بدايةً أود أن أنوه الى أن حق التقاضي هو حق مكفول ومضمون للجميع ولكل شخص حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، فهو الوسيلة الشرعية والقانونية لمواجهة الاعتداء على حقوق الإنسان وحماية مصالحه، باستخدام الأدوات القانونية كرفع الدعوى أمام الجهات العدلية أو الدفاع ورد التهمة والادعاء الباطل في إجراءات الترافع أمام القضاء.
ما هو التقاضي الاستراتيجي؟
التقاضي الاستراتيجي، وهو ما يسمى بتقاضي الأثر، ويسمى أيضا التقاضي الفعال وهو يتضمن اختيار ورفع قضية للمحكمة لعمل تغييرات أوسع في المجتمع وفي المعتاد يكون هدف من يستخدم التقاضي الاستراتيجي هو استخدام القانون لترك علامة دائمة أكثر من مجرد ربح القضية في ذلك الوقت، مما يعني أن حالات التقاضي الاستراتيجي تهتم بما تتركه من اثر على المجتمعات والحكومات كما تهتم بالنتيجة النهائية للقضايا نفسها.
يختلف التقاضي الاستراتيجي عن غيره من الدعاوى القضائية، حيث أن التقاضي الاستراتيجي فيه تخطيط وإدارة عملية التقاضي بحيث يتجاوز حدود الخصومة للوصول لعدد أكبر من المستفيدين في المجتمع للتأثير في صانعي القرار.
يهدف التقاضي الاستراتيجي إلى إحداث أثر دائم يتجاوز حدود القضية المطروحة، ويعتبر ذلك جزء من حملة مناصرة شاملة تهدف لزيادة الوعي في قضية معينة، وكذلك تعزيز حقوق فئة معينة محرومة من حقوقها.
مبادئ التقاضي الاستراتيجي
1- حماية القانون لا تسبغ الا للساهر على حقوقه.
2- سيادة القانون لا يحميها الضعفاء.
3- استقلال القضاء عمود العدالة.
4- التشريع فوق الجميع.
5- معرفة القانون هو الطريق الأمثل لتحقيق العدالة القضائية.
6- تطوير الفكر القانوني بما يناسب العصر.
7- ربط التغيير بالمشاكل الواقعية للمجتمع.
السؤال المطروح الآن هو ماذا يمكن أن يحقق التقاضي الاستراتيجي على الساحة الدولية؟
يعمل التقاضي الاستراتيجي على ضمان المسائلة عن انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من خلال تعزيز الوصول للقضاء وسبل الانتصاف الفعالة المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإن التقاضي الاستراتيجي على المستويين المحلي والإقليمي والدولي هو أداة فعالة لضمان المسائلة عن انتهاكات الحقوق ويعتبر التعاون والدعم المتبادل مهم جدا في هذا المجال الناشئ بصورة سريعة لممارسة حقوق الإنسان.
ويواجه العاملين في مجال التقاضي الاستراتيجي الكثير من التحديات، ومن أبرزها صعوبة إيجاد حالات متضررة ترغب باللجوء له، ومواجهة إشكاليات طول أمد التقاضي، وأحيانا التعرض لضغوطات مختلفة من المجتمع المحيط.
ومن الجدير بالذكر أن هنالك فرق بين التقاضي الاستراتيجي وخدمات المساعدة القانونية (Legal aid) التي تقدمها منظمات المجتمع المدني، وتشمل تقديم الاستشارات القانونية وتمثيلهم أمام القضاء، خاصة للفئات المهمشة كالنساء، والعمال المهاجرين والأحداث، في حين يسعى (التقاضي الاستراتيجي) لتغيير السياسات على المستويات كافة.
وأخيرًا نادرًا ما يستخدم المجتمع المدني التقاضي باعتباره الوسيلة المطلوبة لاستراتيجية ناجحة للنهوض بحقوق الإنسان، بل إنها فعليا تستخدم أولا أسلوب "التشهير وفضح الممارسات" وغيرها من تقنيات المناصرة، للمضي قدما في جدول أعمالهم، لكن استخدام التقاضي الاستراتيجي يقود لنجاح المنظمات غير الحكومية في تحقيق تقدم مهم في مجالات الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.