لقد عقدت النسخة السادسة من منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة، بعد انقطاع سنوات بسبب الأزمة العالمية كوفيد 19، COVID-19 التي شهدها العالم والإنسانية جمعاء، حيث جاءت هذه النسخة مميزة بمناقشة العديد من المحاور والقضايا الأممية، والتي تخص عالمنا الإسلامي خاصة، والقضايا التي تعاني منها الانسانية بصورة عامة، في هذا العالم الشاسع، وعلى أهمها من وجهة نظري المتواضعة القيم والأخلاق، التي تتمحور تحتها كل القضايا الحضارية، فلا توجد أي حضارة إنسانية فاعلة قامت على هذه الأرض، إلا وكانت القيم والأخلاق، أهم محاور فكرها الجوهري التي استطاعت هذه الحضارات البناء عليها في الكثير من قضاياها المادية والمعنوية، ومنها حضارتنا الإسلامية، وفكرها العالمي الممتد لأكثر من أربعة عشر قرنا من الزمن، الذي جاء يعيد التأكيد على أهمية القيم والأخلاق في البناء الحضاري .
لقد اهتم الإسلام كدين ورسالة عالمية، بفكر القيم والأخلاق، وترجم هذا الفكر بشكل ملموس وحقيقي في مختلف نواحي حياة المسلم، وجعله قادِر على بناء حضارة إنسانية متكاملة تتوازَن بين متطلبات الإنسان الروحية والجسدية والفكرية.
لقد اعتمد بناء الحضارة الإسلامية أساساً على القيم والأخلاق، فقد مثلت هذه القيم الأساس الصلبة لحياة الفرد والمجتمع المسلم، حتى جعلت منه انسانًا لديه القدرة على الإسهام الحضاري في محيطه الذي يعيش فيه.
إننا عندما نقرأ في صفحات حضارتنا الاسلامية، وتراثها الزاخر في هذه المفاهيم القيمة العالية، نصل الى قناعة تامة أننا، كأفراد ومجتمع أو حركات أو جماعات بمختلف أنواعها وأهدافها، بحاجة ماسة وشديدة للعودة إلى فهم أعمق لهذه القيم والأخلاق لنعاود الاستئناف الحضاري من جديد.
كذلك هناك حاجة ماسة بأن تبنى هذه المفاهيم التي بنيت عليها أسس الحضارة الإسلامية، حيث هناك العديد من التحديات الراهنة أمامنا كأفراد ومجتمع وأمة مسلمة، أهم هذه التحديات هي اندثار القيم والأخلاق التي كانت ولا تزال تمثل أهم معايير النهوض الحضاري للأمم.
لذا نحن بحاجة ماسة للمراجعة الحقيقية في فهم العديد من مفاهيم النهوض الحضاري، وعلى رأس هذه المفاهيم هي القيم والأخلاق التي تسمو بالفرد على أن يكون إنسان خير ومعطي متحلي بكل القيم والأخلاق حتى يستطيع الاستمرار في مشروع الاستئناف الحضاري للأمة.