا يتأخر، ثقافتة  هذه تدل على مستواه الراقي. دائمًا كنت أحضر للعمل حتى قبل وصول المدير أو المسؤول في الشركة، وأذكر مرة إقترح علي أن أفتح المكاتب صباحا، وأن أغلقها مساء بسبب وصولي باكرا ومغادرتي في وقت متأخر.

وأكثر ما يزعجني هي فئة تعمل حسب قوانين هم من وضعها لأنفسهم وعلى سبيل المثال: "دخل وقت آذان العصر يجب الذهاب الآن للبيت لأداء الصلاة "، يا الله غابت الشمس…" سأخرج الآن. الساعة أصبحت 16:00 لنغادر!.

أخي الكريم، إذا كنت من هذه الفئة فلن تصل أبدا. أنا أدعوك أن تؤدي الصلاة في وقتها ومن ثم تكمل عملك، لا تعمل حسب الضوء، ولو أردنا ذلك لنصحتك أن تقوم للعمل من صلاة الفجر، وإياك أن تضع في عقلك أن العمل فقط بين الساعات 8:00 صباحا و 16:00 مساء
إعمل حسب طاقتك!

رابعًا: إسأل ولا تكن كثير السؤال! 

إذا كنت لا تعرف شيء ما، أو لا تجيد أمر معين فهذا ليس عيبًا ولا حرامًا، وعلى العكس هذه هي الطبيعة البشرية ولكن قبل أن تسأل...هل حاولت؟ هل جرّبت؟ " كسّرت رأسك؟ ". بعد هذا كله إسأل سؤالك لمن هم مختصون وأرجوك لا تفكر أنهم سيقومون بالعمل بدلاً عنك! - لا أحد يفعل هذا - وإسأل السؤال بالطريقة الصحيحة لأنك إذا سألت بصيغة خاطئة ستحصل على إجابات حتمًا خاطئة.

خامسًا: العملاء (الزبائن)

 إذا كنت في منصب وتقدم خدمات للجمهور أرجوك أن تتواضع للناس وأن تخدمهم بصدق وأن تتذكر - أنت لا تسدي لهم معروفًا...أنت تتقاضى معاش- ولا بد أن تدرك أن المعاملة الحسنة والإبتسامة وصيغة الكلام هي المفتاح لقلوب الناس، ثُمَّ ألا يكفيك أنك تدخل في حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام "من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، و الله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ". والأهم، أنَّ هذا الزبون إئتمنك على أسراره فلا تنقلها للغير وإحتفظ بها لنفسك!.

 وحتى لا أطيل عليكم نكتفي بهذه الخمسة وتذكروا إذا اتبعتم هذه الخطوات لا تسألوا حينها عن الترقية، لأني أبشركم في وقتها إتصل بي  المسؤول ليخبرني بأنه تمت ترقيتي لمنصب أعلى، وهذا كله بعد أقل من شهر من بداية العمل والفضل كله لله سبحانه جلّ في علاه.