في رحلةِ العمر كُلنا يسعى وسعيُنا يختلف {إنَّ سَعيَكُم لَشتَّى} لكننا ننشدُ الكمال في كل أمرِنا، أن نكون أفضل مما مضى، وإن اختلفنا واختلفت عزائِمُنا في هذا؛ فهناك من يهرول بقوة، وهناك من يمشي زحفًا، وهناك المُتمنيّ.
حتى المُتمنيّ وإن لم يعمل يبقى في داخِله رغبة في بلوغ الكمَال، وتحسين السيء من أمرِه والواقع أن الكمال لا يُدرك، ولكن السعي في هذا جميل، السيء في الأمر تلك اللحظة التي يظن فيها المرء بنفسه الظنُون وأنه أتى بما لم يأتِ به الأوائل، وأنه بزّ السابقِين ولن يُدركَه اللاحقين هنا عليه أن يَقف! وليعلم أنه يسير خلف طموح زائف وأنه لا زال على الدرجة الأولى التي كلما صعدها سيسقط طالما أنه يحمل هذا الفكر العنجهي.
أهل الأثر هم أهل التواضع والسعي الجاد، الذين يؤمنون بالنقص كداعيةِ عمل للأفضل، الذين يقيسون أنفسهم على من فوقهم لا من دونهم ؛ الذين تشرئب أعناقهم لأهل المعالي دون أن ينسوا أن الكمال لا يُدرك، لكن الأفضل ممكن دائمًا.
لذا لا تنس في خضم سعيك، أن تعيش حياتك التي قدرت لك كما ينبغي بعيدًا عن تغذية هاجس طموحات الكمال الذي لا يشبع من النهش منك ولن تبلغه!
هناك فرق بين تقدير الذّات العالي والسعي لأن تكون مميزة، وأن تمضي ساعات عمرك للوصول نحو المطاف الأخير من حلمك ؛ وبين أن يكون شغلك الشاغل وتفكيرك الذي لا ينتهي أن تكون دون أي شائبة تؤثر على مثاليّتك المرجوّة.
وبعضُنَا في سعيه للكمال يعتقد أنه إن تصرف بشكلٍ مثالي، وعاش حياةً مثاليّة -فيما يعتقد- سيصرف عن نفسه لوم اللائمين، وألسن الناقدين، لكن الحقيقة التي لا تغيب كشمسِ الصباح أن "رضى الناس غاية لا تُدرك" ومع هذا تبقى آفةُ السعي للكمال حاضرة في عقول متعصبي الفكرة
وسرُّ النجاح الحقيقي ليس بأن تكون مثاليًا، بل أن تسعى للإنجاز طامعًا للوصول إلى غايتك -مُحققًا حلمك- ونتائج قبولك في قلوب البشر ليست بيدك.