لحظات من الزمن تطول، يصاحبها دقات قلب متسارعة تعلو وتهبط، ونظرات تترقب أمام شباك الجوازات، والعيون تحدق في الضابط الذي يُقلّب تلك الوثيقة، قبل اتخاذه قراراً وكأنه حكم محكمة لا رجعة فيه ولا استئناف..
هذا المشهد يتكرر في مطارات العالم للاجئين الفلسطينيين من حملة "وثائق السفر" بشكل دائم، والكل يحلم ويتمنى أن يجد حلاً جذريا لأمر وثيقة سفره.
إن بعض الأنظمة العربية الحاكمة بدأت فعليا بالسعي الجاد لعملية التطبيع، وذلك من خلال عدم اعترافها بوثائق سفر اللاجئين الفلسطينيين، والتي كانوا يحملونها منذ فترة طويلة دون أي عوائق.
قامت هذه الأنظمة بمنع حاملي هذه الوثائق من الحصول على حق الإقامة، بل أصبحت تشترط على الفلسطينيين المقيمين على أراضيها الحصول على جواز سفر صادر عن السلطة الوطنية الفلسطينية.
هذه الإجراءات تؤدي إلى "إسقاط صفة اللاجئ بالإكراه، ليصبح المستفيد الوحيد هو "الاحتلال الإسرائيلي" معتبرين أنها الخطوة لتصفية قضيتهم وحقّهم بالعودة إلى ديارهم."
وكانت الجامعة العربية قد أصدرت في عام 1955 قراراً يمنع الدول العربية من السماح بالجمع بين جنسيتين عربيتين، وأنه لا تمنح الجنسية العربية للاجئ الفلسطيني حفاظاً على هويته، ومنحت السلطات السورية وثائق سفر للاجئين الفلسطينيين (وليس جواز سفر)، ومنحت السلطات اللبنانية اللاجئين الفلسطينيين وثيقة سفر من لبنان، وأعطت السلطات المصرية وثيقة سفر للاجئين الفلسطينيين في مصر.

إن من حق اللاجئ الفلسطيني أن يعيش بكرامة ويتحرك ويسافر بحرية، وأن تكون “وثيقته” شهادة على جرائم المشروع الصهيوني، ومدعاة للتضامن معه ودعمه، وليس وسيلة لزيادة معاناته وإذلاله، ولا ينبغي أن يُحشر في زاوية اتخاذ قرارات صعبة ومرة.


إن معظم سفارات دول الخليج العربي وباقي الدول العربية وتركيا ترفض منح اللاجئين الفلسطينيين من حملة وثائق السفر(السورية والمصرية واللبنانية) تأشيرات دخول لبلدانها، بالرغم من أنهم قد يحققون جميع الشروط المطلوبة للحصول على التأشيرات، وإن منحت تأشيرات دخول إلى بلدانها إلا أنها تمنعهم من حق الحصول على إقامة تمكنهم من العيش بوضع قانوني على أراضيها , وبوضوح يقوم بعض موظفي دائرة الهجرة أو المؤسسات المعنية بمنح الإقامة , بالتمنع عن إصدار إقامة لهذه الفئة ومطالبتهم بالحصول على جواز سفر صادر عن السلطة الفلسطينية لقبول منحهم الإقامة رغم أنه لا توجد أي نصوص لقوانين تنص على ذلك وبالرغم من أن الأنظمة الإلكترونية المخصصة لطلب إقامة تلك البلاد ما زالت تسمح بتقديم طلبات الإقامة لهذه الفئة من اللاجئين الحاملين للوثائق المذكورة .
وتَعرف اتفاقية 1951 المقصود بلفظة "لاجئ"، وتجمل حقوق اللاجئ، بما في ذلك حقوقه من قبيل حرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر، والحق في الحصول على التعليم، ووثائق السفر، وإتاحة الفرصة للعمل، كما أنها تشدد على أهمية التزاماته تجاه الحكومة المضيفة. وينص أحد الأحكام الرئيسية في هذه الاتفاقية على عدم جواز إعادة اللاجئين إلى بلد يخشى فيه من التعرض للاضطهاد.
دول عديدة كانت تسمح بدخول فلسطينيي سورية إلى أراضيها بموجب وثيقة السفر، قبل أن تغلق أبوابها بوجهه ومنها تركيا ومعظم الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي، يُشار إلى أن جواز السفر يعد من الناحية القانونية وثيقة رسمية تعريفية تمنح عبرها الحكومات الوطنية حمايتها ورعايتها للشخص الذي يحملها وهم حكمًا المواطنين الذين يتمتعون بجملة من الحقوق ويؤدون واجباتهم تجاه الوطن.
إن من حق اللاجئ الفلسطيني أن يعيش بكرامة ويتحرك ويسافر بحرية، وأن تكون “وثيقته” شهادة على جرائم المشروع الصهيوني، ومدعاة للتضامن معه ودعمه، وليس وسيلة لزيادة معاناته وإذلاله، ولا ينبغي أن يُحشر في زاوية اتخاذ قرارات صعبة ومرة.