العلم عبارة عن مفهوم الشيء وكذا يكون بعض فروعه مرتبطة ببعضها. عندما نسأل أحدا هل تعلم ما هذا؟ وإن أجاب "نعم" نفهم أن لديه علم بذلك، ولكن عندما نسأل عن معرفة الشيء: هل تعرف هذا؟ وإن كان لديه معرفة بذلك، كان عالما بجميع المفاهيم من ذلك، لأن المعرفة أشمل من العلم، ونستطيع التفرقة بينهما بالتعلم. وهنا نراجع رسالة في فن التعلم عنوانها "مع هواة المعرفة والتعلم" للكاتب السوداني أحمد بابكر حمدان، وهو معلم مختص في تنمية الهوايات، وسبق لي تلخيص عدة مقالات للكاتب، من بينها أسرار التميز المعرفي، والكتابة هواية وفن وثورة.

في كل الأمور هناك أهمية للفاعلية وإن كانت في المجال التدريبي أيضا نحن نرتحل طول هذه الرسالة في مجال التعليم والمعرفة والأنشطة الجارية في مجالها التدريبي وأيضا عن الإنتاجات بتلك الأنشطة الجارية في ذلك المجال.

- مدخل الرسالة:

في أنشطتنا التدريبية، عادة ما نفتقر إلى أدوات وخطط من شأنها تعزيز التعلم وتحقيق قدر عال من الفاعلية والتأثير، فضلا عن عدم توفر أدوات جيدة لقياس النتائج.. ولعل برامج تطوير الذات في مجملها، بحاجة إلى (تطوير) يشمل الاهتمام باستخدام أدوات ونماذج لإضفاء مزيد من العلمية والقياسية إلى البرامج المقدمة.

بعد قراءة المدخل ننتقل إلى الأنشطة الجارية في مجال التدريب وفيها يناقش الكاتب تقسيم الأنشطة إلى أربعة (الأنشطة الرباعية). في التدريب يكون هناك مدرب مهتم بملكات واهتمامات المتدرب، ومتدرب وأداة للتدريب. يقول الكاتب: في خطة الأنشطة الأربعة، يهتم (المدرب) بالتعرف على طبيعة وتفاصيل كل من الأنشطة الأربعة لدى كل (متدرب) على حدة، في محاولة من الخطة للتخلص من عادة “الوصفات السحرية” الشائعة في كتب ودورات التنمية الذاتية. 

إن تطبيق خطة الأنشطة الأربعة من شأنه بناء تواصل أكثر جودة بين المدرب والمتدرب؛ حيث يشعر الأخير بملامسة البرنامج التدريبي لأنشطته الفعلية ومخاطبته لما وراءها من احتياجات. 

على سبيل المثال، فإن التعرف على الأنشطة المعرفية الجارية للمتدرب يمنحه فرصة لاكتشاف ما يربط بينها من صلات وعلاقات، والتعرف على ما تعبر عنه من قدرات وملكات.. فضلا عن لفته إلى الاهتمام بمدى علاقتها بما يطمح إليه مهنيا واجتماعيا.

بعد التعرف على الخطط العامة في مجال التدريب نرتحل إلى طرف هام في المجال نفسه وهو الهوايات. إن الاهتمام بهوايات الطلاب أصلح الطرق وأوفقها في تعزيز ملكاتهم وتقوية مهاراتهم. وهنا نموذج جيد في هذا السياق وهو نموذج آسك لاكتشاف هوايات الطلاب، وقد كتبت عنه مقالة مفصلة سابقا. يقول الكاتب: إن تحليل شخصيات الهواة، يمنحهم رؤية أوسع مدى، ويحفزهم على الاستمرار بوعي وثقة.. ويتيح أمامهم فرصا أفضل لتعزيز هواياتهم، لا سيما "هواية المعرفة".

أورد الكاتب في خاتمة رسالته: "إن طريقنا نحو “تعزيز التعلم” عادة ما يبدأ عند اكتشافنا لقدراتنا، وما يتصل بها من أنشطة وهوايات، مرورا بالاختيارات الدراسية والمهنية المرتبطة بميولاتنا واستعداداتنا.. ومن ثم بوجودنا في مجالات مهنية متصالحة مع شخصياتنا، وأخيرا بمدى قدرتنا على الانتقال من صورة المهني التقني أو مجرد الممارس لمهنة ما، إلى خانة المهني الباحث المساهم في تعزيز المعرفة في مجاله، وتقديم حلول لمشكلات المجال وتطوير أساليب العمل". وما أجمل أن يبدأ تعزيز التعليم بالاهتمام بقدرات المتعلمين وهواياتهم.