بالرغم من الحجم الكبير للأرقام السلبية التي تعاني منها معظم اقتصاديات العالم، بما فيها تركيا التي تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، حقق الاقتصاد التركي معدل نمو اقتصادي 4.5 %  خلال الربع الأول من الحالي، حيث كان هذا المعدل المرتفع، امتدادا لنتائج للربع الرابع من العام 2019 والذي تحقق فيه نمو اقتصادي وصل إلى 6.1% . وتشير معظم التقارير إلى أن الربع الثاني سيكون هناك انكماش واضح نتيجة الاغلاقات التي صاحبت فيروس كورونا. ولكن مع بدء العودة التدريجية للنشاط الاقتصادي  من المتوقع أن تخف حدة التأثير على الاقتصاد في الربعين الثالث والرابع من هذا العام (ما لم تحدث انتكاسة على صعيد السيطرة على فيروس كورونا)، كما سيكون لمعدل النمو المتحقق في الربع الأول وزن مهم في الرصيد السنوي للعام 2020.  

وعليه فإن سير الأمور كما هي مخطط لها، وعودة الحياة بشكل تدريجي مع بداية هذا الربع وهو الثالث واستمرت حتى نهاية العام ( دون حدوث أي انتكاسة) فسوف تكون توقعات البنك المركزي منطقية جدا وهي  نمو اقتصادي 1.2%.

وبالرغم من عدم استقرار المؤشرات على الصعيد الداخلي في معظم الدول، إلا أنه يبرز في الأفق العديد من الإشارات الايجابية التي من شأنها تعزيز مكانة تركيا الاقتصادية في المستقبل القريب، حيث أن التغيرات الدراماتيكية على الساحة الدولية، والفجوة التي برزت على السطح بشكل واضح مع انتشار فيروس كورونا، سوف تلقى بظلالها بشكل كبير على العلاقات التجارية بين الدول، وعليه سوف تتيح هذه التطورات فرص للعديد من الدول ومن ضمنها تركيا، ومن هذه الفرص:

 خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانتهاء الاتفاقات التجارية التي كانت موقعة بين الطرفين، أصبح لزامًا على بريطانيا البحث عن شركاء تجاريين جدد، فحجم التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بلغ 511 مليار دولار في العام 2019 ( 318 مليار دولار واردات بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، 193 مليار دولار صادرات بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ) وعليه مع توقف الاتفاقيات سوف تكون تركيا أحد أفضل البدائل لبريطانيا لتوسيع حجم التجارة معها، خاصة وان الاقتصاد البريطاني يمثل 3.14 % من الاقتصاد العالمي.

 توتر العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي

مع إقرار الصين لقانون الأمن القومي في هونج كونج، أصبح الاتحاد الأوروبي مجبر على اختيار واحد فقط بين أكبر شريكين تجاريين إما الصين أو الولايات المتحدة ، وعليه فإن اختيار الاتحاد الأوروبي لتقليل علاقاته التجارية مع الصين، سوف يتيح فرصة كبيرة لتركيا لتوسيع تجارتها مع الطرفين وتعويض النقص الناتج عن التغيرات الجديدة، فالصين ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بحجم تبادل تجاري يصل إلى 645 مليار دولار ( 225 مليار دولار واردات صينية من الاتحاد الأوروبي، 420 مليار دولار صادرات صينية للاتحاد الأوروبي).

 كما أن الحالة الاقتصادية التى فرضها فيروس كورونا على الاقتصاد الأمريكي سيجعل الإدارة الامريكية تضغط أكثر في تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الصين، وبالتالي تولد فرص توسعية أكبر لتركيا على صعيد التجارة الدولية.

 التوتر بين الصين واستراليا

مع ارتفاع وتيرة الاتهامات والتصريحات بين البلدين بخصوص ملف فيروس كورونا، واعلان الصين توقيف استيراد الغاز المسال من أستراليا، ومع احتمالية إلى وصل الأمر الى قطع العلاقات التجارية بين البلدين، سوف تكون من مصلحة تركيا تعزيز العلاقات مع أستراليا وأخد حصة بديلة للواردات الصينية وتركيا بديل جيد وقوى للاستفادة من هذا الوضع. 

 الصين وتركيا

فى ظل توسع حجم العداء اتجاه الصين، سيكون من مصلحة الصين تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع تركيا في المرحلة القادمة، الأمر الذي سوف ينعكس ايجابيا على الاقتصاد التركي، الأمر الذي إن حدث من شأنه تعزيز المؤشرات الاقتصادية من خلال تقليل عجز الحساب الجاري،  زيادة النمو الاقتصادي مع ارتفاع في حجم إجمالي الناتج المحلي،  تقليل معدلات البطالة وزيادة التوظيف، زيادة في رصيد الاحتياطيات النقدية، واستقرار كبير في سعر صرف الليرة التركية.