مع بداية العام الدراسي الجديد، ومع الموجة الكبيرة التي تشهدها الساحة التعليمية في قطاع [التعليم الخاص] من الترويج والدعاية الموجهة لمدارسهم. يقف الكثير من أولياء الأمور حائرين في اختيار المدرسة الأنسب والأفضل لأبنائهم، وفي الغالب يعتمد الأب والأم على ما يُقال عن المدرسة في البيئة المحيطة، أو ما تروجه المدارس عن نفسها من إعلانات وبهرجات، ربما تكون بعيدة عن حقيقة ما يجري داخل المدارس!!
من أجل ذلك يقع على عاتق الآباء والأمهات أن يكونوا على علم ووعي بما يختارونه لأبنائهم، فالمدرسة لها الأثر الكبير على تنشئة وتربية الأطفال وما سيكونون عليه في المستقبل.
فهناك معايير يجب أن ينتبه لها أولياء الأمور عند القرار في اختيار المدرسة الأمثل لأبنائهم، وسنبدأ هذه السلسلة بمعيارين أساسيين.
أولًا: ما هي «البيئة التربوية» الصالحة لأبنائنا؟
المقصود بها كل ما هو موجود داخل المدرسة من أنظمة وقوانين ولوائح وأساليب واستراتيجيات تعليمية وتربوية متبعة، وكذلك نوع الفصول الدراسية ونمطها هي مختلطة أم لا؟ وهل تنظيم الحصص الدراسية يتم بناءً على احتياجات ومصلحة الطلبة أم وفق مصلحة المدرسة والمعلم فقط؟ وما هي سياسات المدرسة فيما يتعلق بالامتحانات والتقييم، وقواعد الانضباط والتعامل مع السلوكيات المحببة والسلوكيات الخاطئة؟؟ ما هي أنظمة الدوام والاستراحات داخل المدرسة وخارجها؟ وأخيرا، هل المدرسة تستخدم أساليب التكنولوجيا في التعليم وهل تطبق نماذجه بشكل علمي وعملي صحيح؟
فيجب الحذر من المدارس التي لا نجد فيها البيئة التربوية والتعليمية الصالحة لأبنائنا، بل حينما ندخل بعضها نشعر كأننا في حلبة مصارعة ”للثيران“ أو ”حقل دواجن“ أو ”بازار يموج ويروج“!
فلا يوجد نظام ولا انضباط ولا رعاية ولا اهتمام ولا متابعة، وفيها من الفساد الأخلاقي والقيمي ما يؤثر على سلوكيات أبناءنا بشكل كبير، فكم اكتسب ابنائنا عادات وأخلاق وأفعال سيئة بسبب البيئة الفاسدة في المدارس [التجارية] والتي كل همها الأرباح المالية والعائدات السنوية! فالمدرسة التي لا تكسب الطالب العادات والقيم والأخلاقيات التي تتناسب مع القيم والمبادئ والأخلاقيات المجتمعية، فهي ليست ببيئة صالحة لأبنائنا، بل هي دكاكين لتسليع التربية والتعليم.
ثانيا:ما هي «البنى التحتيّة» المدرسية الأصلح لأبنائنا؟
إن للبنى التحتية والتصميم الداخلي والخارجي للمدرسة له الأثر الكبير على صحة الأطفال النفسية والجسدية، وذلك لأن ما يقضيه الطالب من وقت طويل يصل إلى ثمان أو تسع ساعات يوميا داخل المدرسة، له الأثر الكبير على نفسيته وعقليته، وكذلك هي تساعد على تشجيعهم نحو التعلم والنمو بشكل صحيح وسليم.
فمن الجيد أن ينتبه أولياء الأمور إلى ما سنذكره من مواصفات:
1- الساحات والباحات المدرسية: فلا نضع ابنائنا في مدرسة لا توجد فيها ساحات وباحات خارجية مفتوحة.
2- الحدائق والأشجار: فالمساحات الخضراء والأشجار والأزهار داخل أسوار المدرسة لها الأثر الكبير على نفسية الطفل وسلوكياته.
3- الصفوف والفصول الدراسية: ويجب الانتباه إلى أمور أهمها:
- أن تكون فيها تهوية ومنافذ بما لا يقل عن 15% إلى 20 % من مساحتها الإجمالية.
- الحذر من الفصول التي لا تدخل إليها الشمس أبدًا.
- النظر الى حجم الغرفة الصفية وعدد الطلبة الموجودين داخلها، فيجب أن يكون لكل طالب (متر مربع واحد) من حجم الغرفة الصفية، فمثلا الصف الذي حجمه 20 متر مربع، يجب ألا يجلس فيه أكثر من عشرين طالبا كأقصى حد ممكن.
4- وسائل التدفئة والتبريد متوفرة وكافية.
5- الممرات والسلالم: الانتباه إلى حجم الممرات والسلالم وطريقة تصميمها، وهل هي واسعة وأمينة ومحمية بشكل جيد أم لا؟
6- الحمامات والمغاسل:
- ما هو موقعها والمسافة ما بينها وبين الصفوف، فإذا كانت بعيدة فهذه لا تصلح بل يجب أن تكون قريبة خاصة في المدارس الابتدائية.
- مستوى ارتفاع المغاسل عن الأرضية، وهل يستطيع الطفل بحجمه وعمره أن يستخدمها أم هي أعلى من رأسه؟
- هل يوجد تنوع في الحمامات ما بين الشرقية والغربية؟
- هل هي مختلطة ما بين الجنسين أم منفصلة؟ فهذه نقطة جدا جدا مهمة يجب الانتباه إليها!
- وأخيرا هل توجد حمامات مصممة لأصحاب الاحتياجات الخاصة، وخاصة ممن عندهم احتياجات في الحركة بشكل طبيعي!
7- الأثاث المدرسي: هل المدرسة مجهزة بأثاث مدرسي جديد ونظيف من مقاعد دراسية وألواح وأجهزة وخزانات وأماكن تعليق الحاجيات والملابس مثلا؟ وهل هي كافية للعدد الموجود؟
8- المرافق التعليمية: ونعني بها المختبرات العلمية، وقاعات العرض، وقاعات الأنشطة الفنية والرياضية، والمسرح المدرسي.
9- أماكن الترفيه والألعاب: هل يوجد في المدرسة أماكن للترفيه واللعب بمساحات كافية؟ هل هناك ألعاب أمينة ومتاحة للاستخدام خاصة المراحل الابتدائية الاولى؟
وأخيرا، لا تسجل ابنك في مدرسة بُنيتها التحتية لم تصمم تصميماً مدرسيا خاصا، ومن الضروري الابتعاد عن المدارس التي تكون عبارة عن بيوت مستأجرة، أو بنايات مصممة كمكاتبٍ أو معاملٍ أو وحداتٍ سكنية أو ما شابه ذلك، فهذه لا تصلح أبدا وتؤثر على الطفل بشكل سلبي وكبير، حتى لو كانت تتمتع بالكوادر التعليمية والإدارية الجيدة!