لم يرسل الله لك نسمات الأمل على ألسنة خلقه عبثا، قانون البقاء معلق بالدعاء والرجاء، لا شيء سيصمد أمام تلك القوانين الإلهية. شيء لم نستطيع تعلمه جيدا بعدما نزل آدم من الجنة.
 دائما ما كانت قصة آدم عليه السلام تأخذ نصيبا من تفكيري ولكن لماذا آدم بالضبط؟ رغم أن قصة سيدنا يونس عليه السلام كانت هي الأخرى تأخذ حظا لا بأس به؛  لربما لوجود شيء مشترك بينهما، ربما شيء لم ولن نفقهه جيدا، ما دمنا لم نعيش بعد نفس تجربتهما. فقد تعرض كلاهما لتجربة واختبار كان من إعداد القدر لهما، تجلت عناية الله فيهما ورحمته، إذا أراد شيء يقول له كن فيكون،  فسبحان من بيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون.
مهما أخطأنا ومهما عاندنا إلا أننا في نهاية الأمر سنرجع لله عز وجل، إما بإرادتنا أو بدونها. فنحن الذين أقررنا أول الأمر بالعبودية لله،  وقبلنا تحمل الأمانة، التي عرضت على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها ولكن الإنسان حملها رغم أنه لم يكن يدري بنتائجها..فلو كانت تأديتها في الجنة لكان الأمر سهلا على الإنسان ولكن هذه المرة كانت المهمة المستحيلة وفق قوانين الأرض.
 

سخر الله عز وجل ما في الأرض لخدمة الإنسان، من أجل تأدية الأمانة، رغم تلك المصاعب التي سيواجهها أمام تلك الاختبارات والصعاب. فمرة تكيد له نفسه، ومرة يكيد له الشيطان، ومرة أخرى سيقع حبيسا بين الاثنين معا. ليست بالمهمة الصعبة ولكنها ليست بالمستحيلة. ولكن كيف يمكننا أن نتجاوزها إن كان أول بشري وقع فيها! رغم أنه خلق في الجنة تكريما له، فكيف بعصيان الله  في جنته؟

لما خلق الله عز وجل آدم  وعلمه الكلمات فلم يخلقه كملاك  طاهر، وإنما كان بشري من لحم ودم، من طين لازب، لايعرف مكنوناته ولا أسراره سوى الله عز وجل، لهذا علمه الكلمات .أشياء لم تعرض من قبل على الملائكة ولا على إبليس،  شيء مميز، شيء لم تعهده الجنة من قبل.
 خلق جديد من طين يعلمه الله الكلمات في مدرسة الجنة،  حيث التعليم فيها في أعلى مستوياته ومن أفضلها وأرقاها، عاش آدم في الجنة، تعلم جيدا لكنه كان لابد له من أن يتجاوز اختباره الأول في الجنة لتكمل من بعده ذريته في الأرض،  كان الاختبار يحمل اتجاهين متعاكسين، إما الجنة خالدا فيها، وإما عمارة الأرض هو وذريته من بعده.
 لكن آدم أخطأ في اختياره رغم أنه كان متفوقا، لكن نصيحة إبليس له كذبا أسقطته في الفخ الذي كان يتوق له، ليثبت الله عز وجل أنه أقوى من آدم وأنه مثله مثل آدم عليه السلام،  قادر على الوقوع في الخطأ، رغم أن إبليس  كان ينتظر نتيجة أخرى لم يتوقعها، صحيح أنه حقق  خمسين بالمئة من توقعاته ذلك الجزء الذي توقع له الرسوب فيه، ولكنه كان ينتظر منه أن يتصرف بنفس طريقة إبليس فلا يرجع عن ذنبه ولا يعترف بخطأ قام به. ولكنها كانت نقطة تحول لم تكن منتظرة..