تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

اختبر أخلاقك

اختبر أخلاقك..

أصدرت شركة الإبداع الفكري للنشر والتوزيع (الكويت) الكتاب الخامس (اختبر أخلاقك) من سلسلة (مستقبل الإسلام) التي ألّفها الدكتور طارق السويدان.

اختصّ هذا الكتاب بالحديث عن علمَ الأخلاق الذي يعتبره العلماءُ إكليل العلوم وتاجها، في مائة وأربع وثلاثين صفحة (134) مقسمةً إلى اثنتي عشر فصلًا موزعًا على ثلاثة أبوابٍ.

إن كنت شغوفًا بالإجابة عن أسئلةٍ تتعلّق بزمنِ نُشوء الأخلاق، نسبيّة القيم أو ثباتها، عن توارثها أم قابليّة اكتسابها، عن اختصاصها بدينٍ دُون آخر! ففي هذا الكتاب ستجد زُلالًا نافعًا، لأنّه يأتي كعرضٍ نظري ومقياسٍ عملي في آنٍ واحد، حيث قدّم شُروحًا مفصّلة عن مبادئ الأخلاق،  مع اقتراح مقاييس لفهم القيم والإرشاد لكيفية تطبيقها.

بدايةً مع أول بابٍ (اختبر فهمك وقيمك)، ستختبر نفسك في تمرينين، الأول عن فهمك لنظرية الأخلاق، ومنظورك لها، والثاني عن قيمك ومبادئك والمعايير التي تحكم سلوكك.

ثمّ يُسهب الدكتور في تبيّان مفهوم الأخلاق، وعرّفها سويدانيًا بدلالات أكثر عُمقًا وثراءً، مُقارنًا بين الأخلاقِ والقيم في محاولةٍ لتصحيح الفكر الذي هو أساسٌ لتصحيح السلوك.

أجاب على العديد من الأسئلة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: هل هُناك شيء اسمه قيم عالميّة؟ هل جاء الإسلام بمواعظ أخلاقيّة أم بما هُو أوسع؟ وإيمانًا منه بأهميّة الأخلاق في الوجود الإنساني عقد مقارنات بين أخلاقنا وأخلاق الغرب، واستمرّ في تشخيص علّل أمّتنا مُستنبطًا كوامن أزمتنا الأخلاقيّة بعد تحليل منهجيّ نوعيّ.  

مرورًا بالباب الثاني (تعاريف ومبادئ)، انطلق من الإجابة الفَصْل على  موقف المسلم الذي يحتار في حال تعارضت وتضاربت مصادر الأخلاق الرئيسة فيما بينها؟ أيّها يُرجِح؟ مُمهدًا لذلك بتصنيفات الباحثين لمصادر الأخلاق، واعتمد بعدها على أربعة مصادر رئيسة.

كما حذر الكاتبُ القارئَ من الوقوع في الحالات الثماني التي قد تؤدي إلى سوء الخُلق، والتي من الواجب أن ندعو إلى تجنبّها لئلا تستقرّ وتُشرعن!  مُوضحًا علاقة الأخلاق بالدين، بالفقه والقانون، حيث تمحوّر الحديث فيهما على ثلاث إشكاليات: هل الأخلاق هي الدين؟ هل القانون كافٍ لضمان انضباط النّاس؟  وهل الفقه مبنيٌّ على مقاصد الشريعة والأخلاق؟

قدّم في الباب الثالث والأخير (رؤيتي للأخلاق)، مستفتحًا السطور بتوصيف المُحرّك الأهم لكُلّ رذيلة والدافع الرئيس وراء كلّ معصيّة، والذي سمّيناهُ تشكيًّا بإبليس وهو أقربُ إلينا منه! عدّد الكاتب الأسباب الستة التي تؤدي لإتباع ذاك الدافع، مُوجهًا إلى خماسيّة تُعين على مخالفته والتغلّب عليه.

حلّل الدكتور أزماتنا السلوكيّة إلى خمس أزمات، مٌشدِّدًا على ضرورة تعديلها كي تُحقق الأمّة نهضتها وتنجو من براثين التخلّف، من أجل تحقيق ذلك، وضح الدوافع التي تأتي وراء السلوك استجابةً لجملةٍ من الحاجات البشريّة، على الرغم من تعددها وتنوعها، اجتهد الدكتور في تقديم تصنيفٍ عامٍ تتوزع فيه الحاجات إلى خمسة تصنيفات أساسيّة.

نهايةً، بعد توضيح خماسيّة الأزمات السلوكيّة، خماسية الحاجات البشريّة، أرشد القارئ إلى خمسة أساليب تُعين على تعديل السُلوك.

ختامًا، فهم الأخلاق وتمثلها واقعًا من ضرورات النهوض الحضاري لأمّتنا، ويعتبر هذا الكتاب مرشدًا عمليًّا يُعين على تشكيل تصورٍ مُتزِّنٍ لعلم الأخلاق، وتطبيقاته السلوكيّة الحضاريّة، ينتشل الأمّة من غياهب اللاوعي إلى الوعي اليّقِظ بأزمات المرحلة وتحديّاتها، ينقلها من استصعاب الحلول إلى تبينها والعمل لأجلها، القراءة النافعة لهذا الكتاب أوّل خطواتك للإثمار على الصعيد الفردي والجماعي!