هل فكرتم يومًا ما السبب في إخفاقكم ببعض الأعمال أوهل عدم إنجازها على أكمل وجه؟ رغم أنكم قد تكونون من الأشخاص الطموحين جدًا والناجحين، والذين يبغضون الفشل ويمقتونه بشدة.
أذكر أنني أضعت جائزة ما حينما كنت في المرحلة الجامعية، قد يبدو هذا أمرًا غير منطقي، لكن هذا ما حدث، كنت في فترة الامتحانات النهائية، والتدريب الذاتي أيضًا الذي أوجدته لنفسي، وبعض الوقت لتعلم اللغة الانجليزية، وأخيرًا العمل على إنجاز متطلبات الجائزة.
كنت أرغب بشدة في الحصول على الجائزة، ولم أكن أستسغ الأمر بأن تكون لأحد غيري، لقد كان شغفي بهذا كبيرًا، لكنني أخطأت ولم أفلح في ربط أعمالي وتقيدها بوقتٍ محدد، لم أستطع تنظيم الوقت بشكل جيد، كنت أشعر بالانشغال دومًا، دون أن أنجز واجباتي بصورة جيدة، ربما لأنها كانت التجربة الأولى لي بالضغط، رغم بساطتها أظن.
لقد أضعت الجائزة في نهاية المطاف، ومنذ ذلك الوقت قررت أن أقيّد أعمالي بوقت محدد، مهما كانت بسيطة أو كبيرة، عملية أو علمية أو دينية، أو اجتماعية أو شخصية..

لقد تعلمت الفصل بين كل شيء، أصبحت أمنح نفسي وقتًا محددًا لإنجاز كل مهمة على حدى، بعد أن أرتب المتطلبات وفق الأهم فالأقل أهمية، وبشرط أن يرافق ذلك انفصال فكريٌّ تام عن باقي المهام الأخرى، في الوقت الذي أنفذ فيه إحدى الواجبات.


بدأت بتنفيذ المهمة الأولى، ولم أعد أنجز شيئًا قليلا في كل متطلب، ثم أتركه وأنتقل لغيره، وأنا مازلت أفكر به، فأنجز الثاني دون تركيز أو جودة عالية جدًا، لقد تخلصت أخيرًا من الشعور بالضغط ومن السؤال المتكرر "من أين أبدأ وكيف أوفق بين كل شيء"، أصارحكم سرًا؛ لم يكن الأمر سهلا في البداية، لكنني فعلتها في النهاية.
قد يبدو الأمر مألوفًا وبديهيًا للبعض، بأننا عادة نمنح كل شيء وقته، صحيح ربما هكذا فعلا، وأنا كنت أظن ذلك، لكن التجارب هي من تحكم، اسأل نفسك عزيزي القارئ، هل صدقًا جربت هذا الأمر، هل أخفقت سابقًا، وكان السبب أنك تشعر بالضغط دون أن تعرف كيف ومتى تبدأ وتنتهي، دون أن تحدد وقتًا محددًا لمهامك؟
ربما تكون مميزًا جدًا، وتستطيع التفكير في عدة أمور وتنفيذها في آن واحد، جميل جدًا، أغبطك على هذا، غير أن ذلك قد لا ينجح دائما مع جميع الأشخاص، فقد خلقنا الله بقدراتٍ متفاوتة، والذكاء أن يتعرّف كل إنسان على قدراته ومقوماته ويتصرف على أساسها، دون أن ينسى أن يقوّم الضعف دومًا.
قيّد مهامك عزيزي القارئ بوقت محدد، وستجد وربما ستتفاجأ من كمّ الواجبات التي أنجزتها، وستنعم بوقت إضافي، وقد تجد متسعًا إضافيًا أكبر لممارسة هواياتك المفضلة.

جرّب أن تصادق الورقة والقلم، وتنظيم المهام، ثق بأنك ستكسب وقتًا إضافيًا، ومهامًا أكثر جودة وإتقان، والأهم راحة نفسية، وشعور بالإنجاز، قد لا تفلح في بادئ الأمر لكن حاول على قدر استطاعتك، ستنجح في النهاية طالما أنك تريد هذا، وأنك لا تقبل لنفسك سوى التميز.

أعتقد أن هذا الأمر يحتم عليّ وعليك عدة أمور، ويفرض أشياءً أخرى، مثلا قول "لا" للأمور والأشخاص الذين ترى بأنهم يسرقون وقتك بلا فائدة، أنصحك بأن تتشجّع وتقول "لا" بملء الفيه، قُلها بصوت عالٍ وبتحدٍ وإصرار، عندما تحدثك نفسك بالرغبة في الحصول على ساعات نوم أكثر، في تصفح الأنترنت أكثر، والدردشة مع أصدقاء "العالم الافتراضي".
بعضكم الآن ربما استقبل حديثًا عاما جديدا من عمره، وقد بدأ يخطط لما يريد فعله، رافقوا خططكم فيه بتقييد الوقت، تذكروا دائمًا بأن سر النجاح يكمن في استثمار الوقت لا في قضائه، رتّب أفكارك جيدًا، ولا تأسف على ما مضى، ابدأ من جديد وامنح نفسك فرصة أخرى، هكذا وهكذا ستعيش عمرك، اختر أن تحيا "بنظام، بنجاح، بتميز، بقوة، بعزيمة، بإصرار"، خلقت لتكون شيئًا ما.
لا تفعل مثلي وتضيع الجائزة من بين يديك، اجعلها لنفسك ومن نصيبك أنت وحدك، فإنك تستحق أن تكون الأفضل دومًا، والقرار لك الآن، حظًا موفقًا.