يرى مالك بن نبي أنّ للحضارة ركنين: ركنٌ خلقي وآخر مادي، وقد أجمل عوامل قيام أي حضارة في:

  1. الإنسان ( العنصر الحاسم في المعادلة )
  2. التراب ( كل المجتمعات فيها موارد محدودة )
  3. الوقت ( لا تستطيع أي قوة في العالم أن تخلق دقيقة أو تستعيدها إذا مضت )

و يضيف عنصرًا رابعًا في معادلة الحضارة وهو: الفكرة المحفزة أو الدين، فالدين يمثل الفكرة المحفزة التي تدمج العناصر الثلاثة وتبعث فيها الحياة .

أما عن علاقة لحضارة بالإبداع، فكثيرًا ما يدعو مالك بن نبي في كتاباته إلى ضرورة إبداع بدائل فكرية ومناهج علمية مستقلة تتناسب مع البيئة الإسلامية بدلًا من استيرادها – كما هي – من الغرب الأوربي .

ثم يقدم لنا معادلة أخرى في غاية الأهمية، تقول أنّ كل من يفكر في النهضة عليه أن ينظر إليها من خلال ثلاثة عوامل :

  • عالم الأفكار: ويتثمل في معتقدات ومسلمات وتصورات ومبادئ تحتويها عقول مجتمع ما .
  • عالم الأشخاص:ويشمل علاقات ونظم واتصالات وقوانين تنظم حياة الأشخاص.
  • عالم الأشياء: أي كل ما ينتجه المجتمع من مبان وشوارع وزراعة وصناعة. 

وفي إجابته عن سؤال: "من أين يبدأ الإصلاح ؟" فإنّه يُقدر أن عالم الأفكار هو العالم الذي يجب أن تعالجه عملية النهضة ابتداءً.

كما يرجع مالك أسباب سقوط الحضارات إلى فقدان القيم الروحية والفضائل الخلقية باعتبارها جوهر الحضارات. 

وقفة مع التغيير

إنّ سنة التغيير مرهونة بتغيير ما في النفس: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"إنّ سنة التغيير لا تتخلف، وبقدر ما سنغير في منظومتنا النفسية الداخلية، بقدر ما ستكون حضارتنا.

مالك بن نبي  

من المعادلات السابقة نَخْلُص أنّه ولكي تقوم الحضارة يجب أن تأتي التحديات والمشاكل والأحداث الكبرى، ثم يأتي قرار الإنسان بأن يغير نفسه، ثم ينطلق حسب سنة التدافع الكونية ليمحص ويميز، ثم يأتيه الدور حسب سنة التداول. 

بإمكاننا أن نوظف ما جاء به المفكر بن نبي في جملة من التوظيفات العملية: 

  • ضرورة الاهتمام بالإنسان وتدريبه وتطويره وتنمية قدراته الإبداعية. 
  • تشجيع الإبداع ليس بالكلام فحسب، بل بجعله ثقافة مجتمع تتمثل في تقديم القيادات المبدعة وفي مناقشة أي جديد مناقشة موضوعية.
  •  صناعة الإنسان ضرورة ملحة لأي نهضة.
  • الوقت عنصر رئيس في قضايا النهضة والتغيير.
  • الأمم التي نهضت استثمرت أوقاتها. 
  • الاهتمام بالتربية الروحية والاعتزاز بالإسلام والإيمان بإمكانية التغيير والثقة بنصر الله أمر يجب أن يغرس في نفوس العاملين للنهضة.
  • عمليات التربية للأفراد والمجتمعات ينبغي أن تكون متكاملة شاملة.
  • إذا أردنا تغيير ما بأنفسنا، فلنبدأ أولًا بعالم الأفكار كما بدأ الوحي.
  • يجب إزالة كل الأفكار القاتلة التي تعيق النهضة.
  • التحديات التي تمر بها الأمة تمثل فرصة حقيقية لاستفراغ طاقة الأمة وإحساسها بالحاجة الملحة إلى التغيير.