ألقى د. طارق السويدان محاضرة تفاعلية، التي حَادَث فيها مئات الشباب عن "دورهم في نهضّة الأمة"، وذلك عَصْر يوم أمس الأحد الحادي عشر رجب الموافق للسابع عشر من مارس بمدينة اسطنبول التركيّة، وقد بثَت صفحة عُمران في فيس بوك المحاضرة على المُباشر، أين شاهدها عشرات الآلاف من المتابعين عبر العالم. (لمشاهدة التسجيل هنا).

وقد شارك في تنظيم هذه الفعالية الفكرية إلى جانب عمران، خمس مؤسسات متمثلة في شركة رواد الأعمال للتدريب والاستشارات، مؤسسة رؤية للثقافة والإعلام، أكاديمية إنسان لبناء القيم، مؤسسة جيل القرآن وميار مؤسسة اليتيم العالمية.

اسْتهلّ الدكتور محاضرته بتعريف التغيير كعملية مُنظّمة للانتقال إلى المنشود، والحضارة كمنهج فكري متشكّل في إنتاجات مادية ومعنوية، مُبرزًا الفروق الجوهريّة بين بناء حضارة حقّة أو تشييد مدنيّة فاخرة، مُحذرًا الشبابَ من الانبهار بهذه الأخيرة.

لا شك أنّ فهم تلك المعادلات يسُاعد في فهم الأدوار المنوطة بجميع الشباب لنهضّة الأمة، لأجل ذلك أبان الدكتور طارق النموذج العام للتغيير، الذي يحتوي على أربعة جوانب أساسيّة يُجيب كلّ جانب على سؤال محوري.

section_image.png

بدءً بالرؤية: إلى أين نريد أن نصل؟ حيث حفز الدكتور الشباب مُخاطبًا إياهم: «لديكم خياران إمّا أن تجلسوا في تذمرٍ لما آل إليه واقع الأمّة أو تشاركوا في صناعة المستقبل، فنهضّة الأمّة قادمة لا محالة.» كما أرْشَد الجاديّن الراغبين في إنجاح مشاريعهم والإسهام في نهضة الأمة إلى ضرورة امتلاك الأدوات الحديثة للتخطيط الاستراتيجي، نُشير للقراء الكرام إلى الاجتهاد القيّم كتاب"الحضارة الإسلاميّة القادمة" الذي يشمل توصيف حضارتنا في خمسة وعشرين مقوّم من تأليف المُحاضِر.

ثانيًا، الواقع: أين نحن اليوم؟ وقد اقترح دراسته من خلال تحديد الأزمات الرئيسية والقدرات الأساسية، عدّد وعرّف خمس أزماتٍ وهي: السلوك، التخلف، الفاعلية، تأتي هذه الأزمات الثلاث نتيجة لأزمتي القيادة والفكر، بحلهما تُحلّ باقي الأزمات، أما القدرات التي تزخر بها الأمة فقد اكتفى باعتبارها أمّة شابة لأنّ نسبة الشباب الذين تقلّ أعمارهم عن خمس وعشرين سنّة يمثلون أكثر من 65 %.

ثالثًا، الخطّة: كيف نصل؟ أورد الدكتور جميع المراحل وتوقيتها والأهداف التنافسية في كتاب "الخطّة الاستراتيجية لنهضة الأمة" بمنهجية علمية وإحصاءات عالمية، بخصوص توزيع الأدوار، فصرَح بألا وجود لدور عام يشترك فيه جميع الشباب! بل أصَر بأن يختار كل واحد مجالًا واحدًا فقط ويتعمّق فيه، وينضم لمشروع أو يؤسسه بما يتوافق ومجال تخصصه.

تجدُر الإشارة إلى أنّ العناصر الثلاثة السابقة تُشكّل النموذج العام للتخطيط، بإضافة عُنصر المقاومة (مالذي يمنعنا من الوصول إلى رؤيتنا؟) يكتمل نموذج "التغيير".

في ذات السياق أكد أنّ "نظرية المؤامرة" طرحٌ استسلامي يزرع اليأس في النُفوس، ناصحًا الشباب: «لا تيأسوا لأنّ كل الحركات الاصلاحية وحركات التحرر والنهضة عبر التاريخ بدأها أفراد قلائل، ورغم كلّ العقبات لا يمكن لأي قوة أن تقف أمامنا.. نحن أقوى!»  مُقدرًا أنّ الأمة بحاجة إلى % 2 من شبابها ككتلة حرجة تقلب الموازين، على أن يتميزوا بإيمانهم بفكرتهم وأن يكونوا قادةً ومبدعين.

أما المقاومة أيّ ما يُعيق نهضّة الأمة، فقد عدّد خمسة أمورٍ منها الاستبداد السياسي، التدخل الأجنبي والصهيونيّة، وركز على ضرورة أن نعرف كيف نقاوم؟ وهو ما يسمى بعلم "مقاومة المقاومة".

دامت المحاضرة ساعة ونصف، ختمها بسؤال محوري: أين أنت من كل المشاريع التي تروم نهضة الأمة؟ مؤكدًا ألّا عُذر لأي أحدٍ، فقد تعددت المشاريع منها مشروع عُمران الذي اعتبره تيارًا شبابيًا يضم أكثر من مائة مشروع، بإمكان كلّ شاب أن ينضّم ويأخذ ما يريد، سواءً بالتدرب والتعلّم في أكاديمية عُمران، بتأسيس مشروع أو الانضمام لآخر من خلال منصّة المشاريع.

اعتبر الدكتور طارق تخلف الأمّة لأربعمائة سّنة شاغلٌ أساسي، يتقرّب إلى الله بتأسيس مثل هذه المشاريع التي تُخفّف من التخلف وتروم النهضّة.