يوم الخميس 30 صفر 1440هـ / الموافق لـ 08 نوفمبر 2018 م، ـتشرفت الصفحة الرسمية لمشروع عمران ببثِ لقاء مباشر مع الأستاذ عامر الخميسي للحديث عن أهمية "صناعة الأثر" ولتحفيز المُتابعين بسرد نماذج عمليّة أبدعت في ذلك، لمشاهدة الجلسة (اضغط هنا) أو اطلع على أهم ما جاء فيها.  

عمران: أهلًا وسهلًا بكلّ من يُتابعنا، أهلًا بالأستاذ عامر الخميسي الشاب الخطيب الداعيّة.

من باب التشخيص لا التيئيس، نُقّر أنّ الأمة مرّت بفترات من الضعف والانحطاط، لكن في تاريخنا القديم أو الحديث، برزت الكثير من الشخصيات التي كان لها الأثر في اليقظة والنهضة، عرِّفنا ببعضها ؟ ما هو الأثر الذي تركته؟ وكيف يستفيد منها الشباب المُسلم لتحقيق نهضة الأمّة؟   

أ. عامر الخميسي: حياكم الله، في هذه الجلسة الطيبة المُباركة التي سنُشخص فيها مسألة "صناعة الأثر"، الأثر لُغةً ما بقيّ من رسم الشيء، أثَر في الشيء أي ترك فيه أثرًا، أمّا اصطلاحًا فهو حصول ما يدُل على وجود الشيء.

مُتابعينا، الإنسان في هذه الدنيا مهما مكث فإنّه سيُغادر، كما قال الشاعر:

أحاديثُ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالدِ *** إذا هو أمسى هامة فوق صير.

الإنسان راحلٌ لا محالة، نَزلنا ها هُنا ثمّ ارتحلنا ** كذا الدُنيا نزولٌ وارتحالٌ، والعاقل من يصنع أثرًا جميلًا في هذه الحياة، حتى يأتي مَنْ بعده فيُثني عليه ويدعو له، يقول شوقي:

خُذ لَكَ زادَينِ مِن سيرَةٍ ** وَمِن عَمَلٍ صالِحٍ يُدَّخَر

وَكُن في الطَريقِ عَفيفَ الخُطا ** شَريفَ السَماعِ كَريمَ النَظَر

وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ ** يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَر

عند قراءة كتب التاريخ، نجد الكثير من العباقرة، العظماء والمبدعين، من المصلحين، الكُتّاب، الأدباء، والقادة، الذين وضعوا بصمات جليلة على دفتر الحياة، وكتاب الدهر شاهدٌ على هذا.

قد ماتَ قَومٌ وما ماتت مكارِمُهُم ** وعاشَ قَومٌ وهُم في الناسِ أمواتُ.

كلّ إنسان يتمنى طول العُمر، لكن، كيف يزيد الإنسان من عُمره؟

كُتبَت الآجال ولا يُمكن تأخيرها، لكن يقول العلماء أنّ الإنسان يستطيع فعل ذلك بشيئين:

1- أن يُفتش في كتب التاريخ فيَعيها ويُحييها في صدره ويتفاعل معها، يتأمل كيف صنع السابقون الأثر، ومن وعى التاريخ في صدره، أضاف أعمارًا إلى عُمره.

2- أن يجتهد في ترك أثر جميلٍ ونشر كلّ خلقٍ نبيل وإضافة جديدٍ تستفيد به الأمّة.

قال ناصح الدين الأرجاني: " إذا عرف الإنسان أحوال من مضى توهمته قد عاش من أول الدهر، وتحسبه قد عاش آخـر دهره إلى الحشر إن أبقى الجميل من الذكر، فقد عاش كل الدّهر من عاش بعضه كريمًا حليمًا فاغتنم أطول العُمر".

إن حقق الإنسان هذين الأمرين سيبقى ذكره ويصنع أثرًا جميلًا في هذه الحياة، فإذا قيل مات فما مات من ذكره حيٌ على مرّ الليالي الباقيات. كيف ؟  

- أولًا، أن ترسم أجمل الأمنيات التي يُمكن أن تصنع بها مجدًا تليدًا، أورد ابن الجوزي في صفوة الصفوة أنّ عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال لجُلسائه: تَمَنوا، فتمنى كل واحد منهم أمنيّة، عندما جاء دوره قال: أتمنى أن يمتلأ هذا البيت برجالٍ أمثال أبي عبيدة، لأنّه رجلٌ بأمّة.

- ثانيًا، أن تكون جادًا في تحقيقها، فإن حال الأجل دُونها، وعلم الله صدقكَ كُتِبَت لك.

- ثالثًا، أن تحفظ وقتك، لأن الزمن هو الوعاء الذي تصنع فيه مُنتجَك، كلما حافظت عليه كنت أكثر نجاحًا وأعمق أثرًا، لذا على الإنسان أن يجتهد في معرفة نفاسة وقته، والحرص على ملئه بالأعمال الزاكيات، والاستفادة من خطراته عملًا وتعميرًا، تأليفًا، تحريرًا، تدبيرًا، تذكرًا وتذكيرًا، يقول شوقي:

دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له: ** إنَّ الحياة دقائقٌ وثواني

فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها** فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني

الشاهد أنّ الوقت نفيس، وأول ما يُسْأل عنه العبد يوم القيامة أربع، منها عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، ورد عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت ما رُئي الرسول صلى الله عليه وسلم فارغًا قط، من المؤسف أن نجد الكثير من الشباب يضيع أوقاته في اللهو، ويشعرون إزاء ذلك بالسآمة بسبب عدم وجود أهدافٍ حقيقية وآمال مستقبليّة، ولو عرفوا حقًا نفاسة الوقت لندموا.

من الضرروي تفريغ الطاقة التي يمتلكها الإنسان فيما لديه من أعمال يوميًا، من أروع الأمثلة شابٌ طلب العلم ولُقِب بقاضي القُضاة، وهو جعفر بن محمد العباسي، كان له همّة عاليّة لطلب العلم والاستفادة من كلّ لحظةٍ تمر من وقته، رحل إلى بلدانٍ كثيرة، ودعاه ملك حماة ليكون مُحدِّثًا، وهو القائل:

إن ضاقت الشام بي أو مل ساكنها ** بها مقامي ففي أرض العراق سعة

ما لي وللمكث في أرض أذل بها ** وهمتي في طلاب العز مرتفعة

والمرء يضطر أحيانا فيصنع ما ** لو لم يكن منه مضطرا لما صنعه

الله ربي معي حيث اتجهت ولن ** يضيع من هو في كل البلاد معه

لكن هذا الشاب "قاضي القُضاة" فاجأه الموت وهو في سن السادسة والعشرين، وقد أوصى أن يُكتَب في قبره "حوائجٌ لم تُقضى وآمالٌ لم تُنَل وأنفسٌ ماتت بحسراتها"، يقول عبد الفتاح أبو غدَّة: "هذا المعنى هو الذي عناه القائل ولم يتفق حتى مضى في سبيله، وكم حسرات في بُطون المقابر".

للوقت خصائص، منها سرعه انقضاءه، ما مضى منه لا يعود، وأنّه أثمن ما يملك الإنسان.

لما كبر الجاحظ وداهمته الشيخوخة، أنشد بيتين مُتحسرًا على أيام الشباب:

أَتَرجو أَن تَكونَ وَأَنتَ شَيخ** كَما قَد كُنتَ أَيّامُ الشَباب.

لَقَد كَذَّبتَكَ نَفسَكَ لَيسَ ثَوب** دَريسُ كَالجَديدِ مِنَ الثِياب.

قد يتحجج البعض بأنّ الفرص لم تُواتيه، ويضع لنفسه أعذارًا، وهذا غير صحيح:

إذا كَانَ يؤذيك حر المصيف **ويبس الخريف وبرد الشتاء

ويلهيك حسن زمان الرَّبِيع ** فأخذك للعلم قل لِي متى؟

لا بُد أن تبدأ في انطلاقتك، كلّ لحظةٍ أنت مسؤول عنها، الأيام تمر سريعةً، وحياتك قصيرة:

آذان المرء حين الطفل يأتي *** وتأخير الصلاة إلى الممات

دليل أن محياه قصير *** كما بين الأذان إلى الصلاة.

كُلما كبر الإنسان ضاق وقته، زادت مسؤولياته، وضَعُفت طاقاته، للأسف في مُجتمعاتنا الإسلاميّة عندما نتحدّث عن الوقت نقول : قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم دُون وجود برامج تثقيفيّة ودورات تعليميّة عن أهميّة الوقت، حُكومة ميتران الفرنسيّة السابقة خصصت وزارة لتحفيز النّاس على الاهتمام بالوقت، على المجتمع المُسلم أن يُنشئ مؤسسات تهتم بالوقت وكيفيه استغلاله، لأنّ الكثير من الشباب لا يجد المسار الصحيح لتصريف طاقاته، لغياب التوجيه الأمثل إلى قمم المعالي، لذلك سُئل أبو عمر بن علاء: حتى متى يحسن للمرء التعلّم؟ فقال: مادام تحسُن به الحياة!  

الإمام ابن القيم وهو في السفر، ألّف كتابين من أروع الكُتب التي قُدّمت في المكتبة الإسلاميّة: "زاد المعاد"، و" بدائع الفوائد".

أُثِر عَن الطبري إمام المفسرين أنّه أضاع دقيقة واحدة من حياته في غير استفادة، ذُكر له دعاءٌ عن جعفر بن محمد، فاستدعى محبرةً وصحيفةً وكتب ذلك الدعاء، فقيل له في هذه الحال تكتب! فقال نعم ينبغي على الإنسان ألّا يدع اقتباس العلم حتى الممات، فكتب الدعاء وهو يحتضر:

كأَنَّكَ لم تُسْبَقْ مِن الدَّهْرِ ليلةً *** إذا أَنْتَ أَدْرَكْتَ الذي كنتَ تَطْلُبُ

حُكيّ عن ابن مالك صاحب الألفيّة أنّه توجه مع أصحابه  للبردى بدمشق، فلما وصلوا الموضع الذي أرادوا غفلوا عنه سويعةً ثمّ التمسوه فوجدوه مُنكبًا على أوراق،  وفي اليوم الذي مات فيه حفِظَ ثمانية أبياتٍ من الشِعْر.


قد يسأل سائلٌ: ما هي الوسائل التي تساعد في الحفاظ على الوقت؟

1- حاوّل أن تعيش في بيئةٍ حيّة قريبة من المواصلات ومحال الخُضار وسائر المستلزمات اليوميّة، حتى تتمكن من اختصار الوقت.

2- لا تزُر صديقًا قبل أن تتصل به، لئلا يضيع وقتك إن لم تجده.

3- تخلّص من التافهين قاتلي الوقت، أصحاب الفراغ والثقلاء ممن لا يعيرون الوقت أي اهتمامٍ.

4- أكثر من التوكيلات، فلا تقم بعمل تستطيع أن توكله لغيرك.

5- خصّص ولو جزءً يسيرًا للقراءة ولتثقيف نفسك، فالقراءة غذاء العقل وحياة الروح.

6- اختصر ما يُمكِن اختصاره.

7- جهّز مشاريع صغيرة تقوم بها أثناء انتظارك في المواصلات، أمام الدوائر الحكوميّة ومكاتب العمل، ككتابة مقال، قراءة كتاب، المحافظة على ورد من الأذكار، حل مشكلة،...

8- لا تجعل اليأس يتسلل إلى قلبك.

9- احذر التسويف فهو شعار الكُسالى:

ولا تزج فعل الصالحات إلى غد** لعل غداً يأتي وأنت فقيد.

10- من معالّي الهمّة أن تعلم أنك إن لم تزد شيئًا في الدنيا فأنت زائد عليها، لا ترضى بأن تحتل هامش الحياة، لا بُد أنْ تكون في متنها عضوًا مؤثرًا.

وَمَا لِلْمَرْءِ خــيْرٌ فِــي حَيَـاةٍ ** إِذَا مَا عُــدَّ مِـنْ سَــقَطِ المتَـاعِ

11- اختر صديقك، من الناجحين وأصحاب المشاريع النهضويّة.

أنت في الناس تـقاس ** بالذي اخترت خليلًا

فاصحب الأخيار تعلو** وتـنل ذكراً جميلًا.

 

عُمران: طيب.. لماذا يُحمَّل الشباب كلّ المسؤوليات؟  لماذا التركيز والضغط عليهم؟ بماذا يتميزون؟

أ. عامر الخميسي: أصل الطاقة في الشباب، فالشاب يستطيع أن يعمل ما لا يعمله الشيخ، وهو يُنجز أعمالًا كثيرة، أكثر من 70% ممن كانوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم  شبابٌ نهضوا برسالة الإسلام.

 

عُمران: يسأل أحد الشباب: كيف يمكننا الثبات في زمن المتغيرات والتحديات التي تُجابهنا؟ هل الظروف اليوم مناسبة للشباب حتى يُحدثوا الأثر؟

أ. عامر الخميسي: لا بُد أن يكون الإنسان على قدر التحدي، يُدرك أنّ عُمره قصير، ويتأمل في جميل الأثر الذي تركه العُظماء بعد موتهم، فيسلك سبيلهم ويستفيد من خبراتهم وتجاربهم، نعم، تُوجد الكثير من الصِعاب والتحديّات لكن هي يسيرةٌ على من يسّرها الله عليه.

النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجدوا الكثير من الصِعاب، لكنهم ثبتُوا وأدّوا مهمتهم على أكمل وجه، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكُمَيْل بن زياد: وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ: أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، أَمْثَالُهُمْ (صُورهم العلميّة) فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ.

إذا امتلك الشاب فكرةً صحيحة وهدفًا، فإنّه سيتجاوز كلّ المِحَن ويمضي، فتصرّف تصرفًا حيًّا "لا تعش ميتًا"، يقول أمير الشعراء:

لَيسَ مَن ماتَ فَاِستَراحَ بِميت** إِنَّما المَيت ميت الأحياء.

 

لو نتأمل في حياةِ العُظماء الذين صنعوا الأثر وفق ثلاثة محاور:

1- المصنفون

2- القادة

3- أصحاب المشاريع الناجحة.


كيف صنع هؤلاء الأثر؟

أولًا: المُصنفون

هم الذين يكتبون ويُحبرون الكتب التي تُخبر عن عقل صاحبها، يقول ابن الجوزي: كتاب العالم ولده المُخلَد.

ما من كاتب إلّا ستبقى كتابته وإن بليّت يداه، سُئل المُصنف ابن مُبارك: إلى متى تكتب العلم فقال: لعلّ الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد!

مكث ابن جرير أربعين سّنة يكتُب في كلٍ يومٍ منها أربعين ورقة، قد قيل أنّ مجموع ما صنفه نحو 358 ألف ورقة.

لم يترك ابن الجوزي فنًا إلّا وله فيه مُصنف، المُفسر فخر الدين الرازي  تُوفي عن ثلاثٍ وستين في العُمر، وترك مائتي كتابٍ، شيخ الإسلام ابن تيمية بلغت مُصنفاته خمسمائة مصنف، وابن القيم ترك حوالي خمسين مصنفًا، كذا السيوطي الذي ألف أربعمائة، الألوسي المُفسّر الأعجوبة كان يكتب في الليل لضيق وقته، من المعاصرين الشيخ يوسف القرضاوي ومؤلفاته البديعة، وكذا الدكتور وهبة الزحيلي، علي الصلابي، هؤلاء ممن استطاعوا أن يصنعوا أثرًا جميلا باستغلالهم للأوقات.

ثانيًا: القادة

في سنتين غيّر عُمر بن الخطاب وجه الأرض، صدحت المنابر، وبثت المحابر كلّ جميلٍ عنه، حيث قضى على الفساد بأشكاله.

علي عزت بيجوفيتش رئيس البوسنة والهرسك، عانى في سبيل تحرير بلاده من ويلات التعذيب والسجون، لكنه صبر وكان ذا همة عاليّة، وقد كتب "هروبي إلى الحرية" من أروع مؤلفاته.

في طيات المحن تبدو المنح، وفي خضم المآسي يبرز القادة، من خاض الأهوال بقلب صادق وعقيدة صلبة، يرفع رايّة الأمّة.

ثالثًا: الكرماء من أصحاب المشاريع الناجحة

الذين جادوا بأموالهم وأوقاتهم، أسّسوا مشاريع خيرية، وجمعيات، يمتلكون أفكارًا نهضوية، هؤلاء ممن يصنعون أجمل الأثر.

يبقى الثناء وتذهب الأموال ** ولكل دهر دولة ورجال

ما فقد أهل المدينة صدقة السر، زين العابدين علي بن الحسين كان يُطعم سبعين بيتًا من بيوت أهل المدينة.

وإنْ تَكُ أفنَتْه اللَيالِي وأَوْشكَت ... فإنّ له ذِكْرًا سَيُفْنِي اللَّياليا

استطاع البروفيسور محمد يونس القضاء على الفقر في بنغلاديش بخطة دقيقة، وقد حصل على جائزة نوبل سنة 2006 م، تساءل : كيف أدرس الاقتصاد ولا تُوجد مشاريع اقتصادية ناجحة في الأمة؟ استطاع بذلك إيجاد أفكار وجمع الخيرين لتطبيقها.

أيّ واحدٍ منّا بإمكانه أن يصنع أثرًا، سواءً في بيته، قريته، أو دولته، ليذكره النّاس بعد مماته.

الناس أكيس من أن يمدحوا رجلا ... حتى يروا عنده آثار إحسان


عُمران: نعلم واسع اهتمامكم بموضوع العطاء، نستغل فُرصة تواجدكم للإجابة على بعض الأسئلة، يسأل أحد المتابعين: ما هي أهم المجالات ذات الأولوية في صناعة الأثر بالنسبة للشباب؟

أ. عامر الخميسي: الشاب لا بُد أن يقرر، وتكون لديه رسالة واضحة، يقرأ في كتب الناجحين ويستفيد من خبراتهم،  ثمّ يقرر أيّ المجالات تُناسب طاقته، وأحرص بالقول: احرص أن تكون من أصحاب المشاريع الناجحة، كُن حديثًا حسنًا لمن وَعى، ابدأ بصُنع ذاتك ، بطلب العلم، وأبدع في مجالك،.

وَمَا الْمَرءُ إلاّ حَيْثُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ** فَكُنْ طَالِبا في النَّاسِ أَعْلَى المَرَاتِبِ

على الشاب أن يجعل من "التفاؤل" شعارًا له، فالمتفاؤل سعيدٌ كثير الإنجاز.


عمران: هل يُشترط في الإنجاز البروز؟

أ. عامر الخميسي: لابد أن تصنع أثرًا، أما الظهور الإعلامي فليس شرطًا، كم من أناسٍ صنعوا أثرًا ولم يُذكروا في حياتهم أبدا،  لكن عندما ماتوا تحدّث عنهم النّاس بأجمل ذِكْر.


عمران: هل من المطلوب أن نعاكس الغرب في الأثر الذي يتركونه أم نصنع أثرًا بمنأى عنه؟

أ. عامر الخميسي: لا بُد أن نفعل شيئًا أعظم وأجمل ممّا فعلوا، مهند أبو دية استطاع أن يصنع غواصةً "صقر العروبة" التي سبقت باقي الغواصات بما يُقارب خمسة وعشرين مترًا، وغيره كثير..


عمران: يتعرّض المسلمون لكمّ هائل من الرسائل السلبية المُحبطَة عبر وسائل الإعلام التي تستهدفنا، كيف نُواجهها؟

أ. عامر الخميسي: عند صناعة الأثر، يتوجب رفح التحدي، إما أن تكون أو لا تكون، يقدر علماء الجيولوجيا أنّ الحياة في الأرض ابتدأت منذ ثلاثمائة مليون سنة، السبعين سنة الأخيرة تعتبر طفرة حضارية سجلّنا فيها تطورًا تكنولوجيا وعلميا هائلا، لذا، كَثر المخترعون والمبدعون، وحريّ بالشباب المسلم أن يُتقن التحدي ويعيش لدينه، معالي الأمور يبلغها أصحاب الهمّة العالية، يقول عُمر: لا تصغرنّ همتك، فإنّي لم أر أقعد من الرجل من سقوط همته، وقيل: الرجل حيث يضع نفسه.  


عمران: قبل أن ننهي جلستنا الممتعة، ما هي النصائح التي تقدمها للشباب؟

أ. عامر الخميسي: حضر ابن حزم جنازة وفي عمره ستة وعشرين سّنة، دخل المسجد وهو لا يعرف أن يُصلي تحيّة المسجد، فقال له أحدهم: ألّا تحسن بك أن تصلي تحية المسجد! فاستحى وذهب طلب العلم ثلاث سنوات، أصبح بعدها مناظرًا كبيرا، ألّا تكفي وخزة واحدة!

اليوم، الشباب يتلقى الكثير من النصائح ، الوخزات والتحفيزات، ومع ذلك يتكاسل، يتباطئ وينهزم!

إذا كُنتَ ذا رأيٍ فَكُنْ ذا عَزيمَةٍ **  فإنَّ فَسادَ الرأيِ أنْ تَترددا

من الخسران أن تمضي ليالٍ بلا نفع، وهي تحسب من أعمارنا.

عليك بصناعة الأثر ولا تلتفت هُنا أو هناك، ولا تتطلع لغير السماء.
 

عمران: جعلنا الله وإياكم وكلّ شباب الأمة من صناع الأثر والخير والحضارة، نشكركم على هذا الكلام الطيب وزرعكم للأمل في نفوسنا، شكرا لكل متابعي عمران، على أمل اللقاءِ بكم في جلسات أخرى.