يقدر تقرير صادر عن الاتحاد الأفريقي أنه بسبب جائحة COVID-19: "ما يقرب من 20 مليون وظيفة، في كل من القطاعين الرسمي وغير الرسمي، مهددة بالتدمير"، ويرجع السبب المحتمل للاضطراب الاجتماعي بنسبة كبيرة إلى ديموغرافية الشباب المركزة في أعمار (15-24 سنة)، والتي يبلغ مستوى البطالة فيها ضعف مستوى كبار السن.

أصغر قارة في العالم

تعد أفريقيا من الناحية الديموغرافية أصغر قارات العالم وبحلول عام 2030، ستكون خمس القوى العاملة العالمية -ما يقارب ثلث القوى العاملة الشبابية العالمية- من هذه المنطقة، في حين أن 10 إلى 12 مليون شاب يدخلون القوة العاملة كل عام، ويتم خلق 3 ملايين وظيفة رسمية فقط. في الواقع، من المرجح أن يؤدي تأثير جائحة COVID-19 المستمر إلى تفاقم هذا الاتجاه، والجدير بالذكر أنه في الشهر الأول من الأزمة، قُدر أن دخل العمال غير المهيكلين في المنطقة انخفض بنسبة 81٪، وفي أفريقيا هناك (85.8٪ من العمالة، و95٪ من عمالة الشباب) غير رسمية، تعرّف منظمة العمل الدولية العمالة غير الرسمية على أنها "العمالة من دون حماية قانونية أو اجتماعية"، غالبًا ما يتميز هذا العمل بأجور منخفضة وساعات عمل غير منتظمة وحالة عمل غير مؤكدة وظروف عمل خطرة.

تؤدي بطالة الشباب الواسعة النطاق إلى الاضطرابات

ومما يثير القلق أن الجمع بين العائد الديموغرافي للمنطقة والركود الأول منذ 25 عامًا قد يزيد على الأرجح من مخاطر الاضطرابات الاجتماعية، هناك قدر كبير من الأدبيات التي تجادل من منظور نظري وتجريبي بأن البطالة الكبيرة بين الشباب -المرتبطة بعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والفساد- هي محرك لعدم الاستقرار وانعدام الأمن الوطني.
على سبيل المثال، كان الوصول إلى وظائف جيدة مطلبًا رئيسيًا ومحركًا رئيسيًا لاحتجاجات الربيع العربي، علاوة على ذلك في تقرير المخاطر الإقليمية لممارسة أنشطة الأعمال 2020 للسنة الثانية على التوالي حددت الأعمال "البطالة أو العمالة الناقصة" على أنها الخطر الأكبر في المنطقة.

للقطاع الخاص دور يلعبه

في حين أن المسؤولية الأساسية عن السلام والأمن والتنمية يجب أن تقع على عاتق الحكومات، فإننا نشهد قبولًا متزايدًا واستفسارًا عن النهج المتعدد المسارات لمنع الصراع، حيث تكمل جهود القطاع الخاص جهود القطاع العام وقطاع المجتمع المدني، يشير تحليل الأنماط عبر دراسات الحالة إلى أن الشركات يمكنها المساعدة في إرساء السلام أو إدامته أو التخفيف من حدة الصراع، وبُذلت محاولات لوضع إطار نظري لقياس آثار أنشطة القطاع الخاص على تنمية السلام والأمن.

 الفعالية في منع الصراع وبناء السلام تمضي من التدخل "Intervention" إلى العوامل الدافعة الرئيسية للنزاع (العوامل التي من دونها لن يكون الصراع موجودًا أو سيكون مختلفًا بشكل كبير).

لدفع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص إلى تغيير العوامل الدافعة للنزاع والعنف بشكل كافٍ لتحقيق نتائج إيجابي، يجب أن تكون هناك نظرية تغيير واضحة تحلل الدوافع الرئيسية للصراع والقدرة على الصمود، وتصور استراتيجيات لتحويل ديناميات الصراع. خرائط التحويل هي أداة معرفية يمكن أن تساعد أصحاب المصلحة على الانتقال من الأدلة القصصية إلى فهم أكثر صرامة ومنهجية لدوافع الصراع والقدرة على الصمود.

لزيارة خارطة التحويل الخاصة بأفريقيا في موقع المنتدى الاقتصادي العالمي:
https://intelligence.weforum.org/topics/a1Gb0000000LGk6EAG?tab=publications

منهجية الحد من الصراع

والأهم من ذلك أن أي دور للأعمال لا يمكن إلا أن يتكامل مع العناصر الأخرى لمنع الصراع ولا ينبغي اعتباره منفصلاً، فأحد الآثار الضمنية لمنظور الأنظمة لمنع الصراع وبناء السلام هو أن تأثير أي تدخل ينشأ من التأثيرات التي تحدثها الأنشطة على محركات الصراع داخل نظام صراع أكبر، وليس من أي سلعة جوهرية تأتي من نشاط قائم بذاته.

على سبيل المثال، هناك ما يقدر بنحو 9 ملايين شخص (معظمهم من الشباب) في إفريقيا يشاركون بشكل مباشر في التعدين الحرفي والصغير الحجم (ASM) ويعتمد 54 مليونًا إضافيًا بشكل غير مباشر على التعدين الحرفي والصغير الحجم لكسب عيشهم، في معظم البلدان الأفريقية، يعتمد 5-20٪ من السكان بشكل مباشر على تعدين الذهب الحرفي والصغير الحجم ومع ذلك ، فإن جميع الأنشطة الحرفية والصغيرة الحجم تقريبًا غير رسمية وتحدث خارج الأطر القانونية، وبالتالي فإن التجارة غير المشروعة في المعادن تساهم في الصراعات العنيفة.

تحاول شركات التعدين العالمية معالجة هذه الدوافع المنفصلة للصراع -العمالة الضعيفة، وعدم المساواة والإقصاء- من خلال تزويد عمال المناجم الحرفيين بالدعم الجيولوجي والقيمة المضافة والدعم الإداري، ولكن يجب دمج هذه التدخلات على المستوى المحلي في الآليات الإقليمية والدولية التي تضفي الشرعية على أنشطة تعدين الذهب الحرفي والصغير الحجم وإضفاء الطابع الرسمي في جميع الحالات، يجب تنفيذ هذه التدخلات بطرق تقر بأولوية الجهات الفاعلة المحلية، وتكون حساسة للسياق المعقد، وتساعد على بناء الثقة.

في أعقاب جائحة COVID-19، سيكون هناك طلب أكبر على الأمن الوظيفي في أفريقيا، وستكون هناك حاجة إلى مزيد من تطوير نماذج الأعمال الشاملة التي تسهل انتقال الشباب إلى الاقتصاد الرسمي، والذي بدوره سيقلل من مخاطر عدم الاستقرار.