ليست الحوكمة وليدة العصر الحاليّ كما يعتقد البعض، بل لها امتداداتٍ تاريخيّة في جذور مختلف الحضارات الإنسانيّة التي ترتكز على مبادئ وقيم ثابتة؛ كإرساء العدل والشّفافيّة والمصداقيّة والرّقابة ونبذ الظّلم وتجاوز الحقوق والتعدّي على الحريّات، ولقد جاء الدّين الإسلاميّ ليكون منهجًا متكاملاً، رسّخ مبدأ العدل في حياة الأفراد والمجتمع، كمنطلقٍ لحفظ الحقوق من الضّياع، وكمفتاحٍ لمبادئ أخرى تنظّم العمل أكثر وتزيد من فاعليّة الفرد ومردوده الانتاجي ؛ فقد قال سبحانه وتعالى:'إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ' النّحل|90.

فالعدل كما نعلم محورٌ لكل شيء، وعليه ترتكز فلسفة التشريع وحكمة التكوين، وبناء المجتمع وحفظ الحقوق، وتعميق المبادئ الأخلاقيّة، ومعناه أن يأخذ الإنسان حقَّه ويُعطي الآخر ما يستحِقّه، وهو وضع الأمور في مواضعها كما يقول الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، إذ يجب أن يعمّ العدل في كل شيء؛ في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والتربية والحقوق، وبدونه لا يمكن أن ينعم المجتمع بالسعادة والأمن والاستقرار، وإذا غاب العدلُ أو غُيِّبَ حلّ محلّه الظّلم، وتراكم الظّلم يُعمّق الأزمات في مختلف المجالات، ويُحيل المجتمع إلى السّقم الذي يُبعِدُه عن ذاكرة النّهضة، ويولّد بنفوس الأفرادِ التمرّدَ والعصيان.
ولأنّ للعدل كلّ هذه الأهميّة فقد بدأت مهمّة الإسلام بدحض صور التّفرقة والطبقيّة بين الغنيّ والفقير، الكبير والصّغير، المرأة والرّجل، الأبيض والأسود، واتُّخِذَ بلال بن رباح رضي الله عنه مؤذّنًا، داعيًا أبا بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ إلى الصّلاة! 
ونزلت آية عظيمة في تلاميذ المدرسة المحمّديّة تفصل في الأمرِ فصلًا لا شكّ فيه؛ إذْ يقول ربّ العزّة سبحانه:  "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" النّساء|65؛ وهنا تنويه وتنبيه لعدلِ محمّد وحكمتِه، وقُدرته على تسيير شؤون أصحابه بما يرضي الخالق ويُرضيهم، فربط بين الإيمان والتماسِ مواطن العدل والرّضا بالحكمِ ما لم يشتمل على ظلم؛ فهذا الدّين الذي نزع الطبقيّة والتكبّر والتجبّر من النّفوس، والذي دعا إلى الفصل بالعدل، كان يمهّد لحياةٍ تُحفظ فيها الحقوق وتؤدّى فيها الواجبات بإحسان، بل كان يجسّد فنّ الإدارة والتّسيير في مختلف مجالات الحياة، ويعمل بمبادئ الحوْكمة لتحقيق رفاهيّة الشّعوب التي يتولّاها.
 

الحوْكمة..المفهوم والنّشأة: 
مفهوم الحوْكمة:
 

لغةً: لم يتمّ التوصل إلى معنًى لغويّ متّفق عليه في اللّغة العربيّة؛ فمصطلحات مثل : حاكمية، حكمانية، تحكم، إدارة، حكم، سيطرة، توجيه… كلها تقارب المعنى ولكن لا تُطابقه!، فالحوكمة بالتّالي الترجمة المختصرة لِمصطلح CORPORATE GOVERNANCE.
اصطلاحًا: "أسلوبُ ممارسةِ سلطاتِ الإدارة الرشيدة"، وهناك من يعرّفها بأنها:  مجموع "قواعد اللعبة" التي تُستخدم لإدارة الشركة من الداخل لحماية المصالح والحقوق الماليّة للمساهمين[1].


نشأة الحوْكمة:
حوكمة التّجارة وإدارة السّوق في عهد الفاروق

لقد استمرّ تنفيذ الخطّة الحضاريّة القرآنيّة بتفانٍ وإخلاص بعد رحيل النبيّ الكريم عليه السّلام إلى رفيقِه الأعلى، فتنظّمت حياة المسلمين ومن عايشهم، ليصل الإسلام إلى جميع أطراف المعمورة في صورة منهجٍ متكاملٍ بإمكانه أن يحفظ حريّة الإنسان وكرامته؛ ولعلّنا نلجأ هنا إلى الإستشهاد بموقفٍ استثنائيّ من الخلافة العمريّة -ولا يغفل عن جميعنا مواقف النبيّ ولكن اختيار عمر رضي الله عنه لم يأتِ اعتباطًا، فالهدف بعث الأمل في نفوس الشّباب على القدرة على التّغيير؛ لأنّ الفاروقَ رضي الله عنه إنسان عاديّ (ليس برسول ولا نبيٍّ) لكنّه كان قادرًا على رسم معالم خطّة نهضويٍّة إستمدّ روحها من عالميّة الإسلام وعدله وسماحته، أشرف بنفسه عليها وتابع تنفيذها- التي حوْكمت السّوق ووظّفت الشّفاء بنت عبد الله، فكان عمر يقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها،حتّى ولّاها شيئًا من أمر السوق فقيل أنها كانت وزيرة المالية آنذاك! فدعا بذلك إلى إقامة العدل والمساواة، وأقر حق مساءلة الحاكم وفرض الشفافية ورعاية الأقليات الغير مسلمة بمجتمع المدينة.

الحوكمة في القرن العشرين

ويُقال أنّ مصطلح الحوكمة (Governance) يعود إلى المؤلّفين الأمريكيّين لورقة 1932 "المؤسّسة الحديثة والملكيّة الخاصّة"؛ وهي ما يطلق عليه بأطروحة بيرل و مينز[2]  ( Berle & Means thesis) نسبة إلى أدولف بيرل وجاردينر سي. مينز اللذان يعدان أول من تناولا موضوع فصل الملكية عن الإدارة، وتنص النظرية على أنه بمرور الوقت ستهيمن الإدارة على مختلف المجالس لدرجة أن دورها الإشرافي يصبح غير فعال ويصبح للمدراء التنفيذيين القول الفصل!
و بعض المصادر تشير إلى أن أول وثيقة استُعمِل فيها مصطلح (حوكمة الشركات) كانت عن طريق ريتشارد ايلس في سنة 1960، وذلك للدلالة على “هيكل وأداء نظام السياسات في الشركات”.
لكنّ الحاجة إلى الحوْكمة ظهرت خلال العقود القليلة الماضية، عقِب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية المتتالية التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وروسيا، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي من انهيارات مالية ومحاسبيّة خلال عام 2002 .
وتزايدت أهمية الحوْكمة نتيجة لاتجاه كثير من دول العالم إلى النّظام الرأسمالي الذي يعتمد على الشركات الخاصة لتحقيق معدلات مرتفعة ومتواصلة من النمو الاقتصادي !، وقد أدّت سلطة المال إلى فصلِ الملكية عن الإدارة، ليجِد كلّ مشروعٍ مصادر تمويل أقل تكلفة من المصادر المصرفية.. 

مهمّة الحوكمة

يجب أن يعكس إطار الحوكمة ما يلي: 

  • رؤية واضحة لما ستقدّمه المؤسّسة.

  • أدوار ومسؤوليات التنفيذيين، والغير تنفيذيين، والعاملين يجب أن تكون محددة كتابيا.

  • الترتيبات لقياس جودة الخدمة.

  • الميثاق الأخلاقي الذي يحدد المعايير لسلوك الأفراد.

  • الأوامر المحددة، والتعليمات المالية، ونظام التفويض وكتيبات ومذكرات الدعم.

  • الترتيبات الموضوعة لضمان الإلتزام بالقوانين.

  • الترتيبات الموضوعة لتلقى ودراسة وحل الشكاوى معلنة للجميع.

  • الترتيبات المحددة للتعرف على احتياجات التطوير لجميع العاملين.

  • قنوات إتصال واضحة تم وضعها لكل الأقسام وحملة الأسهم[3]

وتقوم الحوكمة على أربعة أسسٍ رئيسيّة هي؛ العدالة ، وتحديد المسؤولية بدقة ،والمساءلة والمحاسبة ، والشفافية (الصدق والأمانة).

بين عولمة أمريكا وحوكمة الصّين

"العولمة التي لا تضع حقوق الناس في أولويّاتها سوف تتحول إلى شكل من الحكم الاستبدادي".. يقول الفيلسوف الأمريكي نُعام (نعوم) تشومسكي؛ فلا يزال مفهوم العولمة يُناقش على أنّه الحلّ الأمثل لأزمات العالم، لكنّ الواقع يثبت العكس؛ فالعولمة أزمة أخرى قد أُضيفت إلى قائمة الأزمات التي تشهدها الشّعوب والأوطان، فهي التي مهّدت السّبل للتّأثيرات الخارجيّة على شؤون البلدان الدّاخليّة، وسرّعت من انتقال المعلومة وتجاوزها حدود الدّولة، وطغت بسببها العالميّة على كلّ المجالات تقريبًا؛ كعالميّة مشكلة البيئة وعالميّة مسألة الهجرة وعالميّة المبادلات التجاريّة ...، لكنّ هذا المفهوم يخضع لعامل التّرقية وسياسة الكيل بمكياليْن باستمرار؛ فهي النّعمة عندما تتطابق مع المصالح الاستراتيجيّة والإقتصاديّة للدّول الكبرى، وهي النّقمة عندما تدخل في صدام مع مصالح أخرى تخصّ الدّول النّامية بالأساس!

قمة  G-20 (مجموعة العشرين) هانغتشو – الصين

تُعدُّ قمّة مجموعة العشرين للأعمال أهم منتدى عالمي للتعاون الاقتصادي الدّولي، والتي عُقدت سنة 2016 بقيادة الرّئيس الصينيّ 'شي جين بينغ'؛ القمّة التي عرض بها أفكاره التي طرحها قبل سنتين بكتابه (حوكمة الصّين[4])، حيث يقول: "ينبغي بذل الجهود لمعالجة أعراض وأسباب الفساد الجذرية وتعزيز الانضباط بشكل شامل وتطوير أنماط العمل باستمرار"، يرى شي جين بينغ أنّ الفساد يعدّ العائق الأساسيّ في طريق التّنمية، والسّبب المستفحل في التصدّي لمبادئ الحوْكمة. وفي هذه القمة، شرحت الصين رؤية الحوكمة العالمية بصورة شاملة لأول مرة، وقدمت برنامج حلول لتحسين حوكمة الاقتصاد العالمي، ودشنت مرحلة جديدة لإصلاح الحوكمة العالمية، وكسبت تأييد المجتمع العالمي وتقديره العالي، وتعتبر الصّين الدولة الأكبر على مستوى العالم التي توفر التمويل للبلدان النامية، حيث يقدم بنك التنمية الصيني قروضاً أكثر من تلك التي يقدمها البنك الدولي!؛
       

تموقع الوطن العربي في خريطة الأزمات العالميّة:
 

تعاني مختلف دول عالمنا العربيّ من أزماتٍ عدّة وعلى جميع الأصعدة والمجالات؛ فسوء تسيير المؤسّسات الحكوميّة (خاصّةً) كان سببًا في تأزّم الوضعِ، إلى جانب فشل تطبيق القِيم الدينيّة الإسلاميّة والاكتفاء بملاحقة المنصب والمال والشّهرة؛ وغضِّ الطّرف عن حقوق الغير وإلزامهم فقط بأداء واجباتهم في صورة استعبادٍ متعدّد الأشكال.
إنّ وطننا العربيّ بحاجةٍ ماسّة إلى إعادة النّظر في تسيير مؤسّساته وحكوماته، والعودة إلى المبادئ الإنسانيّة والحضاريّة التي تحفظ للإنسان حقوقه وكرامته.
إنّ وطننا العربّي بحاجة إلى إرساء ركائز الحوكمة الرّشيدة في مختلف الجوانب الإدارية والاقتصادية والسياسية وغيرها، ويعرف البنك الدولي الحوكمة الرّشيدة على أنّها : "الأسلوب الذي تمارس به السلطة إدارة مصادر الدولة الإقتصادية من أجل التنمية"؛ فهل يملك مجتمعنا العربيّ مقوّمات وأسس هذا المفهوم؟ وهل بإمكانه أن يمارس ثقافة العدل والشّفافية والعمل بإتقان وإحسان؟.
من أجل تبني الحوكمة في الوطن العربي لابد من توفر المقومات التالية:

  •  تمكين القوى البشرية على المستوى المحلي من إداريين وفنيين بالتدريب والتوعية وتنمية المهارات المطلوبة عن طريق دعم مؤسسات المجتمع المدني وحث المواطنين بالانضمام والمشاركة بها.

  •  تنمية مستوى مشاركة السكان المحليين في صياغة السياسات واتخاذ القرارات.

  • تبني أساليب جديدة في الإدارة وتطوير البناء المؤسسي قائمة على الشفافية والمساءلة.

  •  تنمية الثروات وتطوير إمكانيات المؤسسات القائمة من خلال توفير الآليات المناسبة للعمل ودعم ما هو قائم لضمان المشاركة الفعالة من المواطنين.

أسس الحوكمة الرشيدة

قدمت الأمم المتحدة من خلال برنامجها الإنمائي ثمانية عناصر تقوم عليها الحوكمة الرّشيدة وهي كالآتي:

  •  المشاركة في اتخاذ القرارات.

  •  التوّافق بين الجهات المشاركة في إدارة شؤون الدولة.

  •  المساءلة.
  •  الشّفافية.

  •  الاستجابة لمتطلبات الناس.

  • الفعالية والكفاءة.

  • الإنصاف والشّمول .

  •  سيادة القانون.

دور الحوْكمة 

  • محاربة الفساد المالي والإداري في الشركات وعدم السماح بوجوده أو عودته مرّة أخرى .
  • تحقق ضمان النزاهة والحيادية والاستقامة لكافة العاملين في الشركة .
  •  تفادي وجود الأخطاء والانحرافات وذلك باستخدام النظم الرقابية المتطورة .
  • تحقيق الاستفادة القصوى من نظم المحاسبة والمراقبة الداخلية.
  • تحقيق قدر كاف من الإفصاح والشفافية في الكشوفات المالية .
  • ضمان أعلى قدر من الفاعلية لمراقبي الحسابات الخارجيين ، والتأكد من كونهم على درجة عالية من الاستقلالية وعدم خضوعهم لأية ضغوط من مجلس الإدارة أو من المديرين التنفيذيين. 
  • تحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيع الاستخدام الكفء للموارد وضمان حق المساءلة عن السيطرة عليها، و ربط مصالح الأفراد والشركات والمجتمع بشكل عام.

إدارة الأزمة... أم أزمة الإدارة
   

يقول الدّكتور طارق السّويدان:'الإنسان لم يتقدّم عبر التّاريخ الطّويل إلّا من خلال الأزمات'؛ فللأزمة دورٌ فاعلٌ في إعادة النّظر والبحث في سُبلِ التّجديد، لكنّ الإنسان الذي يسيء التصرّف مع الأزمات يكون مساعدًا على تعمّقها، وتوسّعها، ولأنّ للأزمات هذا الدّور الفاعل فقد اُشتُهر ما يُعرف بإدارة الأزمات؛ لكن ماذا لو كانت الإدارة في حدِّ ذاتها تعاني أزمةً عميقةً يتطلّب الوقوف عندها مطوّلًا.
وأزمة الإدارة تكون على أحد هذه المستويات أو بعضها أو جميعُها:
أزمة التّخطيط: ويعد التخطيط من أهم وظائف الإدارة، وهو الفكرة التمهيدية السابقة لتنفيذ أي عمل من الأعمال، فإذا عجزتِ الإدارة على وضعِ خطّة لمشروعها مهما كان نوعه فإنّها ستعجز أيضًا عن بلوغ الأهداف المنشودة أو تحديد الوسائل المطلوبة.
أزمة التنظيم الإداري: يُعدُّ التنظيم الإداري من الوظائف المهمة التي تلقى على عاتق الإدارة وذلك لكثرة الحاجات المستجدة للمواطن ولندرة المواد الأولية التي تخدم إشباع هذه الحاجات، فالأزمة في التّنظيم تقود المؤسّسة إلى سوء استغلال الطاقات البشرية ومنه تتبعثر الجهود وتتعارض المطالب. 
أزمة القيادة الإدارية: القيادة هي العصب الحسّاس في كل مفصل من مفاصل الإدارة ، والقائد الإداري يقوم بدور بارز في نجاح الأجهزة الإدارية أو إخفاقها في الوصول إلى أهدافها، فبإهمال القائد لدوره يُحقّق دمار المؤسّسة وهلاكها، لذلك يجب على الحكومات العناية باختيار القادة الإداريين ومتابعة تدريبهم وزيادة خبراتهم وقدراتهم من أجل ضمان استمرار المرفق العام في أداء مهمته.
أزمة التنسيق: غياب التّنسيق يعطّل الخطط ويؤجّل أو يُخطئ القرارات، وبالتّالي يسيء توجيه المؤسّسة.
أزمة الاتصال: غياب التّواصل بين مختلف الهيئات يغيِّب المتابعة والمرافقة ويخلق تصدّعاتٍ على مستوى المؤسّسة.
أزمة الرقابة: إن الرقابة هي الوظيفة الاستراتيجية الحساسة داخل الكيان الإداري لأنها تتعلق بالتخطيط والتنظيم وتحديد المسؤولية وتنقل للقائد الإداري جميع المعلومات التي تتعلق بتنفيذ الخطط وبلوغ الأهداف المنشودة، فغياب الرّقابة يخلق العشوائيّة داخل المؤسّسة.
   وإلى جانب الأزمات المتعّلقة بالإدارة نجد تلك المرتبطة بالإعلام والمؤسسات الإعلامية التي وإن لم تكن جزءاً عضوياً من الإدارة والإدارة العامة، إلا أنها تؤدي دوراً غاية في الأهمية في إدارة الأزمات، سواء أكانت خاصة موالية أم معارضة، فهي إعلام دولة وتدافع عن الدولة ورسالتها ومصلحتها العامة في الوقت نفسه وتشكل رقيباً على الحكومات وأدائها واستحقت بسببه لقب "السلطة الرابعة".
 
الخلاصة
   الإدارة علم وفن، وكل نقاط الضعف مرتبطة بعملية الحوْكمة، إذ تشير الدراسات العلمية والحديثة ويؤكد المفكرون الكبار والمعاصرون أن سرّ نجاح الدول وفشلها، إنما يكمن في المؤسسات والإدارة.
 

ضعف نظام الحوكمة وعجز الإدارة على تسيير وحلّ المشكلات عمّق من أزمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات المدنيّة المعنية منها والمنتخبة كما أثّر سلبًا على تنفيذ برامج الحكومة، وتحقيق آمال المواطنين وطموحاتهم.
 

 وقد نتج عن هذه الأزمات افتقاد الثّقة في الأسواق المالية المختلفة وانصراف المستثمرين عنها ، وكذلك افتقاد الثقة في مكاتب المحاسبة والمراجعة نتيجة عدم صحة المعلومات المحاسبية الواردة في البيانات المالية والمبادلات التّجاريّة .