صديقي "دفتر الإنجازات"
 

أعلم أن هناك شريحة كبيرة جدًا من الشباب والفتيات في عالمنا العربي، يكاد الملل والروتين والإحباط يقتلهم، وربما اليأس اللا نهاية له قد تمّلك أرواحهم، فعلت بهم البطالة وقلة فرص العمل ما فعلت، وعندما قرأوا عنوان المقال ربما تساءلوا عن "أي إنجازات أتحدث وأنا لم أحصل حتى الآن على عمل؟".

لكن أود سؤالكم بداية ما هو تعريفكم للإنجازات؟

واسمحوا لي أن أجيب معكم أيضًا، فمن وجهة نظري أُعرف الإنجازات بأنها، كل شيء جديد أتعلمه، أتقنه، أمارسه، أكتسبه، مهما كان بسيطا.
ربما الإنجاز تطوع في مجال معين، أو حكمة جديدة نتعلمها، أو قراءة كتاب، أو علامة جيدة في إمتحان، أو صديق جديد، وظيفة أيضًا، وقد يكون خبرة، أو تخلص من عادات سلبية واكتساب أخرى إيجابية، وجيد عزيزي القارئ لو أنك تدونها جميعا في "دفتر الإنجازات"، تلك الأمور مهما تراها بسيطة إلا أنها تعتبر جزءًا هامًا في بناء وتطوير ذاتك.
عندما كنت وصديقتي التي ألقبها بـ "الطموحة"، في المرحلة الجامعية قبل عامين، قالت لي إنها تشعر بالفشل، وأنها لا تحقق شيئًا مما تريد، ولا تستفيد أي شيء من ساعات أيامها، وأن الوقت يمر من بين يديها هباءً منثورًا، أذكر في ذلك اليوم أننا تحدثنا لساعتين وطرحنا عدة أسئلة، لنساعد أنفسنا في إيجاد الحل.
وما رأيك عزيزي القارئ أن نجيب معًا على هذه أسئلة التي طرحناها أنا وصديقتي قبل عامين، لأخبرك لماذا اخترت هذا الجانب للحديث فيه اليوم، هل أنت مستعد لتبدأ؟ إذاً فانطلق. 


لماذا يجب أن يكون دفتر الانجازات في حياتي؟

لا شك أن معظمنا يمرّ في مرحلة طويلة كانت أو قصيرة، من الروتين والإحباط وعدم الإنتاج والعمل، ولكثرة انشغالنا في الحياة، ننسى أننا كنا قد حققنا سابقًا إنجازات عديدة -مهما كانت بسيطة- قد ننسى قيمة أنفسنا وقدرتنا على الإبداع، وتلقائيًا قد يدفعنا هذا الأمر إلى فقدان الثقة بالنفس، أو إدعاء الفشل، أو عدم التقدم للأمام، والشعور بالاستسلام.
لكن إن كنّا ممن يدون إنجازاته وما حققه خلال اليوم، الأسبوع، الشهر، السنة، فإننا في لحظة استسلام ويأس وتوقف عن التطور الذاتي، قد نندفع إلى الأمام بقوة كبيرة للغاية، ونحرك بداخلنا مشاعر الحماس والشغف، والرغبة في الإنجاز وتحقيق المزيد، إذا كنّا نملك هذا الدفتر وبدأنا بتقليب صفحاته، فـ "دفتر الإنجازات"، سيجعل معنوياتنا تتّقد وترتفع عاليًا.
سنبدأ بقراءة ذكريات نجاحنا، وماذا حققنا، سنصبح أقوى في ذلك الوقت، وسنستعيد شغفنا طموحنا ونشاطنا، الذي قد تكون وظيفة روتينية مملة قد قتلته، أو غير ذلك.


هل حقًا هذا الدفتر الصغير وتلك الكلمات مفيدة؟

أجل، سيكون هذا الدفتر بمثابة الصديق الوفي لك، سيكون صادقًا، سيكون المرشد الذي يمسك بيدك بعد أن تسقط، إنه كفيل بتحريك مارد النجاح في أعماقك، سيخبرك مجددًا لقد حان الوقت للعودة لنفسك، لتكون أنت كما كنت سابقًا بل وأفضل.
صديقتي تقول بأن هذا "الدفتر حرّك في نفسها الغيرة على نفسها السابقة، وتذكرت وهي تقرأ كل هدف سطرته في دفترها الوردي، حجم الصعوبات والمحبطين من حولها الذين تغلّبت عليهم، في تلك الأوقات، وكيف كانت تحقق ما تريد هي، دون الإصغاء لأحد، لقد كان دافعًا جيدًا لها".


ماذا أدون في دفتر الإنجازات؟

هنا القرار لك عزيزي القارئ، تقسم الإنجازات على الصعيد الديني، الاجتماعي، الاقتصادي، الثقافي وغيرها، ولكن لنضرب بعض الأمثلة معا.
مثلا أنجزت إحدى مهامك في العمل بطريقة ممتازة واحترافية وبوقت خرافي، التزمت بصلاة الجماعة مهما كانت انشغالاتك، زاد وردك اليومي من القرآن الكريم، قدّمت مبادرة خيرية، قرأت 4 كتب في أسبوع، حصلت على جائزة أو شهادة تكريم، أصبحت هادئ الطباع واثقا من نفسك أكثر.
ثق بأنك مهما تظن بأن هذه الأمور بسيطة، يمكن تذكرها في أي لحظة دون الحاجة لتدوينها، لكنك تحتاج لكتابتها، فهي ستنقذ روحك من التراجع للخلف في بعض الأيام، عندما تعيد قراءتها، فربما تكون بحالة لا بأس بها، وغير قادر على تذكر ما تريد.

متى أدون إنجازاتي؟

هذا الأمر يعتمد على "خطة الحياة" التي وضعتها لنفسك، وعلى أهدافك التي تسعى لتحقيقها، وجيد أن تكتب في نهاية يومك، ماذا استفدت من ساعته، ما هو الشيء الجديد الذي يضاف إلى سجل نجاحاتك أو معرفتك.
وقد تُفضل أن يكون التدوين بشكل أسبوعي، أو شهريّ أو سنوي، لك حرية الاختيار في نهاية الأمر، لكن عليك أن تدون، وأن تعرف إلى أين تتجه وماذا حققت.
لأننا في بعض الأوقات نشعر بالتيه، والتشتت والضغط، والانشغال وعدم المعرفة من أين نبدأ، علينا أن نصادق دفتر الإنجازات.
جيد لو أننا نتذكر هذا دائمًا، أن طبيعة العقل البشري ينسى، وخاصة في هذه الأوقات التي نشعر بأنها "تركض بسرعة كبيرة"، لكن التدوين يعيد الذاكرة المنسية لنا، وعندما نمتلك "دفتر الإنجازات"، الذي أود كثيرًا أن أسميه بـ "صديقنا المخلص"، بإمكاننا أن نفتّش في العقول دون إرهاق، ونكمل المسير كما نريد.