تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
  • أبو يعرب المرزوقي.. باستيعاب فكر الغرب وإحياء التراث يكون استئناف أمة بعد سبات
    بواسطة: عبد الحفيظ بن مبارك

    من نشأة علمية في أحضان الفكر الغربي، الممتد من فكر اليونان إلى الحداثة، خرج فيلسوف إسلامي أبى إلا أن يجدد الوصل بمرحلة الطفولة وما تلقاه من تربية إسلامية من شيوخ زيتونة تونس، فبدأت حياته طفلا مع الكتاب حفظا وتعلما ثم عاد إليه بعد أشده فيلسوفا مفسرا. إنه الدكتور والمفكر الإسلامي أبو يعرب محمد الحبيب المرزوقي الزيتوني البنزرتي التونسي.

    متابعة القراءة
  • فلسفة المحبة
    بواسطة: دهان علي محمد

    بعيداً عن السرديات الجوفاء، والولوج في بواطن الأشياء المعتمة.. تعالوا بنا نقف على أرضية واضحة المعالم من جهاتها الأربع علّنا نرى الأشياء كما هي، وكما يراها الآخرون، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما في القاعدة الأصولية المشهورة.. ولو مكثنا بعض الوقت نتأمل حقيقة المحبة لأدركنا سهولة وبساطة معرفة حقيقتها؛ فهي لا تحتاج إلى تنقيب في حفريات العوالم المجهولة, أو تثوير في مكامن النفس العميقة, بقدر ما تحتاج إلى وضوح في الرؤية، وصدق في الغاية, لأنها واضحة جليّة كما أسلفنا؛ ولأن حقيقتها تظهر للعيان، وتلحظها كل الأعين سواء المُحِبّة، أو المُبغِضة، وهذا سر بساطتها، وديمومتها. ولو سُئل رجل ليس له في عالم الفلسفة, والفكر شيئا عن حقيقة المحبّة؛ لأجاب بكل وضوح أن حقيقتها تكمُن بالإتباع، لأن الحب الحقيقي أشبه بتمازج الأنفس البشرية، فالحبيبان يمثلان روحان معجونان بطينة الصدق، وماء الإخلاص، وهذا هو النموذج الأرقى، والمثل الأعلى, والأسمى في عالم الحب.. أما من يدّعى المحبّة, وهو يناقض الإدعاء فقد رضي لنفسه أن يكون أضحوكة، ورمزاً للعبث, وقد تُخلد سيرته في دواوين المحبة الموهومة، أو الأساطير الكاذبة، وقد تلعنه ألسنة المُحبّين الصادقين؛ لأنه شوّه بقدسية الحب.. وساهم في تكريس حالة التناقض بين حاله ولسانه, فأوقع نفسه أمام امتحان صعب المراس، واختبار يحتاج إلى دربة شاقة. ومهارة فائقة قد يُكرم بها أو يُهان. لأن المحبّة الحقيقية ليست مدحا للصفات المحبوب ساعة من نهار ثم النكوص, والعودة إلى تنافر الروح.. وما أكثر هذا الصنف، لأن الإدعاء ميسور, ومُتاح لكل أحد.. وعند الإمتحان تتجلى الحقائق, وتظهر الأشياء كما هي. فلا أدري كيف يرضى بعضنا أن يعيش حالة التناقض.. ومن ثم يتهم الٱخرين بأنهم لا يعرفون حقيقة الحب، وكأن الحب في نظره إشارات لطيفة, ورموز عميقة لا يعرف كنهها إلا الخُلّص من الأصفياء.. لا أرى ذلك إلا من وحي الشيطان، ومن تلبيساته فمن عرف مكر الشيطان وكيده، أدرك ذلك. فالإشارات والرموز الباطنية هي موهومة في حقيقتها, وقد تكون مدفونة في أودية الشياطين وقد تستخرج لمن يسلك مسلكا يخالف أصول ديننا, وثوابت شرعنا؛ لأن الحب الموهوم أشّبه بالصّخرِ الأملس ليس في مادته الاستقرار والثبوت، ولعل ذلك يرجع إلى تنافر الأرواح, وتباغض الأنفس ابتداءً. فإذا كان الحب في أكِنِّة، فالمحب في تَباب,لأن المحبة قائمة على الصدق والوضوح في كل مراحلها.. انظر إلى حال محب آب إلى محبوبه بعد قطيعة وخصام هل تجدي المحبوب الأعذار الغامضة. والدلات العميقة؟ أم أن مقتضى الحال يستدعي المصارحة، والمكاشفة.. العاقل سيجيب، بأن المصارحة هي أساس العلاقة بين قلبين، لأن مادة الحب نقية وطاهرة، ولا قيمة لمحب يظن أن الحب غول ومشقة, وأن مادته يكتنفها الغموض، ويعتريها الوهن !! وقد يقول قائل: أن التعب والفتور والإعياء عناصر ممتزجة بطينة الحب، وأن فهم حقيقته لن يتأتى بضربة حظ كما يعتقد البعض، وإنما يحتاج إلى بذل جهد، وقوة إدراك؛ لأنه يخرج من أعماق النفس، ويتشكل عبر الحروف الصوتية، فتفاعل معه المشاعر، فيُصبح أشبه بشيء محسوس له جاذبية، وله عبق يمسك بتلابيب قلب كل من يشًمّه، ويتنفسه.. الجواب لعل هذه المراحل هي المراحل الأولية التي تَشكَّل فيها الحب، وفي بداية التّشكُّل يرهق القلب، وتذبل الروح.. أما معرفة حقيقته فتأتي بعد انتقاله من عالم أطوار النفس.. إلى عالم الحياة، وكأنّه وُلِدَ من رحم المعاناة، وأصبح في متناول الجميع بدون استثناء، لأنه مركوز في جيناتهم، ومحفور في قلوبهم، وهنا بداية الامتحان، ومعرفة الصادق من الكاذب، لأن الحب عزيز ، فمن أراد أن يلوّثه فقد باء بالخسران.. ولا مكانة له في قاموس المحبين، ولو تدثّر بلباس مزركش ومطرز باللون الأحمر، أو كتب مُعَلقات غزلية يصف الحبيب وجماله، فلا قيمة له، ومن سبر تاريخ المحبين عرف ذلك, لأن الحب الحقيقي سيبقى ما دمت القلوب تبض بالحياة. فقل لي بربك ما الفائدة المرجوة من الحب إذا لم يصل صاحبه إلى الكمال ويرتقي إلى سلم المجد والسؤدد؟ وكيف يُفهم كُنهَه.. وقد أصبح ملوثا لا يُذْكر إلا مقترنا بفضيحة، أو ملازما لمنفعة، وكأنه لا يستحق أن يُخلّد في صفحات المحبين الأطهار، أو يُحفظ في ذاكرة التاريخ المشرقة؟

    متابعة القراءة
  • فلسفة المحبة
    بواسطة: دهان علي محمد

    بعيداً عن السرديات الجوفاء، والولوج في بواطن الأشياء المعتمة.. تعالوا بنا نقف على أرضية واضحة المعالم من جهاتها الأربع علّنا نرى الأشياء كما هي، وكما يراها الآخرون، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما في القاعدة الأصولية المشهورة.. ولو مكثنا بعض الوقت نتأمل حقيقة المحبة لأدركنا سهولة وبساطة معرفة حقيقتها؛ فهي لا تحتاج إلى تنقيب في حفريات العوالم المجهولة, أو تثوير في مكامن النفس العميقة, بقدر ما تحتاج إلى وضوح في الرؤية، وصدق في الغاية, لأنها واضحة جليّة كما أسلفنا؛ ولأن حقيقتها تظهر للعيان، وتلحظها كل الأعين سواء المُحِبّة، أو المُبغِضة، وهذا سر بساطتها، وديمومتها. ولو سُئل رجل ليس له في عالم الفلسفة, والفكر شيئا عن حقيقة المحبّة؛ لأجاب بكل وضوح أن حقيقتها تكمُن بالإتباع، لأن الحب الحقيقي أشبه بتمازج الأنفس البشرية، فالحبيبان يمثلان روحان معجونان بطينة الصدق، وماء الإخلاص، وهذا هو النموذج الأرقى، والمثل الأعلى, والأسمى في عالم الحب.. أما من يدّعى المحبّة, وهو يناقض الإدعاء فقد رضي لنفسه أن يكون أضحوكة، ورمزاً للعبث, وقد تُخلد سيرته في دواوين المحبة الموهومة، أو الأساطير الكاذبة، وقد تلعنه ألسنة المُحبّين الصادقين؛ لأنه شوّه بقدسية الحب.. وساهم في تكريس حالة التناقض بين حاله ولسانه, فأوقع نفسه أمام امتحان صعب المراس، واختبار يحتاج إلى دربة شاقة. ومهارة فائقة قد يُكرم بها أو يُهان. لأن المحبّة الحقيقية ليست مدحا للصفات المحبوب ساعة من نهار ثم النكوص, والعودة إلى تنافر الروح.. وما أكثر هذا الصنف، لأن الإدعاء ميسور, ومُتاح لكل أحد.. وعند الإمتحان تتجلى الحقائق, وتظهر الأشياء كما هي. فلا أدري كيف يرضى بعضنا أن يعيش حالة التناقض.. ومن ثم يتهم الٱخرين بأنهم لا يعرفون حقيقة الحب، وكأن الحب في نظره إشارات لطيفة, ورموز عميقة لا يعرف كنهها إلا الخُلّص من الأصفياء.. لا أرى ذلك إلا من وحي الشيطان، ومن تلبيساته فمن عرف مكر الشيطان وكيده، أدرك ذلك. فالإشارات والرموز الباطنية هي موهومة في حقيقتها, وقد تكون مدفونة في أودية الشياطين وقد تستخرج لمن يسلك مسلكا يخالف أصول ديننا, وثوابت شرعنا؛ لأن الحب الموهوم أشّبه بالصّخرِ الأملس ليس في مادته الاستقرار والثبوت، ولعل ذلك يرجع إلى تنافر الأرواح, وتباغض الأنفس ابتداءً. فإذا كان الحب في أكِنِّة، فالمحب في تَباب,لأن المحبة قائمة على الصدق والوضوح في كل مراحلها.. انظر إلى حال محب آب إلى محبوبه بعد قطيعة وخصام هل تجدي المحبوب الأعذار الغامضة. والدلات العميقة؟ أم أن مقتضى الحال يستدعي المصارحة، والمكاشفة.. العاقل سيجيب، بأن المصارحة هي أساس العلاقة بين قلبين، لأن مادة الحب نقية وطاهرة، ولا قيمة لمحب يظن أن الحب غول ومشقة, وأن مادته يكتنفها الغموض، ويعتريها الوهن !! وقد يقول قائل: أن التعب والفتور والإعياء عناصر ممتزجة بطينة الحب، وأن فهم حقيقته لن يتأتى بضربة حظ كما يعتقد البعض، وإنما يحتاج إلى بذل جهد، وقوة إدراك؛ لأنه يخرج من أعماق النفس، ويتشكل عبر الحروف الصوتية، فتفاعل معه المشاعر، فيُصبح أشبه بشيء محسوس له جاذبية، وله عبق يمسك بتلابيب قلب كل من يشًمّه، ويتنفسه.. الجواب لعل هذه المراحل هي المراحل الأولية التي تَشكَّل فيها الحب، وفي بداية التّشكُّل يرهق القلب، وتذبل الروح.. أما معرفة حقيقته فتأتي بعد انتقاله من عالم أطوار النفس.. إلى عالم الحياة، وكأنّه وُلِدَ من رحم المعاناة، وأصبح في متناول الجميع بدون استثناء، لأنه مركوز في جيناتهم، ومحفور في قلوبهم، وهنا بداية الامتحان، ومعرفة الصادق من الكاذب، لأن الحب عزيز ، فمن أراد أن يلوّثه فقد باء بالخسران.. ولا مكانة له في قاموس المحبين، ولو تدثّر بلباس مزركش ومطرز باللون الأحمر، أو كتب مُعَلقات غزلية يصف الحبيب وجماله، فلا قيمة له، ومن سبر تاريخ المحبين عرف ذلك, لأن الحب الحقيقي سيبقى ما دمت القلوب تبض بالحياة. فقل لي بربك ما الفائدة المرجوة من الحب إذا لم يصل صاحبه إلى الكمال ويرتقي إلى سلم المجد والسؤدد؟ وكيف يُفهم كُنهَه.. وقد أصبح ملوثا لا يُذْكر إلا مقترنا بفضيحة، أو ملازما لمنفعة، وكأنه لا يستحق أن يُخلّد في صفحات المحبين الأطهار، أو يُحفظ في ذاكرة التاريخ المشرقة؟

    متابعة القراءة
  • فلسفة المحبة
    بواسطة: دهان علي محمد

    بعيداً عن السرديات الجوفاء، والولوج في بواطن الأشياء المعتمة.. تعالوا بنا نقف على أرضية واضحة المعالم من جهاتها الأربع علّنا نرى الأشياء كما هي، وكما يراها الآخرون، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما في القاعدة الأصولية المشهورة.. ولو مكثنا بعض الوقت نتأمل حقيقة المحبة لأدركنا سهولة وبساطة معرفة حقيقتها؛ فهي لا تحتاج إلى تنقيب في حفريات العوالم المجهولة, أو تثوير في مكامن النفس العميقة, بقدر ما تحتاج إلى وضوح في الرؤية، وصدق في الغاية, لأنها واضحة جليّة كما أسلفنا؛ ولأن حقيقتها تظهر للعيان، وتلحظها كل الأعين سواء المُحِبّة، أو المُبغِضة، وهذا سر بساطتها، وديمومتها. ولو سُئل رجل ليس له في عالم الفلسفة, والفكر شيئا عن حقيقة المحبّة؛ لأجاب بكل وضوح أن حقيقتها تكمُن بالإتباع، لأن الحب الحقيقي أشبه بتمازج الأنفس البشرية، فالحبيبان يمثلان روحان معجونان بطينة الصدق، وماء الإخلاص، وهذا هو النموذج الأرقى، والمثل الأعلى, والأسمى في عالم الحب.. أما من يدّعى المحبّة, وهو يناقض الإدعاء فقد رضي لنفسه أن يكون أضحوكة، ورمزاً للعبث, وقد تُخلد سيرته في دواوين المحبة الموهومة، أو الأساطير الكاذبة، وقد تلعنه ألسنة المُحبّين الصادقين؛ لأنه شوّه بقدسية الحب.. وساهم في تكريس حالة التناقض بين حاله ولسانه, فأوقع نفسه أمام امتحان صعب المراس، واختبار يحتاج إلى دربة شاقة. ومهارة فائقة قد يُكرم بها أو يُهان. لأن المحبّة الحقيقية ليست مدحا للصفات المحبوب ساعة من نهار ثم النكوص, والعودة إلى تنافر الروح.. وما أكثر هذا الصنف، لأن الإدعاء ميسور, ومُتاح لكل أحد.. وعند الإمتحان تتجلى الحقائق, وتظهر الأشياء كما هي. فلا أدري كيف يرضى بعضنا أن يعيش حالة التناقض.. ومن ثم يتهم الٱخرين بأنهم لا يعرفون حقيقة الحب، وكأن الحب في نظره إشارات لطيفة, ورموز عميقة لا يعرف كنهها إلا الخُلّص من الأصفياء.. لا أرى ذلك إلا من وحي الشيطان، ومن تلبيساته فمن عرف مكر الشيطان وكيده، أدرك ذلك. فالإشارات والرموز الباطنية هي موهومة في حقيقتها, وقد تكون مدفونة في أودية الشياطين وقد تستخرج لمن يسلك مسلكا يخالف أصول ديننا, وثوابت شرعنا؛ لأن الحب الموهوم أشّبه بالصّخرِ الأملس ليس في مادته الاستقرار والثبوت، ولعل ذلك يرجع إلى تنافر الأرواح, وتباغض الأنفس ابتداءً. فإذا كان الحب في أكِنِّة، فالمحب في تَباب,لأن المحبة قائمة على الصدق والوضوح في كل مراحلها.. انظر إلى حال محب آب إلى محبوبه بعد قطيعة وخصام هل تجدي المحبوب الأعذار الغامضة. والدلات العميقة؟ أم أن مقتضى الحال يستدعي المصارحة، والمكاشفة.. العاقل سيجيب، بأن المصارحة هي أساس العلاقة بين قلبين، لأن مادة الحب نقية وطاهرة، ولا قيمة لمحب يظن أن الحب غول ومشقة, وأن مادته يكتنفها الغموض، ويعتريها الوهن !! وقد يقول قائل: أن التعب والفتور والإعياء عناصر ممتزجة بطينة الحب، وأن فهم حقيقته لن يتأتى بضربة حظ كما يعتقد البعض، وإنما يحتاج إلى بذل جهد، وقوة إدراك؛ لأنه يخرج من أعماق النفس، ويتشكل عبر الحروف الصوتية، فتفاعل معه المشاعر، فيُصبح أشبه بشيء محسوس له جاذبية، وله عبق يمسك بتلابيب قلب كل من يشًمّه، ويتنفسه.. الجواب لعل هذه المراحل هي المراحل الأولية التي تَشكَّل فيها الحب، وفي بداية التّشكُّل يرهق القلب، وتذبل الروح.. أما معرفة حقيقته فتأتي بعد انتقاله من عالم أطوار النفس.. إلى عالم الحياة، وكأنّه وُلِدَ من رحم المعاناة، وأصبح في متناول الجميع بدون استثناء، لأنه مركوز في جيناتهم، ومحفور في قلوبهم، وهنا بداية الامتحان، ومعرفة الصادق من الكاذب، لأن الحب عزيز ، فمن أراد أن يلوّثه فقد باء بالخسران.. ولا مكانة له في قاموس المحبين، ولو تدثّر بلباس مزركش ومطرز باللون الأحمر، أو كتب مُعَلقات غزلية يصف الحبيب وجماله، فلا قيمة له، ومن سبر تاريخ المحبين عرف ذلك, لأن الحب الحقيقي سيبقى ما دمت القلوب تبض بالحياة. فقل لي بربك ما الفائدة المرجوة من الحب إذا لم يصل صاحبه إلى الكمال ويرتقي إلى سلم المجد والسؤدد؟ وكيف يُفهم كُنهَه.. وقد أصبح ملوثا لا يُذْكر إلا مقترنا بفضيحة، أو ملازما لمنفعة، وكأنه لا يستحق أن يُخلّد في صفحات المحبين الأطهار، أو يُحفظ في ذاكرة التاريخ المشرقة؟

    متابعة القراءة
  • فلسفة المحبة
    بواسطة: دهان علي محمد

    بعيداً عن السرديات الجوفاء، والولوج في بواطن الأشياء المعتمة.. تعالوا بنا نقف على أرضية واضحة المعالم من جهاتها الأربع علّنا نرى الأشياء كما هي، وكما يراها الآخرون، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما في القاعدة الأصولية المشهورة.. ولو مكثنا بعض الوقت نتأمل حقيقة المحبة لأدركنا سهولة وبساطة معرفة حقيقتها؛ فهي لا تحتاج إلى تنقيب في حفريات العوالم المجهولة, أو تثوير في مكامن النفس العميقة, بقدر ما تحتاج إلى وضوح في الرؤية، وصدق في الغاية, لأنها واضحة جليّة كما أسلفنا؛ ولأن حقيقتها تظهر للعيان، وتلحظها كل الأعين سواء المُحِبّة، أو المُبغِضة، وهذا سر بساطتها، وديمومتها. ولو سُئل رجل ليس له في عالم الفلسفة, والفكر شيئا عن حقيقة المحبّة؛ لأجاب بكل وضوح أن حقيقتها تكمُن بالإتباع، لأن الحب الحقيقي أشبه بتمازج الأنفس البشرية، فالحبيبان يمثلان روحان معجونان بطينة الصدق، وماء الإخلاص، وهذا هو النموذج الأرقى، والمثل الأعلى, والأسمى في عالم الحب.. أما من يدّعى المحبّة, وهو يناقض الإدعاء فقد رضي لنفسه أن يكون أضحوكة، ورمزاً للعبث, وقد تُخلد سيرته في دواوين المحبة الموهومة، أو الأساطير الكاذبة، وقد تلعنه ألسنة المُحبّين الصادقين؛ لأنه شوّه بقدسية الحب.. وساهم في تكريس حالة التناقض بين حاله ولسانه, فأوقع نفسه أمام امتحان صعب المراس، واختبار يحتاج إلى دربة شاقة. ومهارة فائقة قد يُكرم بها أو يُهان. لأن المحبّة الحقيقية ليست مدحا للصفات المحبوب ساعة من نهار ثم النكوص, والعودة إلى تنافر الروح.. وما أكثر هذا الصنف، لأن الإدعاء ميسور, ومُتاح لكل أحد.. وعند الإمتحان تتجلى الحقائق, وتظهر الأشياء كما هي. فلا أدري كيف يرضى بعضنا أن يعيش حالة التناقض.. ومن ثم يتهم الٱخرين بأنهم لا يعرفون حقيقة الحب، وكأن الحب في نظره إشارات لطيفة, ورموز عميقة لا يعرف كنهها إلا الخُلّص من الأصفياء.. لا أرى ذلك إلا من وحي الشيطان، ومن تلبيساته فمن عرف مكر الشيطان وكيده، أدرك ذلك. فالإشارات والرموز الباطنية هي موهومة في حقيقتها, وقد تكون مدفونة في أودية الشياطين وقد تستخرج لمن يسلك مسلكا يخالف أصول ديننا, وثوابت شرعنا؛ لأن الحب الموهوم أشّبه بالصّخرِ الأملس ليس في مادته الاستقرار والثبوت، ولعل ذلك يرجع إلى تنافر الأرواح, وتباغض الأنفس ابتداءً. فإذا كان الحب في أكِنِّة، فالمحب في تَباب,لأن المحبة قائمة على الصدق والوضوح في كل مراحلها.. انظر إلى حال محب آب إلى محبوبه بعد قطيعة وخصام هل تجدي المحبوب الأعذار الغامضة. والدلات العميقة؟ أم أن مقتضى الحال يستدعي المصارحة، والمكاشفة.. العاقل سيجيب، بأن المصارحة هي أساس العلاقة بين قلبين، لأن مادة الحب نقية وطاهرة، ولا قيمة لمحب يظن أن الحب غول ومشقة, وأن مادته يكتنفها الغموض، ويعتريها الوهن !! وقد يقول قائل: أن التعب والفتور والإعياء عناصر ممتزجة بطينة الحب، وأن فهم حقيقته لن يتأتى بضربة حظ كما يعتقد البعض، وإنما يحتاج إلى بذل جهد، وقوة إدراك؛ لأنه يخرج من أعماق النفس، ويتشكل عبر الحروف الصوتية، فتفاعل معه المشاعر، فيُصبح أشبه بشيء محسوس له جاذبية، وله عبق يمسك بتلابيب قلب كل من يشًمّه، ويتنفسه.. الجواب لعل هذه المراحل هي المراحل الأولية التي تَشكَّل فيها الحب، وفي بداية التّشكُّل يرهق القلب، وتذبل الروح.. أما معرفة حقيقته فتأتي بعد انتقاله من عالم أطوار النفس.. إلى عالم الحياة، وكأنّه وُلِدَ من رحم المعاناة، وأصبح في متناول الجميع بدون استثناء، لأنه مركوز في جيناتهم، ومحفور في قلوبهم، وهنا بداية الامتحان، ومعرفة الصادق من الكاذب، لأن الحب عزيز ، فمن أراد أن يلوّثه فقد باء بالخسران.. ولا مكانة له في قاموس المحبين، ولو تدثّر بلباس مزركش ومطرز باللون الأحمر، أو كتب مُعَلقات غزلية يصف الحبيب وجماله، فلا قيمة له، ومن سبر تاريخ المحبين عرف ذلك, لأن الحب الحقيقي سيبقى ما دمت القلوب تبض بالحياة. فقل لي بربك ما الفائدة المرجوة من الحب إذا لم يصل صاحبه إلى الكمال ويرتقي إلى سلم المجد والسؤدد؟ وكيف يُفهم كُنهَه.. وقد أصبح ملوثا لا يُذْكر إلا مقترنا بفضيحة، أو ملازما لمنفعة، وكأنه لا يستحق أن يُخلّد في صفحات المحبين الأطهار، أو يُحفظ في ذاكرة التاريخ المشرقة؟

    متابعة القراءة
  • فلسفة المحبة
    بواسطة: دهان علي محمد

    بعيداً عن السرديات الجوفاء، والولوج في بواطن الأشياء المعتمة.. تعالوا بنا نقف على أرضية واضحة المعالم من جهاتها الأربع علّنا نرى الأشياء كما هي، وكما يراها الآخرون، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما في القاعدة الأصولية المشهورة.. ولو مكثنا بعض الوقت نتأمل حقيقة المحبة لأدركنا سهولة وبساطة معرفة حقيقتها؛ فهي لا تحتاج إلى تنقيب في حفريات العوالم المجهولة, أو تثوير في مكامن النفس العميقة, بقدر ما تحتاج إلى وضوح في الرؤية، وصدق في الغاية, لأنها واضحة جليّة كما أسلفنا؛ ولأن حقيقتها تظهر للعيان، وتلحظها كل الأعين سواء المُحِبّة، أو المُبغِضة، وهذا سر بساطتها، وديمومتها. ولو سُئل رجل ليس له في عالم الفلسفة, والفكر شيئا عن حقيقة المحبّة؛ لأجاب بكل وضوح أن حقيقتها تكمُن بالإتباع، لأن الحب الحقيقي أشبه بتمازج الأنفس البشرية، فالحبيبان يمثلان روحان معجونان بطينة الصدق، وماء الإخلاص، وهذا هو النموذج الأرقى، والمثل الأعلى, والأسمى في عالم الحب.. أما من يدّعى المحبّة, وهو يناقض الإدعاء فقد رضي لنفسه أن يكون أضحوكة، ورمزاً للعبث, وقد تُخلد سيرته في دواوين المحبة الموهومة، أو الأساطير الكاذبة، وقد تلعنه ألسنة المُحبّين الصادقين؛ لأنه شوّه بقدسية الحب.. وساهم في تكريس حالة التناقض بين حاله ولسانه, فأوقع نفسه أمام امتحان صعب المراس، واختبار يحتاج إلى دربة شاقة. ومهارة فائقة قد يُكرم بها أو يُهان. لأن المحبّة الحقيقية ليست مدحا للصفات المحبوب ساعة من نهار ثم النكوص, والعودة إلى تنافر الروح.. وما أكثر هذا الصنف، لأن الإدعاء ميسور, ومُتاح لكل أحد.. وعند الإمتحان تتجلى الحقائق, وتظهر الأشياء كما هي. فلا أدري كيف يرضى بعضنا أن يعيش حالة التناقض.. ومن ثم يتهم الٱخرين بأنهم لا يعرفون حقيقة الحب، وكأن الحب في نظره إشارات لطيفة, ورموز عميقة لا يعرف كنهها إلا الخُلّص من الأصفياء.. لا أرى ذلك إلا من وحي الشيطان، ومن تلبيساته فمن عرف مكر الشيطان وكيده، أدرك ذلك. فالإشارات والرموز الباطنية هي موهومة في حقيقتها, وقد تكون مدفونة في أودية الشياطين وقد تستخرج لمن يسلك مسلكا يخالف أصول ديننا, وثوابت شرعنا؛ لأن الحب الموهوم أشّبه بالصّخرِ الأملس ليس في مادته الاستقرار والثبوت، ولعل ذلك يرجع إلى تنافر الأرواح, وتباغض الأنفس ابتداءً. فإذا كان الحب في أكِنِّة، فالمحب في تَباب,لأن المحبة قائمة على الصدق والوضوح في كل مراحلها.. انظر إلى حال محب آب إلى محبوبه بعد قطيعة وخصام هل تجدي المحبوب الأعذار الغامضة. والدلات العميقة؟ أم أن مقتضى الحال يستدعي المصارحة، والمكاشفة.. العاقل سيجيب، بأن المصارحة هي أساس العلاقة بين قلبين، لأن مادة الحب نقية وطاهرة، ولا قيمة لمحب يظن أن الحب غول ومشقة, وأن مادته يكتنفها الغموض، ويعتريها الوهن !! وقد يقول قائل: أن التعب والفتور والإعياء عناصر ممتزجة بطينة الحب، وأن فهم حقيقته لن يتأتى بضربة حظ كما يعتقد البعض، وإنما يحتاج إلى بذل جهد، وقوة إدراك؛ لأنه يخرج من أعماق النفس، ويتشكل عبر الحروف الصوتية، فتفاعل معه المشاعر، فيُصبح أشبه بشيء محسوس له جاذبية، وله عبق يمسك بتلابيب قلب كل من يشًمّه، ويتنفسه.. الجواب لعل هذه المراحل هي المراحل الأولية التي تَشكَّل فيها الحب، وفي بداية التّشكُّل يرهق القلب، وتذبل الروح.. أما معرفة حقيقته فتأتي بعد انتقاله من عالم أطوار النفس.. إلى عالم الحياة، وكأنّه وُلِدَ من رحم المعاناة، وأصبح في متناول الجميع بدون استثناء، لأنه مركوز في جيناتهم، ومحفور في قلوبهم، وهنا بداية الامتحان، ومعرفة الصادق من الكاذب، لأن الحب عزيز ، فمن أراد أن يلوّثه فقد باء بالخسران.. ولا مكانة له في قاموس المحبين، ولو تدثّر بلباس مزركش ومطرز باللون الأحمر، أو كتب مُعَلقات غزلية يصف الحبيب وجماله، فلا قيمة له، ومن سبر تاريخ المحبين عرف ذلك, لأن الحب الحقيقي سيبقى ما دمت القلوب تبض بالحياة. فقل لي بربك ما الفائدة المرجوة من الحب إذا لم يصل صاحبه إلى الكمال ويرتقي إلى سلم المجد والسؤدد؟ وكيف يُفهم كُنهَه.. وقد أصبح ملوثا لا يُذْكر إلا مقترنا بفضيحة، أو ملازما لمنفعة، وكأنه لا يستحق أن يُخلّد في صفحات المحبين الأطهار، أو يُحفظ في ذاكرة التاريخ المشرقة؟

    متابعة القراءة
  • فلسفة المحبة
    بواسطة: دهان علي محمد

    بعيداً عن السرديات الجوفاء، والولوج في بواطن الأشياء المعتمة.. تعالوا بنا نقف على أرضية واضحة المعالم من جهاتها الأربع علّنا نرى الأشياء كما هي، وكما يراها الآخرون، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما في القاعدة الأصولية المشهورة.. ولو مكثنا بعض الوقت نتأمل حقيقة المحبة لأدركنا سهولة وبساطة معرفة حقيقتها؛ فهي لا تحتاج إلى تنقيب في حفريات العوالم المجهولة, أو تثوير في مكامن النفس العميقة, بقدر ما تحتاج إلى وضوح في الرؤية، وصدق في الغاية, لأنها واضحة جليّة كما أسلفنا؛ ولأن حقيقتها تظهر للعيان، وتلحظها كل الأعين سواء المُحِبّة، أو المُبغِضة، وهذا سر بساطتها، وديمومتها. ولو سُئل رجل ليس له في عالم الفلسفة, والفكر شيئا عن حقيقة المحبّة؛ لأجاب بكل وضوح أن حقيقتها تكمُن بالإتباع، لأن الحب الحقيقي أشبه بتمازج الأنفس البشرية، فالحبيبان يمثلان روحان معجونان بطينة الصدق، وماء الإخلاص، وهذا هو النموذج الأرقى، والمثل الأعلى, والأسمى في عالم الحب.. أما من يدّعى المحبّة, وهو يناقض الإدعاء فقد رضي لنفسه أن يكون أضحوكة، ورمزاً للعبث, وقد تُخلد سيرته في دواوين المحبة الموهومة، أو الأساطير الكاذبة، وقد تلعنه ألسنة المُحبّين الصادقين؛ لأنه شوّه بقدسية الحب.. وساهم في تكريس حالة التناقض بين حاله ولسانه, فأوقع نفسه أمام امتحان صعب المراس، واختبار يحتاج إلى دربة شاقة. ومهارة فائقة قد يُكرم بها أو يُهان. لأن المحبّة الحقيقية ليست مدحا للصفات المحبوب ساعة من نهار ثم النكوص, والعودة إلى تنافر الروح.. وما أكثر هذا الصنف، لأن الإدعاء ميسور, ومُتاح لكل أحد.. وعند الإمتحان تتجلى الحقائق, وتظهر الأشياء كما هي. فلا أدري كيف يرضى بعضنا أن يعيش حالة التناقض.. ومن ثم يتهم الٱخرين بأنهم لا يعرفون حقيقة الحب، وكأن الحب في نظره إشارات لطيفة, ورموز عميقة لا يعرف كنهها إلا الخُلّص من الأصفياء.. لا أرى ذلك إلا من وحي الشيطان، ومن تلبيساته فمن عرف مكر الشيطان وكيده، أدرك ذلك. فالإشارات والرموز الباطنية هي موهومة في حقيقتها, وقد تكون مدفونة في أودية الشياطين وقد تستخرج لمن يسلك مسلكا يخالف أصول ديننا, وثوابت شرعنا؛ لأن الحب الموهوم أشّبه بالصّخرِ الأملس ليس في مادته الاستقرار والثبوت، ولعل ذلك يرجع إلى تنافر الأرواح, وتباغض الأنفس ابتداءً. فإذا كان الحب في أكِنِّة، فالمحب في تَباب,لأن المحبة قائمة على الصدق والوضوح في كل مراحلها.. انظر إلى حال محب آب إلى محبوبه بعد قطيعة وخصام هل تجدي المحبوب الأعذار الغامضة. والدلات العميقة؟ أم أن مقتضى الحال يستدعي المصارحة، والمكاشفة.. العاقل سيجيب، بأن المصارحة هي أساس العلاقة بين قلبين، لأن مادة الحب نقية وطاهرة، ولا قيمة لمحب يظن أن الحب غول ومشقة, وأن مادته يكتنفها الغموض، ويعتريها الوهن !! وقد يقول قائل: أن التعب والفتور والإعياء عناصر ممتزجة بطينة الحب، وأن فهم حقيقته لن يتأتى بضربة حظ كما يعتقد البعض، وإنما يحتاج إلى بذل جهد، وقوة إدراك؛ لأنه يخرج من أعماق النفس، ويتشكل عبر الحروف الصوتية، فتفاعل معه المشاعر، فيُصبح أشبه بشيء محسوس له جاذبية، وله عبق يمسك بتلابيب قلب كل من يشًمّه، ويتنفسه.. الجواب لعل هذه المراحل هي المراحل الأولية التي تَشكَّل فيها الحب، وفي بداية التّشكُّل يرهق القلب، وتذبل الروح.. أما معرفة حقيقته فتأتي بعد انتقاله من عالم أطوار النفس.. إلى عالم الحياة، وكأنّه وُلِدَ من رحم المعاناة، وأصبح في متناول الجميع بدون استثناء، لأنه مركوز في جيناتهم، ومحفور في قلوبهم، وهنا بداية الامتحان، ومعرفة الصادق من الكاذب، لأن الحب عزيز ، فمن أراد أن يلوّثه فقد باء بالخسران.. ولا مكانة له في قاموس المحبين، ولو تدثّر بلباس مزركش ومطرز باللون الأحمر، أو كتب مُعَلقات غزلية يصف الحبيب وجماله، فلا قيمة له، ومن سبر تاريخ المحبين عرف ذلك, لأن الحب الحقيقي سيبقى ما دمت القلوب تبض بالحياة. فقل لي بربك ما الفائدة المرجوة من الحب إذا لم يصل صاحبه إلى الكمال ويرتقي إلى سلم المجد والسؤدد؟ وكيف يُفهم كُنهَه.. وقد أصبح ملوثا لا يُذْكر إلا مقترنا بفضيحة، أو ملازما لمنفعة، وكأنه لا يستحق أن يُخلّد في صفحات المحبين الأطهار، أو يُحفظ في ذاكرة التاريخ المشرقة؟

    متابعة القراءة
  • فلسفة المحبة
    بواسطة: دهان علي محمد

    بعيداً عن السرديات الجوفاء، والولوج في بواطن الأشياء المعتمة.. تعالوا بنا نقف على أرضية واضحة المعالم من جهاتها الأربع علّنا نرى الأشياء كما هي، وكما يراها الآخرون، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما في القاعدة الأصولية المشهورة.. ولو مكثنا بعض الوقت نتأمل حقيقة المحبة لأدركنا سهولة وبساطة معرفة حقيقتها؛ فهي لا تحتاج إلى تنقيب في حفريات العوالم المجهولة, أو تثوير في مكامن النفس العميقة, بقدر ما تحتاج إلى وضوح في الرؤية، وصدق في الغاية, لأنها واضحة جليّة كما أسلفنا؛ ولأن حقيقتها تظهر للعيان، وتلحظها كل الأعين سواء المُحِبّة، أو المُبغِضة، وهذا سر بساطتها، وديمومتها. ولو سُئل رجل ليس له في عالم الفلسفة, والفكر شيئا عن حقيقة المحبّة؛ لأجاب بكل وضوح أن حقيقتها تكمُن بالإتباع، لأن الحب الحقيقي أشبه بتمازج الأنفس البشرية، فالحبيبان يمثلان روحان معجونان بطينة الصدق، وماء الإخلاص، وهذا هو النموذج الأرقى، والمثل الأعلى, والأسمى في عالم الحب.. أما من يدّعى المحبّة, وهو يناقض الإدعاء فقد رضي لنفسه أن يكون أضحوكة، ورمزاً للعبث, وقد تُخلد سيرته في دواوين المحبة الموهومة، أو الأساطير الكاذبة، وقد تلعنه ألسنة المُحبّين الصادقين؛ لأنه شوّه بقدسية الحب.. وساهم في تكريس حالة التناقض بين حاله ولسانه, فأوقع نفسه أمام امتحان صعب المراس، واختبار يحتاج إلى دربة شاقة. ومهارة فائقة قد يُكرم بها أو يُهان. لأن المحبّة الحقيقية ليست مدحا للصفات المحبوب ساعة من نهار ثم النكوص, والعودة إلى تنافر الروح.. وما أكثر هذا الصنف، لأن الإدعاء ميسور, ومُتاح لكل أحد.. وعند الإمتحان تتجلى الحقائق, وتظهر الأشياء كما هي. فلا أدري كيف يرضى بعضنا أن يعيش حالة التناقض.. ومن ثم يتهم الٱخرين بأنهم لا يعرفون حقيقة الحب، وكأن الحب في نظره إشارات لطيفة, ورموز عميقة لا يعرف كنهها إلا الخُلّص من الأصفياء.. لا أرى ذلك إلا من وحي الشيطان، ومن تلبيساته فمن عرف مكر الشيطان وكيده، أدرك ذلك. فالإشارات والرموز الباطنية هي موهومة في حقيقتها, وقد تكون مدفونة في أودية الشياطين وقد تستخرج لمن يسلك مسلكا يخالف أصول ديننا, وثوابت شرعنا؛ لأن الحب الموهوم أشّبه بالصّخرِ الأملس ليس في مادته الاستقرار والثبوت، ولعل ذلك يرجع إلى تنافر الأرواح, وتباغض الأنفس ابتداءً. فإذا كان الحب في أكِنِّة، فالمحب في تَباب,لأن المحبة قائمة على الصدق والوضوح في كل مراحلها.. انظر إلى حال محب آب إلى محبوبه بعد قطيعة وخصام هل تجدي المحبوب الأعذار الغامضة. والدلات العميقة؟ أم أن مقتضى الحال يستدعي المصارحة، والمكاشفة.. العاقل سيجيب، بأن المصارحة هي أساس العلاقة بين قلبين، لأن مادة الحب نقية وطاهرة، ولا قيمة لمحب يظن أن الحب غول ومشقة, وأن مادته يكتنفها الغموض، ويعتريها الوهن !! وقد يقول قائل: أن التعب والفتور والإعياء عناصر ممتزجة بطينة الحب، وأن فهم حقيقته لن يتأتى بضربة حظ كما يعتقد البعض، وإنما يحتاج إلى بذل جهد، وقوة إدراك؛ لأنه يخرج من أعماق النفس، ويتشكل عبر الحروف الصوتية، فتفاعل معه المشاعر، فيُصبح أشبه بشيء محسوس له جاذبية، وله عبق يمسك بتلابيب قلب كل من يشًمّه، ويتنفسه.. الجواب لعل هذه المراحل هي المراحل الأولية التي تَشكَّل فيها الحب، وفي بداية التّشكُّل يرهق القلب، وتذبل الروح.. أما معرفة حقيقته فتأتي بعد انتقاله من عالم أطوار النفس.. إلى عالم الحياة، وكأنّه وُلِدَ من رحم المعاناة، وأصبح في متناول الجميع بدون استثناء، لأنه مركوز في جيناتهم، ومحفور في قلوبهم، وهنا بداية الامتحان، ومعرفة الصادق من الكاذب، لأن الحب عزيز ، فمن أراد أن يلوّثه فقد باء بالخسران.. ولا مكانة له في قاموس المحبين، ولو تدثّر بلباس مزركش ومطرز باللون الأحمر، أو كتب مُعَلقات غزلية يصف الحبيب وجماله، فلا قيمة له، ومن سبر تاريخ المحبين عرف ذلك, لأن الحب الحقيقي سيبقى ما دمت القلوب تبض بالحياة. فقل لي بربك ما الفائدة المرجوة من الحب إذا لم يصل صاحبه إلى الكمال ويرتقي إلى سلم المجد والسؤدد؟ وكيف يُفهم كُنهَه.. وقد أصبح ملوثا لا يُذْكر إلا مقترنا بفضيحة، أو ملازما لمنفعة، وكأنه لا يستحق أن يُخلّد في صفحات المحبين الأطهار، أو يُحفظ في ذاكرة التاريخ المشرقة؟

    متابعة القراءة
  • أو عَـابرُ سَـبيلٍ
    بواسطة: روضة علي عبد الغفار

    كان الطريق طويلًا يا صاحبي، والزاد قليل، ورغم صعوبة المَسير والارتحال؛ كان أملُ الوصول سببًا كافيًا للاستمرار، إلا أنني أتعثر.. كثيرًا ما أتعثر، فأنقلب على وجهي خاسرًا، وأغفل عن وجهَتي تائهًا، وأركَنُ إلى موطنٍ بحثًا عن مُستقر، وأنسى أنني كنتُ عابر، ويتراءى لي أنني صرت من أهل هذه الدار وأنا في الأصل غريبٌ مُرتحل!

    متابعة القراءة
  • أو عَـابرُ سَـبيلٍ
    بواسطة: روضة علي عبد الغفار

    كان الطريق طويلًا يا صاحبي، والزاد قليل، ورغم صعوبة المَسير والارتحال؛ كان أملُ الوصول سببًا كافيًا للاستمرار، إلا أنني أتعثر.. كثيرًا ما أتعثر، فأنقلب على وجهي خاسرًا، وأغفل عن وجهَتي تائهًا، وأركَنُ إلى موطنٍ بحثًا عن مُستقر، وأنسى أنني كنتُ عابر، ويتراءى لي أنني صرت من أهل هذه الدار وأنا في الأصل غريبٌ مُرتحل!

    متابعة القراءة