تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

من أنا؟ وما هي هويتي؟

من أنا؟ وما هي هويتي؟

(من أنا؟ وما هي هويّتي؟) الكتاب الرابع في سلسلة (مستقبل الإسلام)، من تأليف الدكتور طارق السويدان، يُجيبك في مائتي صفحة مصنّفة إلى أربعة أبواب: كيف تفهم نّفسك التي بين جَنبيك؟ كيف تُميّز هويتك الإسلاميّة بصفاء؟  متى تكون أنا محمودة؟ ومتى تكون أنا مذمومة؟

في بداية الكتاب، الباب الأوّل (الأنا.. المعنى والتكوين) يُمَّكن القارئ من اختبار نفسه لمعرفة قدرته على التمييز بين أنا المحمودة وأنا المذمومة، والإطلاع على أجوبة العديد من الأسئلة التي تبدو بسيطةً في مبناها إلّا أنّها من أهم الأسئلة الوجوديّة التي تُخالج الإنسان بين لحظةٍ وأخرى: من أنا؟ كيف تتشكّل الأنا؟ هل الأنا ثابتة أم متغيّرة؟

لأنّ الإنسان مخلوقٌ فريدٌ متميّز خليفةُ الله، مُكرَم صفيٌ عن سائر المخلوقات، يُحدِّد الكاتب مكونات الذات الإنسانيّة، شارحًا لماهيتها ووظيفتها في الحياة، مُوضحًا متطلباتها واحتياجاتها بناءً على التصور الإسلامي لضمان استقامة الحياة، مُفندًا مشكلة الحضارة الغربية التي طغت فيها الحياة الماديّة واستشكلت على شعوبها كتحدٍ بارزٍ.

في بحثٍ فريدٍ من نوعه لمفهوم (الذات) الذي لاقى اختلافًا واسعًا بين الفلاسفة والعلماء، تتبع الدكتور نظريات الذات التي تعددت، ثمّ قدّم اجتهادًا مُكملًا مُكوّنا من أربعة عشر عاملًا من العوامل المؤثرة في بناء الذات، وختم الباب بتوضيح المقصود من الأنا في اختصارٍ لكلامٍ طويلٍ واسعٍ.

أما الباب الثاني فخصصه للحديث عن (أنواع الأنا)، اعتمد على تصنيفها بين أنا المحمودة وأنا المذمومة في التعامل مع ثلاث مستويّات، حيث لخصها جميعها في اثنتي عشرة مبدأ، مع استعراض الاستشهادات والقصص المُدعمة للطرح.

افتتح الباب الثالث (الهوية.. عناصر ومظاهر) باختبار قدرة القارئ على تحديد مفهوم الهوية، ثمّ بدأ بتعريفها وفق اتجاهين لاعتبار مصطلح الهوية من مفاهيم علم الاجتماع التي تتسم بالضبابيّة واحتمالية تعدد معانيها، وتكثر فيها التفسيرات والتأويلات، ليخلُص إلى تعريف سويدانيّ حصريّ، ولإعانة القارئ أكثر على الفهم وضبط الاصطلاح ومدلوله، فرّق الكاتب تفريقًا جوهريًا بين عناصر الهُوية ومظاهرها، وضح وشرح اثنتي عشرة عنصرًا من عناصر الهوية بإيجازٍ منهجيّ غير مُخلٍ للمعنى، ثمّ بيّن كيف تتمظهر تلك العناصر في مجموع المظاهر.

بعد التأكيد على أهميّة الحفاظ  على الهوية كإضافةٍ جماليّة للحياة وما حولنا، وكعامل وجودي للشعوب، يُجيب الدكتور عن إشكاليّة تفاضل الهويات مُعرجًا على مقياس التفاضل ما بين هوية وأخرى.

(نحن والغرب) الباب الرابع والأخير، ابتدأه بتمييز ملامح الهوية الإسلاميّة المعاصرة في خمسة عشر ملمحٍ يُوحِد بين المسلمين جميعًا على اختلاف جغرافيّة سُكناهم، ثمّ تناول ستة عشر ملمحًا من ملامح الهوية الغربية ، مُستنكرًا انتشار بعضها في مجتمعاتنا.  

لأنّ بقاء الأمّة مُرتهنٌ ببقاء هُويتها، ولأنّ معركة اليوم هي معركة الهويّات، ختم الدكتور بسبع أفكارٍ وسطيّة يأمل من خلالها تعميق الهوية في الأمّة وتكريسها بين المسلمين المنتمين  لها.

الهويّة من الموضوعات الفكريّة التي لاقت نقاشًا واسعًا، وعرفت تجاذبات لا تُحصى من شرق الأمّة إلى غربها، على تعدد الايدولوجيّات فيها واختلافها، الكتاب مبحثٌ مهمٌ يضع القارئ أمام شمولية التصور وموضوعيّته وواقعيته في آن، وأكرم الله الدكتور إذ اعتبر هُويتنا (خطوة لإسعاد النّاس جميعًا)!