في المرة الأولى التي يحاول فيها الإنسان أن يكون ذا تأثير تقع أمامه عقبات عدة أمامه، بداية من نفسه وانتهاء للعالم الخارجي، ذلك أن التيار السائد هو الروتين والتكرار والاعتياد، وأي محاولة للسير بعكسه هي مغامرة تحوطها المشقات والمتاعب، وكذلك كانت حياة أكثر المؤثرين في العالم؛ ولعل أبرز أنموذج هو النبي صلى الله عليه وسلم، فها هي سيرته تعج بالأحداث والتفاصيل الملهمة والمليئة بخطوات مهمة غيرت الكون بأسره، فما لقيه صلى الله عليه وسلم من كبد وكد وتعب وصراع كان هو الأشد على الإطلاق وكذلك كان النبيون من قبله والصالحين المصلحين من بعده، ورغم ذلك بقي باعث الرغبة في التغيير متقدا بحجم الإيمان الراسخ بداخل قلوبهم.

لكن كيف نغير ونتغير؟

إن أول ما تنشأ الرغبة في التغيير لدى الإنسان تبدأ مع أول تساؤل يدور في خلده الإنسان، وتستمر باستمرار محاولته لتعميق تلك التساؤلات للتحول من مجرد ذلك إلى معضلات وإشكالات يسعى لأن يخلق لها فلسفة متناسقة مع ذاته، فلسفة تساعده على التغيير والتطوير الذاتي.

وتحويل تلك الفلسفات إلى واقع ملموس في حياة الفرد يحتاج إلى فهم ماهية التغيير، ومعرفة أسبابه والطرق المؤدية إليه، كذلك الأسباب المساعدة في تحقيقه. قد يظهر للقارئ أن كلمة التغيير هي مفردة فضفافضة تحتمل العديد من المعاني والأنساق؛ لذلك وجب علينا ترشيد المعنى بوصف أنواعه وحيز المقصد منه.

وقد نلخص أنواع التغيير في عدة نقاط: 

1. التغيير في المبادئ والقيم: ويلمس هذا حيزا معنويات عميق يغوص في أغوار الفكر والأخلاق لدى الفرد 

2. التغيير في السلوك: ويتعامل هنا مع نواتج الأفكار التي ترجمت إلى سلوكات ظاهرة تعبر عن الفرد.

3. التغيير الاجتماعي: وهو التغيير الذي يشمل دائرة واسعة خارجة عن الذات أين يشمل بذلك الآخر وليس النفس فقط.

حين نعرف دائرة التغيير المقصودة يتضاءل حجم المعنى من دائرته الفضفاضة إلى مثلث الأنا والآخر، وهذه الترجمة البسيطة تأخذنا نحو تساؤل آخر مهم، هل إمكانية التغيير في إطار الأنا والآخر سهلة أم صعبة والحقيقة أن التغيير صعب، وأصعب ما في التغيير أن تكون لدى الإنسان إرادة جادة في التغيير. 

فالتغيير إذاً يحتاج إلى قرار جاد ومحاولة جادة ، والخروج من دوامة التمني والتسويف، ذلك أن الإرادة هي أهم خطوة بعد الفهم، فإرادة التغيير العميقة والقوية تعد مؤثرا مهما جدا.

لكن متى نغير ونتغير؟ 

وهناك مؤشرات وأعراض متى ما لمسها الفرد فإنه بحاجة ماسة لممارسة عملية التغيير ومن تلك المؤشرات ما يلي : 

1. الإحباط والملل: حين يتحول واقع الفرد إلى واقع يخلو من أي إنتاجية أو إيجابية فإنه يتحول لواقع محبط وكئيب مما يخلق لديه أزمات نفسية وسلوكية عدة وهنا وجب اتخاذ خطوة وقرار بالتغيير 

3. كثرة المشاكل والفشل المتكرر: إن استمرار المحاولة أمر جيد أما تكرار الفشل فهو مأزق يحتاج لحل ومراجعة عميقة قد تؤدي لتغيير في كثير من السلوكيات والاعتقادات.

5. قلة الإنتاجية (كم إنتاجاتك): أن تكون غير منتج فأنت مستهلك وبقاءك في دائرة الاستهلاك يجعلك مهددا في أي لحظة وهذا الواقع يستحق التأمل والتخطيط من أجل تغييره.

6. ضعف الإبداع : إن عدم استشعار ملكة الإبداع لدى الفرد هو موت في عزيمته وإرادته للعطاء في هاته الحياة، لذلك وجب التغيير ومحاولة خلق مساحة أوسع من الابتكار والإبداع في حياة الفرد، فمتى ما شعر الإنسان بواحدة من هذه المؤشرات، لزمه أن يقف مع نفسه وقفة مراجعة وتلمس للخلل والسعي نحو التغيير. 

أسس وقواعد التغيير 

للتغيير أساسين مهمين ينبغي لمن أراد التغيير معرفتها والإلمام بها ومن أهم تلك الأسس: 

  1. التغيير الداخلي الذي ينبع من ذات الإنسان، قال الله تعالى : (الجمع بين قوله: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد11] ويتضمن ذلك تغيير الأفكار والسلوكات والمعتقدات البالية، والتركيز على الأفكار البناءة والفعالة.
  2. التغيير الخارجي ويشمل ذلك التغيير المادي وخلق فضاء إبداعي مساعد على التغيير من خلال الحوار والاحتكاك بالمتميزين ومحاولة تحويل الأهداف إلى مشاريع واضحة.

وكما هي سنة الحياة فيما يعانيه الإنسان فيها من كبد، فإن أكثر من يواجه عقباتها هو من يقرر التغيير دونا عن غيره، لذلك ينبغي على من يمارس التغيير أن يعلم يقيناً أن هناك من عقبات عدة ستحول وتقف دون ذلك، بداية بالشخوص حيث قد يسعى الكثيرين للوقوف في وجهه والعمل على تثبيط همته ومقاومته.

هذا بالإضافة إلى المثبطات التي تنبع من داخل الفرد نفسه؛ مثل الشعور بعدم الراحة، والتفكير بما سيفقد من جراء عملية التغيير والشعور بالوحدة، وعدم تحمل التغيير الكبير، وعدم وجود موارد كافية والحنين والشوق للماضي، كل هذه مثبطات عن التغيير فعليه أن يتذرع بالصبر والاستمرار في ممارسة التغيير . 

وهنا ينشأ سؤال آخر يقول لماذا نقاوم التغيير؟ 

ولعل من أهم العوامل المؤدية إلى مقاومة التغيير هو الخوف، الخوف على المكاسب والنتائج، الخوف على العلاقات والآخرين وخلق سيناريوهات مسبقة تنبأ بالفشل، الخوف من المجهول، الخوف من المعارضة والعرقلة، وأخيرا لخوف من نقص القدرات .  

هل قررت التغيير؟ إليك 7 خطوات تساعدك في ذلك

حين نقرر أن نغير ونريد ذلك بقوة فإنه بالضرورة يجب أن نتخذ خطوات عملية في سبيل ذلك، خطوات تساعد على النجاح في مسارنا التغيري..

  • وأول خطوة وباعث لذلك هو الشعور بالألم، ألم الإنسان على واقعه أو واقع أمّته أو بلده أو أسرته.
  • أما ثانيا فهو ضرورة تحديد الأهداف. 
  • بعد تحديد الأهداف لا بد من تحديد فجوة الأداء. بحيث يكون الفرق بين الواقع والأهداف ، فكلما كانت الفجوة معقولة كان التغيير ممكناً، فلا بد من التدرج في تحديد الأهداف. 
  • رابعا دراسة الأسباب وما هي معوقات الوصول إلى الهدف.
  • خامسا تحويل الأهداف إلى مشاريع ، وتحديد المشاريع. 
  • سادسا فإن المساندة مطلوبة في تنفيذ المشاريع. 
  • سابعا وأخيرا تنفيذ المشروع.