من تحرير: غيث البحر وريم بركات
 
الدراسات الاستثمارية Investment Research
ما هي أسباب فشل الشركات الناشئة؟

هل تساءلت يوماً لماذا تفشل معظم الشركات في السنوات الأولى من تأسيسها؟ هل تعلم ما هي أهم أسباب فشل تلك الشركات؟ هل تعلم ما هي علاقة ذلك بدراسات السوق؟ هل تعرف ما هي الدراسات الاستثمارية وما علاقتها بضمان نجاح الشركات الناشئة؟
56% فقط من الشركات تصل إلى السنة الخامسة منذ تأسيسها حسب موقع Small business trends، وإن أهم سبب لفشل الشركات هو عدم وجود حاجة للخدمات التي تقدمها أو خطأ في طريقة طرح الخدمة والذي مثل 42% من أسباب فشل الشركات، أما باقي الأسباب فكانت تتعلق بـ أخطاء في التسعير إذ لم يتم تقدير سعر المنتج مقارنة بالمنتجات المنافسة والقيمة المضافة التي يقدمها للزبائن، طرح المنتج في السوق بطريقة خاطئة، الخطأ في تصميم المنتج إذ لم يكن المنتج صديقاً للمستهلك، ولم تتم متابعة التغذية الراجعة للعملاء وآرائهم حول المنتج وتطويره بحيث يتجاوز تلك الأخطاء.

            الشركات الناشئة التي تقع فيها الأخطاء

كما تبين الدراسة السابقة والعديد من الدراسات حول أسباب فشل الشركات الناشئة ورواد الأعمال تتعلق بعدم دراسة الزبائن من قبل مؤسسي الشركة وقلة المعلومات حول المنافسين والمنتجات المنافسة، بالإضافة إلى عدم متابعة المنتج وتطويره بشكل يمكن أن يكتسب من رضا العملاء ويحقق القدرة على المنافسة في السوق، وهي الأسباب الرئيسية التي تجعل الشركات تهبط تدريجياً حتى تصل إلى مرحلة الانهيار والإغلاق. ومثال ذلك ما حصل مع شركة EXEC، فحسب موقع Startup Graveyard قدمت الشركة خدمات التنظيف التي يتم طلبها عن طريق الانترنت، لكن الشركة عانت من الكثير من المشاكل وقد تم إغلاقها من قبل المؤسسين بعد التعرض لخسائر كبيرة بسبب عدم الخبرة في المجال المطروح، بالإضافة إلى صعوبة حصول الشركة على العملاء بسبب عدم تصميم خدمة تحقق احتياجاتهم وذلك نتج عن تنويع الشركة لخدماتها مما أدى إلى عدم تركيز الجودة في خدمة واحدة وإضاعة مجهوداتها في عدة خدمات، ومما زاد من المشكلة إهمال متابعة رضا العملاء والتغذية الراجعة فبذلك لم تنتبه الشركة إلى أخطائها في الوقت المناسب.

ما علاقة الدراسة الاستثمارية بدراسة الجدوى الاقتصادية؟

إن أغلب الشركات تقوم بدراسات جدوى مختصرة تركز فقط على التفاصيل المالية والفنية ولا تركز على تصميم المنتج وتحليل العملاء وسلوكهم ودراسة المنافسين الموجودين في السوق، وذلك لأن بعض الدول لا تمنح الترخيص للشركات دون إجراء دراسة الجدوى الاقتصادية، فتحولت دراسة الجدوى إلى إجراء شكلي لتحقق الشروط الحكومية الأمر الذي يجعل الشركات تقع في الكثير من المشاكل لعدم صحة دراسات الجدوى التي يقومون بها، وأغلب هذه المشاكل تنتج عن التساهل والتغاضي عن الأمور التي يمكن أن تكون أكثر من مهمة لنجاح الشركة واستمراريتها، ومن هذه الأخطاء التي تقع فيها الشركات التقليل من أهمية الدراسة الاستثمارية التي بإمكانها أن تقلل من هدر رأس المال التأسيسي وتضمن تحقيق واردات تساعد على بقاء الشركة وقدرتها على ضمان حصتها السوقية، يضاف لذلك الدور الهام الذي تلعبه الدراسة الاستثمارية في ضمان تقديم دراسة جدوى اقتصادية دقيقة، وتأثير المعرفة بسلوك العملاء والمنافسين على الكثير من التكاليف وأنشطة التسويق، بالإضافة إلى تقديرات العائدات والمدة المطلوبة لاسترداد رأس المال التأسيسي. وبالتالي يمكن القول بأن تأسيس شركة دون الاعتماد على دراسة السوق يعتبر من أكبر أسباب فشلها.

        نسب الشركات الفاشلة منذ سنة التأسيس

ما هي خطوات تنفيذ الدراسة الاستثمارية؟

يمكن تعريف الدراسة الاستثمارية على أنها إحدى منهجيات دراسات السوق، وتخصص بكونها دراسة السوق لأجل تأسيس الشركة وتعتبر مزودة للمعلومات المطلوبة لإنجاز دراسة الجدوى الاقتصادية. للحصول على دراسة استثمارية مفيدة، يجب تنفيذها وفق أربع مراحل هي:

          1.اختبار فكرة المشروع (Idea Validation): التي تأتي في أولى خطوات الدراسة الاستثمارية لاختبار صحة فكرة الشركة التي نريد تأسيسها، وتتألف عملية اختبار فكرة المشروع من ثلاثة محاور هي توافر الإمكانات الداخلية لنجاح المشروع ويعني ذلك رأس المال التأسيسي والخبرات المتوفرة التي يمكن أن تزيد من فرص نجاح الشركة والخبرات المطلوبة لاستكمال متطلبات العمل ومدى إمكانية تأمينها. يلي ذلك اختبار بيئة السوق المتعلق بقطاع العمل ومن أهم ما يتعلق بذلك بيئة المنافسة والموردين والعملاء ومدى إمكانية دخول منافسين جدد. في النهاية يأتي تقييم البيئة الاقتصادية في الدولة التي يتم الاستثمار فيها، كقوانين العمل والاستقرار الاقتصادي والتكنولوجيا المتوفرة والطاقة وكل ما يتعلق بالشؤون البيئية المتأثرة بهذا النوع من العمل.

        2.ورقة المعلومات الأولية (White Paper): قبل البدء بدراسة السوق المفصلة يجب الإجابة على العديد من التساؤلات التي تساعد على تحديد إطار عمل الشركة ودراسة السوق ومنها: هل على الشركة البيع في الأسواق المحلية أم التصدير؟ وأي الدول التي تمتلك الفرصة فيها؟ أو أي الأقاليم المحلية؟ ما هي شرائح العملاء التي ينصح باستهدافها؟ ما هي صفات المنتجات القادرة على المنافسة (من ناحية الجودة وشكل المنتج وحجمه...)؟ وما هي أكثر المنتجات التي تزايد الطلب عليها مؤخراً؟

عادة يتم جمع بيانات ورقة المعلومات الأولية من المصادر الثانوية (دراسات سابقة ومصادر حكومية ومصادر الجمارك)، وتجمع المعلومات فيها حول السنوات الثلاث الأخيرة، ويمكن القول بأن هدف ورقة المعلومات الأولية هو البحث عن الثغرات الموجودة في السوق واستغلالها كمدخل للسوق تستفيد منه الشركة للمنافسة والاستحواذ على حصتها السوقية.

      3.دراسة السوق (Market Research): هدفها الرئيسي تأمين جميع المعلومات اللازمة لبناء دراسة الجدوى الاقتصادية وتأسيس الشركة بشكل صحيح، ومن أهم المعلومات التي تقدمها هي وصف المنتج وطريقة طرحه وتطويره ليلائم احتياجات السوق والزبائن أو إن كانت خدمة فتدرس بطريقة تلبي حاجة الزبون، بالإضافة إلى دراسة التنافسية الموجودة في السوق وكافة تفاصيل المنتجات المنافسة والمنتجات البديلة وكيفية جعل منتجنا قادر على المنافسة أمامها، والمعلومات المتعلقة بأساليب التسويق وقنوات البيع الأنسب. يضاف لذلك كافة المعلومات المتعلقة بالشروط القانونية لتأسيس الشركة، وكافة التكاليف المالية المطلوبة للدراسة المالية في دراسة الجدوى.

إن المعلومات التي تؤمنها دراسة السوق تكون تفصيلية قدر الإمكان، لأن أي إهمال لتفاصيل أو جزئيات مهمة قد تنعكس مثلا على فشل المنتج في المنافسة، أو على تكاليف لم تكن في الحسبان. وتعتمد دراسة السوق في العادة على بيانات أولية يتم جمعها بشكل مباشر من خلال مقابلات مع الزبائن المتوقعين واستشارة خبراء مختصين في مجال العمل...

      4.دراسة الجدوى الاقتصادية (Feasibility Study): تغطي دراسة الجدوى الاقتصادية أربعة محاور رئيسية هي الدراسة القانونية والدراسة الفنية والدراسة التسويقية والدراسة المالية.

ما الذي يجب أن أضعه في عين الاعتبار عند تنفيذ الدراسة الاستثمارية؟

من الضروري الانتباه إلى أن الدراسة الاستثمارية هي عملية متراكمة، أي أنها لا تتم لمرة واحدة وتنتهي، فكما لاحظنا في خطوات الدراسة الاستثمارية بأنها عملية متتابعة تساعد على بناء معرفة متراكمة حول كيفية ضمان نجاح الشركة. يضاف لذلك أهمية وجود المرونة في العمل خلال مرحلة التأسيس، ومنها ألا تعتبر نتائج الدراسة الاستثمارية جازمة وإنما يتم اختبارها وتعديلها حسب النتائج التي نحصل عليها خلال عملية الاختبار، أي لضمان نجاح الشركة والدراسة الاستثمارية ينصح الاستمرار خلال السنوات الأولى من عمر الشركة (خاصة في أول سنتين) أن يتم طرح المنتج وخدمات الشركة في السوق ضمن شرائح محدودة من الزبائن وقراءة ردود الأفعال والتغذية الراجعة، بالإضافة إلى البحث عن المشاكل التي يعاني منها الزبائن وتحويلها إلى فرص أو تطوير المنتجات لتحل هذه المشاكل، ومحاولة اكتشاف مشاكل الزبائن مع المنافسين لمحاولة الاستفادة منها لزيادة الحصة السوقية للشركة. كل هذه التفاصيل تعني أننا لا يجب أن نقصر الدراسة الاستثمارية على مرحلة ما قبل إطلاق الشركة وإنما يجب أن نستمر بقراءة السوق وتطوير نموذج العمل التجاري للشركة.