مع دخول العالم الثورة الصناعية الرابعة كانت المملكة سباقة لتبني استراتيجيات وطنية للتحول الرقمي وخطط خمسية بالتعاون مع الجهات الحكومية، حيث اعتمدت ثلاث خطط تنفيذية: الأولى من العام 2006 إلى العام 2010، والثانية من العام 2012 إلى 2016، والثالثة بدأت من العام 2019 إلى 2022، ومن أهم مرتكزاتها الإستراتيجية: رقمنة الصحة، التعليم، التجارة والمدن الذكية.

سنحاول رصد الواقع الرقمي للمملكة في القطاعات الكبرى والتحولات التي تمّ تبنيها والتي مكنتها من التربّع وافتكاك المراتب الأولى عربيا.

كيف ركزت السعودية على البنية التحتية للتكنولوجيا؟ 

لكي تتمكن المملكة العربية السعودية دخول المنافسة العالمية انتهجت نقلة جذرية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث ركزت على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتعزيز الإطار التنظيمي لتمكين الاستثمارات المبتكرة الجديدة. 

 حيث بلغت نسبة المنازل المشمولة بشبكة الألياف الضوئية 37% بزيادة 10 بالمئة مقارنة بسنة 2016، و بلغت نسبة النضج الرقمي لخدمات الحكومة الإلكترونية 71%، كما بلغت ميغابايت في الثانية معدل سرعة شبكة النطاق العريض "البرودباند" للمنازل حوالي 29.8 بزيادة قدرت بـ 15.7، وتقدر ميغابايت في الثانية معدل سرعة شبكة النطاق العريض "البرودباند" للهواتف النقالة بـ 29.3 مقارنةً بسرعة 9.08 ميغابايت في الثانية عام 2016، ونسبة تغطية شبكة الجيل الرابع كنسبة مئوية من عدد السكان 88 % أين بلغت منذ أربع سنوات 77.3 %، ووصلت نسبة النضج الرقمي لخدمات الحكومة الإلكترونية 71% مقارنةً بنسبة 58% عام 2016، وبهذا يكون حجم سوق التجارة الإلكترونية يبلغ 28.5 مليار ريال سعودي(1).

 

رقمنة الصناعة من أجل تحسين الحلول!

            حسب أرقام منتدى الاقتصاد العالمي الأخيرة، قُدرة إمكانيات التحول الرقمي السعودي بحوالي 1.3 تريليون دولار لقطاع الكهرباء إلى عام 2025، بحيث تتبنى صناعة الكهرباء أنظمة الرقمنة المختلفة، وذلك برفع القدرة على تحسين الحلول وتطويرها كإدارة الأصول وخدمة المستهلكين وتحسين الكفاءة التشغيلية بتفعيل قنوات الرقمية الواصل إليهم، وهذا هدف والتوجه الذي تنشده المملكة.(2)

الرقمنة في التعليم

وضعت المملكة برنامج بوابة المستقبل التعليمية، يسمح هذا البرنامج بتحول تدريجي بحيث في المرحلة الأولى من المشروع شهدت مشاركة 150 وشملت 57072 طالباً و4457 معلماً و1956 فصلاً، ليتمّ توسيعه ليشمل 150 مدرسة أخرى كمرحلة ثانية المرحلة؛ من المنتظر تعميم البرنامج خلال المواسم الدراسية حتى تشمل كل المدارس، ليشمل لاحقا التعليم العالي والجامعات. (3)

السعودية وريادة الذكاء الاصطناعي 

 استضافت المملكة نهاية شهر مارس 2020، القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالرياض؛ التي ضمّت الشركات الفاعلة في عالم البيانات والذكاء الاصطناعي على الصعيدين المحلي والدولي، وحسب التقديرات فإن المملكة تملك أكثرتريليون دولار، وهي مرشحة لأن تغدو قيمة مضافة غير مسبوقة لاقتصاد المملكة.

وتقول الدراسات أن نحو 215 مليار ستضيفها تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى اقتصاد المملكة خاصة بتوظيف هذه التقنية في تنظيم الحج والعمرة، والذي يتمشى مع رؤية 2030 التي تطمح إلى رفع عدد الزوار إلى 8 ملاين زائر، وتماشيا مع هذه الرؤية تمّ تدريب الشباب على مجالات البرمجة الرقمية داخل الكثير من الهيئات والمؤسسات السعودية مما زاد الطلب على العمل في مجال التقني.

يجدر الذكر أن رؤية السعودية لعام 2030 قد شملت إنشاء مدينة نيوم، والتي ستتكلف نحو 500 مليار دولار، التي ستعزز الاقتصاد القائم على الصناعة والمعرفة والاعتماد على الروبوتات، خاصة بعد إنشاء المركز الوطني لتقنية الروبوت والأنظمة الذكية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. (4)

أدوات الذكاء الصناعي في رحلة علاج المريض 

في أغسطس الماضي وحسب شركة "رويال فيليبس العالمية"، فإن المملكة سجلت المملكة 44.17 نقطة. على المتوسط الإجمالي للمؤشر في 16 دولة بفارق 17 نقطة ، وركز المؤشر على دور الذي تلعب التقنية المتشابكة والأدوات الرقمية لقطاع الرعاية الصحية، مع فرصة لتبني أدوات الذكاء الصناعي في رحلة علاج المريض. (5)

ما هي استراتيجية التحول الرقمي؟ 

     تعتبر المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في التحول الرقمي حيث أحرزت فقرات نوعية ولذلك ببناء أنظمة الاتصالات وتقنية المعلومات وتفعيل استخدامها لتواكب الثورة التكنولوجية الرابعة باقتصاد رقمي ومجتمع معلوماتي بهدف تحقيق الرفاهية للفرد.

وكي تصل إلى هذا الهدف عملت على تطوير العمل الحكومي، وتعميم مفهوم التعاملات الإلكترونية في الجهات الحكومية المختلفة؛ ليصبح نموذجا رقميا يحقق الاستدامة الاقتصادية والريادة العالمية، ويحسن من جودة الحياة، ولتحقيق هذه الرؤية أنشئت اللجنة الوطنية دائمة للتحول الرقمي، تحمل على عاتقها رسم السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالمستوى الرقمي على مستوى الأجهزة العامة ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها، وضمان تنسيق المبادرات المتصلة بذلك، بالإضافة إلى الإشراف على برنامج التحول الرقمي واعتماد خطط عمله وتشغيله.

ومن بين البرامج لتحقيق رؤية 2030، وحدة التحول الرقمي، وهدف هذا البرنامج بناء مجتمع واقتصاد ووطن رقمي يسمح للمجتمع بالتحول الرقمي مبني على إنشاء منصات رقمية لإثراء التفاعل والمشاركة المجتمعية الفعالة بما يساهم في تحسين تجربة كل أفراد المجتمع في المملكة، بالإضافة رقمنة الاقتصاد لتطوير الصناعة، وتحسين التنافسية التي تنعكس بالإيجاب على الوضع الاقتصادي وتخلق الوظائف المعرفية، وتوفر أفضل خدمات للمستفيدين، والذي سيسهم في جلب الاستثمار المحلي والعالمي في مجالات التقنية والابتكار.(6)

وصول المملكة لهذا المستوى في ميدان التكنولوجيا الرقمية والذي عزز مرتبتها عالميا وعربيا راجع للسياسات المنتهجة التي تهدف إلى نقل اقتصادها خطوات إلى الأمام، وتعتبر نموذج عربي إسلامي قابل للتعميم والتطبيق.