يبدو أن فيروس كورونا يسرع عملية الاعتماد على الآلة في أتمتة وإنجاز المهام في أماكن العمل، ومن المرجح أن يبقى هذا الإزدياد على المستوى ذاته بعد انتهاء الجائحة.

لماذا يعد ذلك مهماً: إن استخدام الروبوتات والذكاء الصناعي بإمكانه السماح للأعمال بالاستمرار خلال تطبيق التباعد الاجتماعي وتقليل المخاطر الصحية على العمال. لكن ومع ارتفاع مستوى البطالة إلى المستوى الذي كان عليه خلال الكساد الكبير، فقد لا يتم أبداً استعادة الكثير من فرص العمل التي خسرها البشر لصالح الآلة.

ما الذي يحدث: إن شركة (Brain Corp) بمقرها سان دييجو، التي تقوم بتطوير برمجيات توظفها في روبوتات تقوم بعمليات تنظيف، قد كشفت ازدياد توظيف عملائها للروبوتات بنسبة 13% أكثر مما كانت عليه خلال الأشهر السابقة لجائحة كورونا.

  • يمكن لأجهزة التنظيف الآلية أن تقوم بأعمال تنظيف مهمة. ويقول فل دفي نائب رئيس الابتكار في شركة براين كروب "إن هذا سيمنح الوقت للعمال بأن يؤدوا خدمات الصرف الصحي الأساسية." ويضيف " الكثير من عملائنا في الوقت الحالي يتطلعون إلى الروبوتات، وهي تُحدث تغييرا كبيرا."
  • وقال المدير التنفيذي لشركة (Simbe) براد دوغوليا: أن شركة سايمب تنتج روبوتا يدعى تالي (Tally) يعمل في البقاليات لمسح الرفوف وفحص ما عليها عن طريق الرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي. وتعد أسواق الأغذية على وجه الخصوص أكثر من سيستفيد من هذه الروبوتات لأنهم يعانون لإبقاء الرفوف ممتلئة بالبضائع خلال الوضع السيئ الذي سببه فيروس كورونا.
  • أما شركة (Fetch Robotics) فتشغل منصة سحابية تمكن من الانتشار السريع للروبوتات في المستودعات والمنشآت المشابهة. ويقول رئيس التنفيذي لشركة فيتش، ميلوني وايز، بالتزامن مع انخفاض عدد العمال في العمل بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي وخصوصا في الأعمال التجارية الأساسية " نحتاج الروبوتات لكي تساعدنا في تعويض الاختلاف الذي يحدث".

الصورة الشاملة: التجربة السابقة توحي بأن انتشار الأتمتة الآلية تحدث عبر اندفاع مفاجئ يطلق الانتكاس الاقتصادي عنانه.

  • بحثت دراسة صدرت عام 2018 في ثلاث فترات ركود اقتصادي خلال الثلاثين سنة الماضية ووجدت أن 88% من الأعمال التي تم فقدانها كانت أعمالا روتينية شغلتها الآلات.
  • وبعد أن قامت ورقة بحث بتدقيق حوالي 100 مليون إعلان فرصة عمل نُشر عبر الإنترنت قبل وبعد الركود الاقتصادي الحاصل عام 2008، توصلت إلى أن الشركات في المناطق الأشد تضرراً قامت باستبدال موظفيها أصحاب المهام الروتينية بتشكيلة من التكنولوجيا الحديثة والعمال الأكثر مهارة في تأدية المهام.

على ماذا نركز: إن الروبوتات ستكون محط اهتمام على وجه الخصوص للأعمال التجارية التي تتعامل بشكل مباشر مع الزبون والتي يجب عليها أن تبقى متاحة خلال هذه الجائحة.

يقول الزميل الأول في مؤسسة (بروكينغز) مارك مورو: " عندما تظهر آثار التباعد الاجتماعي والعدوى، هذا سيزيد من مسوغات استبدال البشر بآلات في أماكن البيع المباشر للزبون، كالمحاسب الموجود في أماكن بيع الأغذية أو المشافي.

هذا صحيح، لكن: إن الشركات التي تعمل بقطاع الروبوتات تقول أن منتجاتها تهدف لمساعدة العمال لا استبدالهم. لكن ومع عشرات الملايين من الأمريكيين العاطلين عن العمل، من المستحيل أن لا نشعر بالخوف من أن هذا الازدياد الكبير في أتمتة الأعمال وإنجازها بشكل آلي سيزيد من صعوبة انتعاش فرص العمل بعد انتهاء جائحة كورونا بعد.

  • إن أعمال الدخل القليل ستكون مهددة على وجه الخصوص بسبب أتمتة العمل. ونتيجة ذلك، كما كتب مدير برنامج (Future of Work) كارل بينيديكت فراي لصحيفة (Financial Times): "الأتمتة والتكنولوجيا الرقمية قد تفاقم الانقسامات الاجتماعية ويمكن أن تصبح مصدر اضطراب لسنوات عدة."

على الجهة المقابلة: يرى بعض الخبراء أن خطر الأتمتة على الأعمال مبالغ فيه.

  • لاحظت ورقة بحث تم نشرها في شهر كانون الثاني أن في الماضي كانت الأتمتة نادراً ما تحل محل فئات مهنية بشكل كامل، لكن بدل ذلك، فالروبوتات كانت تشغل بعض أجزاء العمل فقط والذي قد يؤدي إلى انخفاض في الأجور لكن ليس بالضرورة إلى تعطيل العمال.
  • البشر ما زالوا يتمتعون بمرونة عقلية وجسدية أكبر مما هي في الروبوتات الصناعية، وما زالت المهارة البشرية مطلبا مهما للكثير. فشركة أمازون التي لم تتوانى باستخدام الأتمتة في الأماكن التي تصلح لها، تتطلع لتعيين 100 ألف عامل في مخازنها وكسائقي توصيل الطلبات.

الفكرة الأخيرة: الروبوتات كانت قد بدأت مسبقا في إشغال مناصب وظيفية، وهذه الجائحة ستمنح رؤساء العمل حافزاً أكبر على أتمتة ما يمكن من أعمالهم. لكن حالياً فإن الخطر الأكبر على فرص العمل يكمن في الحقيقة المؤلمة للكساد اقتصادي.