القراءة تتعدى بعدها المعرفي العام إلى بعد أكثر عمقًا وأثقل في ميزان الحياة العامة، لذلك كان أول ما ابتدأ به القرآن الكريم هو كلمة "إقرأ"، بالمعنى الذي يشتمل على التعبد والمعرفة والعلم. 

إنّ للقراءة شأنها التعبدي الكبير في موروثنا الإسلامي، بداية بالقرآن الكريم وانتهاء إلى أمور الدنيا وشأن الخلق فيها، أما إذا خصصنا الذكر بالكتب الإيمانية فإننا نرتقي بها درجة في الهمة للتحصيل الإيماني وكذا المعرفي، ففيها البركات ويصبح أجر الحرف فيه بمائة ويزيد، بل وفي كل فكرة استزادة، فالتأمل في كتاب الله المستور أجرٌ وفي كتابه المنظور أجر، وللمعرفة أجرها، وكذا تدبر أفهام العلماء ممن سبحوا في ملكوت القرآن وأخرجوا لنا منه روضا وزهرا وأقحوانا، إنّ في تدبر أفهامهم أجر مضاعف كذلك، سواءً من أنصت لهم أو قرأ بين طيات كتبهم، كلّ ذلك الأجر حريٌّ بالمؤمن أن يقتفيّه طيلة السّنة.. 

أما عن بديع ما خطت أنامل العلماء في شأن التدبر والذكر والتأمل والحكمة فهو كثير لا نكاد نجد له عددا ولا حصرا، فآيّ القرآن واسعة رحبة، وكذلك أغوار التأمل والتدبر فيها، ولأننا في حاجة دائمة لحصد الخيرات فإنّا نقترح بعض العناوين التي قد يستزيد بها القارئ خشوعا وتأملا وتدبرا ويزيد بذلك أجره وثوابه ويحفظ سمته الإيماني.

حَلِّق مع المعاني العوالي الصوافي..

إذا كنت من طالبي الحكمة، ممن يحبون الجلسات التعبدية التي تصفو بالروح لسماء المعاني الجليلات والحكم المستنيرات، فليس لك إلا أن تخصص في يومك قسطا من الحكمة مع كتاب «الحكم العطائية» لابن عطاء السكندري، والذي يليق أن يكون رفيق المؤمن في رحلته التعبدية، لما فيه من معان راقية، وحكم عميقة تغرس في الروح حب التبتل والقرب، وتنهاها عن الابتعاد والزيغ، بين طيات هذا الكتاب ستجد ضالتك وهي كذلك طالما كانت الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.

للباحث عن فن التبتل والدعاء..

 

إن كنت تبحث عن فنٍ تذكر به الله وتتبتل إليه رجاءً وطلبًا فها هو «فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء» للشيخ محمد الغزالي رحمة الله، يُعدّ هذا الكتاب من أجمل روض الدعاء والذكر الجميل والتعبد الحسن ففيه جوانب من الذكر والدعاء في حياة النبي صلّ الله عليه وسلم، ومجموعة أدعية من الأثر النبوي الشريف في جميع أمور الحياة مع معانيها وفوائدها، من أجل جعل الذكر عبادة ومنهجًا، والرقي بالعبد لمصاف يأنس فيه بجوار الأنبياء الأصفياء.

كي ترتقي بروحك.. 

"يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته** أتطلب الربح مما فيه خسران

أقبل على النفس واستكمل فضائلها** فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان

وامدد يديك بحبل الله معتصما** فإنه الركن إن خانتك أركان" 

في كتابه «روضة الروح» يعظنا الشيخ محمد كشك مواعظًا تذوب فيها غرائز النفس ونوازع الشر فيها، وتنتهي إلى استصغار عظائم المادة وتعظيم صغائر العبادات والأذكار، ما يرتقي بالروح ويجعلها مستقلة عن براثن الجسد الخطّاء، في هذا الكتاب ستدرك معان عدة عن الروح وعن سبل ارتقائها ورقيها عن أوحال الدنيا.. 

ببساطة سيأخذك هذا الكتاب في رحلة نحو الإدراك العميق بما قد يفسد عليك صفاءك ورونقك وراحة ضميرك ويجعلك تتحسس مكامن الداء وتخلص بعد ذلك إلى الدواء.

جدّد رؤيتك للعالم وتدبّر!

 


أما إن كنت من السالكين لسبل التدبر والخشوع، راغبًا في أوّل "ختمة تَدبر" تُحسِن فيها مُدارسة المعاني وإزاحة الانحرافات الفكريّة، فعليك بكتاب «الطريق إلى القرآن» لإبراهيم السكران، أين يشق بك طريق التدبر في منهاج سلس جميل، كأنه النبع الزلال الذي لا تظمأ الروح بعد شربة منه، مع هذا الكتاب ستكتشف بعدا جديدا في التدبر، بعدا عميقًا واسعًا، يُجدّد رؤيتك ويرفع همتك ويُزيح ذاك البُرود الفكري الذي قد تُعامل به القرآن باعتباره مُجرد سرد معلومات وقصّص، الشيخ السكران يمنحك وعيا فريدًا بالرسالة القرآنيّة وكيف تُقلّب شخصيتك ومعاييركَ وموازينكَ وحميّتَك، كيف تصوغ علاقتَك بالعالم أجمع وبالمعارف والتاريخ. 
في هذا الكتاب، ستكتشف الفرق المُبهر الذي ميّز الصالحين في فهمهم واستقرار تفكيرهم ببركةِ القرآن، وكيف أكسبتهم تلك البركة قوّة الإرادة وراحة النّفس رغم اشتداد صراعات الأفكار، ستقرأ حصيلةً نادرةً وخطراتٍ متميّزة وتباريحَ ثريّة حول واقع القرآن وآثاره المُبهرة الحسيّة والمعنويّة. 

تأمّل في «مجالس القرآن»

أما إذا كنت ممن يريدون أن تكون لهم جلسات تأملية في أعماق الكتب والحصول على عطايا الفهم للقرآن الكريم فها هو مجلد «مجالس القرآن» لكاتبه المغربي فريد الأنصاري، والذي يتألّف من ثلاثةِ أجزاءِ، يُحلق بك الأنصاري في كل آية وسورة بمعان جليلة، ويورد معينا عذبا من الفهوم السامقة والرؤى العميقة، ففيه تبدأ رحلتك الأولى مع فاتحة الكتاب لغاية ختامه، قد تتخير لك سورا تتأمل معانيها، وقد يروي ضمأ الفهم والمعرفة لديك تدبر آيات متفرقات شق عليك فهمها وتفسيرها، ستجد في الكتاب ما يروي ظمأك ويزيد..