يعتبر النظام المالي العمود الأساسي لاقتصاد أي دولة وهذا لارتباطه بكثير من تحولات ومتغيرات النشاطات الاقتصادية، لذا فتقدم وتأخر اقتصاد دولة ما يعزى لفاعلية نظامها المالي، حيث يوفر الموارد المالية الضرورية لسيرورة النشاط الاقتصادي، ويتم هذا بتوفير الأسواق والمؤسسات والأدوات الفعّالة التي لها القدرة على تحصيل المدخرات الضرورية للاستثمار. 

 لذا تعتبر إدارة وتسيير النظام المالي من التحديات الكبرى التي تواجه البلدان خاصة النامية منها، لإن الاقتصاد الكلي مرتبط بحالة النظام المالي والذي بدوره ينعكس على السياسات وأنظمة التمويل، وهذا ما يحدد نوع النظام المالي؛ إذا كان اقتصاد استدانة أين تسيطر المالية بطريقة غير مباشرة، أو اقتصاد السوق المالي أين تسيطر المالية وبطريقة مباشرة، وكلاهما له خصوصياته ومميزاته.

            النظام المالي هو نظام يشمل المعاملات المالية وتبادل الأموال بين المستثمرين والمُقرضين والمقترضين، ويشمل مستويات متعددة قد يكون على مستوى شركة والذي هو مجموعة الإجراءات المنفّذة والتي دورها تتبع الأنشطة المالية للشركة ويشمل إجراءات المحاسبة وجداول الإيرادات والمصروفات والأجور والتحقق من الميزانية العمومية.

 أما على المستوى الإقليمي، فهو النظام الذي يمكّن المقرضين والمقترضين من تبادل الأموال وتشمل النظم المالية الإقليمية، البنوك والمؤسسات المالية الأخرى والأسواق المالية والخدمات المالية، وعلى المستوى العالمي يمكن تعريفه بأنه في الأساس نظام إقليمي أوسع يشمل جميع المؤسسات المالية والمقترضين والمقرضين في الاقتصاد العالمي، وتتضمن هذه النظم المالية نماذج متشابكة ومعقدة لتحديد العلاقة بين المودعين والمستثمرين من خلال المعاملات والخدمات المالية، المؤسسات والأسواق، وتشمل الأنظمة المالية صندوق النقد الدولي (International Monetary Fund - IMF) والبنوك المركزية والبنك الدولي (World Bank) والبنوك الكبرى التي تمارس الإقراض في الخارج.

ويمكن تلخيص وظائف النظام المالي في: خلق وتحويل النفوذ، تجميع المدخرات، الاقتراض والاستثمار المالي، تسويق الأوراق المالية وتسهيل تداول الأصول المالية. 

ولتحقيق السيولة في السوق بالاعتدال يتوجب توفير بعض الشروط منها: أن يكون السوق عميقًا أي يتصف بوجود تدفق مستمر لأوامر البيع والشراء،كثيفًا ومرنًا أي له القدرة على الاستيعاب الفوري لهذا التدفق المستمر، ولكي تتم عملية نقل رؤوس الأموال من قطاع إلى آخر تُتطلب سهولة تسيير الأموال المستثمرة، بالإضافة إلى تشجيع التدفق المالي من باقي العالم إلى داخل البلاد، وكذا قياس الوضع الاقتصادي للبلاد، كما يجب تحقيق وتشجيع المنافسة في النشاطات المالية.

يهدف النظام المالي أساسًا إلى توفير نظام دفع فعّال يمكنه تحويل الأموال بسرعة وبشكل آمن، كما يمكن من خلاله تسجيل المعاملات و إضفاء الطابع المؤسسي على عديد من المعاملات المالية العامة وتوحيدها، مثل شراء الأسهم وبيعها وتوفير أدوات مالية مشتركة ذات خصائص مماثلة، مثل الخيارات والعقود الآجلة، بالإضافة إلى تقديم المعلومات اللازمة حول الشركات والعقود والأدوات المالية حتى يتمكن المستثمرون من اتخاذ خيارات صحيحة، وتوفير معلومات حول السوق الحالي حتى يتمكن المستثمرون من تقييم أداء استثماراتهم، وتلبية الاحتياجات المالية للمستهلكين والشركات، وامتلاك قواعد واضحة يمكن التنبؤ بها وتنسيق المعلومات والمعاملات المالية داخل المؤسسة وخارجها وإدارة المخاطر المالية.

تُقاس جودة أداء الأسواق المالية بقدرتها على تعبئة مدخرات أفراد المجتمع وتوجيهها للفرص الاستثمارية الأكثر إنتاجية (ربحية) التي تخدم أغراض النمو الاقتصادي وتؤدي إلى تحقيق مستوى معيشي أفضل لأفراد المجتمع، وإن حسن أداء اقتصاد دولة ما يتطلب وجود أسواق مالية قادرة على تخصيص موارد المجتمع التخصيص الكفء، لذلك لابد من وجود ضوابط وترتيبات وتشريعات حكومية لإزالة أي مشكلات أو عوائق تؤثر على أداء الأسواق المالية.