تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الخطة الإستراتيجية لنهضة الأمة

الخطة الإستراتيجية لنهضة الأمّة..

ألَّف الدُكتور طارق السويدان الكتاب الثاني في سلسلة مستقبل الإسلام بعنوان (الخطّة الإستراتيجية لنهضة الأمّة) في مائتين وأربع وستين صفحة، صدر عن الإبداع الفكري للنشر والتوزيع سنّة 2018م.  

الكتاب أبحر بعيدًا عن الانفعالات التي سُرعان ما تضمحل ولا تعدو إلّا كونها تنفيسًا للقارئ، كما أنّ كلماته هي أبعد ما تكون عن الأمنيات التي نركن بعد قراءتها إلى حياتنا المألوفة.

لأنّ التغيير مطلوبٌ عقلًا وشرعًا وحتى واقعًا، فقد رمت الظروف بواقعنا العربي في دركاتِ التخلف، يأتي الكتاب كمشروعٍ للتخطيط الاستراتيجي للأمّة جمعاء، هو عمليةٌ شاملةٌ لتحريك الإرادات نحو التغيير الحضاري، وضع أهدافًا واضحةً، محددة، وقابلة للقيّاس، يُمكن تحقيقها في عشرين سنةٍ.

المقدمة طرح فيها الدكتور عدّة أسئلةٍ مدارها: ماذا بعد التغيير؟ موضحًا أنّ الأبواب الثلاثة تأتي شارحةً للعناصر الأربعة من معادلة التغيير الحضاري.  

في الباب الأول "تحليل الواقع" أكدّ الكاتب أنّ اعتبار أيّ خطّة أكثر دقةً وصوابًا يرجع إلى مدى تجرد التحليل من العاطفةِ، ومقدار التسلّح بالعقل والمنطق، فعدّد الطريقتين اللتين نستعملهما في تحليل الواقع مُبينًا الفرق بينهما، مرشدًا القارئ إلى الطريقة الأكثر نجاعةً.

أثناء دراسته لتحليل الواقع، حدّد خمسة أزماتٍ رئيسة تواجه الأمّة كتحديّات، واستفاض في شرحها واحدةً واحدةً، ثمّ انتقل إلى وصف القدرات الخمس الأساسيّة  التي تتميّز بها الأمّة عمّا سواها من الأمم، مُدعمًا الشرح بإحصاءاتٍ عالميّة حديثة استعان بها من الجهات العالميّة المُعتمدة، وحُق إدراج تلك القدرات في مصافِّ الدراسات الإستراتيجية عن الأمّة لشمولها وكفائها لما طُرح، فقد عدّدها الكاتب بعد طول تأملٍ ونظرٍ في تاريخ أمّتنا، ولا شك أنّ التركيز عليها ينهض بالأمّة ويرتقي بها ويجعلها في مواقع التنافس.

الباب الثاني "الأهداف التنافسيّة" يُحلّق بمخيال القارئ نحو واقعٍ منشودٍ هو الأجدر بالعطَاء! افتتح الباب بالدعوةِ إلى صُنع الحضارة، وهذا مرهونٌ بالدخول في مضمار التنافس العالمي، والاجتهاد في مغالبة الخصوم بلغةِ الأرقام لا الأمانّي، ثمّ يُبَصِّر القارئ برؤيته للمستقبل، مفصلًا الأهداف التنافسيّة التي في استطاعتنا أن نحققها – إن تكاتفت الجهود- في أقل من عشرين سنةٍ من بدء الخطّة، وهي أهداف على مستويين: الأمّة جمعاء والبلدان كلًا على حدا، قام بدايةً بجمع معايير التنافسيّة في ثلاثة فصولِ، أفرد كل واحدةٍ بالشرح الكافي: الأهداف اللازمَة انطلاقًا من الإجابة على السؤال (أين نحن اليوم؟) والنتائج المرجوّة بالإجابة على السؤال: (أين سنصل؟).

النظر إلى "المستقبل" من خلال الباب الثالث، تأمّل الدكتور السويدان في قوى الشدّ العكسي التي تحاول إرجاع الأمّة إلى الوراء أكثر، قام بتصنيفها إلى خمسة أشكالٍ.

في "المقاومة لنهضة الأمّة"، عرّف المقاومة، ولخص بشكل مبسطٍ علم المقاومة وكل ما يتعلّق بمقاومة المقاومة، ومسّ محاور عديدة منها: أسباب مقاومة التغيير، المعادلة الرئيسية للتغيير، وأهم قواعد مقاومة المقاومة.

ركز أيضًا على مشاريع نهضة الأمّة المتضمنة لمقاومة المقاومة، فتحدّث عن مشروع "عُمران" كمشروع منهجيّ علمي للتغيير الحضاري، وكمنطلقٍ للمشاريع المطلوبة لنهضة الأمّة.

في نفس السياق، سمى الدكتور تسعة وثلاثين مشروعًا حضاريًا مُصنّفا ما بين (قائم)، (جديد) و(مطلوب) حسب تسعة جوانب أساسيّة، يفتح للقارئ مجالًا عمليًّا للانطلاق واستبصار سبل التغيير.

ختامًا بالرؤية المستقبليّة، والحديث مُجددًا عن "عُمران" مشروع الأمّة لكن بشكل أكثر تفصيلًا، فاستعرض فكرة المشروع، رسالته، تصوره العام، وماذا سيضيف للتغيير الحضاري؟ وما هي طُرق المساهمة فيه؟

الكتاب نقلةٌ نوعيّة في مجال الفكر النهضوي المنهجي، فهو أكثر عمليّة دون إهمال الجانب النظري، وهو موجهٌ إلى الأمّة كلّها، بنخبها وأفرادها، "فالجميع له مكانٌ ومكانة، له دورٌ ومهمَة".

من المؤكد بعد إطلاعك على الكتاب، أنّك ستعزم على أن تكون جُنديًا من جُنود التغيير، فتأخذ زمام المبادرةِ للقيام بواجب النهوض بأمّتك.. فالسبيل بيِّنٌ وواجبك أبلج!