عندما تنجب لنا الديمقراطية سفاح أهوج لقيادة دولة وازنة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ندرك ما يمكن أن تحدثه أغلبية خانعة تتحرك إلى صندوق الاقتراع بإرادة مسلوبة.
يصور لنا النظام الديمقراطي أن الشعوب تقرر مصيرها عن طريق الانتخابات، حيث يتم اختيار حزب أو رئيس بناء على برنامجه وتوجهاته، ليخدم بعد نجاحه مستقبل الوطن. والسؤال الذي يحمل في طياته الارتياب، هل ما يقدمه المرشحون من خلطات سحرية في برامجهم الانتخابية تعبر فعلا عن تمثيل حقيقي لتوجهات الشعوب؟ أم هي مجرد حقن من الأفيون لتخدير الجماهير؟
الواقع يقول أننا أمام ديكتاتورية من نوع جديد، تسيطر فيها الفئة التي تملك المال والنفوذ على القرار السياسي، وذلك ظاهر بشكل واضح من خلال استعمال القوة القاهرة لسجن اختيارات الناس في غرف الإعلام والشبكات الاجتماعية المغلقة، التي تعمل على توجيه الرأي العام بتمجيد البعض وتشويه الآخر وإغلاق باب التنافس أمام الأحزاب الصغيرة وأصحاب الأفكار الجديدة.
إن ما يحدث اليوم باسم الديمقراطية لا يعكس طموحات المواطنين، بل يكرس وضع يتقاسم فيه أصحاب الثروات والتحالفات الإقليمية مصير الشعوب وفقا لمصالحهم وأهدافهم، وهو ما يفضي إلى البحث عن بديل للديمقراطية التي سقطت جدواها في الغرب ولم يمارسها العرب بعد.
يبدو أن الحل الأمثل اليوم، هو أن تتم إدارة الدولة بالاعتماد على بعض الأساليب التي تدار بها الشركات الكبرى، بداية من اختيار مرَشحين بناء على كفاءاتهم ومؤهلاتهم تحت معايير دقيقة. فيصبح تداول الحكم هنا بين النخب الأكثر فاعلية وليس بين رجال السياسية، مع ضرورة تشديد الرقابة والعقوبات، حتى تصبح قيادة الدولة تكليف شاق لا تغري عشاق الربح السريع.
على الرغم من أن هناك اختلافا جوهريا بين إدارة الدُول وإدارة الشركات، لكن المقصد هنا أن يتم العمل على تحقيق الأهداف بشكل موضوعي متنائي عن الأهواء والمصالح الضيقة.
إن ما يحدث اليوم من تداول السلطة بين مصاصي الدماء، ومجرمي الحروب أمر غاية في الخطورة. فاتخاذ قرار أرعن، من حاكم متغطرس، قد يؤذي إلى حرب نووية، أو كارثة عالمية.
فوجب بذل جهد أكبر من المصلحين والعلماء وأصحاب الهمم العالية، للأخذ بزمام الأمور وعدم ترك قيادة الدول والقرارات المصيرية في يد العابثين ومرضى النفوس، مع تقديم حلول بديلة خارج الصندوق.