في العصور الوسطى كان الطاعون أسوأ كارثة سجلت في التاريخ وأطلق عليه البعض الفناء الأعظم وآخرون الموت الأسود، نظراً لمعدل الوفيات التي تسبب به للناس والأرواح التي حصدها.  

حيث يعتقد أن الطاعون حصد أرواح 50 مليون إنسان في أوروبا خلال ثلاثة أو أربعة أعوام. وقد انخفض التعداد السكاني من 80 إلى 30 مليوناً. وقتل المرض ما لا يقل عن 60 بالمائة من التعداد السكاني في المناطق الريفية والحضرية، حيث تسبب في اندلاع جوائح واسعة حتى اعتقد البعض أن الجميع سيموتون لا محالة.

كما خلقت جائحة إنفلونزا سنة 1918، أو الذي عرفت بالإنفلونزا الإسبانية ملايين القتلى، وكان السبب نوع خبيث ومدمر من فيروس تميز بسرعة العدوى حيث تقدر الإحصائيات الحديثة أن حوالي 500 مليون شخص أصيبوا بالعدوى، وما بين 50 إلى 100 مليون شخصا توفوا جراء الإصابة بالمرض، أي ما يعادل ضعف المتوفيين في الحرب العالمية الأولى.

ولكن قد تكون هذه الفيروسات أكثر اعتدالا مما سيأتي مستقبلا، حيث يمكن أن تتكاثر سلالة الفيروسات القوية بشكل خاص جدا، بحيث يتعذر على أي لقاح مصمم خصيصا لمكافحته بفعالية.

وبذلك تعد الكوارث الطبيعية من أكبر المخاطر التي تهدد حياة البشرية، ومن الممكن أن يتسبب أي فيروس أو زلزال أو فيضان أو إعصار في تأثير مأساوي على حياة الآلاف من الناس في غضون دقائق، فقد أسفرت كارثة تسونامي المحيط الهندي وحدها عام 2004 في وفاة 230 ألف شخص على الأقل.

أما الصين أصيبت بعدة كوراث طبيعية من بينها ضربة زلزال بقوة 8 درجات، وقد أدى ذلك إلى حدوث كارثة قضت على العديد من السكان، حيث وصل عدد الضحايا إلى 830 ألف شخص.

وبداية من سنة 1876 أدت حالة جفاف سيئة في الصين، أكلت الماشية والمحاصيل الزراعية بسبب جفاف الانهار بشكل مأساوي، وراح ضحيتها 9 مليون إنسان. 

أما في عام 1931 ضرب المنطقة فيضان مخيف أثر على ربع عدد سكان الصين وأدى إلى مقتل ما يقارب 3.7 مليون بسبب الغرق والمجاعة.

كما يترتب على حلول الأوبئة والكوارث الطبيعية العديد من الجوانب السلبية من أبرزها تشريد السكان الذين يُضطرون لترك منازلهم بحثا عن مكان يكون أكثر أمانا. وشُح الموارد الغذائية بتدمير للمحاصيل الزراعية وفقدان الإمدادات الغذائية مما يزيد من معاونات الناس من الجوع، علاوةً على زيادة الأسعار الغذائية بسبب قلتها أو بسبب احتكارها من بعض المنتهزين.

كما تخلف الكوارث حالة نفسية سيئة خصوصا عند الأطفال الذين يشاهدون الدمار الذي يلحق بممتلكات أهاليهم وحالات الموت للقريب والصديق، وقد تُخلف تلك الأمور اضطرابات نفسية ما بعد الصدمة يتوجب علاجها وغير ذلك من الأضرار على البيئة والمعالم التاريخية ونشوب الفوضى وقلة الأمن.

يعد إذا العمل على إعطاء الأولوية لمواجهة الكوارث والأوبئة تحديا حاسما لنا، حيث يتعين أن يكون هناك تواصل أفضل بين الحكومات والعلماء والمختصين للمساعدة في تنسيق الاستجابات. 

لكن يبدوا أن الدول لاتزال تطغى عليها المصلحة الضيقة على المصلحة العامة، وهذا يتنافى مما هو مطلوب من الحكومات والقادة، حيث يتم تركيز الجهود على بسط القوة والنفوذ وجمع أكبر قدر من المال، بأي وسيلة حتى ولو كانت بها مضرة على صحة الإنسان والحيوان والطبيعة، كالتلوث الذي تحدثه المصانع والمعامل الكبرى على طبقة الأوزون.

فمن الوارد أن تحدث كوارث عظمى في السنوات المقبلة ونحن لسنا مستعدين لذلك، فالجهود مشتتة حول صناعة الأسلحة النووية ومحاولة الصعود للمريخ وصناعة الروبوتات، ونحن لم نجد علاجا للزكام البسيط إلى حد اليوم!

فيجب أن نعطي الأولوية للأمور المصيرية وعدم تشتيت الجهود والموارد في أعمال غير هامة في الوقت الراهن.

  المسألة إذا أكبر من المنافسة بين الدول للهيمنة وبسط السيطرة على بعضها البعض، فحياة البشر على المحك عند اتخاذ قرارات من قادة غير مؤهلين لحماية حياة الإنسان، فعند حلول كارثة بالعالم لا تفرق بين غني أو فقير سياسي أو مواطن بسيط، فيجب بذل جهد أكبر من المصلحين والعلماء وأصحاب الهمم العالية، للأخذ بزمام الأمور وعدم ترك قيادة الدول والقرارات المصيرية في يد العابثين.